| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسني أبو المعالي

 

 

 

 

الأربعاء 3/5/ 2006

 

 

 

الطائفية في العراق : قريبا من السلطة بعيدا عن الاسلام



حسني أبو المعالي

بادئ ذي بدء أود أن أتساءل قبل أن أدخل في تفاصيل الموضوع الذي نحن بصدد الحديث عنه، ما الذي يكسبه المسلم العراقي من امتياز عندما يتمسك ويتشبث بمصلحة طائفته، سنيا كان أم شيعيا علي حساب الطائفة الأخري في ظل هذا التداخل الاجتماعي الطويل العريض بين الطائفتين؟ بحيث لا يخطر علي بال الزوجة السنية يوما أن زوجها ينتمي إلي الطائفة الشيعية، ولا يفكر الرجل الشيعي باختلاف مذهبه مع مذهب زوجته السنية، سوي أنهما من وطن واحد ودين واحد وانتماء بشري واحد، وماذا عن الأولاد ثمرة هذا التلاقح الإنساني الجميل؟ وكيف سيحظي المسلمون المتعصبون من الطائفتين بمرضاة الله والرسول طالما لم يجدوا قواسم مشتركة للقاء فيما بينهم من أجل حياة هادئة يعمها السلام والوئام ؟ وما هي الفلسفة والحكمة من هذا التقسيم الذي جلب للعراقيين الويلات والمآسي علي مر التأريخ؟ ثم أين حق الإنسان من أخيه الإنسان بغض النظر عن كل تلك الانتماءات؟
إنها بكل بساطة تتمثل في الجهل والمؤامرة اللذين كشرا! عن أنيابهما من أجل نهش جسد العراق.
إن كل فرد من شعوب العالم المتقدم اليوم يجتهد، بحسب التربية الإنسانية التي تعلمها منذ طفولته، في كيفية خدمة أخيه الإنسان ويتنافس مع غيره من أجل سعادة الآخرين، فكل يفكر في الآخر خيرا وبالتالي فان المصلحة تعم الجميع، لأن الهدف الحقيقي هو الإنسان، والإسلام كما جاء كتاب الله لا يستقيم إلا بالدفاع عن الإنسان والحفاظ عليه وقد سخر الله الطبيعة من أجله وأرسل الأنبياء والمرسلين لهدايته وخدمته ومن يتعرض للإنسان بسوء إنما يتعرض لله سبحانه وتعالي.
وعلى ضوء ما جرى وما يجري كل يوم في العراق من مظاهر الفتنة الطائفية وخصوصا استهداف الإنسان العراقي المسلم من كلا الطائفتين إضافة إلي استهداف الجوامع والمراقد لدليل واضح علي نجاح تلك المؤامرة إلي حد ما من قبل المحتلين في العراق إضافة إلي أعوان النظام السابق في زرع بذور الصراع الطائفي، فمنذ صيحة ـ بريمر ـ وإعلانه بضرورة إيجاد صيغة المحاصصة الطائفية في مجلس الحكم ، والوضع الأمني في الوطن يتفاقم سوءا يوما بعد يوم باتجاه تعميق الهوة بين العرب السنة والعرب الشيعة وبالتحديد المتعصبين منهم والمتخلفين إنسانيا وأخلاقيا وإسلاميا، وعوضا عن التصدي لمثل تلك المحاولات الخسيسة التي من شأنها أن تسيئ إلي الوحدة الوطنية نجد ممن نصبوا أنفسهم قادة علي المسلمين من ضعفاء النفوس والحاقدين على الوطن من الطرفين قد دفعوا العراقيين عبر تصريحاتهم الطائفية واللامسؤولة إلي الاستفزاز والاستنفار استعدادا للمواجهة بين طوائفه، متناسين معاناة الشعب العراقي الطويلة ومبتعدين عن كيفية سبل إنقاذه ومعالجة ظروفه القاسية التي مر بها على مدى عشرات السنين، وهم في ذلك لا يمثلون الدين الحنيف والإسلام منهم براء.
وبالرغم من الدعوات الخادعة التي تطلقها قيادات تلك الأحزاب الإسلامية بين فترة وأخرى وهي تناشد أبناء الوطن بكلمات معسولة من أجل التزامهم بوحدة الصف الوطني ونبذ الطائفية، إلا أن تلك القيادات اللاإسلامية أول من يجافي ذلك الالتزام، عبر سلوكها وتصريحاتها المراوغة التي تثبت بأن دعواتها ليست بريئة من النفس الطائفي وان رائحة التعصب تفوح من أفواه أصحابها حقدا وكراهية وتكشف للإنسان العراقي المحايد عن مدى ضلال توجههم وضيق أفقهم بما يخدم مصالحهم الشخصية فقط بعيدا عن مصلحة الأمة والوطن.
إن الاحتلال أصبح أمرا واقعا وإن الآلة العسكرية الأمريكية والبريطانية أصبح وجودها في العراق حقيقة ثابتة ! وإن هذا الوجود بحد ذاته يعتبر محنة كبيرة ولا خيار للعراقيين سنة وشيعة سوى التمسك بالوسيلة المتعارف عليها عبر التاريخ والمنطق والأعراف في أن يقفوا صفا واحدا في مواجهة هذا الاحتلال بكل الطرق المتاحة، بالحوار وبالسلم فان لم ينفع معهم فبالمقاومة، وليس من الحكمة والإنصاف أن ندع المحتل خارج حلبة الصراع متفرجا ونحن ندخلها في مواجهة بعضنا البعض لنضاعف من حجم المحنة التي ألمت بنا. لقد أصبحنا أضحوكة أمام العالم اليوم بسبب حجم الخلاف بين السنة والشيعة في معركتهم على السلطة.
فبعض الشيعة يعتبرون وصولهم الى السلطة غاية كانت ضائعة عنهم ولا بد من الإمساك بها الآن مهما كان الثمن، وبعض السنة يعتبرون أنفسهم خسروا المعركة بعد سقوط النظام السابق ولا بد من استعادة ماضيهم التليد بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة، وبين هذا التعصب أو ذاك يفقد العراق كل يوم عشرات المئات من خيرة أبنائه الأبرياء نتيجة حرب البسوس الجديدة، إنه صراع على السلطة لا غير ومحاولة احتلال مراكز النفوذ حتى في ظل الاحتلال وهذا الموقف ينسحب على قيادات جميع الطوائف العراقية بدون استثناء وبالخصوص السنية والشيعية ومن يدعي غير ذلك إنما يحاول كاذبا إيهام الشعب العراقي بكلمة حق يراد بها باطل .