| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسين القطبي

 

 

 

                                                                                   الخميس 17/3/ 2011

 

مأساة حلبجة .. هل ارتكبها المثقفون العرب؟

حسين القطبي

المثقفون العرب مشغولون هذه الايام بتصريح جلال الطالباني حول حق الكرد في كركوك، وقد امتلأت مواقع الانترنيت بالمقالات التي تشبه البيانات الرسمية، والتي تحرض على الطالباني، حتى ان البعض طالب بمحاكمته!

وفي غمرة هذا الشجن القومي الذي يعتري المثقفين العرب مرت اليوم ذكرى مأساة حلبجة، بصمت، وخلسة، واغمض هؤلاء الكتاب عيونهم وهم يمرون على بوابة اليوم السادس عشر من اذار، او يتغامضون، او كأنهم وضعوا على جوانب صاغريهم "الهنديري" المستعمل لخيول الربلات القديمة، تلك القطع الجلدية التي لا تسمح للحصان ان يرى ما على جانبيه!

وتذكر المأساة ليس ترفا، بل هي درس يمكن ان يقدم للحكام، العرب على وجه الخصوص، لمنع تكرارها، او مجرد التفكير باللجوء لها، سواء بحق الشعوب العربية، او الشعوب الاخرى.

بالتأكيد انا لا اطالب المثقف العربي بتذكر مأساة الاكراد، لان ذلك سيكون دليل بلادة وقلة حنكة.
كما لا اطالب المثقف العربي باستنكار الجرائم التي ارتكبت بحق الانسانية، لانني لم المح توجها انسانيا حقا لدى هؤلاء الكتاب.
ولكني كنت اعتقد بان البعض منهم سيكون على درجة من الذكاء بحيث يوظف حدثا كهذا، يشكل نقطة سوداء في التاريخ المعاصر، في نضاله ضد الطغاة من حكامه. ليذكر القذافي مثلا، كي لا يكررها في بنغازي، او علي عبدالله صالح في عدن، او بشار الاسد في درعا.

وانا لست في صدد محاكمة المثقف، فلكل منهم منطلقاته الفكرية، ومنظومة قيم وانتماءات تحدد عليه اصطفافاته وتخندقاته الوجدانية، ولكني فقط مندهش لانني ارى هؤلاء المثقفين يواصلون طمس الحقائق، والجرائم التي يرتكبها السياسيون وكأنهم هم الذين اقترفوها!
مندهش لان المثقفين يحاولون التستر على حلبجة، وكأنها جريمتهم هم وليست جريمة السياسيين، ربما بسبب عقدة خجل من وقوفهم خلف الطغاة، وكونهم تاريخيا وسيلة بيد السياسي المجرم، وهم الطابور الاعلامي الذي روّض العامة لتقبل جرائم كهذه. او ربما لانهم ينطلقون من روح عدائية شوفينية لم تستأصلها الحضارة الغربية بعد من نياط قلوبهم، او ربما عدم اكتراث بمأسي الناس!؟

وفي كل الاحوال فان ابتعاد المثقف العربي عن قضايا الانسان، وعدم اكتراثه بمعاناة الشعوب، وعدم تفاعله مع مستجدات المشاعر الانسانية، له عواقب وخيمة على المجتمع العربي، اذ سيبقى الحاكم يستخدم سيفه كما كان منذ عشرات القرون، وسيكون الضحايا هم المجتمعات العربية، والمثقفون انفسهم.

وهنا اشكر الافراد القليلين، من الحلقة الضيقة، من النخبة الخجولة، من المثقفين العرب، الذين اظهروا بعضا من مشاعر الشفقة، في بعض من المواقف الانسانية، لبعض من الجرائم التي ارتكبها حاكم عربي، واعتقد انهم بذرة التحضر الجديد في الشرق الاوسط وشمال افريقيا.

ولجيش الكتاب العرب، وخميسهم، بشرق الانترنيت والغرب زحفه، نداء، ان يتعاطفوا قليلا مع الانسان، يقفوا الى جانب الشعوب وتطلعاتها، في كركوك، وفي حلبجة، وفي بنغازي، لان الجريمة التي ارتكبت بحق كردي بالامس، ترتكب ضد عربي اليوم، وغدا، وشيوع ثقافة التبرير للجرائم، ومحاولة تناسيها، يبرر لجرائم جديدة، كثيرة، في العالم العربي، وضد عرب، هذه المرة.
 

free web counter