| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

هرمز كوهاري

hhkacka@yahoo.com

 

 

 

الأربعاء 7/10/ 2009



كفاكم اللف والدوران حول المسألة !

هرمز كوهـــــــاري

إقترب موسم الإنتخابات وبدأت المزايدات بالأسماء الضخمة والبراقة والرنانة لتكتلاتهم وإئتلافاتهم ، وتعالت خطبهم و الشاطر من يطرح أضخم إسم لتجمعه أو إئتلافه ، أصبحت عبارة الإئتلاف بديلا عن الجبهة ، و الشاطر من يجمع ما أمكنه من المستعمين والأتباع والمصفقين والمعجبين وليعرضها على شاشات الفضائيات . وأصبح الساسة أو قادة الكتل يتبارون في ضخامة وفخامة ورنانة وتأثير وقع أسماء تكتلاتهم على مسامع الناس ، والناس ملّوا من هذه الأسماء الضخمة الفخمة بل يريدون سماع متى يتوفر عندهم الماء والكهرباء والغذاء والسكن ونهاية المحن ، هذه هي المسألة و ببساطة شديدة والسادة المنافقون يسرحون ويمرحون بهذه المسميات التي لا تعني عندهم غير الوعود وبدون حدود .

و رؤساء الكتل والإئتلافات كل ما عندهم لا يتعدى الوعود المعسولة دون أن يفقهوا بأن الناس ملوا من هذه الشعارات والوعود و سماعها دون قبض! كما يقال ، وحكايتهم كحكاية الخال عندما زار بيت أخته فإدعى أنه أراد أن يجلب للأولاد كذا وكذا من هدايا وحلويات ... ! فتقول أمهم أخي لا تتعب نفسك ! فيرد ويقول : دعيهم يفرحون بهدايا خالهم الكثيرة !!! ولا تختلف وعود اليوم عن وعود الأمس ، ماذا كانت نتيجة تلك الوعود والشعارات الضخمة التي كانت أكبر من طاقتهم وحجمهم ، لا شيئ غير وعود جديدة متجددة .

لم يخشوا من ضخامتها ! لماذا ؟ لأنهم يعرفون سلفا أن لا أحدا يجرأ على محاسبتهم لعدم تنفيذها أو حتى عدم المباشرة بها ولا يخشون أو يخجلون من إنتقاد الناس لهم لأنهم غرباء عنهم ، و لأنهم لم يصلوا الى تلك الكراسي بفضل أولئك الناس المنتقدين ، بل تسللوا وراء الأمريكان وإحتلوا المكان ! وبقوا في مواقعهم بعد ذلك بفضل المرجعيات في أمان !! أما ما يسمون بنواب الشعب ! فليس لهم حرج تجاه الناخبين لأنهم لا يعرفونهم ! وليس للناخبين فضل في إنتخابهم فالفضل كل الفضل لرؤساء كتلهم وإئتلافاتهم ومقلديهم من الحوزات الصامتة والحوزات الناطقة الذين حشروا اسماءهم في القوائم الديمقراطية المغلقة !! وإذا تجاوزوا عليهم فعندهم ألف وسيلة ووسيلة لإسكاتهم أقلها التكفير وما بعد التكفير ..!! أما إذا عجز رؤساء الكتل والإئتلافات من إقناع الشعب بإنتخاب قوائمهم ثانية بالرغم من الحجج التي هيأوها قبل أن يحشوا قوائمهم بالنكرات والأميين والتوابة والمنافقين ! فكل الخيارات مطروحة تحت عمائمهم ! وهي كثيرة ومتعددة أقلها إستخدام أزلامهم من المجهولين !! قال المرحوم كامل الجادرجي يوما : إذا رأيتم أحمد حسن البكر وهو يصلي ، إعرفوا أن تحت سجادته توجد موآمرة !!

كما قال صاحب دولة القانون إن سنة 2009 هي سنة الإعمار ولكن ماذا عمّر وماذا نفذ من الوعود ؟، الماء الصافي ؟ الصرف الصحي ؟ الكهرباء ؟ المشتقات النفطية ؟ نزاهة ؟ التخفيف من أزمة البطالة ! ودولة القانون لا يلتزم بالقانون !! وعندما قال : ذلك كان يعرف أنه لا يعمّر ولا ينجز ولكن أيضا كان يعرف أنه لا يُحاسب ولا يُسال ولا أحد يحقق معه كما في بعض الدول الديمقراطية المفتوحة أي الشفافة حيث الشرطة تحقق مع رؤساء دول ورؤساء وزارات في كثير من البلدان الديمقراطية ومنها إسرائيل ، وهذا لا يجوز في ديمقراطيتنا لأنها ديمقراطية مغلقة بفضل قوائم الإنتخابات المغلقة والوزارات والدوائر المغلقة بوجه الغير !!!

وعدوا ولم ينفذوا ، قرروا ولم ينجزوا ، أقسموا ولم يلتزموا ، حلفوا وخالفوا كل ما حلفوا به ...! فهذا غير مهم ما دام بإمكانهم تبديل ثيابهم كما يبدل الممثل ثيابه في كل مشهد أو طبيعته في كل فلم !! أو هم كالكرة الفارغة كلما تحاول إغراقها تظهر على سطخ الماء تأبى أن تغرق .

صالح زكي توفيق كان ضابطا عسكريا برتبة كبيرة ، عينه عبد الكريم قاسم مديرا عامة للسكك أول أيام ثورة 14/تموز ، كان أحيانا يجمع منتسبي السكك ويخطب بهم وكأنه شيوعي متقدم !! إستدعاه الزعيم يوما وسأله : هل أنت شيوعي ؟ أجابه ليش أنت مو شيوعي يا سيادة الزعيم !؟ قال الزعيم : لا أبدا أنا فوق الميول والإتجاهات !، قال زكي توفيق غدا أبدل الكير من الخمسة الى البك رأسا !!، وبعد هذا جمع منتسبي السكك يوما ، و كان مشهورا بالتفوه بكلمات بذيئة وبالشتائم في كلامه ،و قال : " يوجد عندنا ثلاث نجاسات ! القومية والبعثية والشيوعية !! نحن كلنا وراء الزعيم فوق الميول والإتجاهات " !!!.

وهكذا عندنا قال الشعب للساسة : نحن لم نكن طائفيين يوما لنواجه هذه الدعوات الطائفية ، كأسلمة الشعب العراقي لأن الشعب العراقي أسلم أو أجبر على ذلك قبل أربعة عشرة قرنا ، ولدعاة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال الشعب : نحن لسنا قاصرين بل القاصر من يعتبر الناس مثله قاصرين !،وقال لقادة " الثورة " الإسلامية الذين تبجحوا بها لإسقاط صدام ،لم يعد هناك مجالا ل"ثورتكم" بل قام بها الأمريكان !!

فقال هؤلاء السادة إذا سنبدل الكَير وفعلوا كما فعل صالح زكي توفيق !!ولكن بالشعارات فقط حاشا أن يفعلوا بالأعمال .! فدعاة الثورة الإسلامية أصبحوا دعاة الثورة الوطنية ، ودعاة فرض الشريعة بالسوط بإسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يمثل الإرهاب الإسلامي تحولوا الى دعاة فرض الإصلاح ولكن على مفهومهم !! ، ودعاة أسلمة الشعب العراقي ، تحولوا الى دعاة القانون والنظام !!، و البعث الإرهابي أهل الرسالة الخالدة بدلوا الرسالة الخالدة الى رسالة العروبة !! وأبو العلمانية والوطنية تحول الى الإنتهازية بشرط أن تكون له الأولوية !، والنوع الآخر من القتلة سموا وحدتهم المقاومة الشريفة وهم نفس الوجوه !!

ويريدون أن يرجعوا ثانية لينهبوا البقية الباقية خوفا من أن يأتي غيرهم ويأخذ ما تبقى من المال ، كما قال السارق لفاطمة بنت الحسين عندما دخل عليها أحد السراق بعد مقتل والدها وهي طفلة ، وبدأ يفض من رجليها خلخاليها من الذهب: قالت له لماذا تسرقها : ؟ قال : أخشى أن يأتي غيري ويأخذها !!! (
بحار الأنوار )

وهؤلاء السادة الوزراء والنواب وأزلامهم يخشون أن يأتي غيرهم ويأخذوا ما تبقى من أموال العراق التي يعتبرونها من حلالهم !!

وهكذا تمر السنوات وتتجدد الشعارات وتختفي الإنجازات وتستمر الوجوه نفس الوجوه ونفس النوايا وكل ما تغير الشعارات والرايات .

ومن خبرتهم في اللف والدوران عرف هؤلاء الممثلون أن الشعب العراقي بعد كل هذه النكبات التي إستمرت قرابة نصف قرن ، يتجه نحو بصيص من الأمل علهم يجدونه في أحد القادة يكون صادقا في إدعائه ، وكل واحد منهم يقول : ها أنا ذلك القائد الذي تبحثون عنه وهذه شعاراتي وأنسوا أعمالي علينا بالجديد !!! كما قال بلال بن أبي برده عندما خطب في البصرة ، فعرف أنهم قد لإ يستحسنوا كلامه ! فقال : " أيها الناس لا يمنعكم سوء ما تعلمون عنا أن تقبلوا أحسن ما تسمعوا عنا "!! (
مصاحف وسيوف )

ولكن الشعب يريد قائدا ينفذ ما يعد به من الخدمات والإحتياجات الضرورية ، ويعرض نفسه للمحاسبة والمساءلة أو حتى للإستقالة والعقوبة إذا فشل في برنامجه ووعوده الذي إلتزم بها أو غش الشعب !! ولكن هيهات فهؤلاء تعلموا فن اللعبة ، لعبة التلاعب بعواطف الناس ، بتبديل الشعارات ، شعار لكل مناسبة كما يقال لكل حادث حديث! وأصبحت الجماهير العراقية كفراشات الليل التي تتجه نحو الضوء فتصطدم بالعازل الزجاجي وتسقط ميتة و منها من تسلم وترجع وهكذا تعيد الكرة !! وهنا يصطدمون بالعازل الطائفي والقومي والإنتهازي والأخير لا يقل خطرا إن لم يكن أخطرهم .

هذه هي المسألة وهذا ما يفهمه الشعب وجماهيره ، من الوطنية والديمقراطية ، يفهم أن يتوفر له الماء الصافي والكهرباء الوافي والدواء الشافي و الغذاء الكافي ، يفهم أن يكون له بيتا ليسكن به آمنا مطمئنا تتوفر فيه أبسط وسائل الترفيه كالصرف الصحي وغيرها ، يفهم أن تتوفر له المشتقات النفطية ليتدفأ هو وعائلته وأطفاله ، يفهم المواطن العراقي أن يكون توزع الثروة الوطنية بالعدالة ويفهم المواطن العراقي أن يكون المسؤول مكلفا وليس حاكما متحكما ، يعرف أن يتصف المسؤولون بالشفافية في تعاملهم مع الشعب كقدوة حسنة وليس قدوة سيئة ، يفهم المواطن العراقي أن يطبق القانون على الكل بالتساوي دون تمييز بين أبو العمامة السوداء أو البيضاء أو الجراوية أو العقال أو الرأس دون غطاء .

إن المواطن يعي جيدا أن الوطنية والديمقراطية والقانون هو توفير الخدمات والحريات ليس إلا ، قال القائد [ لينين ] بعد نجاح الثورة البلشفية :

" الإشتراكية هي كهربة الإتحاد السوفياتي " لإدراكه أن الكهرباء هي مدخل للتقدم والتطور والتصنيع وتحقق كثيرا من مستلزمات العيش الكريم .

وسئل العلامة علي الوردي عن النظام الذي يتمناه للبشرية عامة والشعب العراقي خاصة قال : أتمنى نظاما يحقق وفرة في الإنتاج وعدالة في التوزيع .

نعم سياسيينا حققوا وفرة في الخطب والشعارات والعبارات الطنانة في الوطنية والديمقراطية والقانون ، وحققوا وفرة في الفقراء والأرامل والأيتام ، وحققوا وفرة في المهجرين والمهاجرين وحققوا وفرة في الحرامية والنشالين والمغتصبين و لم أعرف ولا غيري يعرف هل حققوا العدالة في النهب والسلب من الحلال والحرام فيما بينهم .!!!

يا سادة يا كرام يا ساسة آخر زمان ، لا نريد منكم الشعارات ، بل الوفرة في الإنتاج وعدالة في التوزيع ، هذه هي المسألة ببساطة و كفاكم اللف والدوران حول المسألة .

 

 25/9/2009

 


 

free web counter