| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

هادي الخزاعي

 

 

 

                                                                                   السبت 9/4/ 2011



دوار اللؤلؤة قد صار شهيدا !

هادي الخزاعي

الحماقات حين ترتكب ، تكون كالوجوه التي افسدها الدهر ، لايصلحها ، لا عطار ، ولا منجم .
لا تقف درجة الحماقة عند مستوى وعي صاحبها أو موقعه الأجتماعي او السياسي أو العلمي ، فهي حين تحدث ، وبغض النظر عن ماهية الفاعل ، فإنها تصبح وتمسي مثل فضيحة بجلاجل حسب المثل المصري المتداول ، ويسمى مرتكب تلك الحماقة بالأحمق .

لم يشر سجل الحماقات في أغلبه الى حماقة أكثر رعبا من الحماقة التي ارتكبها النظام في البحرين ، حين مسح ساحة اللؤلؤة الجميلة من الوجود ،معتقدا أنه سيمسح هذا الصرح الأنساني من الذاكرة الوطنية والشعبية البحرينية ، هذا الصرح الفني الذي أحتضن ولآسابيع عديدة هموم بشر أرادوا أن ينحتوها كهرم فوق ذلك الدوار الجميل ، وكأن حكام البحرين بهذا الفعل الشنيع يريدون أن يأكدوا بأن الحكام فقط ، هم الذين يدونون التأريخ ويكتبوه ، وإن ليس للشعوب من مساحة أو سجل لذاكراتها .
ولعمري هي حماقة من أكبر الحماقات في عصر الأنتر نت والفيسبوك ووسائل الأتصال الأجتماعي الأخرى وزحام السماء بالأقمار الصناعية التي تغطي كل سنتمتر فوق الأرض ، الى ما ذلك من تلك الأدوات ووسائل تسجيل ذاكرات الشعوب الحية والميتة في عصر التكنولوجيا المتقدمة ، وإلا لما حدث ما حدث في كل من ، تونس ومصر وما يحدث الآن في اليمن وليبيا وسوريا وكل الدول التي يكتب تأريخها حكامها فقط ، فالقائمة تطول حتى إنها تتجاوز منطقتنا .

دوار اللؤلؤة كما يسميه أهل المنامة بذلك ، لأنه يقع قرب مراكز تسوق اللؤلؤة ومريانا في المنامة ، وأسمه الرسمي هو ( دوار مجلس التعاون الخليجي ) الذي شيد في تشرين الثاني من عام 1982 إحتفاءاَ بإنعقاد دورة مجلس التعاون الخليجي الثالثة ،ونظرا لطول الأسم ( دوار مجلس التعاون الخليجي ) استبدله مواطنوا المنامة عفويا ومنذ سنوات طويلة بإسم ( دوار اللؤلؤة ) لقربة من المجمع المسمى بذات الأسم .. اللؤلؤة ، وليس كما تشيع أبواق الحكومة بأن التسمية جاءت من قبل المعتصمين تيمنا بأسم أبي لؤلؤة ، وهي حماقة تناسلتها الحماقات التي سبقتها .

ويعتز أهل المنامة عاصمة البحرين بهذا الأثر الفني الجميل الذي يرمز الى دول الخليج الست المتوجة باللؤلؤة التي هي رمز أهل البحرين والخليج الذين كانوا يمارسون مهنتهم الوحيدة المتمثلة بصيد اللؤلوء قبل أن يكتشف الغرب النفط والغاز في بواطن أرض الجزيرة وأمواهها ، فتتحول عباءات ودشاديش الصوف والوبر والعقال المقصب الى الحرير والذهب .

وحين تكون الحماقة شبيهة بالجريمة ، يتخبط الفاعل أو أهلوه في مستنقع التبرير ، وفي هذا المستنقع ينبت المضحك والمبكي معا ، فوكالة الأنباء البحرانية بعد هدم النصب في الدوار وتشطيبه تماما يوم 18 شباط قالت ما نصه " في إطار حرص الحكومة على تحسين الخدمات وتطوير البنية التحتية ، بدأت اليوم أعمال تطوير تقاطع دوار مجلس التعاون الخليجي ، وذلك لزيادة الأنسيابية في هذه المنطقة الحيوية من العاصمة " .
كان ذلك المضحك في مستنقع التبرير والكيفية التي يكتب بها التأريخ على الطريقة الرسمية .
إما المبكي في ذات المستنقع ، فهو ما قاله وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد آل خليفه " أن تدمير الدوار جاء لآننا لا نريد أن نحتفظ بذكرى سيئة " كما قال مسؤولون بحرانيون آخرون ، أن أسباب أزالة الدوار والنصب هو حتى لا يتحول المكان مستقبلا الى مزار .
الحماقة تلد حماقة ، وما حدث في اللؤلؤة إنما سيكون حاضنة لحماقات أكبر من أجل أن يبقى الخليفة او الحاكم أو الملك حكاما الى أبد الدهر ، وكأن ليس هناك من ذاكرات للشعوب تحفظ نوعها ، ففي ضنهم الواهم أن الذاكرات هي ذاكرات الحكام فقط لاغير .

دوار اللؤلؤة أستحق لقب الشهيد بجدارة ، لجدارة الجرارات وأدوات الهدم التي أطلقتها الحكومة ككلاب مسعورة ، فاحالته الى يباب في ساعات معدودة لتذر الرياح معه كل الذكريات التي كانت للناس فيه منذ ثلاثة عقود ولتطفي بذلك أيضا، مواقد المعتصمين التي إتقدت فوق سندس الدوار على مدى أسابيع الغضب والتطلب .

خوف مشروع
أخاف على وطني أن تحدث فيه حماقة كتلك التي حدثت في البحرين ، فيًهدَمْ نصب الحرية في ساحة التحرير ببغداد لنفس الأسباب التي هدم من أجلها نصب اللؤلؤة في المنامة ، بعد أن استمر النصب يحتضن في كل جمعة جموع المعتصمين بغضبهم الذي تضيق به صدورهم فيتحول في أحضان النصب الى صرخات مطلبية مسالمة لا يريد أن يسمعها غير نصب الحرية والمؤمنين به .


 

free web counter