| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

هادي الخزاعي

 

 

 

الخميس 4/2/ 2010



مليوصه يا نوري المالكي

هادي الخزاعي

( مليوصه يحسين الصافي ) جملة أثيرة شهيرة تناثرت في الوجدان العراقي أبان سنوات الستينات بعد قيام ثورة 14 تموز 1958 ، حينما عين السيد حسين الصافي ـ وهو سياسي من أهالي مدينة الديوانية قومي الأنتماء ـ متصرفا ( محافظ ) للواء ( محافظة ) كربلاء . وحينما واجهة السيد الصافي مشكلة سياسية استعصى عليه ايجاد حل لها ، ردد هذه الجملة الذكية التي صارت مثلا عند العراقيين : مليوصه يحسين الصافي .


أن هذه الجمله ، او الهوسة ، او الكفلة الشعبية العراقية ، تشبه في سياقها التأريخي ، القنبلة الصوتية التي حينما تتفجر فأنها يمكن ان تجرح ولكن لا تقتل ، ويبقى صداها يصم الآذان فترة طويل .

ولا تزال هذه الأهزوجه او الهوسة الشعبية العراقية ، كامنة كاللغم في العقل والوجدان السياسي والأجتماعي العراقي ، تتفجر في الذاكرة العراقية ، كلما صار الوضع معقدا ، ولا يهم ان كان هذا الوضع ، سياسي أو اجتماعي او مشكلة شخصية تَضَبَبَ حالها فلا يجد لها صاحب الأمر مخرجا ، فيردد مأسورا ، وأحيانا بلا وعي ، الجملة الأثيرة " مليوصه يحسين الصافي " .

وما اشبه اليوم بالبارحة . فمن المؤكد ان السيد رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ورئيس حزب الدعوة الذي بيده مقاليد البلاد والعباد ، قد قفزت الى حاضرة ذاكرته جملة ( مليوصه يحسين الصافي ) ، وهو يواجه هذا الألتباس في الوضع السياسي العراقي أثر تسونامي عودة البعث الى الحياة ، ولربما بهيئة دراكولا ، أو بهيئة الحمل الوديع كما يريدها العم بايدن . ولكن لابد ان المالكي قالها بصيغة التعصير والأعداد ـ كما نسميها نحن المسرحيون ـ فخرجت " مليوصه يا نوري المالكي " .

ومرد الألتباس ( اللوصه ) ، انه لم يعد من شارد او وارد ، إلا وقد وضع بصمته على جبهة المشهد السياسي العراقي , وحشر انفه ولسانه ليفتي بفتواه عن أمكانية ان يعود البعث أو لا يعود . يعود كحمل وديع ، أو دراكولا يمتص الدم ، ليستمر بالحياة ، لا يهم ، فليس مهما ان يعود هذا الحمل او الدراكولا بشخوص المطلك والعاني وبقية المجتثين او أن يعود بسواهم ، المهم ان يعود البعث .

هكذا تشير سيناريو المشهد السياسي الذي تأبطت ملفه القائمة الوطنية العراقية وقائمتكم وبقية القوائم التي اخترقها المجتثون حين غلبت صراعاتكم الثانوية مع الآخرين من اجل المناصب ليغيب الصراع الأساسي الذي يجب ان يكرس لمحاربة الأرهاب والفساد المالي والأداري الذي استشرى في الحكومة التي تقودون ، وفي الدولة التي تنتمون أليها .

وأعتقد أن الألتباس أوالتشوش ( اللوصه ) الذي ينسج المشهدية السياسية العراقية قبيل الأنتخابات ، هي كثرة الآراء المتنافرة التي نسمعها بين لحظة وأخرى ، بين من يريد أن يجتث البعث كممارسة وسلوك ، وبين من يريد عكس ذلك . فيلوح المشهد هلاميا أمام السيد المالكي ، شائك ما يطلع منهه راس ، مما يجله في موقف شبيه بموقف السيد الصافي فيردد : مليوصه يا نوري المالكي .

ان هذا المشهد السياسي الملتبس ، بات نتاجا مشتركا لما تريده دول الجوار وغير الجوار ممن يسبحون وراء المحيطات ، فالبعث عزيز وقد أنفق علية دم القلب . فهل من المعقول يفرط به هكذا ويروح فدوه لأيران .. معقوله ؟!
حينما اضع نفسي في موقف السيد المالكي الذي سمح بأشعال فتيل هذه الفتنه حينما نطقت هيئة المسائلة والعدالة ـ وليتها لم تنطق ـ بقرارها الذي يفتقد الى الحنكة السياسية رغم ان رئيسها وكبير مرؤسيها يَدْعَّونَ عكس ذلك . فلم تعتريك الحكمة في معالجة الموقف وتسائلها هي ، بل رحت أنت وعلى خلفية قرارات هيئة المسائلة تبشر بمجئ البعث المهزوم ، عبر تحذيراتك غير المبرره عن عودتهم في كلماتك النارية بالمحافل التي لا تقتضي وجودك ، بل يكفي من يمثلك ، وكأن نظام الحكم الذي تمسك بتلابيبه لا يعدو ان يكون سوى بناء كارتوني هش لا يستطيع مواجهة حتى الموتى . أذن اين الحكمة منك ليكون الأحتكام ناضجا فاعلا يرسم غد العراق بلا غضون .

أقول حينما اضع نفسي مقام السيد المالكي وأنا أرى اوار الفتنة المحتملة أن يستعر، والذي إستعر فعلا ، ولم يعد ينفع في اطفاء هذا السعير ، لا تصريح تبلعه الريح ولا بيان مهدد من هذا الطرف او ذاك ، أقول وبملء فمي (مليوصه) .

ولا يبقى أمامي عندها سوى الأستعارة من التأريخ ، لأشاهد كيف كانت تحدث الفتن .
انها الفتنة يا رئيس الوزراء وانتم من اشعل فتيلها .

 


 

free web counter