| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

هرمز كوهاري

hhkacka@yahoo.com

 

 

 

الجمعة 10/7/ 2009



المسيحيون والأقليات
يمكنهم أن يكونوا الأكثرية إن أرادوا..!

هرمز كوهـــــــاري

أولا : من هنا نبدأ
قال بطريرك الكلدان الكاردينال دلّي للبابا : لا تسأل عن المسيحيين فقط بل إسأل عن كل العراقيين ، عندما سأله البابا عن حال المسيحيين في العراق . وقال ماو تسي تونغ : أنا بوحدي قليل ولكني مع الجماهير كثير

وسبقهم في هذا البطريرك الراحل عمانوئيل الثاني الذي رحل سنة 47 و مقره في الموصل وكان الصديق الصدوق للملك فيصل الأول ، وجاهد البطريرك في قضية العراق في المحافل الدولية ، أوصى المسيحيين في الشمال ( ولاية الموصل ) بالتصويت للإنتماء الى العراق وليس الى تركيا في الإستفتاء التي أجرته عصبة الأمم في عائدية اللواء المذكور والذي كانت تطالب به تركيا .

نعم إننا وبقية الأقليات بوحدنا أقلية ، أقلية عددية ، مهمشون ، ولكن لماذا ؟ لأن في العراق محاصصة طائفية ، إذاً من هنا نبدأ نحن أيضا كما قال الكاتب خالد محمد خالد في كتابه ( من هنا نبدأ ) أي لنبدأ من المواطنة التي تلغي المحاصصة الطائفية وبالتالي تلغي كوننا أقلية وأخيرا يُلغى تهميشنا ، فمبدأ المواطنة كما هو معروف يعنى المساواة بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات وأمام الدستور والقضاء ، وليكن شعارنا إننا مواطنون عراقيون قبل كل شيئ ، أي قبل أن نكون كلدانيون وآشوريون ومسيحيون وغير ذلك، وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال أننا لا نعتز بقوميتنا وتاريخنا ككلدان وأشوريين وسريان كما تعتز بقية الطوائف والقوميات بكياناته ولكن بعيدا عن السياسة العامة

والكاردينال دلّي أعطانا مثلا وحكمة في ذلك ، عندما قال للبابا إسأل عن جميع العراقيين لا فقط عن المسيحيين كما ذكرنا أعلاه ، لم يكن يقصد أنه لا يحرص على حماية والدفاع عن المسيحيين أو يعتز بهم ، ولكن السياسة غير الدين ، فالدين كما هو معروف يجسد علاقة الفرد بالخالق أو بمعتقداته والطاعة والإيمان والطوبائيات ! أما السياسة فهي تمثل الواقع و المصالح الدنيوية : الحقوق والواجبات وعلاقة الفرد بالدولة وبالمواطنين أيا كان دينهم وكانت طائفتهم ، وإقتسام الثروات وفقا للجهود والكفاءات ، وتأدية الواجبات كل حسب موقعه في المجتمع
.فالدين والطائفة والقومية تفرقنا بين مسلم ومسيحي وعربي وكردي ويزيدي وصابئي وشيعي وسني والوطن يوحدنا كلنا في كلمة المواطن والمواطنة .

إن ما يبعدنا عن حقوق المواطنة والمساواة مع الأخرين هو لأننا قليلو العدد والعدة في مجتمع إتخذ مبدأ المحاصصة الطائفية ،كما ذكرنا أعلاه ، وعليه ، علينا ألا نجّسد هذه المحاصصة الطائفية بالسير على هواهم بتشكيل أحزاب قومية دينية طائفية ، فهذه الأحزاب مهما إدّعت العلمانية والمواطنة ولكن إسمها ومنهجها ومطاليبها تجّسد مبدأ المحاصصة المثلثة أو ثلاثية الأبعاد ، القومية والدين والطائفة في آن واحد أي محاصصة المحاصصة ، فإذا قلنا الحزب الكلداني أو الآشوري مثلا فتعني التسمية أو تتضمن في معناها حزب قومي ديني طائفي !!!
إن إضافة عبارة الديمقراطية أو العراقية أو أية عبارة عامة الى بداية أو نهاية إسم الحزب لا يبعد عنه مبدأ أو صفة المحاصصة ، كما لا يصح أن يضيف قادة حزب الدعوة الإسلامية أو أي حزب إسلامي أو قومي الى إسم حزبهم لفظة الديمقراطية لأن الدعوة الإسلامية أو القومية هي ضد بل عدوة الدعوة الديمقراطية ، وعندما رفع المالكي شعار دولة القانون وهو يقود الدعوة الإسلامية لم يكن إلا للضحك على الذقون ، فتبديل الأسم كالثوب الذي لا يبدل البدن ولا الفكر .وقد كتبت مقالا في هذا الموضوع .

ومما يؤسف له أن جهود المخلصين من بني قومنا خلال ست سنوات في المناقشات واللقاءات مع التأكيد على عرض صور اللقاءات تلك ! تأكيدا على نضالهم في هذا المجال ، لم تثمر إلا الى إزاحة الواوات اللعينات التي كانت السبب في إفتراقنا الى ثلاثة أقليات القليلة !!!
ولكن هذا الإلغاء لم يكن إلا ظاهريا وللدعاية والإعلان ، مع الأسف ، ولم تشكل أحزابا مختلطة ولا جمعيات ولا نواد عائلية تجمع المكونات الثلاثة ، وكل مجموعة لها عَلَم مستقل وشعار مستقل ومجموعنا في العراق لا يتجاوز سكان محلة من محلات مدينة مثل بغداد والبصرة والموصل !!.

اليوم في السياسة العراقية لا يشفع لنا لا تاريخنا المجيد ولا أثارنا المنهكة من ثقل أقدام الغزاة والغزوات الهمجية ، ولا صور لقاءاتنا ، بل هي معركة الأصوات التي ترمى في صناديق الإنتخابات ، وإن لم تكن نزيهة اليوم وقد تصبح نزيهة مستقبلا وعليه مهما حاولنا وجاهدنا فستكون أصواتنا قليلة في المجلس ، كما ليس للأقليات فيتو لنرد به على كل من يطمس حقوق المكونات القليلة العدد في القومية أو الدين كما لا نشكل لوبيا ضاغطا لا على الدولة ولا على جهات خارجية ، إذاً لم يبق أمامنا في هذه الحالة إلا حلا واحدا لا ثانيا له إلا وهو إنضمامنا الى اي حزب علماني ديمقراطي أو بتشكيل مع العلمانيين والديمقراطيين حزبا وطنيا عراقياً علمانياً ، فلا يمكن تصور حقوق المواطنة إلا في نظام ديمقراطي علماني حقيقي ولا يمكن أن يُؤسس مبدأ المواطنة إلا على مبدأ العلمانية بعيدا عن التعصب الديني والقومي والطائفي .

ملاحظة مهمة :
إن ذلك لا يتعارض بأي حال من الأحوال من تشكيل جمعيات ونواد ترفيهية ثقافية مهنية ، تقيم حفلات ترفيهية لعوائل قرية أو مهاجرين طالما لا تمثل تكتلا سياسيا ، لأنها تدافع عن وتخدم مصالح جميع الأعضاء دون الإلتفات الى المبدأ أو القومية أو الدين ، فمن يتذكر كان هناك جمعية الشبان المسيحيين في شارع السعدون قرب محطة البنزين بقيت الى نهاية الخمسينات أو الستينات، وجمعية المهندسين والإقتصاديين ونادي التجار ونقابات الأطباء ,,,الخ، كل هذه الجمعيات مبدأها الخدمة والدفاع عن المصالح المهنية وتنشر الثقافة المهنية والعلمية بإصدار مجلات أو نشرات دورية ،وإذا دخلت السياسة فيها يحدث الإنشقاق والتمايز بين أعضاء الجمعية وهذا يتعارض مع مبدأ تأسيس الجمعيات أو النقابات التي مهمتها الدفاع عن كل عضو من أعضائها ، كما كان الحال منذ تأسيس الدولة العراقية فهناك نواد ترفيهية عائلية كنادي المشرق ونادي التجار ونادي بابل ونادي الهندية...الخ .

ثانيا : الديمقراطية الحقيقية أساسها الفرد المواطن
ونحن مضطهدون أيضا لفقدان الديمقراطية الحقيقية أي الديمقراطية السياسية ، الديمقراطية التي تتخذ الفرد أساسا لها ، لا القومية أو الدين او الطائفة أو العشيرة أو القبيلة أو العائلة ، الفرد هو المسؤول وحده أمام القضاء وله حق الرأي والعقيدة . ، أمام الدستور والنظام العام عندما تشير الدساتير الى الحقوق والواجبات تشير الى الفرد المواطن ، دون الإلتفات الى أي مكون من المكونات التي ينتمي اليها ، فيقول الدستور العراقي مثلا ، لكل عراقي الذي يبلغ الثامنة عشرة من عمره حق الإنتخاب أو حق التعلم عند بلوغه السادسة من عمره ...الخ فكما في الدول الديمقراطية لكل فرد رقم المواطنة ، ولا يهم إذا بدل إسمه أو لقبه أو دينه أو قوميته أو عقيدته أو يبدل إسمه من (علي ) الى (عمر ) أو بالعكس !! فيبقى الرقم الوطني يلاحقه حتى آخر يوم في حياته وعند رحيله يرحل معه ذلك الرقم ولا يعطى لشخص آخر . ، شخصيته الحقيقية يكشفها الرقم الذي يحمله كما لكل سيارة رقمها الخاص مهما تبدل مالكها أو لونها ،و إستنادا إلى هذا الرقم يلاحق عند المخالفة ويكافأ على جهوده ، فلا يهم الدولة إذا إنتقل الشيعي الى المبدأ السني او الى المسيحي أو الللاديني فهذه قضايا شخصية لا تهم الدولة الديمقراطية ، ما دام الكل يخضعون لدستور واحد وقوانين واحدة .

كانت الأحزاب في العهد الملكي ، أحزاب مبادئ سياسية تخدم الطبقة الإجتماعية أو الفئة التي تمثلها لا أحزاب قومية أو طائفية ، كالحزب الوطني الديمقراطي ( كامل الجادرجي )، حزب الشعب (عزيز شريف)، حزب الأحرار ( سعد صالح ) الحزب الشيوعي ( يوسف سلمان يوسف – فهد ) حزب الإتحاد الدستوري !( نوري السعيد ) حزب الأمة الإشتراكي ( صالح جبر ) وغيرها ،.عدا حزب الإستقلال وفيما بعد حزب البعث فهذان الحزبان حزبان قوميان ولم يتمكنان من كسب الجماهير حولهما إلا بالعنف والتآمر ...الخ كانت أحزاب علمانية طبقية تمثل مصالح طبقات المجتمع العراقي من طبقة العمال والفلاحين والفقراء ( الحزب الشيوعي ) و طبقة الإقطاع والملاكين والشيوخ والأغاوات والإنتهازيين يمثلها ( حزبا الإتحاد الدستوري والأمة الإشتراكي ، ويقف بينهما الحزب الوطني الديمقراطي ، يمثل المثقفين وأصحاب المصالح وكبار الموظفين والمحامين والتجار ...الخ وهكذا .والأحزاب أو النقابات أو الجمعيات المهنية تتعاون فيما بينها ، ففي أواسط الخمسينيات رفعت الحكومة رسم ذبح الراس الواحد من الماشية من (30 الى 60 ) فلسا ! لم يوافق عليه القصابون ، فأضرب قصابو الموصل ، وتوقفوا عن الذبح وإختفى اللحم من الأسواق وأيدهم الحلاقون والخياطون والخبازون دعما لهم وعم الإضراب بعض الجمعيات والفئات ألأخرى كالمحامين وغيرهم وتفاقم الإضراب وتدخلت الشرطة واُعلنت الأحكام العرفية وسيق الكثيرون الى السجون ، ذلك لأنهم مواطنون يشكلون لوبيا ضاغطا على السلطات ، ولم يعلنوا الإضراب بأسماء قومية أو دينية أو طائفية .

هكذا فعل القصابون الأقلية فأصبحوا أكثرية أيدوهم بقية المهنيين وهم أكثر الطبقات تأثيرا وضغطا على المجتمع والدولة ، وليس كما نراه اليوم ، التقسيم القومي والديني والطائفي فإذا تعرضت قومية أو طائفة الى الإرهاب والظلم تتفرج عليها الطوائف الأخرى وكل تراجع في قوة طائفة ما يصب في صالح القومية الأخرى !!! حيث يسود الصراع القومي والطائفي الساحة العراقية ، وهو أخطر ما يتعرض له العراق اليوم ، أي الصراع القومي والطائفي وهو نفق مظلم قد لا يخرج الشعب العراقي منه بسهولة .

(يتبع )


 

free web counter