| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسين القطبي

 

 

 

الأثنين 15/11/ 2010

 

كل حاج يمول ارهابي

حسين القطبي

قد تكون اموال النفط غير كافية لتمويل الارهاب الديني المتطرف، وبذلك يتحول موسم الج والعمرة الى مصدر بديل.

بلغ عدد حجاج هذا العام ما يوازي المليونين، وعدد المعتمرين طبقا لتقارير وزارة الحج السعودية يفوق الـ 4 مليون، فاذا كان معدل انفاق الحاج والمعتمر 2000 دولار كحد وسط، فان الثروة التي تجنيها المملكة تفوق الـ 12 مليار دولار!

ولنتجاهل النشاط الاعلامي للمنظمات الارهابية على هامش هذه المناسبة، من توزيع كتب واشرطة وخطب، ولنتوقع وصول واحد بالمئة فقط، من هذه الاموال الى هذه المنظمات، بواسطة الشركات والنشاطات الاقتصادية التي تزدهر على هامش الموسم، فهي تحصل على اكثر من 100 مليون دولار.

ولا تتجاوز كلفة اعداد ارهابي واحد مبلغ 10 الاف، من توفير مطبوعات الى الاقراص المدمجة الدعائية الى حبوب الكبسلة وعقاقير التخدير، في المعسكرات، فان بامكان هذه المنظمات تهيئة عشرة الاف ارهابي سنويا، لنقل ان واحد بالمئة منهم يتحول الى انتحاري تفخيخي، فهذا يعني ان اموال الحج تؤمن على الاقل مئة من هؤلاء الانتحاريين الشباب يتوجهون الى العراق باموال صرفة من الحج، يقدمها هؤلاء الحجيج وهم صاغرون.

واذا كانت اموال النفط تدير المؤسسات الاعلامية الضخمة، من قنوات فضائية وصحف واسعة الانتشار، فانها غالبا ما تقدَم بحذر حكومي وتمر عبر قنوات بيروقراطية وتتعرض نسبة منها للسرقة اثناء التوزيع والحوالات والنثريات غير المدقق فيها.

بينما يوفر الحج طريقة اسهل، فتمر الاموال الطائلة الى جيوب منظمات التأهيل التكفيري دون رقيب.

وهنا لست في معرض اثارة جدل فقهي حول جدوى الشعائر حين تتحول الى سلاح بيد المجرمين، واترك ذلك لاهل الاختصاص من رجال الدين الافاضل، والى الحجيج وذويهم الفخورين بانجاز الزيارة، ولكني انوه الى حقيقة امكانية استثمار رؤوس الاموال هذه في مشاريع خيرية في البلدان الفقيرة لاغاثة عوائل تعيش تحت خط الفقر.

ففي العراق تنتشر امراض كثيرة نتيجة النقص في المياه الصالحة للشرب، وقلة العناية الصحية بالاطفال، فتتحول بعض الامراض مثل التراخوما البسيطة بسبب عدم العلاج الى عاهة دائمة لدى بعض الصغار، او يفقد عشرات الالاف من مرضى الكلى حياتهم بسبب عدم توافر جهاز غسل الكلي في اغلب المحافظات العراقية، والتي يحتاجها المريض لمرتين اسبوعيا على الاقل، فضلا عن المخاطر الصحية الاخرى.

فهل العراقي بحاجة الى اموال الحجيج لتكفل علاج اطفال العوائل المعدمة، ام لارهابيين تفخيخيين يفجرون انفسهم في دور العبادة، وعبوات لاصقة تنفجر امام المدارس والمتاجر والمستشفيات؟

فقهيا لا اعرف اذا كان بمقدور المرجع الديني الافتاء بان التبرع بالمال في مشاريع خيرية يوازي اداء فريضة الحج، في هذه السنين العاصفة بالارهاب على الاقل ام لا ؟ لكني اعرف ان الحج لا ينفع الله - لانه فوق المنفعة - ولا ينفع الناس - المرضى والفقراء والارامل وايتام الحروب والتفجيرات على الاقل -، واعتقد ان ما يبتغيه الحاج هو منفعة شخصية قد تكون انانية في الحصول على المزيد من الثواب له بعد المماة وليس فيه اية فضيلة على الاخرين، ولا يستحق ان يصنف من الاخيار لان الحديث الشريف ينص بان خير الناس من نفع الناس، ولم يقل من نفع نفسه.

عندما يعود الحاج الى بيته تربكك فيه وانت تزوره لتقديم التبريك مظاهر الاعياء والتشنجات نتيجة قلة النوم، والتمدد في العراء، والالام الداخلية بسبب اضطراب الغذاء ونقص دورات المياه، الخ.

ولا تقرأ في سمرة وجهه الشاحب، وفي عيونه الغائرة غير نظرات الهاربين من كارثة بيئية، وبعدم ثقة بكل عبارات التهنئة، خصوصا اذا ما نظر في عيني مليا، فلن يقرأ غير "حج مغرور و سعي منثور" يا حاج، لأني لا استطيع ان انسى بان هذا الرجل قد ساهم، بسبب انانيته، وحب المظهر، بتدوير عجلة الارهاب.
 

free web counter