| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

هرمز كوهاري

hhkacka@yahoo.com

 

 

 

الجمعة 7/5/ 2010



أزمة تشكيل الحكومة : نتيجة الخلل في النظام السياسي ؟

هرمز كوهـــــــاري

يبدو أن أمر تشكيل الحكومة العراقية المحترمة ، أصبح أمرا مستعصيا ، و هذا الأمر ليس عجيبا ولا غريبا بل هو شيئ طبيعي في ظل النظام الطائفي . الحالة ليست الأولى ولن تكن الأخيرة ما دام الإنقسام الطائفي هو الطاغي وهو المسيطر على المشهد العراقي .مضافا اليه تعطش مسؤولي اليوم على الكراسي الوثيرة والمكاسب الوفيرة ، كما رأينا عندما تنازل إبراهيم الجعفري عن الكرسي لزميله من نفس الحزب والفكر والمبدأ وإستغرق التنازل أربعة أشهر وبعد الضغوطات السياسية التي مورست عليه ، بينما تنازل توني بلير لزميله براون لم يستغرق ربما أربعة ساعات بل قد أكون مخطئا ربما كان ربع ساعة ومن دون ضغط أو إكراه !!

ولا يخفى على المواطن العراقي ما يخفي قادة التكتلات والتجمعات الشيعية خلف شعاراتهم الجديدة ، الأئتلاف والقانون والأحرار !إنها تخفي أهدافا مذهبية طائفية شيعية بإمتياز .

ومن الغريب أن يستبشر بعض كتابنا بما فيهم الديمقراطيين وحتى قسم من يساريي الفكر والتوجه ، بأن هذه الأحزاب إنتقلت الى العلمانية بتغيير أسمائها !!!و لكن في الحقيقة لم يكن هدا الإجراء إلا لخدعة المغفلين وغير الواعين ، أما أن ينخدع بها الواعون فهذا الأمر كان أكثر من توقعهم هم أنفسهم !!! .

أما تكتل العراقية فلا ينكر أنها تضم أنصار المذهب المقابل الآخر ،أي السنة أو أكثريته على الأقل، وأعتقد أن أكثر المؤيدين والمصوتين لها لم يكن بدافع الوطنية بقدر ما كان بدافع كسر الإئتلاف الشيعي الطائفي بإتجاه مبدأ العروبة ، كما لا ينكر أن كثير من المصوتين لها كانوا من العلمانيين كرها بالأحزاب الدينية الفاسدة .

أما الأكراد فوضعهم ونياتهم وأهدافهم معروفة لا تحتاج الى الإجتهاد في فهمها ، فهم الآن أقرب الى دولة مستقلة من منطقة الحكم الداتي ، لأن لهم كل تشكيلات ومتطلبات ومستلزمات الدولة بما فيها الإتصالات الدولية بمعزل عن الحكومة المركزية وكل هذا بعلم العراق وكل العالم . وهم يأتلفون مع كل من يضمن لهم وضعهم الحالي مضافا إليه حقهم في كركوك والمناطق "المتنازع" عليها .

إن هذا التخندق الطائفي والقومي يخلق صراعا قوميا طائفيا لا صراعا سياسياً أي أن مصلحة هذه التكتلات الطائفية المذهبية هي أولا والمصلحة الوطنية آخرا هذا إذا كانت المصلحة الوطنية في جدول أعمالهم أو مواد في برامجهم أو على بالهم موجودة أصلا !!.

إن نتيجة الإنتخابات في الدول الديمقراطية ، يتحكم بها المستقلون لا الحزبيون ،لأن الحزبيون أحيانا لا يشكلون إلا نسبة قليلة من الشعب ، وبالتالي فإن هؤلاء ، اي المستقلون ، يتحكمون بإنتقال حزب من الحكم الى المعارضة وبالعكس ،ولهذا نرى يتناوب على الحكم حزبا الجمهوري والديمقراطي في أمريكا ، وكذلك حزبا العمال والمحافظين في بريطانيا ، والأحزاب اليمينية واليسارية في بقية الدول الأوروبية ، ولو إقتصر التصويت على الحزبيين لبقي الوضع على حاله دون تناوب الأحزاب على الحكم .وعندما لم يحصل أي حزب من الأحزاب على الأكثرية المطلقة ، فيكون الإئتلاف على قاعدة اليمين واليسار ، فالأحزاب ذات التوجه اليساري تأتلف مع مثيلتها في التوجه اليساري واليمينين يأتلفون فيما بينهم ، وهذا ما نسمعه الان في كثير من الدول الأوروبية .

أما الوضع في العراق فالتكتلات ، لم أسميها أحزابا ، لأنها ليست أحزاب بالمعنى الصحيح للأحزاب ، بل تجمعات وتكتلات قومية دينية مذهبية ، وحيث ليس هناك علمانيون وطنيون بما يكفي لتغيير المعادلة ،إذاً سيستمر الوضع على حاله ، الى أن تقوى جبهة المستقلين العلمانيين الوطنيين الذين يضعون المصلحة الوطنية والطبقية قبل العصبية الدينية المذهبية والقومية العنصرية .والشيئ المميز في التكتلات العراقية ليس فقط الديني المذهبي والقومي العنصري بل يمتد الى الصراع الشخصي على المناصب ، والمناصب الأكثر نفوذا وربحا !!

وفي إحدى الحوارات على إحدى الفضائيات أشار أحد المشتركين الأفاضل الى موضوع مهم جدا يتجنبه الساسة العراقيون وهو إجراء مناظرة على التلفزيون بين المنافسين على الإنتخابات ، ثم إن هذه القوائم المفتوحة كانت أسماء صماء غير معروفة بثقافتها وسلوكها ولم يواجه الناخب على شاشة التلفزيون أو يجيب على تساؤلات المواطنين المشاهدين .

إن المواطنين ينتظرون تشكيل الحكومة اليوم بفارغ الصبر ، أعتقد لسبب واحد هو شر لابد منه !!أي خوفا من الأنفلات الأمني ، لأن المعروفين بالفساد المالي والإداري سيرجعون للكراسي مع ضمان عدم فضح المستور من تلك السرقات والإهمال وتقصير الإداء ، وربما سيكون تصرفهم مشين أكثرمن السابق .

إني أتوقع من هذه الحكومة التي قد تظهرخلال أيام ، حسب ما يشاع ، بأنها ستكون أشد فسادا وإعتقالات وتشددا دينيا وطائفيا لأنها ستكون حكومة صقور دينية كما هي حكومة نجاد إيران ، لأنها تعتبر نفسها مفوضة من الشعب !! وتملك أكثرية برلمانية ، وقوة عسكرية ضاربة وإستخبارات محترفة ومالا وفيرا لصرفه على المنافقين والإنتهازيين الذين يلمعون أعمالهم ويحولون الفساد الى شعار هذا من فضل ربهم ، والله غفور رحيم !!

أو قد تحصل إنقسامات داخل هذا التكتل الديني الطائفي ، سببه الصراع الشخصي أو بين مفرداتها لأنها لم تأتلف في تشكيل الحكومة حسب القناعات بل كانت مضطرة وفقا لحماية توجهها الديني المذهبي تجاه التكتل العلماني والسني مشتركين ليس إلا . والأيام القادمة ستكشف الكثير من الغموض .

وما أريد قوله هنا : أني لا أحسن الظن بالأحزاب الدينية والقومية ، مهما رفعت من شعارات لأخفاء نياتها وتوجهاتها .



 

free web counter