| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

هادي الخزاعي

 

 

 

                                                                                   الأثنين 14/3/ 2011



حكومة المالكي رهانها 100 يوم والجماهير رهانها الجُمَعْ 

هادي الخزاعي

كان يوم جمعة الأصرار 11 آذار متميزا بحسن تنظيم المعتصمين في ساحة التحرير ببغداد لأعتصامهم ، وهذا ليس غريبا على تضاهرهم المطلبي الحضاري المتسم بالسلوك السلمي ، ليس في بغداد وحدها ، بل في جميع مدن العراق ، وحيثما كان هناك معتصمون او متظاهرون يطالبون بقضايا مطلبية لا يعمدون فيها الى العنف او التخريب ، ذلك لأنهم لا يتقاطعون مع النظام القائم ، كونه وبكل بساطة ؛ نظامهم الذي يستمد شرعيته من صناديق الأقتراع يوم توجهوا إليه يوم الأنتخابات وصوتوا ، رغما عن كل ما جرى من تصرف يشوبه الشك لتغيير النتائج ، وهو ما طالب به المالكي نفسه بوجوب إعادة الفرز المتعلق بقائمته دولة القانون ؛ للشكوك التي أثارها حول التزوير الذي طال قائمته .

ولكن مهما قيل عن نتائج تلك الأنتخابات ، حقا أم باطل . لكنها بقيت كما هي رغم التزوير الذي جرى بحق قوائم غير قائمة المالكي او قائمة علاوي ، اللتان كانتا تتصارعان من أجل أن تتسيدا لتصفية الحسابات .

 

مر يوم جمعة الأصرار تلك ، بعد أن مرت قبله جُمَعْ الغضب والكرامة  ويوم الندم الذي سجل المعتصمون والمتظاهرون في جمعها حضورا نوعيا ، حين تحدوا في ذلك التواجد ، كل ضغوط السلطة بشخص المالكي والمرجعيات وأجهزة الجيش والشرطة والأمن كل بوسيلته ، لما طالبوا الناس بعدم التظاهر ، حتى يكبح غضب الجماهير على الحكومة بسبب سوء الحال الذي يعيشه العراق ومواطنوه .

ويبدو إن أيام الغضب ستستمر ، فالجماهير إختارت رهانها في الأعتصام والتظاهر الى أن تربح رهانها ، بتحقق تطلباتها المشروعة ، التي تضعها فوق طاولة الحكومة بقوة ، رغم العنف الذي يمارس ضدها من قبل قوات الأمن والشرطة التي ادعت على لسان الناطق بأسمها اللواء عطا ؛ بأن هذه القوات ستقوم بحماية المعتصمين ولن تتعرض لهم أو تضايقهم .

 

لم يبق أمام الجماهير ـ ولو بأقل الأعداد ـ إلا أن تبقي رهانها على أيام الغضب قائما ، لتكون طريقا للوصول الى تحقيق أهدافها .

 

أما رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والداخلية والأمن الوطني وكالة ، السيد نوري المالكي ، فقد وضع رهانا على مئة يومه ، للبدأ بتحقيق مطالب المواطنين ، وقد تبنى هذا الرهان مجلس الوزراء في جلسته الأعتياديه في الثامن من آذار ، والذي صاغه بأربعة أبواب، ونقله المالكي بدوره الى مجلس النواب .

في جلسة المجلس المنعقدة في العاشر من آذار تلك ، تم بحثه مع تقارير المحافظات المعدة عن أيام الغضب .

في هذه الجلسة لم يكن السيد المالكي ـ المستضاف اليها ـ موفقا في ترحيل اسباب النقص الحاصل في الخدمات الى النظام السابق والأرهاب وسوء الوضع الأمني . علما بأن أغلب الأسباب تعود الى السرقات الكبرى التي جرت أغلبها في فترة رئاسة المالكي للوزارة . ورغم إن الفساد المالي والأداري عم كل الوزارات ، إلا إن أكثرها فضائحية هي وزارات التجارة والكهرباء والداخلية والدفاع ؛ إذ بلغت أكثر من ثلاثة مليارات دولار ( كانت حصة كل من وزير الدفاع الأسبق الشعلان في وزارة علاوي نصف مليار دولار ، ووزير التجارة الأسبق السوداني اربعمائة مليون دولار ، ووزير الكهرباء السابق قرابة الملياري دولار لتوقيعه عقودا لتوفير الطاقة الكهربائية ، ولكنها لم تتحقق أي تقدم في الكهرباء أو زيادته ، رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على تلك العقود ، ومئات الملايين من الدولارات في وزارة الداخلية أثر شراء صفقة السونارات الفاشلة ) .

لقد استشرى الفساد المالي والإداري بكل الوزارات التي كان السيد المالكي رئيسا لوزرائها ، رغم ادعائه الدائم بمحاربته الفساد .

في هذه الجلسة طرحت أيضا ، توصيات اللجنة النيابية المشكلة  للنظر بالمطالب المشتركة للمتظاهرين , وكانت هذه التوصيات مكونة من 23 توصية .

يمكن تقسيم هذه التوصيات الى قسمين ؛ الكبير منها ، يمكن أن تتحقق في وقت قصير جدا لو جرت متابعتها بجدية ، والقسم الآخر ينتظره زمن طويل نسبيا . غير إن جميع هذه التوصيات بكليتها لو تحققت  فسوف لن تكون هناك من أيام غضب تزعج أحد . ولكن من المؤكد أن السيد المالكي سوق يخسر رهانه ؛ لأن خارطة طريقه للأصلاح والخالية من محاربة الفساد في الدولة ، يقتضيها حرق المراحل وقتل البيروقراطية ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب ومحاسبة المقصرين بقوة وبشكل علني ، وحتى تنجح هذه المحاسبة يتوجب وقف العمل بمبدأ المحاصصة الذي لم يحقق للحكومة السابقة التي راسها السيد المالكي غير الفشل .

 

الا إن السيد المالكي حتى يقطع الطريق أمام المواطن في تحقيق تطلباتهم ؛ طالب البرلمان بصلاحيات أكثر وأكبر مما لديه الآن ، حتى يمكن له أن ينفذ مشروعه ويضمن نجاح رهانه ويحقق للجماهير مطالبها .

 

لكن مبدأ " فاقد الشيء لا يعطيه " مطبق على خناق خارطة طريقه وعلى توصيات مجلس النواب ! فمن أين ستربح الرهان يا سيادة رئيس الوزراء؟

 

لقد وضعت الجماهير بطاقة تحديها على طاولتك يا سيادة المالكي ، فإما تحقيق مطالبها او أستمرار بالأعتصام ! الذي لم يظهر منه سوى ربعه ، وأما ثلاثة أرباعه الباقية ، فإنها ستكون أرباعا هائلة .

 

 

free web counter