| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسين القطبي

 

 

 

                                                                                   الجمعة 12/10/ 2012

 

صفقة الاسلحة الروسية.. ثمن رأس بشار الاسد

حسين القطبي 

تياران في الاسلام السياسي يقودان الشرق الاوسط، اليوم، في مواجهة طائفية، بين قوى سنية صاعدة في مصر، ليبيا، تونس بالاضافة الى تركيا والخليج، يقابلها محور شيعي متراص تمثله ايران، العراق وسوريا، وكيانات سياسية ممتدة في دول اخرى.

هذا الانقسام الجديد هو انعكاس لشكل الحراك الدائر بين المحورين العالميين، الغرب من جهة يتمثل بالولايات المتحدة ومن خلفها الحلفاء، يدعم مجموعة الدول السنية، والشرق من الجهة المقابلة تمثله روسيا ومن خلفها الصين، كوريا الشمالية وايران، ويراهن على المحور الشيعي.

ساحة الصراع الساخنة بين المحورين اليوم، شرق اوسطيا، هي سوريا، كونها قلعة ستراتيجية هامة بسبب امتداداتها على الساحتين اللبنانية والفلسطينية. ونتيجة الصراع الدامي في سوريا ستحدد وجهة البلد المستقبلية، البقاء ضمن المحور الشرقي، في حالة بقاء الاسد، او الانتقال نحو المعسكر الغربي في حالة انتصار المعارضة. لذلك فشروط تقديم المساعدات لاي من الطرفين تدخل فيها حسابات معقدة، ومساومات طويلة النفس بين الفريقين.

الغرب الذي يراهن على عامل الزمن، يتحرك بحذر، يسجل نقاط في بلد، ويساوم بتقديم تنازلات في بلدان اخرى، كثمن لاقصاء النفوذ الروسي، والانفراد بالمنطقة، كاسواق، وكمصادر للطاقة، بينما يتشدد الروس بانتظار المزيد من التنازلات والصفقات بما يوازي ثمن خساراتها في العراق 2003م، وخسارتها سوريا اليوم، في حالة سقوط نظام الاسد، وفي ايران مستقبلا، وهذا احتمال وارد.

واذ يحقق الامريكان تقدما ملموسا على الساحة السورية المضطربة منذ اشهر، فان ساحة المساومة، وطاولتهم لكشف الاوراق اليوم هي العراق، فهذا البلد الذي يضم اكبر سفارة امريكية في المنطقة، ويعتبر بمجمله قاعدة امريكية متقدمه في المنطقة، لدية من الامكانات الكثير مما يقدمه للروس، سواء بصورة مباشرة، في موسكو، او بصورة غير مباشرة لحليفتها الستراتيجية في الشرق "ايران"، دون ان يعني ذلك خسارة كبيرة للامريكان انفسهم.

عراقيا، كل خطوة محسوبة بثمن، وكل ما يجري على الساحة السياسية هو جزء من عملية التفاوض الطويلة النفس، بين الفريقين، الغرب والشرق، حول تقاسم مناطق النفوذ في العالم، او في الشرق الاوسط على وجه التحديد.

لذا فان الحماية التي وفرتها القوات الامريكية لقوى التيار السياسي الاسلامي "الشيعي"، المتحالفة مع ايران، (الحليف الاول لروسيا في المنطقة)، وتأمين وصولها المريح للسلطة، لا تخرج عن اطار التفاوض حول ملكية مناطق النفوذ هذه.

ولعل وجود السيد المالكي اليوم على رأس السلطة في العراق، الى جانب اطلاق يد التيار الصدري، هو اكبر تنازل قدمه الامريكان الى الروس، عبر البوابة الايرانية، منذ اسقاطها نظام صدام حسين قبل ما يربو على العشر سنوات الى الان. فقد منعت وصول التيار العلماني البعيد عن ايران بقيادة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي، رغم كونه الفائز بالانتخابات البرلمانية الاخيرة.

وصفقة الاسلحة الجديدة، التي ابرمها السيد المالكي في موسكو (بقيمة 4.3 مليار) هي ثالث اكبر صفقة تسليح تفوز بها روسيا منذ سقوط الاتحاد السوفياتي عام 1991 الى اليوم، بعد صفقة الجزائر عام 2006 (7.5 مليار)، وفنزويلا عام 2009 (6 مليار) دولار.

وصفقة بهذا الحجم لا تتم بمعزل عن السياسة، ولا مساوماتها ابدا، ولا يمكن فهمها على ضوء الاستقطاب الطائفي الجديد في الشرق الاوسط، الا كمنحة تقدمها الولايات المتحدة للروس كثمن لخسارة روسية في المنطقة.

صفقة المالكي تساوي بقيمتها خسارة روسيا من سقوط نظام القذافي (4 مليار)، ذلك التغيير الذي ساهمت فيه الولايات المتحدة وحلفائها قبل عام. كما انها تأتي بعد ان خسرت روسيا صفقة لبيع انظمة دفاع جوي لايران بسبب الحصار الذي تفرضه امريكا، وفوق ذلك يخسر الروس سوقهم الاخير، سوريا، بسبب الدعم الامريكي للمعارضة السنية.

فهل ذهب المالكي للكرملين كوسيط، حاملا حقيبة الدولارات، الـ 4.3 مليار، التي دفعها الامريكان، الى الروس، كتسوية لحسابهم في ليبيا، وهذا جائز، ام لخسارتهم الصفقة مع ايران، وهذا جائز ايضا، لكن الاقرب للتصور انه الثمن البخس الذي اشترى به الامريكان من الروس راس بشار الاسد.
 

free web counter