| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

هرمز كوهاري

hhkacka@yahoo.com

 

 

 

الجمعة 17/10/ 2008



إضطهاد المسيحيين والأقليات
سقوط في الأخلاق والسياسة

هرمز كوهاري

إن إضطهاد المسيحيين ويقية الأقليات من أرض اجدادهم ، بأي حجة هو من إفرازات السقوط في الأخلاق والسلوك نتيجة تقسيم الشعب العراقي الى مكونات تتصارع وتتقاتل فيما بينها على الأرض والمال والسلطة ، إن تقسيمه الى قوميات وطوائف إحدث شرخا ودق إسفينا في المجتمع قد لا يلتئم لعقود قادمة .

مما أدى الى البعض منها أن تستقدم القتلة والذباحين لقتل إخوانهم العراقيين الأبرياء ، ومنهم يستعينون بالطامعين والظلامين لجلب الأسلحة والمتفجرات التي إنفجرت في شبابهم وأطفالهم قبل غيرهم من العراقيين ، ومنهم إستدعوا وإحتضنوا أجرم المجرمين والقتلة لقتل من عاشوا معهم وأكلوا الخبز والملح ، إحتضنونهم بحجة حماية العروبة ، ومنهم رحبوا بالجراد القاتل القادم من الحدود الشرقية لحماية الشريعة السمحاء فقتلوا من أهل الشريعة أكثر من غيرهم  .

هذا الشرخ الذي أحدثوه في المجتمع العراقي شرخ عميق تجاوز كل ما كان متوقعا ، هو الذي أوصل الى درجة السقوط في الأخلاق ، أخلاق الصراع على تقسيم وتفتيت الوطن العراقي الذي عمل عليه المخلصون وضحّوا بالغالي والنفيس في سبيل المصالح العليا للعراق ، عن طريق الأحزاب الوطنية لا الطائفية الدينية الظلامية الحاقدة على الغير .

منذ نهاية العشرينات من القرن الماضي . تشكلت الجمعيات والإتحادات والأحزاب وكانت تعمل وتسعى على جمع شمل العراقيين من جميع القوميات والأديان والطوائف تحت إسم واحد عراقيون وطنيون خدمة للعراق ولشعب العراق ،ممثلين عن فقراء وعاطلين وعمال و فلاحين و شغيلة ونساء وطلاب و شباب ، مستهلكون وتجار صغار ، إقتصاديون محامون أطباء ...مثقفون ....الخ ضد طبقة المستغِلين والجشعين والإقطاع والرجعيين ، أي الذين يريدون العودة الى العادات والتقاليد العشائرية البالية ، والسلطات المسيئة ، هذا كان شكل تقسيم الشعب العراقي كبقية الدول والشعوب المتحضرة ، للسير في البلد الى شعب ودولة تحترمها بقية شعوب العالم .

ونظرة واحدة الى برامج وأهداف الأحزاب الحاكمة والمتحكمة في المشهد العراقي ، نعرف طبيعة الحكام وغاياتهم وعلى ما يسعون اليه  .

الأمر الذي قد لا يستغرب القارئ الكريم عما يحدث وما سيحدث في العراق ولشعب العراق :

جاء في برامج حزب الدعوة الذي يمثله الملاّلي المعممين و غير المعمين مثل الحكيم الكبير والصغير والجعفري و المالكي وحاشيتهم ما يلي :

" إن السياسة والدولة في هدف تيار الدعوة الإسلامية أو الحزب الإسلامي ، ليست إلا وسيلة لبلوغ الغاية وهي تطبيق الشريعة الإسلامية ، وأسلمة المجتمع العراقي ...!! الخ

إذن هذه الأحزاب التي تتبجح ببناء دولة قانون ودولة ديمقراطية ، لا تؤمن أصلا لا بالدولة ولا بالسياسة بل تؤمن فقط بتطبيق الشريعة الإسلامية وإن ما تقوم به ليس إلا كذبا وخداعاً!! وتمهيدا لأسلمة الشعب العراقي ، أي تطبيق الشريعة السمحاء وبالتالي منهج [ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ] سيئ الصيت الذي تطبقه السعودية وإيران وطالبان ، ليس على غير المسلمين فقط بل على المسلمين المتحررين .

وأما الأحزاب السنية العروبية تسعى وتؤكد وتعمل و" تناضل " في سبيل عروبة العراق ، و أن العراق جزء من الأمة العربية في سبيل تحقيق هدفها الأسمى وهو : الوحدة العربية وذلك بعد إنهاء القضية المركزية أي إلقاء اليهود في البحر !!! وهنا أيضا ليس المقصود كل العرب السنة بل المتاجرين بالعروبة كذبا ونفاقا .

والحزبين الكرديين يفتشون عن كل منطقة يتواجد فيها الكاكاوات ليضموها الى جنة كردستان حبا بالإكراد وتخليصهم من المخاطر التي تنتظرهم إذا بقوا بين العرب والكلدان والآشوريين والأكراد الفيليين وربما قبل الإنفصال هدفهم البعيد الذي أخذ يقترب شيئا فشيئا في بإعتقادهم وليس في الواقع الذي نراه .

هؤلاء الساسة و" القادة " العراقيين يجتمعون ويختلفون ويتفقون على تقسيم الحصص والمناطق والثروات و حتى البشر ، لإبتلاع القوميات الصغيرة لزيادة أصواتهم وحصصهم هذا إذا إتفقوا ، وإذا لم يتفقوا تقع هذه الأقوام والشعوب الأصيلة ضحية تلك الخلافات والصراعات .

إضطهاد المسيحيين وبقية لأقليات لا يخرج من هذه الأهداف ..رأينا ماذا حدث للصابئة والكرد الفيليين واليزيديين وأخيرا المسيحيين والحبل على الجرار وتنصلهم من هذه الجرائم ليست إلا أكاذيب رخيصة ، وهذا اللف والدوران لا يمكنهم من تبرئة أنفسهم مما يحصل ، فهم مسؤولون أخلاقيا ، هذا إذا بقي عندهم قليلا من الأخلاق .

وكثير من الناس يتسألون فيما إذا كانت هذه الحوادث لها علاقة بقرار ما يسمى بمجلس النواب بتهميش هذه الشعوب ؟ وبرأيي أنه كان الضوء الأخضر لهذه المجموعات الإرهابية ، فلا يُستبعد أن قصد بعض النواب الإضطهاد والبعض الآخر ضمهم الى منطقتهم وفريق ثالث إخلاصا للشريعة السمحاء !! و سواء قصدوا ذلك أم لم يقصدوا إلا أنه ، أي هذا التهميش ، شجع هذه العصابات المرتبطة منها بجهات رسمية أو غير رسمية أو غوغائية غير مرتبطة، حيث يظهر الغوغائيون دائما عندما تجد تراخي وإنشغال السلطات بمصالحها الضيقة ووضع أمني هش وضبابي ولكن عملية التأكد من الهوية الدينية يؤكد أنها كانت مقصودة وموجهة من جهات داخل أو خارج الحدود ولم تكن عفوية ..

كل السلطات في أية دولة أو حتى عشيرة تعرف بل يجب أن تعرف : أنه إذا إنشغل المسؤولون بمصالحهم الخاصة يختل الأمن والنظام وتسيطر الغوغائية على الشارع ، إن الإجراءات التي تقوم بها السلطات ، بعد خراب البصرة ، كما يقال ، أو كالإسعاف الذي ينتظر موت المريض ثم يهرج الشارع في الإسراع لإنقاذ الميت !! أو كالإسعاف الذي يسرع بصافرته المزعجة لإطفاء الحريق بعد أن تأكل النار الأخضر واليابس!

وأخيرا يمكننا أن نقول أن عناصر الجريمة تجمعت وتراكمت وإن إختلفت المقاصد فالجريمة واحدة ،والجريمة وقعت ،وبالإضافة الى ما أصاب المهجرين من ضحايا وترهيب الكبار والصغار والنساء وفقدان ممتلكاتهم ووضعهم المزري هذا .

فهناك عامل آخر لا يقل أهمية، وهو : فقدان الثقة بالسلطات ، ومن الصعوبة بمكان إعادة الأمان والطمأنينة اليهم لعودتهم الى أماكنهم ، وحتى إذا جازفوا وعادوا فسيعيشون بخوف وقلق وستطبع هذه الحوادث الأليمة في ذاكرة الأجيال ويلعنون السلطات الحالية التي همشتهم وأهملتهم كما نلعن صدام وزيادة بل بدأ اللعن على السلطات كما بدأ الترحم على صدام حسين من الآن .

إلا أن السلطات العراقية أصبح لها شماعتين تعليق الحال وإراحة البال من القيل والقال ! من كل جريمة موجهة أو تحدث عن طريق الإهمال إهمال الأمن المتعمد أو من العجز ، وفي كلتا الحالتين فالحكومة مدانة ، لأن الدولة التي تعجز عن حماية مواطنيها لا تحترم نفسها ، أما إذا كان متمعدا ، فهذه جريمة لا تغتفر . ثم أن إهمال التعقيب والتحري والتحقيق عن القائمين بالجريمة قد يكون خوفا من إفتضاح كثير من أعوانهم وأولياء أمرهم من الداخل أو الخارج .

هاتين الشماعتين هما ، عصابات القاعدة أو المجهولين ، وإذا ما تظاهرت بالتحري ليس أسهل من أن تقول : لم يتوصلوا الى الجناة الحقيقيين ويغلق المشهد !!

وتبدأ قصة جديدة وهكذا فهي قصص لا تنتهي في : مسرحية " ديمقراطية المحاصصة الطائفية "


 

free web counter