| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

هادي الخزاعي

 

 

 

الخميس 24/6/ 2010



هوية الجماهير التي هبت
لا تغير من اسباب هبتهم

هادي الخزاعي

يتداول العراقيين مثلهم الشائع ( أكثراللحاح يطك اللحيم ) المعبأ بمغزى كبير ، حين يسيء أو يجني طرف بغير وجه حق ولمرات متكرره على طرف آخر . وهذا المثل لا يقف عند أية حدود ، بل هو عابر لكل مقدس .

واليوم في العراق ، وبعد الألحاح المتزايد بعدم توفير الخدمات للناس وأهمها الكهرباء بعد أن كفوا عن المطالبة بأي خدمات ، ولما لم تأتيهم الكهرباء ، فقد ( طكّت الوادم ) .

فالجماهير التي تتصاعد وتائر هبتها ، أو إنتفاضتها المحتجه الآن ، ترسم في الأفق السياسي العراقي تجارب هبات شبيهة بالتي تحدث حاليا في العراق المنحور بسكاكين الأحتلال والسكاكين المثلومة لسياسييه الذين تناسوا الوعود التي قطعوها بجنة أرضية تملئها الخيرات ( مي وكهرباء ) لمن ينتخبهم .

هذه الوعود المغشوشه يمتد زمنها الى انتخابات 2005 ، وبدلا من ان يتوحد السياسيون من أجل العراق الجديد ، ألفناهم ، وهم من قائمة واحدة متوحدة ، يتصارعون على من يكون حاكما بأمره ، تماما كما يحدث الآن ، سواءا بين المتحالفين أو بين المتخاصمين . وتحولت الوعود التي أكتضت بها البرامج الأنتخابية لقوائمهم ، الى حبر على ورق ، طيرتها الريح الطامحة بالمجد الشخصي ، الى أدراجٍ ٍ ورفوفٍ عالية لا تطالها يد .
ليبقى العراقي متفرجا شاخصا بأبصاره المتحسرة ، في كل الأتجاهات ، عل من فرج بشر به اصحاب الوعود ، أقلها الماء والكهرباء ، وصار حال العراقي كحال المستجير من الرمضاء بالنار .

وفي زحمة ما تفرزه هبات الناس من أجل الكهرباء ـ قتيل وجرحى ـ يأتينا أكثر من جهينة بخبر لا يستقر على يقين . وفسر هؤلاء الجهينات ، حسرة الناس الى الكهرباء في وغرة الصيف ، بأنها ذات طابع سياسي ، ومن يقف خلف ما يحدث هي القوى السياسية التي لها مصلحة في خلق ازمات في البلد ، من اجل سحب البساط من تحت أقدام رئيس الوزراء المصر على رئاسته للمنصب ، رغم الفشل الذي منت به سياسته الخدمية طيلة دورة أنتخابية بالكمال والتمام ، فزادت اسعار الوحدات الكهربائية في مكان ، وتقلصت مفردات الحصة التموينية في مكان آخر ، وفي أماكن كثيرة أخرى صارت الكهرباء سراب ، والماء الصالح للشرب رذاد تتقيئه خراطيم مياه شرطة مكافحة الشغب ، على المنتفضين والهابين من أجل نسمة كهرباء ، حته لو ينتل او يموت . وكذلك تعثر الأمان بأنفجارات وسرقات وحرائق... أما درجات الحرارة ، فلا يعنيها غير صعود حامي لتصل الى طباخات الرطب ، وعند ذاك (الله اليستر) .

والمضحك في الأمر ، أن أغلب اصحاب هذا الرأي ، هم من يمسكون بزمام الأمور وفي أياديهم كل مفاتيح الحلول سيما وان العراق غارق في واردات النفط السائبة التي بسببها زاد المختلسون وقل المتعففون ( المال السائب يعلم على السرقة ) ، وتحولت هوية اصحاب الهبة ، او الأنتفاضة ( عند من يريد أن يلغمط الأمور ) الى هاجس يكبر مثل كرة الثلج التي كلما انحدرت ، انحدر معها وفيها الجهينيون ـ نسبة الى جهينة صاحب الخبر اليقين ـ او ذوي هواجس نظرية المؤامرة ، أو اللذين تسربلوا بجلباب الدين تارة ، وتارة بالوطنية الزائفة ، حتى تكاد أن تضيع بين هذه الهواجس غير المبرره ، دواعي هبة الناس او انتفاضاتهم الحالمة برفيف كهرباء الوطنية .

وبدلا من الحلول والبدائل لأخماد غضب الناس وجزعم ، فتمخض الجبل عن وجوب ترشيد استعمال الكهرباء ، ثم استحال الحديث على المستوى الرسمي الى تساؤلات ومتابعات عمن سَبَبً هذه الهبات أو التظاهرات المحتجة على سوء الخدمات التي يجب ان توفرها الدولة والحكومة للمواطن ، وكأن هوية المحتجين ستفتح خزنة الحلول ، فضاعت بين تلافيف هذه الخيالات ، حقيقة أساسية ، هي حاجة الناس الى كهرباء وهم يواجهون صيفا لا يرحم . وبغض الطرف عن هوية من هب أو انتفض ، فإن جوهر القضية ( الله يرحمك ناظم حكمت ) هي حاجة الناس ، كل الناس ، طائفي او إرهابي ، دعوجي يو بدري ، مياحي يو مهداوي ، علماني يو ديناوي ، مجلسي يو إصلاحي ، مصلاوي يو بصراوي .... المهم الكهرباء يا حكومه .... المهم الكهرباء يا أشراف ... .............

أتمنى ان لا تتحول سالفة الكهرباء ، وتوفير الخدمات للمواطن ، الى ما يشبه سالفة ( .... والبزونه .........) ، ففي احد الدواوين ، روى احد الحاضرين خبرا عن سفر خمسين وزيرا من دول مختلفه كانوا يحضرون مؤتمرا دوليا حول الكهرباء ( هاي من عندي ) بطائرة واحدة . وكانت لدى الوزير الأمريكي قطة جميله ، لا تشبه أي من قطط الأرض ، وكانت لظرافتها تداعب جميع الوزراء الذين يداعبوها ، ولم يعد واحد منهم إلا ويتمنى ان تكون ملكه .

لقد ملكت قطة الأمريكي ألباب السامعين في الديوان . وإستمر الراوي في روايته عن الطيارة وركابها التي أصابها عطب أثناء الطيران حين داهمتها عاصفة عاتية ، جعلت الطائرة تهوي الى الأرض ، فتحطمت ومات جميع الوزراء ... وكأن للحاضرين في الديوان فم واحد وهم يقولون بدهشة : والبزونه ................


 

free web counter