| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

هرمز كوهاري

hhkacka@yahoo.com

 

 

 

الثلاثاء 31/3/ 2009



الحزب الشيوعي .. يواجه إمتحانا عسيرا

هرمز كوهـــــــاري

في الوقت الذي نقدم فيه أرق التحايا وأخلص التمنيات للحزب الشيوعي العراقي في عيد تأسيسه الخامس والسبعون ، نتمنى له السير قدما لخدمة الشغيلة من العمال والفلاحين وكافة الكادحين خاصة والشعب العراقي عامة ، ونتمى له أن يزداد قوة ونشاطا يوما بعد يوم .

وهذا لا يمنع أن نقول :

إن الحزب لم يكن مؤثرا في السلطة ولا فعّالا في المعارضة
تقول الحكمة : من حبّك لاشاك ، ومن بغضك فات وخلاّك

هذا نقد من صديق قريب للحزب ، إنتميتُ اليه في سنة 49 وأنا طالب متوسطة ولمدة سنتين أو ثلاثة لآ اتذكر ، ومن ثم صديقا له ولا زلتُ ، قوة الأحزاب هي في كثرة مؤيديها وأصدقائها في نظام يعتمد على الصناديق وحرية إبداء الرأي والحوار والمناقشة ...

1- جماهيرية الحـــزب
منذ 9/4/2003 تمكن الحزب من النزول الى الشوارع ليسير بكامل قامته للظروف الذي وفرها " الإحتلال " له ولغيره من قوى المعارضة من حرية العمل والتنظيم العلني .ومع هذا لم يضف الحزب الى رصيده أو فعاليته أو جماهيرته شيئا ، وترك الحزب لأعدائه ليقولوا عنه : أن هذا الحزب لا يعرف أن يعمل إلا في العمل السري أو في السراديب !!

أقول هذا ويقوله واقع الحزب في الساحة العراقية ، والصراحة هي مفتاح الحل أو كما يقول البعض ، مفتاح الفرج.

والسبب برأيي المتواضع ، أن كثيرا من الجماهير الشابة اليوم لا تعرف إلا القليل عن الحزب الشيوعي العراقي ونضالاته وتضحياته ، وبأنه كان رأس الرمح في النضال في سبيل حياة أفضل للشغيلة ولبقية فئات الشعب العراقي ومنذ العشرينات من القرن الماضي ، وكان المحرّك للشارع السياسي و أعرق وأنشط حزب سياسي وأكثر تأثيرا على المشهد العراقي على الإطلاق ، فهو الذي نظم وقاد إضرابات العمال البطولية ، إضرابات العمال في كركوكعام  1946 إنتهت بمعركة كاورباغي ، وإضراب عمال ( إج ثري ) ومسيرتهم البطولية ،وإضرابات عمال الموانيء ، والنسيج والتبغ والسمنت وغيرها ،، وهو الذي كان يقود إنتفاضات الفلاحين في الفرات الأوسط وهو الذي قاد إنتفاضة 1948 الجبارة وإنتفاضة 1952 والمسيرات المليونية ، وفي العهد الملكي كانت السجون لا تضم إلا الشيوعيين وكانت عبارة الوطني مرادفة لعبارة الشيوعي .

فجماهير اليوم تجهل كل ذلك الماضي ، وحتى إذا عرفته وحفظته على ظهر قلب ، فالماضي لا يهمها مهما كان بقدر ما يهمها الحاضر ، و تريد أن ترى ما يقدمه الحزب الشيوعي العراقي اليوم ومنذ 9/4/ 2003 وهو اليوم الذي تيسّر له أو ييسّر له الأمريكان ولغيره النزول من الجبال والخروج من السجون والمعتقلات والسير في شوارع بغداد الرئيسية والفرعية .

تريد الجماهير الجاهلة بماضي الحزب ، ان تعرف ماذا سيقدم الحزب لهم تمييزا لما تقدمه بقية الأحزاب والقوى السياسية اليوم ،لكي يتحولوا من الأحزاب الدينية والقومية اليه ، ولم يعد الحزب اليوم ينافس غيره من الأحزاب الدينية و الكردية بعدد الشهداء ، فجميع فئات ومكونات الشعب تعرضت الى ما يشبه الإبادة الجماعية في زمن صدام من كثرة الحروب والمقابر الجماعية والأنفال ، ومهما كانت أفكار ومعتقدات أولئك الضحايا والشهداء فهم من الشعب ومن الجماهير ، ولا أعني بهذا التقليل من عدد الشهداء وبطولات قادة وأعضاء وأصدقاء الحزب الشيوعي بل نجلّ ونعتز بذكراهم ونقدس نضالاتهم وبطولاتهم و كانوا ولازالوا وسيبقون مشاعلا تنير الطريق ، و أعتقد لو قدّر لأولئك الشهداء أن يتكلموا لقالوا للحزب، :

" مهمتكم اليوم كسب الجماهير كما كسبنا نحن! وهو أهم من كسب المقاعد !!، إن جماهير اليوم من العمال العاطلين والفلاحين و الفقراء والأيتام والأرامل والمهجرين وبقية أفراد الشعب العراقي يريدون أن يعرفوا ماذا يمكنه الحزب أن يقدمه لهم تمييزا عن بقية الأحزاب والتشكيلات السياسية ،ولسان حالهم يقول أيضا :

كانت الجماهير قديما تتوجه الى الحزب كلما ضاقت بها الأمور ليرشدها ماذا تعمل؟ وكيف تتصرف ؟ وبرأيي فالحزب لا يمكنه أن يعتمد على الماضي ، فجماهير الماضي إنتهوا أكثريتهم  ، منهم إستشهادا في السجون والمعتقلات ومنهم هاجروا ومنهم شاخوا وتعبوا ومنهم إنسحبوا لسبب أو آخر ومنهم من بقي صديقا مخلصا ومنهم ترك الخيط والعصفور كما يقال .

إن نتائج الإنتخابات تدل على فقدان الحزب لجماهيرته وإن كانت النتائج غير حقيقة ولكنها مؤشرا لا يمكن إغفاله وحالة  صريحة على فشله في هذا الإمتحان ومهما كان سبب هذا الفشل في الإنتخابات أو بماذا يبرره الحزب ، عليه إستخلاص الدروس وألا يترك الأمر يمر عليه مرور الكرام .

شعارات الحزب :
عندما ترى الجماهير أن شعارات الحزب لا تختلف كثيرا عن شعارات كثير من الأحزاب وأحيانا تتفق مع شعارات "المقاومة الشريفة " التي تضع مشكلة الإحتلال في أولى مطاليبها ، والجماهير هذه كلها عاشت قبل الإحتلال وتعرف أنها لم تكن تعيش قبل الإحتلال " في وطن حر وشعب سعيد " إلا أنها  تخلصت من أبشع دكتاتورية في هذا العصر كما وصفها أحد الكتاب الأجانب ، ولا أن الإحتلال كمّ الأفواه ومنع الصحافة ومنع الأحزاب وحرّم الشيوعية ومنع الحزب الشيوعي من الظهور علنا ، و لا أجرى إنتخابات ذات نسبة 99 ,99 % !!! وليس للحزب جوابا للجماهير إذا سألوه : كيف سيكون حالهم بعد خروج الإحتلال ؟ وقد تبدأ مرحلة إبتزاز العروبيون وعلى المكشوف . و يبدأ الإحتلال الإيراني المكشوف ،هذا إذا أعتبر تدخلهم اليوم غير مكشوف !!

فإذا كان الحزب وأصدقائه ومؤيديه يعيشون أحسن حالا وأوفر مالا قبل الإحتلال ! والآن أعادهم الإحتلال الى الجبال أو السجون أو أعلن شعار إجتثاث الشيوعيين كما فعل القوميون والبعثيون ، لحقّ للحزب أن يركز على هذا الشعار ، أي شعار إنهاء الإحتلال ، ويضعه في مقدمة شعاراته كما يفعل الآن !! ، تاركا شعار مكافحة البطالة والفساد المالي والإداري والمحاصصة الطائفية والقومية والدينية والفقر والمرض وتبذير أموال الشعب في مشاريع وهمية ...الخ إلا إذا إعتبرها كلها من فعل الأمريكان ، لا من فعل العروبيين والإسلاميين .

وبهذا الشعار يشترك الحزب الشيوعي : بمن فقدوا إمتيازاتهم بسقوط صدام ودكتاتوريته ويتأملون عودة حزب صدام الى الحكم بأي وسيلة ممكنة بشعارات " التحرير والمصالحة " و " عروبة العراق " ....الخ ، ومنهم بغرض المتاجرة به وهو الشعار التقليدي الذي إستمرت الأحزاب السياسية ترفعه منذ 80 سنة فماذا كان بعد خروج عدة مئات من الجنود الإنكليز الذي كانوا قابعين في قاعدتي الحبانية والشعيبة ؟ قفز القوميون والبعثيون الى السلطة بمساعدة العروبين و الإسلاميين ، أما سبب رفع جماعة " المقاومة الشريفة " شعار طرد الإحتلال أولا فلأنهم يريدون القفز على السلطة مرة أخرى وإعادة إمتيازاتهم التي تمتعوا بها عهد البعث قبل الإحتلال ولهذا حقّ لهم تبني هذا الشعار التقليدي ، ومع هذا فهم غير جادين وعندما شعروا أن أمريكا جادة بترك العراق هرعوا يحجون الى البيت الأبيض ليقدموا التوسلات الى بوش بالإبقاء مدة أطول مثل طارق الهاشمي، أوالحكيم وغيرهما ، ولأول مرة في التاريخ تحدث هذه المعجزة إحتلال يريد أن يخرج والدولة المحتلة تريده أن يبقى لتحميهم من بني وطنهم وجيرانهم !!

وكتبت مقالة بتاريخ 11/4/ 2007 ،بعنوان : [ على عناد الأمريكان يقتلون بعضهم بعضا المصلمان والعربان ] !! وأدرج أدناه موقعها لمن يريد الرجوع اليها :

http://www.al-nnas.com/ARTICLE/HKuhari/10usa.htm

ففي زمن الإحتلال توفرت للحزب فرصة ليرشح نفسه بإسم الحزب الصريح ويجلس في البرلمان بنفس الأسم وليس ضمن أو تحت إشراف الحزب الواحد أو ضمن جبهة مفروضة عليه ، وسكرتيره يجلس بين أكبر عمامات سود وبيض وأضخم وأعتق سدارة أو ( فيصلية ) ونائبات عن المرأة يرفضن حقوق المرأة ! عن الترصد وسبق الإصرار وليس عن الخطأ أو الجهل !!.

فلا معارضة تصدر منه في البرلمان وكأنه مستمع !! كنا وكان جميع مؤيدي وأصدقاء الحزب يتوقعون أن بمجرد وصول الحزب الى كراسي البرلمان يقود حملة عنيفة وبلا هوادة ضد الأوضاع ، ضد المحاصصة الطائفية ضد الميزانية الممسوخة وضد الفساد المالي والإداري ضد هذا التبذير في أموال الشعب الذي تجاوز كل الحدود المعقولة بهذه الرواتب الخيالية للوزراء والمحيطين بهم والنواب ، والصرف على المشاريع الوهمية التي لا تخرج الى حيز الوجود وإن خرجت فتكون المبالغ المصروفة عليها أضعاف مضاعفة للكلفة الحقيقية وفي الحقيقة صح أن نسميها دولة الفرهود ، ناس يتمتعون بكل ما لذّ وطاب وناس يتلقون الماء الملوث والتراب !!

بعد التوقيع على إتفاقية سحب القوات الأمريكية من العراق ، بدأت أصوات تهميش العلمانيين تظهر من التلميحات الى التصريحات ، فرأينا كيف أن المعمم جلال الصغير بل هو أصغر من الصغير يصرخ في أحد الجوامع منددا بالعلمانيين قبل الإنتخابات فكيف سيكون الحال مع الشيوعيين عندما يخلوا لهم ولإيران الجو ؟؟ وقال هذا وفقا للدستور " الديمقراطي " الذي يفتتح أولى مواده ب

[" ...على ألا يسن قانون يخالف الثوابت الإسلامية "] وإذا فُعّل هذا فسوف لن نرى أثرا للحزب لا في البرلمان ولا في الشوارع ولا في الميدان ! ورأينا كيف تجاوز المشعوذ المشهداني كل حدود الآداب واللياقة وبكل وقاحة بكلمات وسخة ووجه كالح طافح بالحقد الأسود البشع .وجه كلامه الى الشيوعيين والعلمانيين الذين يعارضون الشريعة الإسلامية كدستور .

برأيي ، كان الأجدى والأنفع للحزب أن يهرول نحو الجماهير الكادحة أفضل من الهرولة للحصول على المقاعد !! كان الأولى به أن يكون معارضا قويا وناقدا عنيفا ، علما بأن المعارضة لا تعني رفع السلاح ولا رفع شعار إسقاط الحكومة ولآ معارضة للعملية السياسية ولا عدم الإشتراك في الإنتخابات ،

في مجتمعاتنا ليس هناك معارضة كأن يكون الفرد إما منظما للسلطة أو معاديا لها !!إن المعارضة السياسية ليس معناها هذا بل إن النظام الديمقراطية لا يعتبر ديمقراطيا إذا لم يكن هناك معارضة لرأي السلطة يعارض ما يخالف رأيه ويؤيدها في ما يتفق وأرائه ، إن محاولة جمع جميع الفئات السياسية في حكومة واحدة تحت إسم حكومة الوحدة الوطنية ليس إلا إلغاءا لمبدأ الديمقراطية الحقيقية ، في بريطانيا والسويد وأمريكا وأي دولة ديمقراطية اخرى إذا تولى الحزب اليميني أو مجموعة الأحزاب اليمينية السلطة تبقى الأحزاب اليسارية في المعارضة وهكذا تتناوب هذه الأحزاب بين السلطة والمعارضة وفقا لنتائج الإنتخابات

و لهذا كان يجب أن يقود المعارضة ضد الفساد بصوت عالي جهوري وفضح بالإرقام وحتى الأسماء كما فعلت جريدة (المدى ) عندما فضحت أبطال كوبونات النفط بألأسماء بكل شجاعة وجرأة ، كان الأفضل للحزب برأيي أن يفضح قادة الفساد المالي والإداري والمتسترين عليه ، ووجود النواب الإرهابيين والفاسدين الجالسين في البرلمان وإستهتار السلطات في تبذير أموال الدولة ، ناقدا لاذعا لإهمال وعدم الإهتمام الأيتام والأرامل ، وناقدا لا يرحم على دول الجيران التي عملت جاهدة لتدمير العراق شعبا وبنية تحتية ، والإحتلال الإيراني الذي اصبح مكشوفا ،

إن التركيز على شعار إنهاء الإحتلال معناه تبرئة تدخل الجيران وإيران بتصدير طوابير من القتلة من عصابات القاعدة كالزرقاويين و غيرهم ، أمريكا بلد " الإحتلال " وقع إتفاقية صريحة وواضحة للإنسحاب من العراق ، فمتى توقع إيران الملالي ، وسوريا البعث وسعودية الوهابية إتقافية عدم التدخل بالشؤون الداخلية للعراق

ومتى يعتذرون عما قاموا به من إيواء وتدريب وتصدير الإرهابيين منهم بإسم المجاهدين ومنهم بإسم طرد الأمريكان من أرض العروبة والإسلام ومنهم بإسم الطغيان الشيعي في العراق !!!

وتوقعنا من الحزب أن ينتقد الإستعانة بشيوخ العشائر والإقطاع على حساب جماهير الفلاحين الذين يشكلون أكثرية الشعب العراقي وينتقد صارخا تهميش دور الجماهير من العمال والفلاحين والطلبة لحساب الملالي وشيوخ العشائر، ومهاجمة تشويه دور المرأة بإيصال نائبات يرفضن حقوقهن !!!

ومتى نسمع نقدا صريحا ومتواصلا عن تهميش تاريخ ودور الشعوب القديمة والأصيلة مثل الكلدان والآشوريين والسريان والصابئة والأرمن الذين كان لهم شرف المساهمة في تأسيس وقيادة الحزب ،بل اسسوا خلايا ماركسية قبل تأسيس الحزب رسميا ، وكان لهم شرف التضحية في النضال داخل صفوفه منذ تأسيسه حتى يومنا وإحتلوا المركز الأول عددا وقيادة قياسا الى نسبة عددهم في الشعب العراقي .

والخلاصة أقول : أن الحزب الشيوعي يعتبر نفسه حزبا جماهيريا ، عليه ان ينقل عمله بين الجماهير لا بين الملالي والعروبيين القومجية والبعثيين أبطال بيان رقم 13 الذي نص على إبادة الشيوعيين وهو أعرف مني بذلك .

إن الجماهير لا تريد قراءة كلمات ملونة بألوان زاهية في صحف الحزب بقدر ما تريد حلولا وعملا وخططا عملية للخروج من عنق البستوكة ، بستوكة المحاصصة الطائفية والثوابت الإسلامية والفساد المالي والإداري ومحاربة الديمقراطية بإسم الديمقراطية و" المصالحة الوطنية" التي أصبحت كقميص عثمان يتجاوزون على كل محذور بإسمها ولسواد عيونها وستبقى تلاحق الدولة دون نتيجة إلا بإعادة القوميين والرجعية والبعث والإقطاع والصراعات القومية والطائفية و...و.....ألخ

وقد يتهمني كثير من القراء بأنني أساند الإحتلال وأرحب به وهذا ما يواجه كل من يقول الحقيقة كما واجه دكتورنا علي الوردي ، نقدا لاذعا عندما مدح الإنكليز وذم العثمانيين ، ولكن الحقائق يجب أن تقال ، وإن لكل مرحلة شعاراتها الملحة تتقدم على الشعارات الروتينية .وإني ارحب بكل نقد وإنتقاد ورأي ونقاش بهذا الصدد .

وأنا واثق كل الثقة وكثيرون يشاركونني هذه الثقة ، أن بعد خروج الإحتلال وآخر جندي أمريكي من العراق سوف لم ولن يتحول العراق الى : وطن حر وشعب سعيد .ولا اقول هو الآن ,


 31/3/ 2009

 

free web counter