| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حكمت مهدي جبار

 

 

 

الأحد 25/3/ 2012                                                                                                   

 

لمناسبة انعقاد مؤتمر القمة العربي في بغداد

الثقافة العربية ..أشكالية العلاقة بين الحرية والأبداع

حكمت مهدي جبار

أن كل أمة تنال من المثقف مختلف روافد الحياة وشتى سبلها,ومختلف مساراتها .مثلما تجني من المعلم والمدرس والطبيب والقاضي والمهندس وغيرهم من أسباب الديمومة والتواصل الأنساني.غير ان ألأمة لا يحركها ولا يفعل انظمتها غير المثقف لاسيما رجال الفكر منهم والفنانون والشعراء والكتاب .ذلك لأن المثقف هو الذي يتحرك في فضاءات واسعة وكبيرة تمتد بعيدا في النفوس وألمشاعر والأذهان.فهو الذي يغمس قلمه في مداد القضايا الكبرى التي تهم أمته,ويوغل في أعماق المشكلات التي تثقل كاهل الشعب .

أن المثقف هو الذي يسعى الى وقف النزيف ولأم الجراح بكل حماس وبلا غايات شخصية ومصالح سياسية.ويحاول من خلال قصيدة أو أغنية أو لوحة فنية أو قصة أو مسرحية أومقالة أن يخفف من أهوال المآسي وأنارة الشموع في الظلمات التي يخلقها السياسي من أجل الأيقاع بخصمه السياسي الآخر.ومن هنا يمكننا القول بأن دور المثقف هو الأهم من بين الأدوار الأخرى.وذلك بفضل شمولية توجهاته ونكران ذاته وتجرده من الأنانية وأتساع حدود تأثيراته وتعدد مجالات حركته التي تمتد الى مختلف قطاعات الحياة .

وتأسيساً على ذلك فأننا ندعو كل الزعماء العرب وهم يحلون ضيوفا على بغدادنا العزيزة أن يخصصوا ملفا أو بابا للنقاش والحوار حول أهمية دور المثقف والشروط التي يجب أن توفرها كل الحكومات العربية ,لكي يؤدي واجباته على أحسن وجه.وكي يطلق العنان لطاقاته الأبداعية ويرفع مستوى أنتاجه مما بنعكس بطريقة ايجابية على اوضاع الوطن العربي .وأن لا ينشغل الحكام العرب بالمساجلات السياسة المتكررة والحوارات التي مللنا منها وشبعنا حد التجشؤ.

أن المشاكل التي تواجه المثقف العربي اليوم كثيرة ومتنوعة.وهي بأجتماعها تشكل عائق يلجم مساعيه وأبداعاته التي انتجها حبا لشعبه ولأمته .وتسد أمامه منافذ التحليق في افاق ألأبداع الفكري النقي.ورغم ما تعيشه ألأمة العربية من تغيرات سياسية وفتح منافذ كانت مغلقة بسبب هيمنة أيديولوجيات ونظم سياسية متزمتة ومتدكترة على شعوبها .فأن الخوف عند السياسي من المثقف لازال موجوداً.وهذه الحالة الخطرة تدعو للقلق والحذر.فأما أن يخشى السياسي من المثقف كون الأول قد تسلق كرسي السلطان عبر لسان متملق ولباس أنيق يغلف تخلفه وجهله .وأما أن يريد أن يبقي شعبه على ماهو عليه ليبقى أطول فترة ممكنة في الحكم. تحت ذرائع وأفكار تنال من أنسانية الأنسان.

فكثيرا ما نرى اليوم ان الحكومات العربية لازالت تتهم المثقف بالخروج على التقاليد وألأعراف الفكرية التي جاءت بها.وبنفس الوقت نجد أنها تدعي حرية الثقافة والفكر والرأي.!!فضلا عن اتباع سياسات الأقصاء والتهميش والأجتثاث .فماهذا التخبط وماهذه الأزدواجية ,عندما نرى حكومة تنادي بحرية الفكر والرأي وتأتي من جانب تضع خطوط حمراء على فكر معين هو لايقل شأنا عن فكر يشاركها ألأنتخابات ويشاركها السلطة.فتكفره وتزندقه حتى تجتثه!!..نعم نحن تحررنا من ألأنظمة الشمولية والأنانية المتفردة والمريضة بحب العظمة والنرجسية على حساب الشعب ومنهم المثقفين. وظن المثقف انه انطلق ليرسم حياته الجديدة وحياة شعبه.فهو لم يجد تلك الحرية التي كان يحلم بها قبل التغيير أو سقوط الحاكم غير المرغوب فيه.الا فسحة ضيقة من الحرية لازالت تشعر بمركب النقص والقلق والخوف من قلم المثقف.

أن الحرية طالما تبقى مسقوفة (بخطوط حمراء) وبالموانع والمحظورات وبالتهديد بالأجتثاث والأقصاء تبقى الثقافة مسقوفة متقوقعة ضمن شرانق ضيقة ,تسودها الأطراءات والتملقات والتزييف.وتبقى خطابات القائد الأوحد وشاعر القائد وشاعر الحزب وفنان القضية وووو....

أن الثقافة توجد اينما توجد الحرية..على أن تكون حرية بلا منية ولاشعور بالفضل على المثقف.وقد حاولت بعض الحكومات العربية من أن تنظر لهذا الموضوع.ففسحت المجال للمثقف .الا انها اكتفت بتلميع صورتها ومحاولة خلق انطباع ايجابي ليس أكثر..انها دعوة للحكام العرب بأعطاء القيمة الحقيقية لدور المثقف بلا خوف ولاريبة ولاقلق.وليعلموا انهم مهما اعتقدوا بأنهم اعطوا للمثقف حريته فأن تلك الحرية على حد قول المرحوم الأديب الدكتور (يوسف ادريس) لا تكفي لكاتب واحد..

 

free web counter