| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسين القطبي

 

 

 

الأثنين 3/1/ 2011

 

الفرس العراقيون مغيبون بسبب النظرة الشوفينية

حسين القطبي

من الضروري التفريق بين الفرس والايرانيين، فليس كل الفرس ايرانيين، كما ان الايرانيون ليسوا كلهم من الفرس، كما هو الحال مع العرب والعراق، فليس كل العراقيين عربا، وليس كل العرب عراقيين، فالتداخل القومي هو سمة المجتمعات الكبيرة، والدول التي لها تاريخ حضاري طويل، تتداخل فيها القبائل والاثنيات، مثل العراق وايران.

وهنالك اقلية فارسية عراقية لا علاقة لها بايران، الا ان الاعلام المشحون بالتعصب القومي، منذ اواخر الستينيات في القرن الماضي يحاول التعمية على حقائق تمس حقوق الانسان، والحق الطبيعي للفرد بالعيش على ارضه وخدمة وطنه بغض النظر عن انحداره القومي او الديني او القبلي.

والفرس العراقيون، الذين يتواجدون على شكل تجمعات صغيرة في بعض المحافظات كالنجف وكربلاء وبغداد (الكاظمية) يحملون نفس المشاعر الوطنية التي يحملها العربي والكردي والتركماني وغيرهم من ابناء الوطن، وتجمعهم مع اخوانهم، البقية من العراقيين، نفس مشاعر الوطنية الصادقة، كونهم ابناء هذا الوطن، ولدوا فيه وتناسلوا على ارضه على مدى قرون من تاريخ ارض الرافدين، ولكن ازدحام ذهنية البعض بمخلفات الحروب والمشاحنات السياسية والعرقية تنشر ظلالها وتمرر احكام مسبقة غير منصفة بحق هذه الاقلية العراقية الاصيلة.

يعود تاريخ الفرس في العراق الى ازمان موغلة بالقدم، وقد عرف بينهم الكثير من الشخصيات السياسية والادبية التي ساهمت في اغناء ثقافة المجتمع العراقي عامة، وتراثه على مدى القرون.

فلا يمكن تجاوز الشاعر ابي نواس عند الحديث عن الشعر، ولا ابن سينا في اسهامه في مجال الطب، ولا الرازي، كما لا يمكن العبور على دور الفلاسفة الذين تركوا اسهاماتهم البارزة في مجال الفقه كالامام ابو حنيفة النعمان او عبد القادر الكيلاني او الامام احمد ابن مالك او احمد ابن حنبل، هذا بالاضافة الى الكثير من الشخصيات التي عرفت في التاريخ بعروبتها بسبب اعادة كتابة التاريخ التي تراعي الامزجة المتشنجة، وظلت انحداراتهم موضع شك، من الشاعر الكبير المتنيى الى شاعر العرب الاكبر المرحوم محمد مهدي الجواهري.

واليوم فقد تعرض المكون الفارسي في العراق الى ما يشبه الابادة في عمليات ترحيل قسري، وفرض الهوية العربية بالترهيب، والطعن بالهوية العراقية التي يحملونها دوما وبفخرون بها.

فقد خدم ابناء هذه الاقلية في الجيش العراقي وذادوا بارواحهم من اجل حماية حدود العراق مع ابناء وطنهم في الحرب العراقية ضد ايران في ثمانينيات القرن الماضي، وخدموا بلادهم مجالات الثقافة والعلوم والاعمال الحرة، لكن النظرة الدونية التي رسختها سيطرة الاعلام خصوصا ابان الحرب العراقية الايرانية، وربط مصيرهم بدولة ايران، من اجل تعبئة اعلامية مغرضة، كانت تمثل تعديا سافرا ضد حقوق اناس عراقيين وطنا وانتماءا وحضارة.

وهنا ارى من الضروري التفريق بين الكرد الذين هجرهم النظام السابق الى ايران في الربع الاخير من القرن العشرين، وبين الفرس العراقيين.

وارى من الضروري استيعابهم في العراق الجديد، عراق كل العراقيين، والاستفادة من طاقاتهم واخراجهم من دائرة الاتهام بالعمالة لايران، خدمة للحقيقة، ولانصاف شريحة اصيلة من شرائح المجتمع العراقي.

 

free web counter