| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسين القطبي

 

 

 

                                                                                   الأربعاء 1/6/ 2011

 

ميناء مبارك يخدم العراق اكثر مما يخدم الكويت

حسين القطبي

لا شك ان اختيار الكويت جزيرة بوبيان لمشروع الميناء الجديد يكشف عن نية تتجاوز حدود المصالح الاقتصادية البحته، الى طموحات سياسية، خصوصا وان موقع المراسي الاربعة، والتي ستصبح 16 عشر لاحقا، سيكون في ممر خور عبدالله، وهو المنفذ الضيق المؤدي الى موانئ العراق مثل ام قصر وخور الزبير.

ولكن قرب الميناء من الاراضي العراقية يجعل منه، في حالة التوصل الى اتفاقيات اقتصادية مناسبة مع الكويت، اكثر جدوى للعراق منه للكويت، يمكن استخدامه لتنشيط الحركة التجارية في شمال الخليج وجنوب العراق، كونه الاكثر قربا على الاقل من مينائي جيهان التركي، او العقبة الاردني.

واتفاقيات الاستخدام المشترك للميناء هي ليست من وحي الخيال، فهنالك الكثير من مناطق العالم استطاعت التغلب على مشاكل اكثر تعقيدا، يمكن الاستفادة من خبراتها في هذا المجال، خصوصا في غرب اوربا، اذ لا يعقل ان تستطيع تلك الدول ذات المصالح المتضاربة ان تفتح الحدود البرية والمائية للتجارة البينية، وتجاوز العوائق الضريبية، وتوحيد العملة، بينما لا يستطيع بلدان جاران في الشرق الاوسط حل مشكلة ميناء واحد.

الا ان مصالح السياسيين، والنخبة الحاكمة في البلدين، تتضاربان بشكل لا علاقة له بالاقتصاد ابدا، فكل منهما بحاجة ماسة الى اختلاق اخطار خارجية من اجل تعبئة جماهيرها، والسيطرة على مزاج الرأي العام، واقناع شعبها بضرورة بقائها (هي لا غيرها) في السلطة الى الابد.

فالطبقة الحاكمة في الكويت تجابه مخاطر داخلية اهمها التهديد الديموغرافي الناتج عن تنامي اعداد البدون والعمالة الوافدة، والدعوات العالمية الى احترام حقوق الانسان في التعامل معهم ومنحهم الحقوق السياسية الكاملة، وكذلك الاختلافات المذهبية التي تشكل قنبلة موقوتة، اضف لذلك اخطار الازمات الاقتصادية المحتملة، والتي لا يستطيع المواطن الكويتي، الاستهلاكي، والذي اعتاد مستوى عال من الرفاهية، ان يتحمل تبعاتها، كل تلك الاخطار تجعل الطبقة الحاكمة في الكويت بحاجة لعلاقات دائمة التشنج مع الجوار الجغرافي مثل العراق وايران.

والفئة السياسية الحاكمة في العراق، تجابه مخاطر اكثر جدية، بسبب فشلها في ارضاء طموح المواطن العراقي، وبسبب الية التنافس الشرس على الكراسي، يضاف الى ذلك الفشل المتوقع لتوضيف الايديولوجيا الدينية الثيولوجية في مشاريعها السياسية، والاجترار العقيم للشعارات المذهبية الطائفية. كل ذلك يجعلها بحاجة دائمة للغة شعارات وطنية اكثر قبولا.

ومن هنا جاء انتخاب الحكومة الكويتية لممر خورعبدالله المائي لمينائها الجديد، رغم انه الاختيار الاسوء تقنيا بسبب ضحالة الساحل وضيق الممر. ولهذا السبب اعلنت الحكومة العراقية عدم موافقتها على مد خط سكك حديدية الى الميناء للاستفادة منه، وحسب تصريح وزير النقل العراقي السابق، فأن "العراق لا يوافق على الربط السككي مع اي دولة تقع على الخليج"، ودون اعطاء التفاصيل على سبب هذا الرفض.

نعم كان بامكان الحكومة الكويتية ان توسع ميناء الشويخ، داخل مدينة الكويت، او موانئها الاخرى مثل الشعيبه، الاحمدي، الدوحة، او ان تختار السواحل الجنوبية غير المستغله بدلا من جزيرة بوبيان التي اعلن العراق مرارا رغبته في الاستحواذ عليها، الا ان المشروع يلبي طموحات سياسية للحكومة الكويتيه، في امتلاك ورقة ضغط ستراتيجية على العراق.

وفي الوقت ذاته بامكان العراق، الذي ليس له حدود مائية سوى 57 كم ان يتوصل الى اتفاقات تجارية تخدم المصالح العراقية العليا مع ايران والكويت لاستغلال موانئ خرمشهر والدوحة الكويتي ومبارك الجديد وكلها تقع على مقربة من الحدود العراقية، ويمكن ربطها بشبكة من الطرق الحديثة والسكك الحديدية بعيدا عن مماحكات السياسة.

الا ان المصالح الاقتصادية هي مصالح الشعوب، والمصالح السياسية هي مصالح الحكام، ولهذا تغلبت السياسة على الاقتصاد.

ولكن الانظمة تزول، في العراق والكويت، معا، وتبقى السواحل والموانئ، ورغبة الشعبين في التعايش المشترك، واليهما تعود حرية اختيار الطريقة الافضل لهذا التعايش.





 

free web counter