| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

هرمز كوهاري

hhkacka@yahoo.com

 

 

 

 

الثلاثاء 6 /3/ 2007

 

 

مؤتمر بغداد
أهو لإنقاذ العراق أم للفوز بالعراق ؟؟


هرمز كوهاري

سيعقد في بغداد في العاشر من الشهر الجاري ، مؤتمرا موسعا ، هو الاول من نوعه ، من حيث الاتساع ومن حيث المشاركين فيه ، وخاصة المشاركين الرئيسين ، الأمريكان والانكليز بقيادة أمريكا ، ومن الجهة المقابلة إيران وسوريا بقيادة إيران و وثالثا من حيث مكان إنعقاده ، وعلى أرض العراق بالذات .

فهو لأول مرة يجلس الامريكان والانكليز وجها لوجه مع الايرانيين والسوريين ، ولأول مرة يعقد بمثل هذا الاتساع ، ولأول مرة يعقد في بغداد وعقده في بغداد يعتبرتحديا واضحا وصريحا من قبل الامريكان والحكومة العراقية للإرهاب و تأكيدا ضمنيا بأن الخطة الامنية التي راهنتا عليها قد أثمرت أو إشارة واضحة لنجاحها !.

أما جلوس الامريكان وجها لوجه مع الايرانيين ، الذي لم يحدث منذ ما يزيد على ربع قرن هل هو للمعاتبة ، وإزالة ما يمكن إزالته من الخلافات والاختلافات ، لحاجة أمريكا لفترة إنجاز وإنجاح الخطة الأمنية ، ولحاجة إيران للتخفيف من الضغط الدولي بقيادة أمريكا ، وهل يمكن لإيران إقناع المجتمعون و العالم أن نيتها حسنة في إمتلاك الطاقة النووية , وان تدخلها في العراق هي لمساعدة الحكومة العراقية لا لتقويضها .

هذا إذا تركزت المحادثات حول العراق فقط أم ستستغل من بعض الجهات لتوجيه صواريخ كلام بعضها ضد البعض الآخر على مائدة العراق كالصواريخ الحقيقة والتفجيرات المتبادلة فيما بينهم على أرض العراق ؟ الامر الذي يضر بالمصلحة والمصالحة التي يريدها العراق من المؤتمر ؟؟

وأعتقد أن الجانب الإيراني ومعه السوري سوف لن يأتيا الى المؤتمر بحسن نية ، من منطلق تصورهما أن أمريكا متورطة في العراق وليس من مصلحتهما إنقاذها من ورطتها قبل حصولهما على ثمن يوازي الفشل الامريكي ، وقد يكون الثمن غاليا "البطانة أغلى من الوجه " ، كما يقال ، وأعتقد أن ما تريده إيران هو الإعتراف بدورها في الشرق الاوسط ، هذا إذا لم تبالغ وتطالب بترك كل المهمة لها !! وأما أمريكا فبيدها ورقة مجلس الامن والقوة العسكرية الهائلة التي تلوّح بها في مياه الخليج ، والعراق هو المائدة التي يطرح عليها كل منهم أوراقه .

وبرأي ، أن المؤتمر لن يكن مؤتمرا للتعاون في حل مشكلة العراق والشرق الاوسط ، بقدر ما يكون مؤتمر التنازع على النفوذ أو السيطرة على مقدرات الشرق الاوسط وخاصة على العراق ، وقد لا يكون مؤتمر لتوزيع الادوار بقدر ما يكون محاولة إلغاء الادوار .

إن الصراع الامريكي الاوروبي مع إيران الاسلامية وسوريا البعثية ، لا يتوقف أو يقتصر على المصالح الاقتصادية أو النفوذ فقط ، فلم يكن كإقتسام مناطق النفوذ في الشرق الاوسط كالذي حصل بين فرنسا وبريطانيا في معاهدة ( سايكس – بيكو ) عند نهاية الحرب العالمية الاولى ، وخاصة أن طروحات محمود نجاد ، وإن كانت للإستهلاك الداخلي كما يشاع، إلا أنها تتجاوز مرحلة التفاهم والتعامل معها بل بسد الطريق ، بالغاء الآخر أو على الأقل إخراجه من مواقعه !! كإلغاء دولة إسرائيل و إخراج الوجود الامريكي في الشرق الاوسط وإلغاء الانظمة الديمقراطية أينما تمكن إلغائها لتكن السلطة الدينية بديلا عنها كما في العراق ولبنان .

إن ما يخشاه العراق والحكومة العراقية بوجه خاص ، هو أن يكون المؤتمر للفوز بحصة من العراق أو بكله ! وليس لإنقاذه من الارهاب الدولي ومن تدخل الجيران في شؤونه الداخلية . وإن الاسباب الرئيسية لإحتمال الفشل أو على الاقل ألا يحقق النتائج المرجوة من عقده هو عدم توفر الثقة بين الاطراف المتفاوضة المتقابلة ، عدا الجانب العراقي الذي يهمه قبل كل شيئ وبخلاف بقية الاطراف هي مصلحة العراق أولا وأخيرا .

وقد يكون المؤتمر كلعبة البوكر ، يعتمد على قوة حجة وإقناع ، وقوة سبك العبارات وأوراق كل مفاوض ، ومدى ما يمكنه الصمود أمام الكلمات و العبارات التي يطلقها الجانب المقابل كالألغاز ! كما فعلها الجانب الاسرائيلي في إلغاء حرفي " ال " من عملية الانسحاب من عبارة " الأراضٍي العربية " وجعلها من " أراضي عربية!! "، والفرق بين العبارتين كبير وشاسع ! أو بعبارات يمكن تفسيرها بعدة إحتمالات حسب حسن أو سوء نية القوي والمستفيد .

بعد كل هذه الملابسات والأجواء المكهربة وفقدان الثقة بين الاطراف الرئيسية ، ارى أن هذا المؤتمر قد يكون بمثابتة مؤتمر لجس النبض أو كمدخل للسير في طريق التفاوض لا التحارب ، ومحاولة التوصل الى نتيجة واحدة وهي :هل الطرف الآخر مستعد للسير في خطوات أخرى متقدمة لحل الخلافات أبعد من طرح كل ما في جعبته ، وبخلافه قد يكون المؤتمر الاول والاخير إذا إقتنع كل طرف أنه لاجدوى من تكراره ، وتبدأ مرحلة جديدة للصراع الى أن ينهك أحدهما أو ييأس ، كما حدث في الحرب العراقية الايرانية .، وأعتقد أن عناد إيران لن يفيدها مهما حاولت اللف والدوران وإستعراض عضلاتها المستعارة ! وفي الأخير تكون هي الطرف الخاسر .

إن ما تريده إيران وهو الإعتراف بنصيبها من النفوذ في الشرق الاوسط ، كما أسلفنا أعلاه ، وهذا ما لا تتحمله أمريكا وأوروبا ولا حتى الدول العربية ، لأن إيران مهما إدعت البراءة فلا يمكنها أن تخفي هدفها البعيد وهو تصدير الثورة الاسلامية عن طريق أذرعها المنتشرة في البلدان العربية وحتى الافريقية .و على إيران أن تأت بقطار ذو فرامل ( كوابح ) قوية كي لا ينقلب بها قبل أن يصل هدفه وكسور الانقلابات قد لا تُجبر !!.

ونجاح الحكومة العراقية ينحصر، برأي، فيما إذا تمكنت بحصر النقاشات حول أمن العراق و إلتزام الكل بعدم تحويل مائدة التفاوض لإنقاذ العراق وإخراجه من محنته ، الى الصراع عليه لا للفوز به كما يحصل على أراضيه ، من التدخل بشؤونه الداخلية سواء بصورة مكشوفة بتدريب الارهاب في اراضيهم أو إيوائهم أو تحريضهم عن طريق الصحف والاذاعات والجوامع والحسينيات ، أو بطريقة غير مكشوفة بإدعائهم أن تسلل الارهابيين يجري دون علمهم !!. أو عن طريق جعل بلدانهم ممرا ومستقرا للإرهاب سواء بدعم أو بإهمال منهم .

وعلى الحكومة العراقية ألا تفوّت هذه الفرصة ، وأن تستثمرها كل مايمكن إستثمارها ، وأن لا تحابي أو تجامل أي طرف أو جهة أية كانت ، على حساب دماء وأشلاء ودموع وأموال العراقيين ، وأن تستفيد من تواجد ممثلين عن مجلس الامن وإمكانية الحصول على قرار ملزم للجميع بعدم تصدير الارهاب إليه أو تحريضه عليه تحت أية مسميات دينية أو قومية ، بإعتبار العراق يحارب الارهاب العالمي نيابة عنه وعن العالم وأن العراق يمثل الحلقة الرئيسية للإرهاب بعد أن كانت أفغانستان .