| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

حكمت مهدي جبار

 

 

                                                                                     الجمعة 1/4/ 2011

  

درس التربية الفنية وصناعة الأنسان الجديد

حكمت مهدي جبار *

يلتقي درس التربية الفنية بعوامل مشتركة مع دروس علمية اخرى .وهذا الأمر وللأسف الشديد لم يفطن اليه البعض , فمن المعروف ان درس التربية الفنية يتضمن مفاهيما ومفردات نظرية وعملية تقترب من الدروس الاخرى وفيه مسميات ومصطلحات هي نفسها في دروس الرياضيات والفيزياء والاحياء فضلا عن الدروس الانسانية والادبية. فهو من الشمول بحيث يسع كل الجوانب التربوية والاخلاقية والتعليمية والمهنية والعلمية والاجتماعية والنفسية .

وبالرغم من اتسام درس التربية الفنية بالخيالات الناتجة من المشاعر والعواطف المتأججة لدى الطلبة في المراحل الدراسية الثلاث وحبهم للدرس حبا غريزيا بدوافع اللعب واللهو والمتعة والسرور وتلك جوانب ليست سيئة انما هي من صميم الجوهر الانساني والفطرة البشرية فأن هناك سمات اخرى للدرس أو لموضوعة الفنون بشكل عام كونه احد اشكال الوعي للأنسان في مراحله العمرية الأولى..ولو رجعنا قليلا الى الحقب التأريخية الأولى للحضارة الانسانية لوجدنا ان كل مهن الحياة وحرفها واعمالها كانت تسمى فنا .وكذلك كان الفنان هو المهندس وهو العالم وهو الفلكي وهو النجار وهو الكيميائي وهذا ما هو تتحدث عنه المصادر التاريخية والمعرفية المختلفة. كيف يمكن اعتبار درس التربية الفنية درسا علميا حاله حال دروس الفيزياء والرياضيات والكيمياء. فموضوعة الرسم كما قلنا تتضمن مفاهيما تشترك بها مع الرياضيات مثل مفاهيم النسبة والتناسب والتي يقيس بها الطالب نسبة جزء الى جزء اخر في فن الرسم والتي هي من اساسيات علم الجمال مثلما هي من اساسيات الرياضيات والهندسة .اما من ناحية الاشكال فأن الطالب عندما يرسم بيتا او مدرسة بلذة فن الرسم والالوان فهو انما يعزز من فكرة هندسية في ذهنه (فكرة البناء المعماري) وعندما يرسم عجلات العربات واطارات السيارات وكرة القدم فهو يحاكي فكرة الدائرة ولو تجريديا . فضلا عن الرسم الهندسي الذي يستخدم في المدارس الصناعية. وهناك ايضا قرابة شديدة بين فن الموسيقى كنوتات والرموز في الرياضيات اما من حيث الألوان فهناك حدود مشتركة مع مواضيع الألوان في الفيزياء كالألوان الأساسية والثانوية ومن حيث الخواص مثل (الكنه) (HUE) والقيمة VALUوالشدة INTESITYوالتي تهم موضوعة الألوان في فن الرسم .صحيح ان العلم (الدروس العلمية ) تقوم على البرهنة والتجربة العملية العقلية والتي يكون فيها الخطأ سببا في احداث مشكلة تضر بالانسان فيما يخص تحقيق نتائجه العملية النفعية في الحياة . وأن الفن (الدروس الفنية الجمالية) تخلو من الضوابط والخطأ فيها يمكن معالجته ولا يكلف ثمنا . الا ان الأثنين انما يأتيان من عملية فكرية . من افرازات من الدماغ تقوم وفق حسابات ذهنية .فالطالب عندما يحل مسألة في الرياضيات فهو يعتمد على عقله وفق الية تشترك فيها التصورات والخيالات ودرجة الذكاء.
وكذلك في الكيمياء والفيزياء والهندسة وغيرها . وكذلك عندما يرسم زهرة فهو يستدعي خياله وتصوراته وحساباته لتعينه في كيفية رسم اوراق الزهرة وأين يضع الساق وكيف يستخدم الألوان ويحسب المسافات بين اجزاء الزهرة.ومن هنا اذا ما تعرض الطالب الى أستهانة في منجزه الفني الجميل فأنه سوف يحبط وسينسف بكل اسباب تحفيزه الفكري وسيفقد اهم ادوات بناءه الفكري والخيالي والتصوري فيكون ضعيفا في مواجهة الدروس الأخرى.ان أهمية درس التربية الفنية تكمن في انه درسا حسيا بصريا شعوريا يستقدم فيه الطالب اذا ما اخذ الدرس حقه كل اسباب وعيه وفكره ليرى ويبصر ويحلل ويحسب ويتذوق وبالتالي قد يساهم معنا في انجاز اسباب الحياة بالطريقة الجميلة الذواقة النقية الخالية من التعصب والتردد والشعور بفوبيا fuobea الخوف من مواجهة الاشياء بثقة.لقد اصبح الفن هندسة العصر . وواحد من الأدوات الفعالة لصناعة الأنسان الجديد . وقد خسرت الدول والحكومات (انسانها) عندما اهملت فنونه ورغباته واحاسيه ومشاعره وربته على الجمود وأشغلته بالمواعظ والقوانين الصارمة وحولت المدارس الى معتقلات للقسر العلمي الفكري الصارم والتعليم الجاف القائمة على الخوف من المستقبل . لا تفعل ذلك ..لا تلهو..لا تلعب..لا ترسم..لا تعزف الموسيقى ..لا تقرأ الا كتب المدرسة..لا تغني..لا.لا.لا.لا. .

ان علينا ان ننظر الى الدروس المتعلقة بالفنون والفعاليات اللاصفية في مختلف مراحلنا الدراسية بطريقة علمية و منظمة تعد لها برامج خاصة وتهيأ لها كوادر علمية تربوية متخصصة في تربية الجمال والفن والذوق لأبنائنا الطلبة.لغرض تقوية المسار التربوي وأنماء القابليات لكي نفهم ان تربية الفنون في المدارس انما هي وحدة تربوية تعليمية واحدة لاتتجزأ . ولنبدأ بالقيادات الأدارية التي لازال بعضها يعيش في دهاليز التخلف ونقصد بعض ادارات المدارس وليس جميعها والتي تمثل (بعبعا) مرعبا امام ابناؤنا تمنعهم من أي نشاط وأي فعالية فضلا عن وجود مدرسين يتطيرون من أسم نشاط صفي أو ممارسة متهمين مدرس التربية الفنية بأنه سبب ضياع الوقت وهو شاغل الطلبة عن دروسهم !! وأن المؤلم في مؤسساتنا التربوية هو أن بعض المشرفون الأداريون والمتابعون لم يلتفتوا الى دروس التربية الفنية ولم يتطرقوا في اجتماعاتهم في الادارات الى ما يعزز من تفعيل مفرداته كدرس . ومع علمنا بوجود بعض المشاكل والمعضلات في عملنا التربوي ومنها الزخم الهائل في اعداد ابنائنا الطلبة وقلة الأبنية المدرسية وأشتراك اكثر من مدرسة في بنايتين وكذلك قلة الكوادر المتخصصة في التربية الفنية مما يؤدي ذلك الى برامج ضعيفة ناقصة ومناهج لا تحقق المرجو من الغاية التربوية ولكن يجب ان يكون الأهتمام وتطبيق المساواة والعدالة في اجراء ذلك الأهتمام على جميع الدروس بالتساوي وخاصة فيما يتعلق بالدروس المتعلقة بأحاسيس الطالب ومشاعره وذوقه وتعامله مع الأشياء .
 

* تربوي

 

free web counter