| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

هرمز كوهاري

hhkacka@yahoo.com

 

 

 

الثلاثاء 8/7/ 2008



 الخارجون على القانون
والداخلون في القانون ، في العراق

هرمز كوهاري

القانون :
القانون هو الأوامر والتوجيهات والتعليمات التي تعبّر عن وجهة نظر القوى الحاكمة ،أي السلطة الحاكمة ، فإذا كانت السلطة أي الحكومة قومية جاء القانون قوميا شوفينيا وكل من عارض أو خالف هذا المبدأ يعتبر خارجا على القانون ، وإذا كانت السلطة دينية تسن قانونا دينيا طائفيا ومن يعارضه من الليبراليين والديمقراطيين يعتبر خارجا على القانون فالعهد الملكي الذي كان يمثل اللإقطاع والملاكين والآغاوات والإحتكاريين كان يعتبر الشيوعين إناس خارجين على القانون ، وفي عهد البعث اُعتبر الاسلاميون خارجين على القانون ، وتشكيل الأحزاب والجمعيات والنقابات خارج مفهوم البعث وقادسية صدام كانوا يعتبرون خارجين على القانون ومتآمرون ! وفي هذا العهد الإسلامي الطائفي الزاهر عهد الملالي ، يعتبر كل من لا يلتزم بالثوابت الإسلامية خارجا على القانون دون أن يتمكن أي ملاّ مهما بلغت درجة إجتهاده أن يحدد بنصوص ثابتة تلك الثوابت ! لأن القاعدة القانونية تقول: لا عقوبة بدون نص .

الخروج والدخول في القانون
أولا - ولكي لا يخرج المواطن على القانون أو على الدستور الذي تشتق منه كل القوانين ويعتبر أبو القوانين أو القانون الأساس كما كان يسمى في العهد الملكي ، ولكي يتمسك بأبي القوانين ، أي الدستور ولا يعتبر من الخارجين على أبي القوانين ، وخاصة المواطن ، أن يقرأه ويفهمه ليكون على بينة من المتبوع والممنوع ومن الصالح والطالح ويعرف متى يخرج على أبي القوانين ومتى يدخل فيه !, وليس وفق ما يعتقد .

ثانيا - وما يهمنا هنا هو الدستور العراقي أو أبو القوانين العراقية فماذا نقرأ فيه :
نقرأ في الديباجة التي تعتبر جزءا لا يتجزأ من الدستور : كلاما غير مترابط بل متناقض أقرب الى ا النفاق لكل مكونات العراق ، بعيدا عن المنطق السليم ، ينتقل بالقارئ من الرسالات السماوية ، وهي اليهودية والمسيحية والإسلامية الى آخر ما إستجد من الحضارة الإنسانية ، "! علما بأن ما إستجد من الحضارة الإنسانية هي ( الماركسية والعولمة و العلمانية واللادينية .. .).الخ ولا تتفق مع الرسالات السماوية ، ثم يصف بأن العراق يعتبر مثوى الأئمة المعصومين ، أي الذين قتلوا في غزوات الإسلام لإحتلال بلاد النهرين وقهر تلك الشعوب التي وضعت اللبنة الأولى للحضارة الإنسانية مثل السومريين والكلدانيين والآشوريين ، ثم يعرّج الى الإنتخابات ويقول أنها كانت " إستجابة لدعوة المرجعيات العليا "!!، أي إيمانا بالمرجعيات لا إيمانا بإقامة نظاما ديمقراطيا الذي يستند على الإنتخابات الديمقراطية ، بل كانت بناءاً على دعوة المرجعيات فقط ! ، ثم ينتقل الى المثل العليا ورسالة السماوات ويقول: " وأن يسن من منظومة القيم والمثل العليا لرسالات السماء، ومن مستجدات علم وحضارة الإنسان هذا الدستور الدائم " وكما ذكرنا أعلاه أن الرسالات السماوية هي اليهودية والمسيحية والإسلامية ، علما بأن من مستجدات علم وحضارة الإنسان لا تتفق هي الأخرى مع رسالة المسماوات !! وبعد كل هذا التخبط يؤكد ويصمم المشرع على إقامة نظاما ديمقراطيا جمهوريا فيدراليا ( إتحاديا ) يحفظ حقوق المرأة والرجل والطفل ولكن في ظل الرسالات السماوية الثلاث !!

ولنخرج من الديباجة ونأتي لنقرأ الدستور وما ينص عليه في بعض مواده وفقراته ليحدد مسار المواطن :

المادة ( 1)
" العراق دولة مستقلة ذات سيادة ، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي ( برلماني ) ديمقراطي إتحادي . هذا واضح لا إعتراض عليه ولا لبس فيه "

المادة (2)
أولا - " الإسلام دين الدولة ، وهومصدر أساسي للتشريع ، ولا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابته وأحكامه "

هنا بيت القصيد ، هنا ألغى المشرّع العراقي ما قاله في الديباجة عن الرسالات الثلاث وعن ما إستجد من علم وحضارة !! وحصرها برسالة واحدة وهي الإسلام ، وألغى إستقلالية الدولة ، لأن الإسلام وأي دين آخر لا تحده حدود سياسية ، فالفتوى التي أصدرها الخميني مثلا ، بهدر دم سلمان رشدي ، تدعو كل مسلم غيور على دينه ، ومن مواطني أية دولة كان ،عليه أن ينفذ الفتوى حيث إستطاع ، وهكذا فتاوى التكفيرين من شيوخ الوهابية وعصابات بن لادن والزرقاوي وغيرهم ، إن الفتاوى تأتي ضمن ركن الجهاد وهو من الثوابت الإسلامية التي هي أحدى مواد الدستور العراقي ،( المادة الثانية الفقرة – أولا ) .

قال أحد القتلة الإرهابيين من على إحدى شاشات الفضائية وبكل صراحة ووقاحة : " لماذا يحاسبوننا ويحاكموننا ، إننا ننفذ شرع الله وما جاء بكتابه العزيز ، ويقصد الآيات التي تنص على قتل ، الكفار و المشركين والمرتدين والمنافقين ..الخ ، وفاته أن يقول : و ننفذ أيضا ما جاء أيضا في الدساتير العربية والإسلامية وما نص عليه الدستور العراقي الديمقراطي !في الفقرة ، أولا من المادة الثانية ، بأن كل القوانين لا تخرج عن " الثوابت الإسلامية " وهذا القاتل لم يخرج عن الثوابت الإسلامية أو تطبيق تلك الفقرة من الدستور العراقي !!.

عندما سئل طارق عزيز: لماذا لا تسمحون بتشكيل الأحزاب ؟ قال : إننا نسمح بحرية الأحزاب لكن بشرط أن يجمع مقدم الطلب ما لا يقل عن مائة وخمسين توقيعا وأن يلتزم الحزب المنوي تأسيسه ، بمبادئ البعث وقادسية صدام !! وفي عهد الملالي يسمح بكل تصرف ديمقراطي بشرط أن يلتزموا بالثوابت الإسلامية التي نص عليها الدستور العراقي الذي صوت عليه أكثرية الشعب ! ويقصد ، كثيرا من " الزاحفين بناء على دعوة المراجع العليا "!! من المغفلين والمنافقين ، وهذا ما ثبت وتأكد من تصرف أكثرية نواب الشعب ! الذين آتى معظمهم بناء على دعوة المرجعيات لا ممثلين عن الشعب ! بدلالة أن النواب لايمثلون إلا أنفسهم والثوابت الإسلامية ، وهذا واضح عندما يهرول معظمهم الى إداء فريضة الحج تاركين وراءهم فريضة الشعب عليهم ! وواضح أيضا من تصويت النائبات ضد حقوقهن تنفيذا لرغبة المرجعيات التي دعتهم الى الإنتخابات وعملا ب" الثوابت الإسلامية " التي ترفض حقوق المرأة وفق آخر ما إستجد من الحضارات الإنسانية التي نصت عليها الديباجة ، والتي تقول : "... والى آخر ما إستجد من الحضارة الإنسانية " وكأن آخر ما إستجد في الحضارة الإنسانية هو الحجاب بديل عن حقوق المرأة!!

فبائع الخمور ومتناولها يعتبر خارجا على القانون الديمقراطي العراقي ، لأن عمله يعتبر خروجا على الثوابت الإسلامية ، والنساء السافرات يعتبرن خارجات على القانون لإنهن لم يلتزمن بالثوابت الإسلامية ، ومع هذا فلا تنسوا أن دستورنا ديمقراطي فيدرالي إتحادي يتقدم على دساتير المنطقة وقد يتجاوز على بعض الدساتير الدول الديمقراطية، كما صرح ويصرح به دائما المسؤولون بالمناسبة وبدون مناسبة ، ومنهم السيد رئيس الجمهورية مام جلال والسيد رئيس الوزراء .

إن قتل النساء السافرات وتفجير محلات بيع الخمور وقتل متناولي الخمور لكونهم خارجون على الثوابت الإسلامية من قبل المجهولين !! ليس إلا تطبيقا لتلك الثوابت ا من قبل عصابات بعض المعممين المتنفذين في الدولة !! أولئك القتلة يتحولون حسب المهمات ، إنهم شرطة وجيش أحيانا ومجهولون أحيانا أخرى أو المتسللين أو المنفلتين أحيانا ثالثة ورابعة وهكذا ، وإلا ما معنى عدم فتح تحقيق لمئات الضحايا من النساء والأطباء والطيارين والرياضيين وإختطاف عشرات الموظفين في وضح النهار من دوائرهم الرسمية وتحت بصر وسمع المسؤولين ، يسوقونهم الى أمكنة معلومة ومن قبل إناس معلومين ، ثم بالتحقيق يتحولون الى قتلة وخاطفين مجهولين !! أو المتسللين أو المنفلتين من جيش المهدي أو من المليشيات !! الطاهرة النزيهة إلا من نهبْ وسلبْ المشتقات النفطية وقتل المنحرفين لعدم إلتزامهم بالمعروف ولإتيانهم المنكر .

الأحزاب الدينية لا تؤمن بالديمقراطية :
يقول أحد الكتاب الغربيين ( إسبوزيتو ) " ..أن اللعب بالديمقراطية وإغتيالها سلوك جميع حكومات الشرق الأوسط ، فهذه الحكومات تعلن إيمانه بالديمقراطية الخالية من المخاطر الحقيقية فغالبا الحكومات العربية لا Free- Risk Democracy تؤمن بالإنتخابات العامة الحرة إذا شعرت أنها سوف تخسر هذه الإنتخابات ..."

ويقول روبرت نيومان
" ...من الصعب التنبؤ بأن الإسلاميين إذا ما وصلوا الى السلطة بالطرق الديمقراطية من خلال الإنتخابات الحرة سوف يلتزمون بالخيار الديمقراطي ويتركون السلطة بحالة إخفاقهم في الإنتخابات ، يؤكد هذه الصعوبة حقيقة أن معظم النظم السلطوية الشهيرة في العالم وصلت الى السلطة بطريقة ديمقراطية ثم تحولت الى نظم سلطوية دكتاتورية ، كالنازية الألمانية والفاشية الإيطالية ..."الخ

وهذا ما حدث ويحدث ي العراق اليوم ، فقط أصرت الأحزاب الإسلامية أن تقيد الدستور بما يشبه الإلغاء من محتواه الديمقراطي بربطه بالثوابت الإسلامية التي أصبحت هذه الفقرة كمسمار جحا الذي ترك المستأجر المأجور بسبب تدخلات حجا بحجة حماية مسماره !! ، فهنا العلم الإسلامي ، وهناك إلغاء حقوق المرأة التي أطلقها الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم وأعادها بول بريمر وألغاها البرلمان الطائفي الإسلامي بتأييد نائبات عن المرأة !! ودخلت الأحزاب الإسلامية معركة الإنتخابات بدون منهاج وطني ديمقراطي ، بل بالرموز الدينية ومليشياتها المدججة بالسلاح تتدخل في كل صغيرة وكبيرة في حياة الناس ، في الإنتخابات وفي قتل وتهجير وإغتصاب والسلب والنهب بإسم المجهولين والمنفلتين والحبل على الجرار ولم تعرف الدول لا الديمقراطية منها ولا الدكتاتورية ، مليشيات مسلحة تابعة للحكام الى جانب جيش الدولة ، هذه المليشيات هي خط رجعة للإسلاميين خوفا لا يفلت الحكم من أيديهم الى الديمقراطيين العلمانيين .

ربما هناك من يقول أن هذا الكلام فيه نوع من المبالغة والتشائم وبعيدا عن التفاؤل ، ولكن لننتظر بعد أن ترفع الهراوة الأمريكية عنهم ! وتتحكم الأحزاب الدينية في مصير الشعب العراقي ، كيف ستفعّل " الثوابت الإسلامية " في بناء الديمقراطية العراقية الفيدرالية الإتحادية .وكما يقول المثل الموصلّي :

" تالي الليل نسمع حس العياط "!!
 


 

free web counter