| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

حسين القطبي

 

 

الأربعاء 10/11/ 2010

 

هل يصلح الطالباني "البشوش" لرئاسة الجمهورية؟

حسين القطبي

عندما امتنع الطالباني عن التوقيع على قرار اعدام الرئيس السابق صدام حسين اثار استياء غالبية العراقيين، تلك المتعطشة للانتقام من حقبة حكم دموية ميزت فترة الديكتاتور.

ولم تقرأ الجماهير رسالة الطالباني حينها، في ضرورة اشاعة ثقافة اللاعنف، او الصفح، ليس لأن الجماهير كانت على خطأ، فالرئيس السابق كان يستحق العقوبة، بغض النظر ان كنت مؤيدا لاحكام الاعدام ام لا، لكن لأن ثقافة اللاعنف والتسامح هي الحلقة المفقودة من منظومة القيم العراقية، ولم يكن واردا في حسابات الضحايا الصفح عن اكبر مجرم في تاريخ العراق الحديث.

ولا داعي للتذكير هنا ان نقص التسامح في ثقافتنا وسلوكنا هو الذي يقف وراء كل اعمال العنف التي تجري في البلد، قبل وبعد سقوط الفاشية.

فعبارة "نحن الى الجنة.. وانتم الكفار الى النار" هي ليست فقط منطق الارهابي ، حين صرخ بوجه الصبايا المسيحيات في كنيسة النجاة، كما ذكرت الشاهدة، وانما منطق الجندي العراقي بوجه ذلك الارهابي ايضا، حين اقتحم الكنيسة وحرر الرهائن، هذه النظرة المتعصبة تنسحب الى خارج الكنيسة، الى المغالين من المتدينين على الجانبين، المسلمين والمسيحيين، والى الراديكاليين المتطرفين في الاسلام فيما بينهم، بين الشيعة والسنة، وفي السنة بين القاعدي والصحواتي، وفي الشيعة بين الصدري والبدري، هي نفس الاحجية حين يتقابل البعثي والدعوي، الضحية والجلاد.
لهذا لم تكن شخصية الرئيس الطالباني، حين امتنع عن التوقيع على قرار الاعدام منسجمة تماما مع روحية ونبض الشارع العراقي، وظهر وكأنه يحكم بلدا من قارة اخرى، او مرحلة تطورية ثانية.

الجماهير تريد قائدا تصفق له، تحلم برئيس له طاقم حماية كبير، يرتدون من حول موكبه البزات الخاكية، ويضربون بالعصي، تحلم بقائد تهتف له، يفرض عليها هيبة الصمت تارة، ويطلق العنان لقريحة الاهازيج والرقصات المغبرة تارة اخرى، وبتعبير اكثر وضوح "يضرب بيد من حديد".

لذلك فان ابتسامة الطالباني البشوشة امام الكاميرات، ونكاته المثيرة للغرابة لا تنسجم مع بلد يعاني من حالة اغرب، اذ لا هي في سلم مدني، ولا هي في حرب اهلية، ويمكن القول ببديهة ان السيد الطالباني وفق هذا غير مؤهل لرئاسة بلد مثل العراق.

لكن رئيسا اخر على النقيض من هذه الشخصية، يقابل الكاميرات بنظرات الفخر والغرور بعد توقيعه على قرار الاعدام، ولنقل على شاكلة السيد المالكي، هو الاخر لم يحل المشكلة، فتلك الروح المتجاوبة مع ثقافة العنف، والمسايرة لرغبات الجماهير فاقمت من تردي الوضع الامني للحد الذي تنوعت فيه اساليب القتل والتفخيخ ومداهمة دور العبادة بشكل لا مثيل له في اي بلد من بلدان العالم الاخرى، اي ان ثقافة النقيض من الطالباني هي الاخرى لم تنجح، لم تشفي غليل الضحايا، بل زادت اعدادهم وضاعفت من الثارات في مسلسل دم لن تنتهي حلقاته في المستقبل المنظور.

فهل كان الطالباني على حق، في رسالته التي لم نفهم مغزاها انذاك، خصوصا وان اعدام الرئيس السابق، كأي حكم اعدام اخر لن يحل المشكلة.
ام تراه كان على خطأ، وكان عليه التحلي بقليل من ثقافة الثأر، خصوصا وهو شخصيا "الطالباني" كان ثاني اثنين لم تشمله قرارات العفو العام التي اصدرها مجلس قيادة الثورة، وكان في عداد الفارين المطلوبين للاعدام باوامر صدام شخصيا.

اي هل العراق اليوم بحاجة الى تعزيز ثقافة اللاعنف، وتربية النشئ الجديد على ضرورة التعايش السلمي بين جميع المكونات الاجتماعية، النظرة التي يمثلها قرار الطالباني؟
ام ان العراق اليوم بحاجة الى المزيد من قرارات الضرب "بيد من حديد"، والايغال بمستقبل مجهول، التي يمثلها النقيض؟

والجواب هو الذي يحدد اذا كان الطالباني يصلح بالفعل لرئاسة الجمهورية، ام لا.

 

free web counter