| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسني أبو المعالي

 

 

 

 

الأثنين 15/5/ 2006

 

 

 

رحيل الشهداء في ذكرى الوطن

 

حسني أبو المعالي

آثرت في ذكرى استشهادهما، أخي الأكبر ومعلمي الاول المفتش العام في وزارة التربية القاضي مهدي ابو المعالي، ونجله زين الشباب الذي لم يمتع بالشباب، المحامي هاني ابو المعالي أن التزم الصمت فإنه أبلغ وقعا من الرثاء، واكثر صدقا من البكاء، ولكن كيف لي ان اصمت والعراق ينزف كل يوم جراحا جديدة ويقتل أبنائه البررة على يد أبنائه الكفرة، وتلك هي العلة، ذلك الوطن الذي غير بأحداثه الدموية بعد الاحتلال والسقوط مفهوم معنى المواطنة والوطن، الانسان والمكان وأيهما يحتل مركز الصدارة والاهمية قبل الاخر فالوطن بدون المواطن لا يعني شيئا والمواطن بدون الوطن حالة ينقصها التوازن، والوطن في ظل غياب الامن والاستقرار والغذاء والدواء يبقى عبئا على المواطن. استحضر هنا بيت للشاعر العربي الكبير محمد الفيتوري يقول فيه:

صعب على الحر قهر الروح يا وطني ... القهر يطفئ نور الله في البدن

والشعراء الذين تغنوا بالوطن في العالم ربما لم يشهدوا حالة كهذه في أن يجتمع الشعب على تمزيق الوطن ويختلف على وحدته، وإلا لشلت القوافي من قاموس الشعر ورحلت الاوزان وفقدت الكلمات الجميلة معانيها، والتاريخ يشهد لشعوب كثيرة تضامنت في زمن المحن وتكاتفت في ظل الاحتلال وتوحدت في وقت الشدة مهما اختلفت أفكارهم وتشعبت آراءهم وتنوعت أديانهم ومبادءهم، فهل العراق حالة استثنائية وشعبه ليس كباقي الشعوب؟

لاشك إن الوطن يتمثل أساسا في طبيعة العلاقة السليمة بين الفرد والمجتمع وبين المجتمع والفرد، وليس للمكان دور في بلورة تلك العلاقة إن لم يكن الانسان قادر على خلق قواسم مشتركة من المودة والتآلف بين المواطن واخيه في الوطن من جهة والانسان والمكان من جهة اخرى، ومن لا تربطه تلك القواسم بالانسان أولا وأخيرا إنما يحاول قتل الوطن، لأن الانسان هو الرمز الحقيقي لذلك الوطن، ومن يلغي علاقته بالمواطن، تنتهي علاقته بالمكان ولا يهمه أمر الوطن وانما يبحث فقط عن مصالحه الذاتية من فرط الأنانية، وما شهده الوطن والمواطن على حد سواء من جراح لا يمنحنا صورة واضحة عن هذه العلاقة أوالمعادلة غير المتوازنة، فالوطن اصبح ارض يباب لا شجر فيه ولا ماء ولا كهرباء، والمواطن احتواه الرعب والخوف على يد ابنائه أكثر مما أصابه على يد قوات الاحتلال، وظلم ذوي القربى اشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند، واللا! عب الوحيد على الساحة العراقية اليوم هو القتل والدمار.

نعم يا أخي وأنت يابن أخي لقد ذهبتما ضحية غياب المعادلة السليمة لمفهوم الوطن كما ذهب الالاف غيركما من الشرفاء وسالت دماء الوطن التي هي دماء الشعب بشكل مجاني نتيجة الجهل السياسي في العراق والأمية الطائفية وغياب القيم والمبادئ التي باتت بعيدة جدا عن متناول ضمائر مجموعة كبيرة من مصاصي الدماء والحالمين بالكراسي .