| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسين القطبي

 

 

 

                                                                                   الجمعة 18/2/ 2011

 

الشيوعية تعود من الشباك

حسين القطبي

بعد ان تم طردها من الباب، اثر سقوط موسكو المدوي عام 1991م، اعتقد العالم بان زمن الصراعات الطبقية قد انطوى، ودون رجعة، للحد الذي لاقت فيه نظرية نهاية التاريخ الرأسمالية رواجا، وانتعشت من جديد فكرة ان التاريخ عبارة عن صراع بين الحضارات وليس بين الطبقات.

النظرية الماركسية تدّعي بان التاريخ هو عبارة عن صراع بين الطبقات مر بأربعة مراحل هي المشاعية الاولى، والعبودية، ثم الاقطاعية، فمرحلة الراسمالية التي نعيشها، وطبقا للنظرية الماركسية فان هنالك مرحلة خامسة ستكون الاخيرة، ستولد من رحم الصراع الطبقي.

ونظرية نهاية التاريخ، التي جاء بها المفكر الامريكي فرانسيس فوكوياما تتلخص في الرد على الماركسية على ضوء الاعتقاد السائد بان مرحلة الصراعات الطبقية قد انتهت، لذلك فالرأسمالية هي اخر مراحل التاريخ الانساني، الذي توقف عندها.

وربما كان تعجل فوكوياما هو لاعتقاده بان سلطة رأس المال في العالم باستطاعتها ردم الهوة بين الفقراء والاغنياء، اولا بمساعدة الدول النامية وانتشالها من الفقر، وثانيا بسحق الوعي الطبقي لدى الفقراء عن طريق تحفيز الدين، والتعصب القومي والعشائري ليكون انتماءا بديلا للانتماء الطبقي لدى المسحوقين في العالم.

ولكن احداث اليوم تشير، وبعد مرور عقدين فقط من الزمن، الى ان مشاعر الثورة لدى الفقراء في الدول النامية، تلك التي كانت قد كبحت بعنف في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، بدأت بالظهور ولو بشكل عفوي غير مؤدلج ، لتنتفض على سلطة المال ، وما يطلق عليه اليوم "فساد حكومي"، او "لا عدالة اجتماعية". والوضع الراهن الذي تعيشه هذه الايام مناطق العالم الفقيرة مثل شمال افريقيا وغرب اسيا غير بعيد عن المطالب الطبقية التي كان الحديث عنها محرما.

ولنتساءل، ما الذي اراده الشعب التونسي، هل هو مجرد استبدال الرئيس بن علي القديم، برئيس بن علي جديد؟ يسرق اقل ويظلم اقل، ثم تعود الامور لتستقر على طبيعتها الاولى، ام يرنو الى تأسيس نظام اقتصادي جديد يكفل المساواة والعدل في توزيع ثروات البلاد على الطبقات المحرومة ؟ التي الهب مشاعرها بائع خضار في بلدة صغيرة.

وماذا اراد الشعب المصري من تغيير مبارك، هل لاستبداله بمبارك ثاني بأسم البرادعي او عمرو موسى، مع الاحتفاظ بذات الاليات الاقتصادية التي تربي ساسة مرتشين ومافيات استيراد وتصدير واحتكار الثروة ؟ ام الى تأسيس نظام اقتصادي جديد يكفل المساواة والعدل في توزيع ثروات البلاد على الطبقات المحرومة؟

ومن عاش مرحلة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، يتذكر هذا البرنامج الاقتصادي الذي لم يطبق، او تمت تجربته بصورة مشوهه في العراق ومصر، على سبيل المثال، البرنامج الذي سمي "الاشتراكية"؟ سواء نجح او فشل في حينها، الا انه ظل البرنامج الاقتصادي الوحيد الذي يحث على توزيع عادل للثروة بين طبقات المجتمع المسحوقة.

فهل مطاليب هؤلاء المسحوقين في تونس ومصر، وليبيا واليمن والبحرين وايران هي مطاليب بالاشتراكية، ولكن بتسميات اخرى؟

انتماءات بديلة :

على مدى عقود منصرمة، ساعدت دول العالم الحر – الرأسمالية – كل الانظمة القومية المتطرفة في الشرق الاوسط ، من اجل تعزيز الانتماء القومي لدى المواطن الفقير المسحوق ، وتغيير اولوياته، من النضال من اجل العدالة والمساواة الى الحرب من اجل القومية والوطن، كما في مصر، تركيا، العراق، ايران، لكن حاجة الانسان الى حياة كريمة كانت اكبر بكثير من حاجته الى شعارات قومية، او وطنية.

ثم تمت تجربة الشعارات الدينية ، فقد تم تعبئة الشعوب الاسلامية من شمال افريقيا الى افغانستان ، للغرض ذاته، وقد هدت الامبراطورية الفارسية من اجل ذلك في العام 1979م، كما انشئت لذلك تنظيمات مسلحة خصصت لها ثروات طائلة، مثل القاعدة، حزب الله، حماس وعندنا في العراق التنظيمات السلفية والتيار الصدري، الا ان الواضح من الاحداث الاخيرة انها تلاقي الفشل تلو الاخر، شأنها شأن الفكر القومي المتطرف، في استيعاب ثورة الفقراء ولفت انتباههم عن اول اولويات حياتهم وهي العدالة الاقتصادية في توزيع الثروة.

وعلى ضوء ما يحدث اليوم في تونس ومصر، وبلدان اخرى، فهل نحن ازاء مرحلة عودة شعارات اشتراكية بتسميات اخرى، وان الشيوعية، حاضنة وداعية الاشتراكية، بأية تسمية كانت، والتي طردت كطفلة جائعة، من باب المطبخ ، في اوائل عام 1990م، عادت اليه من الشباك اواخر 2010م؟

 

free web counter