| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسين القطبي

 

 

 

السبت 20/11/ 2010

 

غيمة سوداء تزحف على العراق

حسين القطبي

لا يمكن لي ان اتخيل كيف تعمل حكومة فيها 12 وزير بعثي - او بعثي الهوى - يطالب برفع الاجتثاث يقودها رئيس وزراء من حزب الدعوة!؟

كيف تنسق الامور في السياسة الخارجية اذا كان رئيس الوزراء هو نوري المالكي ووزير الخارجية هو صالح المطلك - المرشح الابرز لها - ولا يملك المالكي اية سلطة على المطلك ولا يستطيع املاء التوجهات العامة او الزامه بقرار، او توبيخه، او عزله، لانه مفروض عليه اساسا وفق اتفاقات الخطوط العريضة التي تم التوافق عليها كشرط لتشكيل الحكومة!

او كم ستكون كفاءة وزراء مثل ظافر العاني او رافع العيساوي اذا كان شبح اجتثاث البعث يطاردهم كل صباح وهم يوقعون على التقارير في بريد السكرتيرة، مما يجعلهم يركزون جل اهتماماتهم على طريقة تقديم الامتيازات والعقود كرشاوي لهذه الجهة المتنفذه وتلك من اجل البقاء بعيدا عن الاجتثاث، اكثر من تركيزهم على عمل الوزارة.

واذا كان حال الحكومة هكذا، فان حال البرلمان ليس بافضل، فالاغلبية من الاعضاء تنتمي لكتل تتقاطع اجنداتها كليا مع رئيسه، الذي ينتمي للقائمة العراقية (91 مقعد من مجموع 325)، ولا ادري سبب اختيار النجيفي بالتحديد لهذا المنصب، وهو المعروف بالمواقف الاكثر تشددا وبتاريخ حافل بالمناكفات والمماحكات العقيمة مع كل الكتل.

وفي القائمة العراقية اكثر من شخصية معتدلة كان بامكانها مد الجسور مع الاعضاء والكتل المقابلة بمرونة ودبلوماسية انجع، على غرار حسن العلوي مثلا، خصوصا وان الوضع المتشنج الذي سبق محادثات تشكيل الحكومة لا يحتمل المزيد من الشد والتطرف.

ولو نسينا الحكومة والبرلمان، فان تأسيس المجلس الوطني للسياسات الستراتيجية، ومنحه صلاحيات رديفه لرئاسة الوزارة، تكون ملزمة بنسبة تتراوح بين 80% و 100% كما نص عليه الاتفاق يزيد من تشتت القرار ويفتح الباب لنزاعات جانبية حول الكثير من القضايا الحساسة، وينذر بتعطيل الحلول لاكثر المشاكل العالقة، خصوصا تلك المتعلقة ببنية الدولة.

وما اكثر المشاكل تلك، فاذا كانت القبضة الحديدية، والتفرد الذي ميز فترة حكم المالكي لم تستطيع فك مشكلة قانون النفط والغاز، الفيدرالية، نزاعات المناطق.. الخ، فكيف اذا كان مركز القرار مشتتا بهذه الصورة؟

لا شك ان العلاقة المتوترة بين الوزراء ورئيسهم، وبين البرلمانيين ورئيسهم (الذي زعل وترك القاعة في اول جلسة لانعقاد البرلمان)، وتضارب القرارات بين رئيس الوزراء ورئيس مجلس السياسات الستراتيجية، لا شك كل ذلك سيترك اثره السلبي على فعالية اداء المؤسسات التشريعية والتنفيذية، وعلى الوزارات والدوائر، وستكون الحكومة المشلولة القادمة اكثر ضعفا امام المشاكل.

حكومة مشلولة سوف لن تستطيع تجاوز الفساد الاداري الذي ينخر المؤسسات الحكومية.
ولا تستطيع النهوض بواقع الخدمات، كالصحة والتعليم وغيرها، مما يعني ابقاء مستوى نسبة الوفيات بحدها الاعلى، ويعني ترك المزيد من الاطفال لمقاعد الدراسة في اعمار مبكرة..

والاهم انها لن تكون قادرة على توفير او ضمان الامن، سواء للشارع، او لدور العبادة، مما يعني المزيد من المجازر بحق الاقليات الدينية، وازدياد وتيرة العنف الطائفي، وقتل الثار، وقطع الطرق.

وكم احببت ان اتفاءل بعد اتفاق اربيل، لكن آلية العمل وتوزيع المناصب على الاطول لسانا، وليس على الاكفأ، يدفعني للتشاؤم في قرارة تفكيري، ولن ينفع المتفائلون دفن الرؤوس في الرمال، فالغيمة السوداء الزاحفة على العراق هي الاسوأ.

 

free web counter