| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسين القطبي

 

 

 

                                                                                   الخميس 7/4/ 2011

 

مها الدوري وحرق القرآن والكرد الفيليين

حسين القطبي

كل شيئ في جلسة البرلمان كان يسير بشكله الطبيعي الى ان حان وقت مناقشة قضية الكرد الفيليين، حينها اصابت النواب نائبة، فخرج الجميع حينها يتزاحمون على دورة المياه في حمام خلف القاعة، وكأن صاحب الكافتيريا قد دس لهم المسهل في غدائهم، لكي يعلن السيد الرئيس اسامة النجيفي عدم اكتمال النصاب! ومن بقي من النواب، وعددهم مخجل، فقد رفعت عنهم المسؤولية.

وقد يبدو الامر طبيعيا، فمشكلة عدم اكتمال النصاب تعني للمطلعين على الامور، ان القرار مورد المناقشة لم يتم التوافق او "التحاصص" عليه مسبقا، وهو اسلوب متبع في البرلمان العراقي منذ العام 2005، اذ يتغيب النواب عن القرار غير المتفق عليه، اي ان التصويت البرلماني ليس سوى تنفيذ لبنود التوافق التي تحاك بين رؤساء الكتل قبل الجلسات، ورفع الايدي بالـ "موافج" ليس سوى انعكاس لذلك.

وما جرى في قاعة البرلمان يوم 4 نيسان، يوضح ان نقاش قضية الكرد الفيايين لم يكن مورد توافق الكتل الرئيسية، وخروج البرلمانيين غير اللائق من القاعة عند بدء المناقشات حول هذه القضية لمؤشر واضح على ذلك.

الا ان المثير للسخرية هو ما ابدته النائبة المتحمسة جدا ضد مناقشة هذه القضية، عضوة الكتلة الصدرية مها الدوري، فقد اندفعت زيادة "شوية" لتحلل خبزتها، فما ان اعلن النجيفي بدء مناقشة قضية الكورد الفيليين حتى هبت من سباتها، ووضعت سنارة الحياكة جانبا لتصرخ في قاعة البرلمان المقدسة :

- الله اكبر.. الله اكبر، عندنا قضايا أهم... عندنا قضايا اهم!!!!

وبالتأكيد هنالك قضايا اهم لتجار السياسة، وسماسرة الدين، من مناقشة مشكلة انسانية مستعصية منذ اربعين سنة، لشريحة من المجتمع العراقي ما تزال تعاني من تبعات مصادرة الجنسية والسكن والتهجير القسري، هنالك قضايا اكثر اهمية في ميزان الارباح والكومسيونات والمزايدات المذهبية، فلما سألها رئيس الجلسه عن هذه القضية الاهم، قالت بحرقة مبالغ فيها، وبسرعة كادت الحروف ان تسبق بعضها بعضا :

- القرآن يحرق في امريكا! القرآن يحرق فيــ .. الله اكبــ...

كانت جلسة البرلمان في ساعتها الثالثة عندما حل دور مناقشة قضية الملايين المنكوبين من الكرد الفيليين، ويبدو ان السيدة النائبة الدوري، عضوة التيار الصدري، اما كانت نائمة، ولم تتذكر حرق القرآن، طيلة تلك الساعات، او انها وقتت صرختها التي تشبه استغاثة ملدوغ من عقرب، او من دخلت في كمها افعى، وفق تعليمات تيارها الديني، من اجل افشال النقاش عمدا، من اجل عدم عودة الحق الى نصابه، وعدم انصاف شريحة مظلومة، هي الشريحة الوحيدة التي ظلت تعاني في زمن النظام السابق، والنظام الحالي.

والمثير للغرابة ان النائبة الدوري لم تعترض على قرار رئيس البرلمان بايقاف عمل البرلمان لمدة عشرة ايام متتالية.

اما المثير للسخرية في صرخة النائبة الدوري انها لم تكن تعي ان النصاب اصبح غير مكتملا بعد خروج رفاقها النواب من القاعة، وان السيد رئيس الجلسة سوف يقفل المداولة دون الحاجة لاستهلاك هذا الشعار السمين في قضية محسومة لصالحها سلفا.

وفضحت بدائيتها لأن السياسي الناجح هو الذي يوفر شعار دسم مثل هذا للمزايدة على القضايا الحرجة، وان لا يحرق هذا الجوكر الثمين "حرق القرآن" في جولة محسومة سلفا. الا اني على يقين بان لا الدوري، بعباءتها اللماعة، وقفازاتها المكوية مرارا، ولا اي من النواب في قاعة البرلمان يمتلك من الحنكة السياسية ما يؤهله لاشغال كرسي برلماني، وان المدربين الامريكان لم ينجحوا بعد في تصنيع نخبة عراقية مؤهلة لشغل مقاعد المجلس الوطني.

نتمنى لمها الدوري ان لا يحرق القرآن ثانية، وللكورد الفيليين ان ينتخب العراقيون مجلسا اكثر انسانية في الدورة البرلمانية القادمة، من اجل مناقشة قضيتهم بضمير حي، وليس بضمير مها الدوري، ولكراسي البرلمان ان تترنح عليها الخلفيات التي تستحقها.

 

 

free web counter