| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسين القطبي

 

 

 

                                                                   الأربعاء  15 / 10 / 2014


 

داعش في بغداد.. للتغطية على كوباني

حسين القطبي 

في منتصف ايلول، استفاقت القرى الكردية باطراف كوباني على حشود من الدبابات الحديثة، والمقاتلين الملتحين المتربين، يشقون غبرة الطرق الريفية على ظهور الناقلات، وبدأت تلك القرى بالسقوط مثل اوراق مزارعها، بايديهم تباعا..

مقاتلو داعش المنتشون بانتصاراتهم السهلة في العراق، وتكاد تصل اراضيهم من تخوم الحدود الايرانية شرقا، الى البحر المتوسط غربا، واستحصلوها بدون جهد، كانوا على موعد لدخول مركز المدينة (كوباني) خلال ساعات قليلة.

الا ان مسير الاحداث اللاحقة، بالاتجاه المعاكس، والمقاومة الاسطورية التي ابداها المحاصرون في احياء المدينة اصاب التنظيم بالخيبة، وكشف لمقاتليه ضعفهم، وبانت حقيقتهم في القتال، بل ظهر ان انتصارات الموصل وديالى والانبار وصلاح الدين، في اخر ايام وزارة المالكي في العراق، كأنها اشبه ما تكون بنصر مفبرك، فهم عاجزون، رغم كل الاسلحة الحديثة التي تركها لهم الجيش العراقي، والروح المعنوية الهائلة التي منحهم اياها، عاجزون امام مدينة صغيرة شبه مفرغة من السكان.

ولأن هجمة داعش تمت بتركيز اعلامي مكثف، واستعراض عضلات امام الشاشات العالمية، فقد اكتسبت اهمية معنوية وروحية قصوى لمقاتلي التنظيم.
وفشلهم في دخول المدينة رغم تركيز كل الجهد عليها، ودعم الاتراك، وتساهل الامريكان، بعد مرور شهر كامل، وبعد تقديمهم للمئات من الضحايا (بمن فيهم قائد الحملة ابوخطاب الكردي)، فقد ادى الى هبوط معنوياتهم وانكسارهم روحيا مما يعني لهم بداية الهزيمة.

وتنظيم مثل داعش، من التنظيمات التي لا تستند على مطاليب جماهيرية، ولا تستمد وجودها من حاجة انسانية دائمة، بل تعتمد على روح الحماس والتثوير وشحذ الغرائز، الموقت، لا بد ان يتأثر بهبوط المعنويات بشكل كبير جدا عند ادنى هزيمة، ويفقد التنظيم تركيزه. ولهذا السبب فقد برزت الحاجة لتحقيق انتصارات سريعة في اماكن اخرى، حتى وان كانت وهمية، او اعلامية محضة، من اجل صرف الانظار عن اول هزيمة تتكبدها الدولة الاسلامية، حفاظا على معنويات مقاتليها.

في يوم الاثنين 13 ايلول توجهت عناصرهم الى الاراضي الرخوة في غرب العراق، هاجمت قضاء هيت، فانسحب الجيش العراقي من امامها، وليحقق التنظيم نصره فيها خلال ساعات، بعد ذلك ترك الجيش لهم معسكر المدينة بكل معداته الحربية وذخائره، عقب ذلك هاجم قضاء ابوغريب، فنشرت وسائل الاعلام خبر سقوط القضاء (غرب بغداد)، ثم وصول القتال الى مطار بغداد من اجل اقتحامه، كل ذلك من اجل تحقيق انتصارات سهلة في هذه المناطق الرخوة، التي كانت تحت سيطرتهم سابقا، ولهم فيها مواطئ قدم.

حاول العراق نفي حدوث معركة حول المطار، الا ان تصريح وزير الدفاع الامريكي مارتن ديمبسي قد كشف بان مطار بغداد كان على وشك السقوط فعلا بايدي مقاتلي داعش لولا مشاركة مروحيات الاباتشي في ضرب الارهابيين، في منطقة لا تبعد عنه اكثر من 20 كيلومترا.

كل ذلك من اجل تحقيق نصر يعيد للمقاتلين ثقتهم، وتوازنهم الذي اختل مؤخرا، ولعل اكبر "الخبطات" الاعلامية لداعش جاءت من خلال تسريب المعلومات حول نيتها دخول بغداد، الى وسائل الاعلام التي لا تعمل هي الاخرى بمهنية، من اجل دعمهم في التغطية على حالة التوتر التي استشرت بين عناصر التنظيم.

الا ان المحاولات كلها لم تستطيع تجميل الصورة، لا باحتلال هيت، ولا بدخول ابوغريب، ولا بشائعات اجتياح بغداد، فكوباني، المدينة الصغيرة، المطوقة منذ شهر حصدت من ارواح المقاتلين الدواعش المئات، واستنزفت من اسلحتهم ما يقدر بملايين الدولارات، واوقعت فيهم الهزيمة المعنوية الاولى، وهي بداية انهيارهم... فقد اوضحت لهم كوباني، وبصراحة، اين هم من دخول بغداد!!

 


 

free web counter