| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

هادي الخزاعي

 

 

 

الخميس 14/5/ 2009



رثاء لفنان مسرحي عراقي
ابتلعته وحشة المنفى

هادي الخزاعي

ليلة اكتملت مسرات زرادشت ، وشارف القمر الفضي الطالع على مغادرة عرشه المداري ، قال : --
-- تعالوا ... تعالوا... هيا تعالوا فقد دنت الساعة ، هيا بنا الى الليل !
وحال مغادرة القمر لليل ، فقد حط زرادشت رحاله فيه في رحلة الأبد !

ومنذ ايام مرت ثقيلة ، استبدل الفنان المسرحي العراقي رزاق اللامي نور روحه ونهارات ابتساماته بليل ابدي في رحلة التراب الذي اليه نعود .

لقد ذهب رزاق الى الليل ليسامر وحدة كانت قد استحوذت على كل أنسانيته ، وبكل التفاصيل ، وهو يكرع الموت غصة اثر غصه ، بعد ان وزع المرض ذراعاته التي لا فكاك منها على كل روحه العائمة على نسيج آلامه .

لم اجد غير صورته وهي تأفل عندما علمت ان صديقي رزاق قد أفل، بعد ان أودعه مرض عضال في جبه المعتم .
وقد تضاعف حزني عندما غبت عن جنازته ، فلم اهل على نعشه التراب وهو يوارى ، ولم اضع على مثواه زهرة وداع كان حري بي ان اضعها .. سوف يسامحني رزاق ، فقد كنت في طريقي الى الوطن ، الذي طالما منعه المرض من رؤية العراق .

كم كان مكرها على ذلك ، رغم انه طالما تمنى ان تطأ اقدامه عتبة العراق لتجوس اقدامه تراباته وتعطر شذاه رئتاه
ما كان امامي غير ان ألج تداعياتي عنه ، فقد سابقتها كي اصل الى اولى محطاتنا التي ارتحنا منها سوية الى عالم المسرح . كان صديقي الراحل رزاق اللامي يسابقني في هذه التداعيات من مسرح الى مسرح ومن مقر فرقة الى اخرى . من مسرح معهد الفنون الجميلة في كسرة بغداد الى الى مسرح بغداد ، ومن مقر فرقة مسرح اليوم الى مسرح الستين كرسيا في مقر فرقة المسرح الشعبي في عمارة الأخوان وهو يتأبط كتابا لم يكمل قراءته بعد ، ليسرني بفكرة مسرحية ركبت كل افكاره .

اذكرك رزاق يوم كنت تبيع الصحف في ساحة النهضة وكيف كنت تكد لتسقي رفوف مكتبتك العامره بكتاب جديد .. اذكرك رزاق بلكنتك العمارتليه، فأنت القادم مع عائلتك من مدينة الطين والقصب ، مدينة العماره ، والتي لم تفارق اخلاقها الحميدة حافظة اخلاقك الطيبة التي كانت عنوانا لك في كل فصول حكاياتك .

رحل الفنان المسرحي العراقي رزاق اللامي بصمت عن عالم يصخب بالنكرات ، رحل رزاق دون ان يبل شفاهه بماء الفراتين ، وأظنه سيبقا عطشا رغم رحيله الى امواه العراق الذي احبه بكل ما يملك الفنان من ادوات فنه ، وبكل مقاسات المصداقية التي عودنا عليها .

وداعا ايها الفنان الذي كان يحلم .. وداعا رزاق اللامي رغم انك ستبقى في ضمير ووجدان اصدقائك الكثر وأنا واحد منهم .


صديقك الوفي
هادي الخزاعي

 


 

free web counter