| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. هاشم نعمة

 

 

 

الأثنين 14/9/ 2009



مشكلة التصحر وأبعادها البيئية والاقتصادية والاجتماعية في العراق
(1)

د. هاشم نعمة

يواجه العراق أكبر مشكلة بيئية في تاريخه تتمثل بالتصحر الشديد والتي تعرض للخطر أمنه الغذائي. وتتظافر العديد من العوامل الطبيعية والبشرية في صنعها. ولها نتائج بيئية واقتصادية واجتماعية وحضارية وخيمة أبرزها فقدان الأراضي المنتجة وتحرك الكثبان الرملية وهبوب العواصف الرملية والترابية الشديدة وما ينتج عنها من زيادة تلوث الهواء. تحاول هذه الدراسة التعرف على تطور المشكلة وتحلل أسبابها ونتائجها وتقترح عددا من الحلول لمعالجتها.

يرد الكثير من التعاريف للتصحر غير أن أحدث تعريف اقر في 1994 ضمن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر ينص : التصحر يعني تدهور الأرض في المناطق القاحلة وشبه القاحلة و في المناطق الجافة وشبه الرطبة الذي ينتج من عوامل مختلفة تشمل التغيرات المناخية والنشاطات البشرية. وفي حقيقة الأمر فالتصحر عملية هدم أو تدمير للطاقة الحيوية للأرض، والتي يمكن أن تؤدي في النهاية إلى ظروف تشبه ظروف الصحراء، وهو مظهر من التدهور الواسع للأنظمة البيئية، الذي يؤدي إلى تقلص الطاقة الحيوية للأرض المتمثلة في الإنتاج النباتي والحيواني (1) ومن ثم التأثير في إعالة الوجود البشري.

تطور التصحر
قد يبدو من السهل تمييز الأراضي المتصحرة لكن في الحقيقة من الصعب تعيينها ووصفها بإستخدام مصطلحات بسيطة. حيث أن التشخيص الدقيق يتطلب التعرف على عدد كبير من العوامل وحتى بعد ذلك فإن المشكلة تبقى معقدة بسبب اختلاف الأراء بخصوص الأهمية النسبية للعوامل المختلفة.

تتسارع في العراق ظاهرة التصحر، وتقدر نسبة الأراضي المعرضة لها بأنها تتجاوز 92% من مجموع المساحة الاجمالية. ومنذ عام 1981 ارتفعت هذه النسبة خصوصا بسبب العمليات العسكرية، التي دمرت كلا من التربة والنباتات وكانت لها عواقب سلبية ضارة أخرى على البيئة. ويمكن تصنيف التصحر طبقاَ لكثافته والأراضي المتأثرة به.(2)

إن زحف الصحراء وتوسعها على حساب الأراضي الزراعية، وعدم كفاية برامج مكافحة التصحر، ينتج عنه تناقص مستمر لمساحة الأراضي الصالحة للزراعة والداخلة في الإنتاج الزراعي، وخاصة في المنطقة الوسطى والجنوبية، جراء تفشي الملوحة وانتشارها نتيجة عدم تكامل شبكة المبازل أو عدم توفرها وتغدق الأراضي بسبب ارتفاع المياه الجوفية (النزيز) فيها، وحتى في الأراضي التي تم استصلاحها فإنها تعاني من عودة تملح التربة فيها نتيجة سوء الصيانة.(3) حيث يصرف المصب العام الذي أنجز نهاية عام 1992 فقط 30% من مياه البزل إلى الخليج العربي.

وفي المحافظات نلاحظ الأراضي الصحراوية والمتصحرة، ففي بابل توجد في منطقة الجزيرة| الشوملي| المدحتية، وفي صلاح الدين في تكريت وبيجي، وفي القادسية في عفك، وفي الأنبار أغلب أراضي محافظة الأنبار هي أراضي صحراوية، تتعرض لتدهور الغطاء النباتي بسبب قلة الأمطار والرعي الجائر والتحطيب، وفي ذي قار في جنوب البطحاء ومركز الناصرية إلى البصرة، وفي البصرة تدهور الغطاء النباتي بسبب الرعي الجائر والتحطيب وتكون بعض الكثبان الرملية، وهذا ينطبق على واسط أيضا وفي نينوى في الحضر والصاخنة وابو عدل، وفي كربلاء أكثر الأراضي المتصحرة في مقاطعة الكرط وعين التمر والرزازة بمساحات تقدر 26 كم²، وفي المثنى 2800 دونم أراضي متصحرة، في قضاء الخضر وهي منطقة صحراوية تتعرض لانجراف التربة وتكون الرمال الثابتة والمتحركة بسبب عدم وجود أحزمة خضراء.(4) ومن هنا يتبين أن التصحرأصاب مناطق واسعة كانت من أفضل الأراضي الزراعية.
 

(1) Michael B. K., Combating  Desertification…, Moscow, 1989, p. 10.
(2)
K. Haktanir et la, The Prospects of the Impact of Desertification on Turkey, Lebanon, Syria and Iraq, Holland, 2004, pp. 140-141.

(3) د. عبد الحسين نوري الحكيم، طريق الشعب، 25 شباط 2009.
(4)
تفرير الإحصاءات البيئية لسنة 2006، وزارة التخطيط ، بغداد، 2007، من جدول 3-13، ص 51-55.

 


 

free web counter