| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

حيدر قاسم الحجامي
Hah_qas@yahoo.com

 

 

                                                                                                      الأحد 22/5/ 2011

     
 

هل تصلح الناصرية عاصمة ثقافية للعراق ؟

حيدر قاسم الحجامي
Hah_qas@yahoo.com

تخضع عملية اختيار أي مدينة كعاصمة ثقافية لاعتبارات عديدة لا بد تتوفر فيها كي تصلح إن تكون تلك المدينة عاصمة ثقافية لذلك البلد ، وليست عملية عشوائية ، فهل يصلح إن تكون عاصمة العراق الثقافية مدينة استحدث قبل بضعة عقود ولم تكن مؤثرة في المشهد الثقافي ولا متفاعلة فيه .؟. كما قدمنا يتطلب اختيار أي مدينة عاصمة ثقافية عدة مواصفات اهمها إن تكون المدينة ذات بعد تاريخي راسخ ممتد ، حتى تكون المدينة حاضرة تاريخية وتتمتع برمزية ثقافية تجعلها مركز جذب سياحي واستقطاب ثقافي مهم وتجعل من اختيارها عاملاً مهماً في تنشيط حركة استكشاف التراث لهذه المدينة ، ايضاً يتطلب إن تكون المدينة حاضرة من خلال من رموزها الابداعية الفاعلة التي تركت اثراً واضحاً في سيرورة الحياة الثقافية في البلد ، يضاف الى هذه الاعتبارات ضرورة توفر البنى التحتية لاحتضان الفعاليات الثقافية المتنوعة كالمسارح ودور العرض السينمائي والمكتبات العريقة والقاعات الثقافية والمرافق الحيوية الاخرى التي من شأنها انجاح الفعاليات الثقافية المتنوعة ، وفوق ذلك كله يجب إن تكون هناك رؤية واضحة لدى السلطات القائمة في المدينة تجاه الثقافة و المثقف ورسالته ، فيجب إن يكون موقفها واضح غير ملتبس كما حصل في عدة محافظات عندما اعترضت ادراتها على انشطة فنية وثقافية معينة ، عند توفر هذه الشروط مجتمعة ستكون تلك المدينة مؤهلة لتصبح بؤرة مركزة عاكسة للمشهد الثقافي في البلاد.

خطوة العواصم الثقافية في العراق خطوة رائدة كونها تعيد بث النشاط و الحيوية في اطراف الجسد الثقافي التي تعاني من تهميش تاريخي نتيجة لاستحواذ المركز على الضوء والاهتمام الكبير كنتيجة لتركز مؤسسات الدولة في العاصمة ، بينما يقبع المثقف منسياً في الاطراف هو ونتاجه ، واذا كان الاختيار قد وقع من قبل على النجف وبابل والبصرة وكركوك فأن هذا الاختيار كان موفقاً فهذه المدن تصلح فعلاً لان تكون عواصم ثقافية لانها تمتلك اغلب إن لم يكن كل المقومات اللازمة التي يمكنها إن تنجح عملية الاختيار ، فكل المدن التي شهدت هذه الفعاليات كانت ذات تاريخ طويل وعمق تاريخي اصيل ، وكلها كانت تحتوي اسماء لامعة في سماء المشهد الثقافي العراقي والتي تركت اثراً في تاريخ الثقافة العراقية واصبحت رموز ثقافية مهمة كالسياب ومحمد خضير في البصرة وطه باقر و المؤرخ الكبير عبد الرزاق الحسني في الحلة وجماعة كركوك الفنية التي تركت اثراً بارزاً في الثقافة العراقية ، ايضاً تمتلك تلك المدن بنى تحتية جيدة مكنها من احتضان الفعاليات الثقافية المهمة وادت الجامعات فيها دوراً رائداً في انجاح هذا الاختيار من خلال تبنيها لسلسة من النشاطات الثقافية والابداعية . لنعد الى الناصرية فالمدينة عريقة تأريخياً ففيها واحدة من اعرق واقدم حضارات العالم وهي قبلة للعالم اجمع نظراً لاحتوائها على رموز تاريخية شاخصة ودينية ، ويسجل للمدينة موقعها في وسط الجنوب العراقي الذي جعلها محاطة بحضارات بلاد وادي الرافدين المتعددة ، وهذا اول العوامل ولكن هذه الاماكن مهملة ومنسية وتعاني من مشاكل اقل ما يمكن وصفها بأنها مستعصية ، لكن ما يؤسف له ُ حقاً إن المدينة ولدت مبدعين كبار في مجالات الابداع الثقافية الا إن اغلبهم غادر المدينة اما نحو العاصمة بحثاً عن الضوء وفرص الانتشار او نحو خارج الوطن ففقدت الحياة الثقافية نسغها رغم وجود نخبة لاباس بها من الكتاب والشعراء والمسرحيين والمثقفين التي تحاول إن تثبت فاعليتها وحضورها من خلال المشاركات المتواصلة في المهرجانات والمسابقات الثقافية وحققت حضوراً طيباً في هذا المجال ، وشهدت الناصرية خلال مراحل تكوينها وتطورها ولادات لرموز ابداعية في مجالات الفنون والشعر وظلت تطرز صدرها بفخر ولسنا ببعيدين عن شاعرها رشيد مجيد وقيس لفتة مراد ومصطفى جمال الدين وغيرهم وفنانيها الكبار . لكن المدينة تعيش فقر مدقع في مجال البنى التحتية الثقافية التي من شأنها انجاخ هكذا فعاليات مهمة إن اختيرت الناصرية عاصمة ثقافية للعراق ، وهنا لا بد من التذكير بأن مجلس المحافظة مطالب اكثر من غيرهِ بايلاء المشاريع الثقافية اهمية كون الثقافة عملية منتجة فالنشاط الثقافي يمكن إن يعزز نشاطات أخرى كالسياحة والاستثمار وهذا الذي تبحث عنهُ المحافظة ، كذلك على يقع على الجامعة الدور الاكبر كونها الفضاء الاوسع للثقافة والمثقفين وان تنتهي هذه القطيعة بين المثقف والجامعة وان تبادر الجامعة الى فتح افاق التعاون الجاد مع الاتحادات والتجمعات الثقافية في المدينة .

free web counter