| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

حسين القطبي

 

 

 

 

الأحد 24/10/ 2010

 

وثائق ويكي ليكس لم تأتي بجديد

حسين القطبي

اعتدنا على تسريب وثائق المخابرات الامريكية في السنوات الاخيرة، وكأن هذه الوكالة الاخطر في العالم على درجة من التسيب بحث لا تستطيع احكام السرية على ملفاتها! او اقفال شبابيكها ليلا، وهذا غير معقول، اي ان تتمكن ابسط الدول النامية من السيطرة على ارشيفها العسكري، بينما لا تقوى السي اي ايه، فبين الحين والاخر يظهر تسريب، جديد وخطير، دون ان يدعوها ذلك لأخذ الحيطة والحذر، او استبدال اقفالها، ويضل، ويا للعجب، "باب النجار مخلع"!

الامر العجيب الثاني هو ان كل الوثائق المسربة تعود بنتائج واحدة، وهي زيادة التوتر في المنطقة المعنية، الدول الاسلامية خصوصا، فتعقبها موجة من الشد الجماهيري، وفورة غضب تعيد الروح للمشاعر المعادية للغرب، ومن ثم المزيد من الدعم لقوى الاسلام السياسي المتحالفة مع القاعدة والمنظمات الارهابية، في العراق وافغانستان على وجه الخصوص، وهذا امر مثير للشك، حول هذه الصدف التي لا تخطئ ابدا.

تسريب صور التعذيب في ابوغريب، ثم اعادة المزيد منها، على دفعات، للحفاظ على حرارة القضية، كان يمنح المقاومة العراقية، وتنظيم القاعدة على الخصوص، المبرر الاخلاقي من جهة، ويمدها بالمزيد من المقاتلين والانتحاريين المتعاطفين معها من جهة اخرى.

والكشف عن السجون السرية التي كان يديرها المالكي، وعن الجرائم التي اقترفها الصدريون، وفرق الموت بقيادة بيان جبر، بما عرف عنها انذاك من استخدام المثاقب الكهربية "الدريلات" لشج الجماجم، فضلا عن التسريبات المثيرة للعجب والريبة هذه، كلها في النهاية لا تعدو كونها سوى حلقات متشابهة من مسلسل واحد.

حتى الجهات الاعلامية التي تكون سباقة لنشر هذه الوثائق هي دائما نفس الواجهات التي تكون السباقة ايضا لنشر الاخبار والتحليلات التي تثير المسلمين وتزيد من شعبية القوى الدينية المتطرفة، مثل اجترار قضية الرسوم المسيئة للرسول، واخر اخبار النائب الهولندي فيلدرز، ومحاولة حرق القران في نيويورك، الخ.

وهذا يذكرّ المتابعين، بدور مشابه في تصعيد شعبية الاسلام السياسي الراديكالي اواخر السبعينات واوائل ثمانينات القرن الماضي، مثل استغلال كتاب سلمان رشدي، وحرق المسجد الاقصى، والاحتلال السوفياتي لافغانستان، الخ.

في اب-اغسطس الماضي سرب موقع ويكي ليكس وثائق سرية عن "جرائم" امريكية في افغانستان، ويبدو ان السي اي ايه، بكل خبراتها الامنية لم تنتبه الى ضرورة التحفظ، ولم تستوعب الدرس من "خان جغانيتها المفرطة"، فدخلها هذا الموقع، نفسه، مرة اخرى، بعد شهرين فقط، وسرب وثائق عن العراق، تغطي 15 الف نقطة!

جوليان اسانج،(استرالي مواليد 1971) اسس موقعه ويكي ليكس المخصص لتسريب الوثائق السرية في العام 2006 ونجح منذ ذلك الحين في السطو على العديد من الوثائق الهامة، بصورة تدعو للتساؤل، منها التسريب الاخير (الخامسة مساء في 22 اكتوبر الحالي) الذي يعد التسريب الاكبر في التاريخ لوثائق عسكرية سرية (ارشيف يشتمل على 391,832 تقرير ويغطي الفترة من 1-1-2004 الى 31-12-2009).

التقرير هذا يبدأ باحصاء الضحايا الذين سقطوا جراء الاحتلال الامريكي للعراق بالارقام (109,032) منهم (66,081) مدني، و (23,984) مقاوم مسلح، بالاضافة الى منتسبي القوات العراقية، وضحايا النيران الصديقة.

فمن جهة، يلفت الانتباه الى المزيد من الجرائم الامريكية بحق المسلمين في العراق، والمقاومين (اغلبهم من السنة)، ومن جهة اخرى يتطرق الى جرائم المالكي (تلقى بصورة غير مباشرة على الشيعة)، والى تحفز ايران من اجل تشييع وتفريس العراق.. الخ، وكل هذا هو ما تنتظره القوى الدينية المتطرفة، شيعيها وسنيها من اجل زيادة رصيدها الجماهيري. الا انها ترفع حدة التوتر الطائفي، وتقوض اية امكانية لعودة الحياة المدنية الطبيعية في العراق.

لذلك فان جاءت التفاصيل بجديد، على صعيد الارقام ووقائع العمليات في تسريب ويكي ليكس، الا ان عملية التسريب ذاتها، والنتائج التي تؤول لها، لم تخرج عن نسق التسريبات السابقة، ونتائجها، التي تتلخص في زيادة الشحن الديني الطائفي، ولم تأتي بجديد.

 

free web counter