| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

حكمت مهدي جبار

 

 

الأثنين 1/8/ 2011                                                                                                   

 

قراءة في النصوص القصصية في ملحق أدب وثقافة لجريدة الصباح
العدد 2305 في 27 تموز 2011

حكمت مهدي جبار

أفرد ملحق أدب وثقافة لجريدة الصباح في عددين متتاليين مساحة جيدة لعدد من النصوص نشرت حلال الأسبوعين المنصرمين .وهي خطوة نبارك لها على طريق الأخذ بعضد المبدعين لاسيما في الفن القصصي ..

تابعنا في القسم الثاني من النصوص القصصية المنشورة في الملحق بتاريخ 29 تموز الحالي . وقد جاءت بأنماط واتجاهات كتابية متباينة. ومن خلال تلك المتابعة لنماذج من القصص وجدنا ان كتابها لم يكونوا مفاجئة أو قادمون من فراغ كما يقول احد النقاد العراقيين. بل أنها جاءت متمتعة بوجود ثقافي جيد , ولدت بشكل طبيعي للقصة العراقية الأم عبر مراحل تطورها.

في هذه المساحة التي طرحها الملحق للنصوص القصصية نجد ان هناك وحدة أستلهام للحياة العراقية الفائرة المتقلبة المتوثبة عبر متغيرات الحياة ما بين الأنكفاء والنهوض . الا انها تبقى حياة رغم قلقها توحي بالحيوية والتجدد.والقصص رغم بعض الأختلافات في الأساليب والأتجاهات فأنها جاءت بما يشبه التوثيق للأحداث بما يستقريء آثار وقائع معينة أو توحي بها. ونجد أخرى قد جمعت بين التوثيق والأستقراء لتقدم الحدث من خلال انفعال الكاتب أو التفاعل معه أنطلاقا من مقولة (أن فن القص هو الفن الذي يستلهم الوقائع الكبيرة في الحياة , سواء في السلم او الحرب أو بعد حالة تغيير في أوجه الحياة .حيث أن الوقائع والاحداث تترك آثار ها على الأنسان ومحيطه بما يزحزح من رؤاه وافكاره وحتى سلوكياته)(1) .

في المجموعة القصصية التي نشرها الملحق كان هناك تجليات وهواجس بل وصراعات متعددة من خلال تباين الأساليب والاتجاهات . بينت شعور الأنسان عبر نمذجته قصصيا مرة بالخيبة ومرة بالفوز ومرة باليأس ومرة بالأمل.فضلا عن الأنذهال والتعجب والخوف من مظاهر الطبيعة والحياة .

لقد تخلص الكاتب من ألأفكار الشمولية الشوفينية واليوتوبية .وقد توفرت له الأجواء الديمقراطية والأرضية الواسعة في أن يبدع .وقد وجد القاص العراقي نفسه مدفوعا للأحتشاد بما يتطلبه من منابع الفكر لأغناء المرحلة الأبداعية الجديدة بعد التغيير السياسي في حرب السقوط. وأفصح هؤلاء القصاصين عن جهود يمكن اعتبارها دفقا جديدا للقصة العراقية من خلال تنوعهم في أستخدام الأدوات والأساليب.

من خلال قراءات متمعنة في جميع قصص الملحق فأنه لايخفى من أن القصاصين قد أستفادوا من التجربة القصصية العراقية السابقة في مراحلها الأولى لاسيما مرحلة الستينات المحتشدة بالتقلبات .أخفاقا أو نجاحا .حيث أن اغلب النصوص المنشورة قد أختزلت مرحلة التجريب التي عاشتها القصة العراقية لفترة طويلة. من حيث الأساليب والرؤى والاتجاهات والاشكال الفنية. وهي على ما يبدو (وفق رأينا) لازالت (تحت سلطة الفكر الوجودي الممزق وما صاحب ذلك من أوضاع قسرية ولدت القصة الجديدة وحملت معها تجارب شابة واخرى سلفية) على حد قول الناقد والكاتب (حسب الله يحي) (2) .فتراها تنتقل من الفانتازية الى الرمزية ومن الواقعية الى الغرائبية .(ومنها ما تمرد على الشكل والمضمون وباتت ثائرة على العقدة والحل .فأصبحت مفتوحة ومدعاة للتضارب في التفسير وحلول الرمز ..أجترار اسطر . عبارات شعرية تولد من لحظات التأزم).

في القصص الأربع ألأولى التي وقعت تحت عنوان (قصص قصيرة جدا) للقاص (محمد أسماعيل) تمظهرت في نصوصها ترميزات فانتازية , من خلال اجواءها التي اكتنفها الغموض نتيجة أيهام متعمد قام به السرد وذلك بأضفاء طبقة كثيفة من الظلال في كابوسية بائنة .صدم الكاتب المتلقي بعنوان الأقصوصة المقزز( تعذيب الجنائز) بلغة مجازية أستعارية. وهنا يدخل القاريء المتلقي الى صور مرمزة خارج أطار المعقول ( الساعة الكبيرة) (الحجم المهول) .ثم يدلف الى مشاهد مخيفة حيث (الفم الفاغر)و( الرجل الضئيل الذي يعذب الجنائز) وبعدها ينتقل الى (فراغ قوي) وهو عنوان الأقصوصة الثانية المليئة بالغرابة والعجب.مما يجعل المتلقي يعيش حيرة التفسير .وهكذا مع (حائك العصافير) و(ماكنة تفتيت الأسماء) التي نهجت نفس الأسلوب .أن قصص (محمد أسماعيل) رسمت عوالم متخيلة اختلطت في اجواءه صور من الوهم والحلم . وهي تجربة كانت قد خاضتها القصة العراقية على أيدي روادها مثل جليل القيسي وعبد الرزاق المطلبي وجمعة اللامي وغيرهم..

وفي قصة (بياض نيات) للقاص (وجدان عبد العزيز) فقد اتسمت بلغة شعرية واضحة .اتخذ من خلالها القاص مفتاحا لفك مغاليق الخلق القصصي .فبعد أستهلال القصة الذي وصف لنا القاص من خلاله المكان الذي يشغله نموذجه القصصي.بضمير المتكلم حيث ( وسط ازدحام مر. وعرق متفصد ..في قاعة كبيرة تموج الناس ولا توجد فيها الا غرفة واحدة منزوية ذات باب مشرع ) ليتحدث النموذج القصصي بلغة شعرية (أيتها الأدلة الحبيبة وكان انتظاري , فمنذ سبعة أيام أو أكثر وقرارك المفاجيء المجيء الى هنا ..سندريلا تركبين سفنا هائجة , تبادلين الأمكنة ...الخ)..

أما في قصة (ما جاء في كتاب البهجة) للقاص (ميثم العتابي) نجد ان القاص قد تخلى عن اتباع السرد التقليدي ليتنقل من مكان لآخر.من خلال حركة النموذج القصصي الذي على ما يبدوا يتطلع روافدا فكرية يغوص في بطون الكتب وينقل لنا كلاما عن أحاديث ومن مجاهيل سرية خالقا أيهاما في القصة من خلال اسلوب التقطيغ ووضع العناوين الداخلية , بما يدعو القاريء المتمعن يعيش جوا غير مألوف أو جعل المألوف غريبا (ثمة طائر يحلق قربي.يمشي معي..يشرب نخبي الأخير ..أشد بأقدامه رسائلك التي لم تصل ..ينبت ريشه من دمعتي ..يطير قربي .. يدنو أكثر, يستمر بطيرانه ..وأمشي) . يوغل القاص في أيهام القاريء وهو يتحدث بضمير المتكلم (أني أهبط فيما لاترون ..أني انا المحبة التي تحيلكم نجوما زرقاء ..انزل صنارة الضوء في فم اليابسة , انزع قشور الفراغ ..لأصطاد من فانوس الحكمة قبسا ازليا) بما يخلق الصدفة واثارة الدهشة والمفاجئة بلغة لاتخلو من صوفية .وارباك قناعاته مما يدفعه الى اعادة النظر فيما يقرأ اكثر من مرة.

القاصة (أزهار علي حسين) قدمت لنا في قصتها (بركات مزورة),نصا قصصيا يتلمس المتلقي فيه اجواء دينية بطقوس صوفية عفوية على لسان نموذج قصصي يتحرك بأطار من الواقعية .حاولت القاصة فيه ان تصف السلوك البشري وهو يواجه الحياة والبيئة اليومية بوصف صادق برؤية واقعية (حاولت الصغيرة ـ بسيمة ـ الدخول ذات صباح مع جموع الزائرين المصطفين امام خيام التفتيش الكثيرة المنصوبة على الطرق المؤدية للبناء محاولة نيل البركة التي رأتها تلمع كما الذهب الخالص في الأعالي).يبدو أن النموذج القصصي يبحث عن خلاص روحي من خلال معتقدات ألصغيرة ـ بسيمةـ الغيبية , بمساعدة رجال صالحين ( وما أن يدخل عليه الفقير بسؤاله حتى يخرج مرضيا غنيا )..

النسق السردي في القصة يقوم على بنية مكانية زمانية محددة وهي زيارة لأحد ألأئمة الصالحين بشعيرة دينية , كانت ثيمة القصة جذابة ممتعة تمنح القاريء التماعات في بعض مساحاتها .مع انها اعتمدت على البنية التقليدية مقدمة. وصلب . وخاتمة .من خلال تضمين القصة مشاهد مفارقة سريعة التحرك , بأعتبارها أوجه متممة لغرض القصة الرئيسي.وجمعت السرد في بؤرة واحدة مما (ترتب أن تحمل الخاتمة رأس ابرة في نهايتها بدون ان تلم خيوطا مبعثرة تمثل زيادة في العقدة) كما يقول (ترنتويل ميسيون وايت) ..(3)

أما في قصة (وردة العاشق) للقاص (موفق صبحي), نجد أن هناك توظيفات تنم عن دراية فنية رغم المباشرة في وضع العنوان. حيث يمنح القاريء معلومة أن الوردة هي رمز للحب والعشق. فقدم ثلاث نماذج قصصية تتحرك في مساحة سردية معينة لم تخلو من ترميز واقعي حتمها معمار القصة ,والذي كانت المشاهد تجري فيه ضمن اجواء واقعية تنبض بالحركة والفعل والحياة وبرومانسية خجولة.

(الراوي) الشخصية الأولى الذي يعيش لحظات استرجاع طيبة مع (عمته) وهي الشخصية الثانية في أحد ألأعياد في (أيام مفعمة بالبهجة والحبور. أقمار ملونة تضيء بستان ذاكرتي). كانت عمته (بمثابة أم ثانية) له بعد وفات والدته مبكرا. تعيش شعورا بفقدان الرجل . وعبر تواصل السرد الحكائي التقليدي , نجد ان الوردة التي اهداها انسان شاب وهو الشخصية الثالثة في حديقة عامة لعمته شكلت رمزا قويا لتواصل الحياة . وبسرعة (تزوجت عمتي صاحب الوردة الحمراء) ليبقى متسائلا كيف تركته عمته وذهبت مع عشيقها الى بيته؟(ألأنه اعطاك الوردة ؟) فتجيبه عمته (نعم . لأنه أهداني وردة غالية) لم يصدق (أن وردة صغيرة حمراء حملت) عمته (الى بيت آخر) ليبقى يعيش الألم . لكنه عندما ينتقل الى بيت آخر وجد أن الورود تطل من كل مكان حتى أنها تتدلى على المارة في الشوارع .

لقد أستطاع القاص الى حد ما من خلق رموز راح يتابعها بعناية , انتهى بها الى ان يحتفظ بالمعنى الأيجابي لقصته وذلك حين رسم خطوطا لأمل وهو يقف (منتظرا حبيبتي ممسكا في يدي الوردة الصغيرة بحجم قلبي منذ كنت صغيرا ) يحلم بأمرأة .

وفي قصة (كتكوت القبيلة) للقاص (عصام القدسي) نجد ان الواقع وعبر سردية واضحة وبلا تهويمات ولا غموض انه لازال وقعا متخلفا جاهلا في أمور حياتية كثيرة. قدمه القاص بـ (رمزية واقعية ) مستهزأ بالواقع مدينا أياه رافضا له .يقول السيد (حسين عيال عبد علي : تصبح علاقة الرمز ضرورية حينما ينكفيء هذا الواقع ليتخذ شكلا لايمكن التعبير عنه بصورة تقليدية رتيبة تشكل عبئا على القاص المولع بالابداع والتجديد , فالرمز هنا وسيلة وحيدة واطار تعبيري ملائم للهزء من هذا الواقع وادانته ورفضه.) .

ان قصة (كتكوت القبيلة) تثير من خلال عنوانها شيئا من الشعور باللطافة والطرفة الممتعة.وهي تسير سريعة متعاقبة . الا ان القاص تمكن من السيطرة على زاوية السرد بصورة ثابتة , ساعيا للمحافظة على الوصول لغايته في الحدث القصصي. من خلال وضع عقدة بسيطة أو لنقل مشكلة بنيت حولها القصة والتي موهت بطريقة ذكية على طريقة الحكاية .أما شخصيات القصة فأن موقفا يكتنفها يتطلب حلا , والتي اعتبرها بطل القصة وعلى لسان ضمير المتكلم بأنها (خطر يداهمه . وأي خطر؟ ) ولأسباب تافهة تمثلت في موت (كتكوت) وهو فرخ دجاجة في بيت بطل القصة. ليترتب على موت ذلك (الكتكوت) موقفا من قبل أهل الكتكوت ثم الأعمام ثم العشيرة؟! مما ادى الى ان يرحل المتهم بموته ويغادر المحلة (الى سبيل مجهول).

أعطى القاص في نهاية القصة شعورا بلدغة مفاجئة , على طريقة الضربة القصصية الأخيرة . وبذلك يمكن القول ان القاص نجح في خلق نمو عضوي للصراع في القصة بأعتماد تطوير الشخصيات مع تطور المواقف . بالغا بها مستوى الذروة بذكاء قصصي مقنع الى حد ما , معتمدا وسائل فنية لاتخلو من طرافة ولطافة.

في قصة (يوميات نزقة للسدرة) للقاص (مهدي القريشي). يكون النموذج القصصي(البطل) متحدثا بضمير الأنا المتكلم. وقد انتهج القاص عبر السرد طريقة وصفية في تحليل جزئيات الأشياء . فهو يتعامل مع شجرة السدر بأعتبارها كائنا حيا تربطه علاقة من نوع خاص بها.ليخبرنا بأنه يحب شجرة السدر لا لأنها تمنحه ( ظلها الوارف الذي يغطي مساحة (الحوش) فحسب بل وبكثافة ثمارها اليانعة والطيبة التي تمنحنا أياها) عبر عملية ذهنية يقترب فيها من الترميز, لتبدو شجرة السدر رمزا انثويا يتلذذ بها بطل القصة وهو ينتزع منها ثمارها بدوافع وهواجس جنسية .سيما وهو يصفها بأنها (الفارشة جدائلها على أكتاف .......ألخ) بما يؤكد ان القاص يمتلك قيمة خيالية خصبة عبر تشكيلاته الحسية والجمالية وهو يتعامل مع رموز الطبيعة . ولم يتجاوز القاص المعتقدات الشعبية في النظر الى الأشياء . عندما يطرح صفات شجرة السدر من خلال رؤية أمه التي تقول له (أن شجرة السدر تستحم بالمطر وتتجفف بالشمس ولا تستنشق الا الا من زفير الملائكة ولا يهب الهواء في موسم الصيف الا لنفض الأتربة عن جسدها لأنها من سلالة طاهرة ........الخ) من رؤى أسطورية متوارثة. فتتحد الأسطورة بالواقع عبر تفاعل حي صنعه القاص مشبعا الشجرة برمز كثيف.ثم تحذره أمه أن لا يتعامل مع الشجرة الا بالحنان والرقة وأذا ما أراد أقتلاع تلك الشجرة فأن ذلك يكلفه ثمنا.الا انه رغم تلك الوصايا (لم يستطع كبح جماح رغبته بألتهام حباتها الحمراء والصفراء والبرتقالية .....الخ) في القصة دلالات بوجود توق في تحقيق الرغبة بالقوة . بل أشباع شهوة مخفية تشده الى الشجرة لايريد تحقيقها الا بألأستماع بتعذيبها وجلدها بالحجارة أو العصي.

في القصة قسمان , في الأول لم يضع لنا القاص عنوانا له. الا انه يسمي القسم الثاني بـ (السنة الكبيسة) ليسرد لنا نفس مشاعره ازاء ظاهرة طبيعية أخرى وهي فصل الخريف. ويعطينا مبررات حبه على طريقة حبه لشجرة السدر.يستمر بالوصف والتحليل للطبيعة مرمزا أياها بأشياء حية وبلغة مجازية .فهو يستعير صفة الصداقة الأنسانية ليسقطها على فصل الخريف,فـ (الخريف صديقي رغم أنه فصل قلق تدار رحاه ما بين مطرقة الصيف القائض وسندان الشتاء القارص.) تمكن القاص من أستخدام الرمزبشكل ينم عن تمكن في أستخدام أدوات الفن القصصي موظفا دلالات ومعاني ذلك الرمز التي تعني بالظواهر والمخلوقات المادية خالقا علاقة روحية مع الشعور الأنساني وتوقه لتحقيق وجوده.

في القصة ألأخيرة للقاص (أياد خضير) والتي حملت عنوان (لحظة ضعف) تبدو لأول وهلة من قراءتها أننا أمام بطل قصة سلبي.غير أن القاص رغم سلبية نموذجه القصصي وضعفه فأنه امتلك عمقا في الرؤية من خلال سرد حكائي , حاول من خلالها أن يعطي للقاريء فكرة فلسفية بمسحة وجودية عن الموت والحياة. فالنموذج القصصي (البطل) كائن يداهمه (أحساس غريب لايستطيع الفكاك من أساره) .وألأشياء من حوله انما (توحي بأن شيئا ما غير محدد الملامح سوف يغدر به يغتاله .......ألخ) .أن من خلال هذه الأجواء المرعبة المتوثبة المستوفزة القلقة نجد أن (بطل) القصة القلق قد حكم بركام الخوف من الموت. وهو لايمتلك قدرة على مواجهة الموقف سوى أنه يعيش وهم وجودي ما بين أسئلته المحيرة:

لماذا ؟

الى متى؟

ما الذي يعمله خلال بقائه؟

ثم أنه شديد القلق ازاء حالات الموت التي يشهدها ويراها بعينه. ويتسائل :

(كيف مات هذا الشخص ؟) . أكدت القصة على وجود هواجس لبطلها توحي بالشعور بالضعف .وأن (كل شيء يوحي بالموت) وبهذا فأنه يطرح فكرة فلسفية تقترب من الوجودية (أين الذهاب ؟ ما العمل؟)..غير انه يدلف الى خلق شيء يوحي بالتعلق بالحياة من خلال دلالات الشط الذي قرر أن يذهب اليه ليشكو له كما يشكو لصديق (احزانه فتخفف عنه الكثير من همومه) لتنتهي القصة بحوار فلسفي فيه شيء من الغموض . ثم يعود ليقول بأنه (لا يخاف الموت) رغم وجود لحظة من لحظات الضعف.الا ان الموت قادم لامحال..فهو يخطف (اعز الأصدقاء)..

نعتقد وقد يتفق معنا البعض من أن اغلب هؤلاء القصاصين قد لجأوالى الترميز في تقديم نتاجاتهم عبر هذه النصوص .سواء كانت ترميزات واقعية أو غرائبية كما يسميها النقاد. وكان من الواضح ان هناك فرق بين هؤلاء القصاصين في أستخدام الرمز . فمنهم من جعله رمزا لقضية خاصة مغلقة هي قية الكاتب وحده, ومنهم من جعله رمزا لقضية عامة هي قضية الواقع. وقد نجح الى حد ما بعض القصاصين بأن جعل من الرمز قضية أيحائية تعبيرية وليس لغزا قابلا للتعليل والتفسير كما يقول الناقد (عباس عبد جاسم).

شكرا لملحق ادب وثقافة في جريدة الصباح وهو يفتح مساحة جديدة للمنجز القصصي العراقي , عسى ان يتمكن هؤلاء القصاصين وكل المبدعين العراقيين من رسم خلاصة ممارسات ابداعية جديدة من خلال المسار القصصي العراقي الجديد في ظل مرحلة تاريخية جديدة بثقة وحب وصراحة ..آملين ان يكون لهذه الخطوة وقع في عالم الأبداع والفن القصصي.


1 - فن كتابة الأقصوصة...الموسوعة الصغيرة العد د (16) ترجمة: كاظم سعد الدين ...1978
2 - فنارات في القصة والرواية..حسب الله يحيي .. 1997
3 - المصدر الأول....
4 - قضايا القصة العراقية المعاصرة...عباس عبد جاسم ...1982







 

free web counter