| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

هادي الخزاعي

 

 

 

                                                                                   الخميس 5/5/ 2011

 

هل قُتِلَ إبن لادن أم لا يزال حياً ؟!

هادي الخزاعي

لم يعد أحد من كل سكان الكرة الأرضية ، وربما سكان كل الكون لا يعرف إن إبن لادن قد قتله الأمريكان بإعتباره عدوهم الأول ، والأهم بإعتباره القائد الروحي والعسكري والتنظيمي والعقل المدبر لتنظيم القاعدة الأرهابي .

هكذا أرادت أمريكا أن يعرف البشر ، كل البشر إن إبن لادن قد قتلته مجموعة كوماندوس من البحرية الأمريكية وفي وضح النهار في فيلته وبمتابعة مباشرة من الرئيس الأمريكي أوباما وفريق عمله الذي يعنيه الأمر .

وتفاوتت قناعات الناس بالخبر ، فهناك من لم يقتنع بكل ماقيل ، لأنه وُضِعَ أمام سيناريو أو نص مسرحي لم يعرض ، والنص المقدم للعرض يفتقد لترابط الحبكة التي بشر بها اوباما ، والتي عرضها أو فسر محتواها الناطقين بأسم البيت الأبيض . وطبعا هناك من اقتنع وهم الأغلبية بأن العملية نجحت وتم الخلاص من إبن لادن الى الأبد بعد أن صدقوا كل حرف نطقته الحكومة الأمريكية ، وأيدته الحكومة الباكستانية مباشرة .

ولأن ما قيل حتى الآن عن سير العملية يبدوا شحيحا وبلا تفاصيل ميدانية موثقة للحظة الحدث وما بعده بالصورة ، إلامر الذي يجعل من حق المتابع أن يضع العديد من علامات الأستفهام على ما عرض بشكل عام ، ولا أقصد أمر القضاء على أبن لادن ، فالأمر كما تطرحه امريكا وإعلامها الرسمي أصبح في حكم المنتهي ، وقد اكملت دفنه على طريقة البحارة والقراصنة ، ووارته البحر . غير إن العناوين التي تلت الأعلان الذي تفوه به اوباما ، كفيلة بأن تدفع المتابع أن يضع عبوات اسئلته في التسلسل الأمريكي الرسمي لرواية الحدث الذي يمكن اختصاره بالتالي : تكاملت المعلومة لدى المخابرات المركزية عن وجود بيت تبلغ قيمته مليون دولار في حي من أحياء مدينة ابوت آباد التي تبعد ساعة واحدة عن العاصمة الباكستانية إسلام آباد ، وقد لوحظ إن هذا البيت الضخم يخلوا من أي من وسائل الأتصال الحديثة . وكان هذا الخيط الأول والأخير الذي اعتمدته المخابرات المركزية الأمريكية للقضاء على ابن لادن . وبعد أن تجمعت لديها المعلومات على مدى أربع سنوات من المتابعة والمراقبة ، بأن ساكن هذا البيت شخصية إرهابية كبيرة ، ثم حسمت الشك بالقين عندما تابعت المراسل الخاص لأسامة بن لادن الكويتي ابو أحمد الذي يتردد على البيت وتيقنت من هوية ساكن هذا البيت الضخم فهاجمته بأربع طائرات هليكوبتر وبأربعين من وحدة المارينز المدربة لهذه الأغراض والتي تأسست منذ العام 1948، وقد سقطت واحدة من تلك الحوامات ولم يصب طاقمها بأي ضرر يذكر ، وجرى الأقتحام بسهولة حتى الوصول الى غرفة نوم إبن لادن الذي لم يكن معه أي سلاح ، ولكنه قاوم بأن وضع زوجته درعا بشريا لحمايته ، ثم أصابتة طلقة واحدت في رأسه فتهشم ، الأمر الذي صعب على الأمريكان عرض صورته إلا بعد إجراء التجميل المناسب ، كما حصل مع قصي وعدي أبناء صدام ، وبوقت قياسي أتصلت الجهات الأمريكية بكل الدول للسماح بدفنه في واحدة من تلك الدول ، فجوبهت بالرفضت ، بما في ذلك السعودية مسقط رأسه ، ولأن الشرع الأسلامي يقوم على مبدأ إن إكرام الميت دفنه ـ حسب الرواية الأمريكية ـ فقد دفنوه بالبحر بعد إلقاءه من على ظهر حاملة الطائرات كارل فينسون ، وكانت المراسم على الطريقة الأسلامية من حيث التغسيل والتكفين بالقماش الأبيض ، وقد جرى تغسيل الجثمان حتى لا يعتبر شهيدا ، فالشهيد حسب الشرع الأسلامي يدفن بملابسه وبالدماء التي تغطيه .

هذه مجمل الرواية الأمريكية في تعاملها مع ملف شيخ الأرهاب الذي كان ولا يزال ، وسيبقى من أسخن الملفات .

سيناريو بسيط وغير معقد وخالي من العقديات التي ترافق أفلام هوليود المشابهة لهذه العملية ، بل وصل البعض الى توصيف ما حدث بالمسرحية الساذجة . وهي فعلا ساذجة إذا ما ارادوها أن تمر بهذه التفصيلات البسيطة غير المقنعة .

من حق اي شخص أن لا يقتنع برواية الأدارة الأمريكية تلك ، وربما تدفعة بساطة الرواية الى الشك بدقة التفاصيل ، والشك مقدس بحسب القواعد التحقيقية ، فعلامات الشك تبدو كثيرة ومبررة عند الوقوف عند أصل الرواية الأمريكية للحدث التي لخصناها في أعلاه ، وعند الوقوف عند التعقيبات والتعليقات الصحفية او الحكومية او ما صدر من الرأي العام سواء التي جاءت من الباكستان أو من أماكن إخرى من العالم ، لا يجد المرء غير عدم صدقية الرواية لأسباب عديده لربما أهمها : -

1 - لايمكن ان تقوم أمريكا بقتل إبن لادن في معركة غير متكافئة من جانبه ، لأنه كان بلا سلاح حسب ما قالت هي. والمهاجمون بلغوا أربعين جنديا ، ولم يجرح او يخدش أي منهم بما فيهم الطاقم الذي سقطت طائرتهم ، وهذا يعني سهولة القبض عليه حيا .

2 - ما الذي ستستفيد أمريكا من قتله !؟ وهي التي حلبت سجناء كوانتونامو حلبا من أجل أي معلومة تفيد في تتبع شبكة خلايا القاعدة الصاحية والنائمة، فهل يعقل أن تقتل ضالتها الذي لدية كل اسرار القاعدة .

3 - السرعة العجيبة التي غيبت به جثمان أبن لادن في البحر ، والأدعاء بأنها قد قامت بطقس الدفن وفق الشرع الأسلامي وإن اكرام الميت دفنه ، وأعتقد إن كل تلك الفبركة حتى تقطع الطريق على الذين يطالبون برؤية جثته من باب التأكد من موته على الأقل سواء كانوا صحفيين او مواطنين عاديين .

4 - إن قتل أبن لادن لا يعني نهاية القاعدة ، فهذا التنظيم ينتشر على مستوى عالمي وأن ما تعرفه المخابرات الغربية عامة والأمريكية خاصة عنه لايشكل كل شيء ، فالتهديد الذي تخافه امريكا ليس من أبن لادن بحد ذاته وإنما من التنظيم الحديدي الذي يصعب إختراقه ومعرفة خارطته إلا من شخص مثله .

5 - التصريح الذي ساقته فرقة الهجوم على البيت ؛ بأن الأوامر كانت تقضي بقتله وليس أسره ، انما هو تصريح عَجول وغير مقنع بعد تلك السنوات الأربع التي كانت تراقب به المخابرلت الباكستانية والأمريكية ذلك البيت . بدلالة تعقب مراسل أبن لادن (ابو أحمد) طيلة هذه السنوات .

كما إن هناك العشرات من الأسباب التي لايعقل معها أن تقتل امريكا عدوها اللدود وتطمره في البحر وتطمر معه كل أسرار القاعدة .

6 - بقاء أبن لادن حيا بين أيدي الحكومة الأمريكية يعينها على اخذ المعلومات المطلوبة منه دون أن تقع تحت ضغط الصحافة ورقابتها كما حدث ويحدث مع معتقلي سجن غوانتونامو إذا ما أدعت أنها قد صفته ورمته بالبحر , وهي بذلك تمسح أي أثر لوجوده لتتفرغ له .

7 - هل يعقل أن تترك امريكا عائلته في عهدة الباكستان وتأخذ فقط جثته المشوهة كما تدعي ؟

8 - وجود أيمن الظواهري وسيف العدل وأنور العولقي وأبو يحيى الليبي أحياء أمر يعني إن القاعدة لم تنتهي بمقتل أبن لادن ، فالظواهري الذي تعرفه أمريكا جيدا بأنه بمثابة خارطة طريق أبن لادن في نشاطه الجهادي والعقل المهندس لعمل القاعدة بشكل عام ، إلا إنه يفضل أن يبقى الرقم 2 في القيادة حسب تعبير حسن الزيات محامي الأصوليين . والأمر ينسحب على بقية الأسماء الذين يشكلون تسلسلا هرميا وأفقيا لقيادة القاعدة ، فوجودهم خارج القبضة الأمريكية يشكل أمرا واحدا ؛ هو أن تنظيم القاعدة قائما ، ومخاطره على المصالح الغربية يبقى قائما بوجودهم . فهل تخلت امريكا عن حساباتها الأمنية لتقتل إبن لادن في عملية خططت لها لتقبض عليه حيا ، وبأقل الخسائر .

9 - ان الأعلان عن مقتل اسامة بن لادن ، او قتله ما اشاعت امريكا ، لا يتناسب والجهود التي كانت تبذلها طيلة العشر سنوات الماضية من أجل القبض عليه ومحاكمته على الجرائم التي اقترفها ضد الأمريكيين نساءا ورجالا وأطفال أبرياء ، كما جاء في كلمة اوباما . والخسائر الهائلة التي تكبدها دافع الضرائب الأمريكي من أجل ملاحقة أبن لادن وتنظيم القاعدة هل تذهب مجانا . إن الحساب الأمريكي في قتل بعملية عسكرية مضمونة لا يتساوى فيها حساب البيدر والحقل .

وعموما فإن ما أعلنه اوباما من القاعة الشرقية في البيت الأبيض في خطابه العاجل قبيل منتصف ليلة الأحد 2مايو : - يمكنني إخبار الشعب الأمريكي والعالم بأن الولايات المتحدة انهت عملية قتل أسامة بن لادن زعيم القاعدة وأرهابي مسؤول عن مقتل الآلاف من الرجال والنساء والأطفال الأبرياء... إن بلدنا إلتزم بوعده وتحققت العدالة .

كانت تلك الجمله قد قرعت ناقوس الأعلان عن تصفية إبن لادن . وأقتنعت أمريكا والعالم بذلك ، ولا يوجد أدنى شك من مقتل أبن لادن , غير أن ضعف رواية تفاصيل الحدث ترك المتلقي يضرب أخماسا بأسداس حول تلك التفاصيل وصولا الى عدم تصديقها .

ومن بين الشكوك المنطقية بأن اسامه بن لادن لايزال حيا وفي عهدة أمريكا هو التعمد في نشر اي ملموسية عن عملية الأنزال والأقتحام لبيت أبن لادن .

امريكا لا تريد أن يناطحها أحد على ما تريد أن تقول ، حول مقتل اسامة بن لادن . وبالسيناريو التي تريد .

غير ان الغد كفيل بأن يضع الأدعاءات الأمريكية على المحك ، فهي مطالبة أولا وأخيرا بعرض صور أبن لادن أو عملية الأقتحام ذاتها ، فهي مسجلة بعد أن شاهدها اوباما وطاقمه مباشرة في الغرفة السرية بالبيت الأبيض ، وهي تنقل لهم بالأقمار الصناعية .


 

 

 
 
 
 
 
 

free web counter