| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسين القطبي

 

 

 

الثلاثاء 14/9/ 2010

 

المسلمون يحرقون القران ويعترضون...

حسين القطبي

يبدو ان المسلمين يتلذذون بتصيد اخبار الاهانات الموجهة للاسلام في الغرب، وكأنهم هم الذي يقفون وراءها، فهم الذين يتابعونها، ويتفاعلون معها اكثر من مطلقيها.

وقد لا يدركون ان كلما زاد الاحتقان لدى المسلمين، وكثرت ردود افعالهم السريعة، كثرت لدى المتطرفين في الغرب، المعادين للاسلام الرغبة في اثارة هذا المليار مسلم، الواقف على اطراف اصابعه، بثمة مقالة، او تعليق او رسم كاريكاتوري، حتى اصبح المسلمون "نصبة" في الغرب من حيث لا يعلمون.

والحملة التي تشن اليوم لحرق القرآن في نيويورك، لم تكن ممكنة لو كان المسلمون اكثر حنكة في التعامل مع هذه القضايا، كأن يتعمدوا اهمال بعضها، والترفع عن منابزات المغامرين الباحثين عن الشهرة، من امثال تيري جونز، قس نيويورك الذي اكتسب شهرة عالمية، وشعبية عارمة لدى الاوساط اليمينية، والنائب الهولندي اليمينى خيرت فيلدرز، الذي جمع شعبيته من فلم تسجيلي ليس له اية قيمة فنية.

ولو عدنا للوراء، سنجد ان شهرة سلمان رشدي، وسبب ثرائه بعد مبيعات كتابه، الذي لا قيمة ادبية له "آيات شيطانية"، كان رد فعل المسلمين الطفولي غير الناضج في التعامل مع المماحكات النفسية، والاثارة الرخيصة.

فهل عقل المسلم صغير للحد الذي ينجر وراء هذه الاعمال الصبيانية المفتعلة، دون ان يحس المسلم ذاته بأنه يساهم بتأجيج هذه الحملة في الغرب، مما يؤدي الى مزيد من الاهانات للقرآن، وللنبي وللاسلام على وجه العموم؟

ام ان اولئك المغامرين في الغرب هم اذكياء بدرجة انهم ينجحون في استدراج مليون مسلم كلما شاؤوا، وبكلمات قليلة لا تكلف مصدرها سنتا اصفرا.

يكفي ان مقالة واحدة تكتب في النيوزويك، فتثير المظاهرات المغبرة في افغانستان حتى يروح ضحيتها العشرات نتيجة التدافع، وتصيب البقية بالربو، او يحترق ويتشوه البعض نتيجة حرق الاعلام والدمى المصنوعة من اكياس القمح الفارغة.

ويكفي تصريح مقتضب من عمدة مدينة نائية في امريكا، لكي يثير باكستان كلها، وتصل امواج الغضب والتدافع الى اقصى مجاهيل وزيرستان وبيشاور، وتستلم على بريدك الالكتروني مئات الرسائل التي تحرضك باسم الاسلام على الثورة والهيجان، من ناس لا نعرف ان كانوا هم ايضا من جماعات التهجم على الاسلام في الغرب، او من متظاهري قندهار.

وبدون تذاكي فان اكثر هذه الاهانات وجهت الى الاسلام، الى النبي والمسلمين هي بسبب سوء تصرف المسلمين انفسهم في اكثر الاحيان، بسبب عدم معرفتهم بطريقة التعامل مع عقلية الغرب، وطريقة اقناعهم، من جهة، وبسبب ردود الافعال السريعة الغاضبة التي تمنح ذلك السكير في الغرب كل هذا التفاخر بانه استطاع ان يهز عالما يمتد من المغرب الى اندنوسيا بكلمات قليلة.

فاما ان يكون هذا المسلم جاهلا للحد الذي يجلب لنفسه ولدينه كل هذا العداء، ولا يحصد العالم الاسلامي من ورائه غير الانزواء والتخلف عن مسايرة الركب الاقتصادي، عكس ما يفعل ابناء شرق اسيا، كالصين، كوريا، اليابان .. الخ.

ويكون جاهلا بحيث يفسر دينه للعالم بانه لا يعترف بقدرة الله على محاربة البشر، وان الله يجلس غاضبا عاجزا عن قتل تيري جونز، او ايذاء خيرت فيلدرز، او اصابة سلمان رشدي بفايروس النشلة، بانتظار ملا عمر والظواهري لانقاذه، فهم اقوى من الله وهم لهم القدرة اكثر من الله على فعل ذلك.

واما ان يكون هذا المسلم في حقيقته كافرا بحيث يتجنى على الله بهذا الشكل الذي لا يخلو من الخبث، ويهيج كل هؤلاء الفارغين في الغرب لكي يكيلوا المزيد من الاهانات، للاسلام، وللنبي، والحرق للقرآن، ويكون هو الشريك في هذه الجريمة دون ان يدري.

المشكلة انه كلما حاول العقلاء من المسلمين والغرب تطويق هذه الحالة العدائية التي تنذر بشق المجتمعات الانسانية الى كتل متناحرة، يقوم هؤلاء بتأجيجها على الجانبين، والكارثة ان النتائج تعود مباشرة بالمزيد من الانزواء، للدول المسلمة، واكثرها فقيرة، وما يترتب على ذلك من تزايد مشكلة الفقر والبطالة، واللجوء الى مدن الغرب، وتبعا لذلك المزيد من التطرف الديني..

 

free web counter