| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسين القطبي

 

 

 

الجمعة 17/9/ 2010

 

العراق.. امية، تطرف ديني ومسلسلات هابطة

حسين القطبي

خمس العراقيين اليوم، بين سن 10 و49 لا يجيدون القراءة والكتابة، ولو اضفنا الى ذلك من يجيدونها قليلا ولكنهم لا يستخدمونها في حياتهم اليومية، اي انصاف الاميين، لوجدنا ان آفة الامية تستفحل في بلد يراد له ان يكون امنا وديمقراطيا.(*)

اتساءل، وببراءة، هل تؤثر برأيك الامية على سلوك الفرد، وفي ارائه السياسية، اي انها كانت مؤثرة في نتائج الانتخابات، اي انتخابات اذار الماضي، وهل كانت ستفرز نتائج غير هذه لو كان معدل المستوى التعليمي للفرد العراقي اعلى؟ وبصيغة اكثر مباشرة، هل كانت ازمة تشكيل الحكومة العراقية ستستفحل بهذا الشكل المثير للعجب؟ اي ان الوضع السياسي العام وحالة اللا استقرار التي يعيشها العراق، هل تأثرت، "سلبا ام ايجابا"، باستفحال الامية في الشارع العراقي؟

ومهما كانت الاجابة فان الديمقراطية، ومن خلال تجارب الشعوب، اثبتت انها لا تنمو بشكلها الصحيح الا في المجتمعات المتعلمة، ولذلك تراها تختلف في بريطانيا، سويسرا والسويد عنها في باكستان، تركيا، مصر والكويت، وقطعا تختلف عنها في العراق.

والديمقراطية ارتبطت بانظمة اقتصادية مستقرة، ولا يستقر النظام الاقتصادي للبلد بدون بنى تحية صلبة، اي تطوير مجالات النقل، تأمين الطاقة، الاهتمام بالتعليم العالي الخ.
والبنى التحتية هذه تعتمد على وفرة الكوادر العلمية، الهندسية والادارية، وعلى علاقات سياسية دولية مستقرة، وعلى امن داخلي ملائم لاستقطاب الاستثمارات الاجنبية النافعة، التي تساهم منها في تنشيط دورة الاقتصاد الوطني.
ووفرة الكودار تعتمد على وجود نظام تعليمي يهتم بالفرد من مراحل سنيه الاولى، من توفير المدارس بالعدد الكافي، الى اعادة نظام التعليم المجاني والالزامي.
ومن اجل انجاح العملية التربوية هذه، واغراء العوائل الفقيرة لارسال ابنائهم الى المدارس، وتشجيعهم على اكمال الدراسة حتى المرحلة الثانوية على الاقل، يتطلب الامر رفع مستوى الوعي للفرد العراقي.
ومستوى الوعي لدى الفرد العراقي يتأثر ايجابا بالاحتكاك المعرفي بالثقافة، والتعرف على نتاجات الفكر الانساني، سواء العلمي، او الشعوري المتعلق بالروح والمتعة وطريقة الاستفادة المثلى من الغرائز الانسانية.
وافضل طريق لهذه المعرفة هو القراءة، لأن وسائل الاتصالات البديلة، كالصحافة المسموعة والمرئية قد تحولت الى اسفاف تجاري يساهم في تسطيح الفكر، وتعميق شرخ الامية، اكثر مما كان جهازا تربويا في مراحل متقدمة.
والقراءة في العراق كما تقول تقارير الامم المتحدة، المحايدة، قد بلغت اسوأ مدياتها.

فكم يلزمنا من زمن يا ترى، لكي نعود الطريق كله الى اعلى الصفحة، من اجل بناء الديمقراطية التي لا تفرز ازمة مستفحلة مثل ما يمر به البلد منذ اذار الماضي الى اليوم؟ وكل ما يشغل بال الشرائح الاوسع اليوم هو التطرف الديني ومتابعة البرامج التلفزيونة الهابطة، التي تعمق من شرخ الامية والتسطيح الفكري للفرد.

الجماعة في المنطقة الخضراء، الذين انجزوا بناء الديمقراطية في العراق، كما يرونها هم، لم يخصصوا للتعليم ميزانية توازي هذه الاهمية، بل وزعوها على وزرائهم المحضيين، كالنفط والداخلية، ومجالس اسناد العشائر؟
ربما الديمقراطية تعني لهم هذا التنافس الشريف، الذي يقطع النفس، على استلام كرسي الحكومة، وهذا التجاذب الممل بين المالكي، الجعفري وعلاوي هو دليلهم على انها، الديمقراطية، تمرح كالريح في ازقة المنطقة الخضراء.
هم وحدهم المستفيدون من تدني المستوى التعليمي للفرد العراقي، وتشويه معنى الديمقراطية، لكي يصدق المواطن ما يدّعوه، من انها "الديمقراطية لعبة"، وعلى الناس ان تترقب من سيقطف رئاسة الوزارة، على الاديب، ام نوري المالكي، ام ربما ستقع الفاكهة هذه المرة في فم سامي العسكري، لتصفق الجموع، وترفع لها العقيرة بهتافات الله اكبر.

وهنا اود ان اميز بين "الدينــ ـــقراطية"، التي يلعبونها في المنطقة الخضراء، وبين "الديمقراطية" كطريق شائك وطويل طويل، يبدأ من التعليم ومحو الامية، لا من مجالس الاسناد، وتعزيز التطرف الديني، والمسلسلات الهابطة.
 


(*) شارك في وضع التقرير برنامج الغذاء العالمي وصندوق الأمم المتحدة للأطفال ووحدة المعلومات في الوكالات المختصة والحكومة العراقية.

http://www.almitro.com/10/3589.html

free web counter