| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسني أبو المعالي

 

 

 

 

الثلاثاء 23/1/ 2007

 

 

الميليشيات في العراق : مسلمون بالولادة مجرمون بالفطرة

 

حسني ابو المعالي

بورك في جيش المهدي لانتفاضته الباسلة ضد إخوانه في الدين والوطن، العرب السنه، وبورك في فيلق عمر لعمليات الانتقام الدموي من إخوانه في الدين والوطن، العرب الشيعة، فالعرف السادي يقضي أن يقتل المسلمون بعضهم البعض، والاسلام لم يقل واعتصموا بحبل الله جميعا، ولم نسمع عن الرسول قوله بأن المسلمين أخوة كالجسد الواحد اذا اشتكى عضو منه تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، طوبى لك يا عمر في تصديك لكل من اسمه علي صالحا كان أم طالحا، وطوبى لك يا علي استهدافك لكل من اسمه عمر أكان يستحق القتل أم لا، وكأن عمر بن الخطاب كان عدوا لدودا لعلي بن ابي طالب ولم تربطهما صلة رحم القرابة والدين، علما بأن الآلاف من العرب السنه زينوا أسماء بنيهم بعلي وفاطمة والحسن والحسين وغيرها من الأسماء العربية ، وآلاف من العرب الشيعة فضلوا تكريم أسماء بنيهم بعمر وعثمان وخطاب وعائشة وغيرها من الأسماء العربية، فما الخلاف في ذلك والأسماء كلها عربية؟ ناهيك عن التلاقح الاجتماعي العريض بين الشيعة والسنه.
أتساءل هنا: هل الإسلام حقا عصي على مدارك المسلمين، أم انهم لم يستوعبوا بعد ماهية الاسلام ؟ تبلور لدي هذا التساؤل على ضوء التناحر الطائفي المتواصل الذي لوّن حياة الشعوب الاسلامية بالدم على امتداد التاريخ ولم يحظ المسلمون في يوم من الأيام بعصر استقرار حقيقي تجمعهم المودة والألفة والتفاهم على أسس دينية وإنسانية، بل يبدو أننا لم نرتق بعد إلى مستوى درجات عليا من البشر وصولا إلى المعدن الأصلي للإنسان، وفي الوقت الذي نجد فيه قرآنا واحدا ورسولا واحدا تعددت المرجعيات واختلفت الاجتهادات وتنوعت المذاهب دون الاستفادة من هذا التنوع واستثماره إيجابيا لصالح الشعوب الإسلامية.
إنها حرب مجنونة تجري رحاها على أرض العراق بين مجموعتين ضالتين من أبناء الشعب الواحد تدعي كل منهما مجازا بأنها مسلمة ولكنهما لم تكونا سوى عدوتين للإسلام، حرب ضروس خلفيتها خرافة طائفية نابعة من جهل مرتكبيها بالإسلام وتخلفهم عن الإنفتاح واللحاق بركب الحضارة، أناس خرجوا من رحم الظلام والأمية، هدفهم حجب شمس الحرية والديمقراطية عن هذا الوطن الذي عانى عهودا من القهر والاستبداد.
أناس تناسوا وجود الاحتلال الذي أذلهم وأخضعهم لسياسته و كان السبب المباشر وراء هذا الاقتتال الطائفي المقيت من خلال جميع نشاطاته المشبوهه داخل الوطن ومنها الكاميرا الخفية، إلى جانب سياساته الملتوية الأخرى التي انطلت على قادتنا الميامين وسقطوا في الفخ الامريكي، فقد لعبت آلة التصويرالأمريكية دورا قذرا في شق الصف العراقي وتمزيق أطيافه الموحّدة وتشويه صورته أمام العالم منذ أن مهّدت أجواء حرية السرقة، لضعاف النفوس والمسحوقين من أبناء الشعب وصوّرتهم بطريقة مخجلة وبثتها عبر قنواتها، فمن صوّر فضيحة أبي غريب؟ ومن كشف أسرار سجون التعذيب في أقبية وزارة الداخلية غير الاحتلال؟ ناهيك عن استغلال فيديو زيارة أياد علاوي الى النجف الأشرف، وكذلك معظم التصريحات لبعض أشباه القادة من أنصاف الرجال غير المقبولة التي تصب في تعميق الخلاف بين السنة والشيعة، وأخيرا وليس آخرا تصوير إعدام صدام حسين وزمرته بالأسلوب غير المتعارف عليه دوليا، وبثها علنا لنفس الهدف الطائفي البغيض، والغريب أن نجد مجموعة من المثقفين العراقيين شيعة وسنة ينحازون لانتماءاتهم الطائفية بشكل سلبي على حساب الطوائف الأخرى، وهذا ما يتعارض مع دورهم الحقيقي في نشر الوعي التضامني للأمة، كن ما شئت يا أخي شيعيا أو سنيا وان شئت فكن حتى مجوسيا، ولكن ليس لك الحق في مصادرة حقي وحريتي وحياتي لمجرد اختلافي معك، إن الله وحده القادر على مصير عباده، يحاسب من يشاء ويجازي من يشاء بيده الملك وهو على كل شيئ قدير.
ومهما كان انتماؤك فأنت حر في اختيار مذهبك وملابسك ولحيتك وطريقة أسلوب حياتك، ودعني أعش حياتي بما ينسجم مع تطلعاتي، ولكن شريطة التزام كل منا بحدوده وشعائره دون المساس بأمن الوطن واحترام واجباتنا تجاهه، آه يا عراق الأحزان متى ستغني للحياة بعيدا عن الحقد والتمزق والاقتتال وبمنأى عن الجهل والتخلف والاحتلال؟