| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسين القطبي

 

 

 

                                                                   الأحد 25 / 8 / 2013

 

فتوى الكنيسة: الشيوعية كفر والحاد

حسين القطبي 

كان يسألهم على دوي محرك الشاحنة، بعد ان اوقفهم في الطريق، عن عدد ركعات صلاة الفجر، فلم يعرفوا، وكان لابد لذلك الملتحي المترب، الذي يرفع فوهة بندقيته الى السماء، ان يقطب غضبا في سبيل الله، اخذ الثلاثة الى جانب الطريق، اجلسهم سوية على الرمل، ثم فتح النار عليهم من الخلف ورفاقة يهتفون "الله اكبر".

لم اميز بين هذه الهتافات، واجراس كنائس القرون الوسطى، في اوربا، فقد كانت هي الاخرى تقتل العباد من غير المؤمنين بنفس الروح الايمانية، ابتغاء مرضاة نفس الاله.

في ظل هذه الاجواء الايمانية، وعندما تشتد هكذا، رغبة الاله للقتل، اصدر السيد اية الله مرتضى القزويني فتواه بان الشيوعي كافر وملحد ويجب الاقتصاص منه باقامة الحد.

والحد هو القتل الذي يقوم به المسلم المؤمن ارضاءا لرغبة الاله، وهو اقصر طريق للجنة، الجنة ذلك المكان الذي سيجمع رجال الدين المسلمين، الداعين للقتل، من شاكلة ذلك المغبر اللحية في شريط الفيديو، والسيد القزويني، مع رجال الدين المسيحيين من من كانوا يعدمون الاخرين على الخوازيق (لم يكن الله قد علمهم على استعمال البنادق بعد، انذاك).

فحسب السيد القزويني ان اللص الذي يبنى امبراطورية مالية من قوت الشعب المعدم، ويترك العوائل الفقيرة تعاني العوز، ليس كافر، لانه مؤمن يقيم الصلوات باوقاتها، فالوزير الفاسد، الذي يسرق الاموال المخصصة لبناء المستشفيات، مثلا، ويستورد ادوية فاسدة تقتل الناس هو غير كافر لانه مؤمن بذلك الاله ويقيم الصلوات له باوقاتها.

واعضاء البرلمان الذين يسرقون اموال الملايين، من كومسيونات سحت، الى رشى فساد، ويقرون لانفسهم رواتب مدى العمر ككنوز الاربعين حرامي، ليسوا كفرة لان اكثرهم من الملتحين، وعندما يتحدثون الى الشاشات تراهم مطرقي الابصار بخشوع والحركة الوحيدة التي يؤتونها هي تدوير محابس الايمان في بناصرهم.

الميليشيات الطائفية، ايضا، ليست كافرة، تلك التي تهجر العوائل من مناطق سكناها وتلقيهم في المجهول بدون سبب، تحرم الابناء من المدارس، والمعيلين من اعمالهم، وتقطع ارزاق عوائل فقيرة، حسب فتوى القزويني، لأنهم يقيمون الصلوات لذلك الاله.

ومن يدعي نسبا زورا، على اساس انه قريشي، ومن نسل محمد ابن عبدالله، من اجل جمع اموال الخمس من الفقراء وبناء امبراطوريات عقارية في الخارج، ومن ضمنهم السيد مرتضى القزويني نفسه، فهذا ليس كفرا.

ومن ترك ساحات "الجهاد" طلبا للغنى فاستوطن الكويت في ذروة رخائها، ثم انتقل الى ايران بعد وصول "السادة" الى الحكم، ثم انتقل الى الغرب طلبا للترف والحياة الناعمة، مثل اية الله مرتضى القزويني نفسه، الذي انتقل الى امريكا مقيما في لوس انجلوس، بالقرب من هوليوود، منذ العام 1985، وعاد بعد 2003، الى مغارة علي بابا قرب الاضرحة، فانه ليس كافرا.

فالسارق حسب فتوى مرتضى القزويني غير كافر، والقاتل غير كافر، والمحرض على القتل بفتاوي كنسية في هذه العصور غير كافر، حتى مرتكبي المجازر بحق الانسانية، من مسلمي هذه العصور، كلهم غير كفره حسب فتواه.

ومع ان الشيوعية هي مرحلة اقتصادية بحتة، ولا علاقة لها بالدين، ولا تدنو من عالم الكهنوت باي صورة من الصور، الا ان الشيوعي، وان لم يصل للحكم، ولم يسرق، ولم يشكل ميليشيات قتل طائفية، ولم يسمع احد منه ولو شتيمة لاحد، الا انه وحسب تحريض القزويني هو الكافر.

ورغم اني على ثقة بان القزويني، ومن يؤيد فتواه بحق الشيوعيين، لم يقرأ كتابا عن الشيوعية، ولم يمتلك الفرصة في يوم من الايام لمعرفة هذه النظرية الاقتصادية، ولو بشكل سطحي، بل وربما لم يلتقي بشيوعي واحد في حياته، الا انه لم يمهل نفسه برهة تفكير وتروي قبل اصدار فتواه.

هذا كان سلوك رجال الدين الكنسيين، فمن اعدم غاليليو لم يقرأ كتابه، ولم يكلف نفسه التقصي في حقيقة ما كان يقول، تماما مثل الذي يحرض ميليشيات الملتحين هذه الايام، ضد الشيوعيين.



 


 

free web counter