| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسين القطبي

 

 

 

الأحد 12/12/ 2010

 

كردستان.. حق تقرير المصير هل يقود للحرب ام للاستقلال؟

حسين القطبي

هل يحق للشعب الكردي تقرير مصيره ام لا ؟ يلجأ البعض لقوانين الامم المتحدة، وقوانين حقوق الانسان لتأييده، وهو خطاب انساني اكثر منه واقعي، وعلى النقيض منهم هنالك من يحاجج بوحدة الاراضي العراقية، وبصعوبة الوضع الدولي والاقليمي لرفضه، وهو خطاب واقعي يتعارض مع المبادئ الانسانية.

وهذا الجدل لم يأتي بجديد، بل اثارته عملية الاستفتاء على هذا الحق التي جرت على هامش الانتخابات البرلمانية الاولى في العام 2005، الا ان النقاش حوله انسحب من الاضواء بسبب تأكيد القادة الكردستانيين على رفضه والتوجه نحو خيار الوحدة في بغداد.

الا ان عدم معالجة الوضع الكردي من قبل الحكومة العراقية، المواقف الضبابية غير الواضحة في بغداد، وعدم وجود لا رؤيا ناضجة، ولا عزيمة ثابته لحل القضية الكردية قد ساهمت في بقاء جذوة هذا الخيار مشتعلة تحت الرماد.

فلم يبت البرلمان العراقي بعد خمس سنوات من عمله بتأكيد الصيغة الفيدرالية، ولا حدودها الادارية، ولا ضبط صلاحياتها بنقاط واضحة ومحددة.
ولم تتقدم الحكومة العراقية، ابان اي من الحكومات الثلاثة المتوالية ببرنامج واضح، فقد فشلت في اجراء المادة 140 طيلة هذه الفترة، وفشلت في الغائها في الوقت ذاته.

وعندما هبت اول نسمة طارئة، في احدى وثائق ويكيليكس، التي نصت على تنازل السيد البارزاني عن المطالبة الكردستانية بمحافظة كركوك، اضطر الرئيس الى دحض هذا الادعاء بالدعوة الى ادراج حق تقرير المصير على جدول نقاشات المؤتمر الثالث عشر للحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه.

والحزب الديمقراطي الكردستاني هو المؤسسة الابرز في صياغة مطاليب الحركة التحررية الكردية، والمفاوضة عليها مع حكومات المركز المتوالية، منذ تأسيسه في العام 1946 الى اليوم. هذا يعني ان المطالبة بحق تقرير المصير لم تعد مطالبة جماهيرية محضة، وانما اتخذت سمة رسمية، وستكون محورا لمطاليب الكرد مع بغداد من جهة، كما ستدخل، بدون شك، في ادبيات الاحزاب والقوى الكردية الاخرى في صراعها البرلماني مع الحزب الديمقراطي في اربيل، من جهة اخرى، مما يعني اجماعا كرديا لا يمكن لزعيم كردي التنازل عنه مستقبلا، ويزيد من تشنج الحلول لهذه المشكلة المستعصية، ويقربها من لحظة الحل النهائي، اما العودة للسلاح، او (الانفصال-الاستقلال).

ومن يتابع تصريحات السيد البارزاني بصورة خاصة، وسياسة الحزب بصورة عامة، منذ تسعينات القرن الماضي، يجد نفسه مضطرا لاخذ التوجهات الجديدة مأخذ الجد، فلا هذا الرجل، ولا حزبه، هم من اصحاب التصريحات الفضفاضة والوعود الشعاراتيه المخدرة، فهو يلتزم على ما يبدو بجدول زمني هادئ وصبور، فتأسيس برلمان كردستان، وتوحيد الادارتين، ورفع العلم الكردستاني على المباني، كلها كانت خطوات ثابته ومدروسه وفق مقاطع زمانية محددة، وتتوافق مع الاضواء الخضر التي توقدها المصالح الستراتيجية الدولية وعلى رأسها الاجندة الامريكية في المنطقة.

والاجندة الاقليمية والدولية غالبا ما تأتي بمفاجات غير منتظرة، فلم يكن بالحسبان يوما ان تلزم الولايات المتحدة بلدا مثل السودان، باجراء استفتاء على منطقة جنوبه بمساحتها الشاسعة (اكبر من العراق)، ليقوم الديكتاتور الذي تصنفه امريكا بانه من متحالفي محور الشر بتنفيذها.

لذلك فان قراءة متأنية لتصريحات البارزاني الاخيرة، بحضور قادة العراق في اربيل، والاخذ بنظر الاعتبار طبيعة هذا الرجل الهادئ الرصين، الذي لم يرم حجارة في الظلام من قبل، والتزامه الحرفي بالاجندة الاقليمية والدولية، تفرض على المتابع ان يصدق باننا ازاء مرحلة تطورية جديدة على طريق حل القضية الكردية، وان الحل هذا، سيكون محل توافق اقليمي نادر على ضوء الحياد الايراني، وازدهار العلاقات الكردستانية التركية الراهنة، وانكماش الدور السوري.

والدفع باتجاه حق تقرير المصير، هو نقطة حسم محتملة، قد يعني اللجوء للحرب، وهذا مستبعد، وقد يعني الاستفتاء على الاستقلال، وهو في كلا الحالتين فهو اقتراب من نقطة الحل.
 

 

free web counter