| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

هرمز كوهاري

hhkacka@yahoo.com

 

 

 

الخميس 14/5/ 2009



البعث القومي العربي والبعث الديني الإسلامي يلتقيان !!

هرمز كوهـــــــاري

البعث بمعناه اللغوي والفظي ، كما يعرف القراء ،هو إحياء الماضي اي العودة الى الماضي وليس السير قدما نحو المستقبل ، ولكن هم يفسرون أنهم يسيرون الى المستقبل بالفكر القديم ، اي كمن يريد أن يحفر نفقا في الجبل للقطارات بالمعاول اليدوية أو يطير في الجو على طريقة عباس بن فرناس !!!  ويبررون هذا أنهم كانوا أنذاك سادة العالم ، ولكن متى كانوا كذلك ؟ طبعا عندما كان المقاتلون يمتلكون سلاحا واحدا متشابها .

وكانوا هم مهاجمون بدافع المغانم والغنائم من المال والحال والنساء  ، وكانت حروبهم كالسطو على شعوب آمنة غير مهيئة للحروب ، وكانت الشعوب الإسلامية آنذاك كل شغلها الشاغل الغزوات والحصول على ثروات أكثر وحوريات أجمل وأكثر ملاحة بإستباحة المدن والقرى من قبل الجنود مدة ثلاثة ايام بموجب فرمان أو فتوى يصدرها الخليفة تشجيعا للقتال وتقول المصادر الإسلامية (د. فرج فودا) ، أن موسى بن نصير عندما غزا إسبانيا جلب معه ثلاثين ألف عذراء أسيرة وزعهن على الخليفة والقواد والمقاتلين حسب الجمال والعدد !!

وكانت حياتهم كلها حروب ، تارة غزوات وأخرى رد الغزوات ، بدءا من حروب الردة في الجزيرة العربية عندما لم يقتنع أكثرية المسلمين بالرسالة المحمدية فإرتدوا عن الإسلام وشن الإسلام حربا قاسية وأعادوهم الى الإسلام حبا بمستقبلهم في الآخرة !! وتطبيقا لمبدأ : [ لا إكراه في الدين ] !!!

ولكن الإسلاميون لا يطلقون على نواياهم بالعودة الى الماضي بعبارة (البعث الديني الإسلامي) بل يرفعون شعارا بإقامة دولة إسلامية ، ويبررون ذلك بأنهم مكلفون من الله بجعل كل شعوب العالم يدينون بدين الله الحق ولكن هم أنفسهم يكذّبون هذا بدلالة أن أكثر حروبهم كانت بين الطوائف الإسلامية بين الشيعة والسنة منذ أربعة عشرة قرنا ولا زالت كذلك ، كالحروب بين العثمانيين السنة والفرس الشيعة أو فيما بينهم طمعا بالسلطة والمال والجاه وقبل عقود رأينا المجازر بين المسلمين في الجزائر وفي مناطق متعددة ، ومع هذا نجد كثيرا منهم ، ينهزمون من البلدان الإسلامية ، بلاد دين الحق الى بلدان " الكفار " أو " الدين الباطل "!! ليجدوا هناك أكثر راحة وأمان !! يهربون الى تلك البلدان بكل الوسائل الممكنة حتى بالطرق الخطرة التي قد تؤدي على فقدان حياتهم في الطريق في سبيل الوصول اليها ، وبهذا يسقط إدعائهم بتأسيس دولة دينية إسلامية بل يهدفون بتأسيس سلطة دنيوية دكتاتورية تسلطية تحت شعار ديني كاذب .

وما يهمنا من كل نظام هو حالة الشعوب أي الأفراد في تلك المجتمعات التي يدّعون أنهم كانوا سادة العالم ، فماذا كان حال الرجال آنذاك ، طبعا كانوا حطبا لتأجيج وإستمرارية نار الحروب والغزوات فكان المقاتل إما قاتلا أو مقتولا ، فالقاتل المنتصر تصيبه الغنائم بما فيها النساء كزوجات أو جواري ، أما القتيل فتصيبة الجنة المليئة بالحور والغلمان وأنهارا من الخمر وأشهى الفواكه في أجمل بستان !! أما المرأة المسكينة ، فإذا إنتصر زوجها يضم اليها زوجات عديدات او جواري وتصبح الزوجة العتيقة الرابعة أو العاشرة ، أما إذا قتل زوجها فتصبح أرملة يضمها أحد الرجال الى حضيرته مع عدد من الزوجات الأخريات !!

وكان الخليفة أو السلطان أو الملك ، الآمر الناهي بإعتباره أميرا للمؤمنين ، أمره مطاع ، فكان يسلب ويغتصب ما يشاء ويقتني ما يمكنه من المال وما يشتهي من النساء والجواري ، وكان هو الحاكم والقاضي والآمر والناهي ، وبإشارة منه يضرب عنق هذا الرجل ويمنح ذاك الرجل ألف درهم لنكتة تضحكه أو بيت شعر يمدحه!!

هذا ما أشار ويشير إليه التاريخ الإسلامي الذي كتبه المسلمون أنفسهم وليس المسيحيون أو اليهود أو الهندوس ، ومن يشك بهذا ليرجع الى تلك الكتب والمصادر . وخير دليل على ذلك ، المذابح التي قام بها الجزائريون ضد المسلمين الآمنين ، وعصابات القاعدة في أفغانستان وفي الصومال والسودان والعراق وكلها تحت مسميات دينية قومية بإقامة دولة إسلامية ، يقتلون المسلمين لإقامة دولة إسلامية !!!

وهنا نرجع ونقول ، هل يشرّف هذا التاريخ المليئ بالحروب والكوارث المسلم أو العربي الحالي عندما يطالب ببعث الماضي اي بالعودة الى ذلك الماضي ، ويسميه بالعصر الذهبي !! أليس هو جنون بكل ما تعني كلمة الجنون من معنى ، وهل يصل بهم الغباء الى هذا الحد ؟ طبعا لا بل هدفهم هو : لتخدير السذج والمغفلين من الناس ، ورأى العراقيون ماذا يعني شعار ( وحدة حرية  إشتراكية ) عند البعث القومي العربي أثناء حكم صدام ،وماذا يعني عند دولة البعث الثانية قلعة العروبة الصامدة ! غير أن تكون جسرا ومعبرا للإرهابيين الى العراق .

كما عرف الشعب العراقي ماذا يعنون ( الثوابت الإسلامية ) عند الراغبين بتطبيق الشريعة الإسلامية أي إقامة دولة إسلامية أو بالبعث الديني الإسلامي ، أنها تعني المليشيات الإسلامية المختلفة والمنفلتة للإغتصاب والإغتيالات تحت مسميات مختلفة مثل المجهولين ، وبخاصة مليشيات السيد وحفيد السادة المعصومين ! مقتدى الصدر وماذا تعني الدولة الإسلامية عند الجارتين الشرقية والجنوبية غير تصدير فرق الموت والإنتحاريين والسجون السرية التي فتحوها بعد سقوط البعث القومي ليحل محله البعث الديني الإسلامي ، وقصف المناطق الآمنة وإهداء القنابل والمتفجرات لقتل مزيد من الأبرياء وتمويل أعوانهم من المليشيات وتزويدهم بالأسلحة الفتاكة ومنها تكتشف مطمورة تحت الرمال و في مناطق كثيرة من العراق بالإضافة الى تهريب المشتقات النفطية .

هل تلك الحياة تدعو الى الفخر والإعتزاز يا سادة يا كرام يا سادة العربان ويا ملالي الإسلام ! ام لتخدعوا الناس وتقولون لهم :

ما أحلى الرجوع اليها !!

وبالمقابل، فاليوم لا أعتقد يوجد شخص مسيحي يطالب بالعودة الى أيام تحّكم الفاتيكان ومحاكم التفتيش وحرق العلماء و قتل الفلاسفة والأحرار بتهمة الهرطقة ، بل من يطالب بذلك ، كما يفعل الإسلاميون والعربان ، يكون مصيره مستشفى الأمراض العقلية !!

اليس البعثين ، القومي العربي والديني الإسلامي بعثا واحد ! لا يختلفان بالسلوك والأخلاق والقتل والسلب والنهب والإغتصاب إلا بالتسمية ، فالبعثي جلاد الأمس صدام حسين عند الحاجة أصبح عبدالله المؤمن وتوّابة الأمس أصبحوا ديمقراطيون اليوم !! إنهم يتقلبون كالحرباء لتحقيق نواياهم وأغراضهم الواضحة البينة من سلوكهم وهي: السلطة والمال والحلال والحرام اي يحللون لأنفسهم ويحرمون على غيرهم .

ففي كلا البعثين ، القومي والديني ، رأت المجتمعات وجربت وخاصة المجتمع العراقي أن كليهما لا يؤمنون : لا بالديمقراطية الحقيقية ، لا بحقوق الإنسان ، لا بحقوق المرأة ، ولا بحرية الرأي والعقيدة ،و لا بقانون ولا نظام ، فرجال السلطة في البعث القومي العربي والسادة والملالي في البعث الديني الإسلامي هم فوق القانون والنظام ،والبعث القومي العربي يمسخ تاريخ و يهمش القوميات الصغيرة وتكون قومية السلطة هي المتحكمة والمتنفذة والبعث الديني الإسلامي يكفّر الديانات الأخرى و يحاول إلغاءها بالقتل أو التهجير ، البعث القومي العربي يضع الدساتير والقوانين ليس للتطبيق لأن الحاكم المطلق يسن القوانين ويلغيها حسب أهوائه كما كان يفعل صدام ومن يخوله والبعث الديني الإسلامي يضع الثوابت الإسلامية فوق الدساتير والقوانين ويضع المرجعيات مفسرة لتلك الثوابت بالفتاوى ، والدستور الذي سنوه وأقسموا عليه ، كأنه ليس لهم وغير مشمولين به ، فالتمييز الديني أساس الحقوق والحريات !!! ، ورأينا الفساد المالي والإداري في البعثين ، ففي البعث القومي العربي رأينا تبذير الثروات ببناء القصور والتماثيل والمجون والمكرمات وكوبونات النفط ورشاوى حتى الدول والمنظمات الإرهابية ، ورأينا الإخلاص للعروبة كذبا ولقائدها نفاقا قبل الكفاءات فرأينا أشباه أميين مدراء عامين وفي مراكز عليا ومهمة في الدولة وعرفاء أصبحوا " فيلدمارشالية " في الجيش!! وكان ما كان في تلك الحروب المهزلة ، وتكرر هذا في البعث الديني الإسلامي و قيل هناك ما يزيد على مائة مدير عام لا يحملون شهادة المتوسطة !ورأينا مراهقين معممين بعمامات سوداء أصبحوا قادة مجتمع بفضل تلك العمامات السوداء ولأنهم سادة معصومين ويستقبلون الوزراء كما كان يفعل عدي صدام حسين يستدعي أي وزير للمناقشة !!! واليوم في البعث الديني الإسلامي الفساد المالي وصل القمة وأصبح العراق سباقا في هذا المضمار وضرب رقما قياسيا في الفساد المالي والإداري وقد تجاوز أخيه البعث القومي العربي ، وكأنه مصّر الا يسمح لأي دولة أخرى أن تتقدم عليه في هذا السباق ! ما دام البعث الديني الإسلامي في الحكم !!

والبعث الجديد المتجدد أضاف الى إسمه عبارة الإسلامي ، ليصبح ( حزب البعث العربي الإسلامي )!!فكان قوميا عربيا علمانيا وللضرورة أصبح إسلاميا دينيا أيضا كالحزب الإسلامي وجبهة التوافق ليسوا إلا بعثيون مكحلة جبهتهم بالوطنية العراقية ، أما البعث الديني فأصبح البعث الشيعي ينادون بالعروبة و للضرورة أحكام ، فلم يبق فاصل بين البعثين ، البعث القومي العربي الإسلامي والبعث الديني العربي الإسلامي !! .

فإلتقيا ضد الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم ، وإلتقيا ضد الشيوعيين .
واليوم يلتقيا ضد الشيوعيين وقد يلتقيا ضد الأكراد
أبعدَ كل هذا هل نستغرب من إلتقاء البعث القومي والبعث الديني !

ولذا حقّ ّلنا أن نقول : لا تحسنوا الظن بالأحزاب القومية والإسلامية .



 

free web counter