| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حيدر قاسم الحجامي
Hah_qas@yahoo.com

 

 

 

                                                                                                      السبت 19/3/ 2011

     

متظاهرو الفيس بوك : عليكم بالدستور

حيدر قاسم الحجامي
Hah_qas@yahoo.com
 

لم تكن كل سنوات المطالبة والتذمر والملل كافية لتسمع ساسة عراق ما بعد التغيير صوت الناس أو تجبرهم على إن ينصتوا على الأقل لصوت الجماهير التي غلبها وتغلب عليها يأس شديد بعد أمال علقت على إن يبني الأمريكان ديمقراطية عراقية نموذجية كما قالوا عند دخلوهم بغداد "محررين" لا فاتحين ...

نكث المحتل بوعوده وأنصت باصغاء واهتمام لمصالحه التي جاء من اجلها ، ولم يعد يلتفت الى الديمقراطية المنشودة ، انشغل الساسة في حصون المنطقة الخضراء بتقاسم السلطة التي ورثوها من صدام حسين وحزبه ، لتتوزع بين أحزاب متنوعة اجتمعت على مبدأ واحد لا غير هو تقاسم الكعكة العراقية .

جاءت ثورات الشعوب العربية لتزيد من اشتعال الرغبة الكامنة والمكتومة بفعل تأثير أيدلوجيا الطائفية وسطوة التعصب إلى إن تمرد شباب الفيس بوك وأعلنوا عن مطالب إصلاحية ونجحوا لأول مرة إن يجعلوا الساسة يسمعون هتافات عالية "الشعب يريد إصلاح النظام".
سمع الساسةُ أصوات الناس العالية وهي تنادي بالإصلاح السياسي والإداري وتحذر من غضبة جماهير إن أتت فأنها لا تبقي ولا تذر ، استجاب الساسة سريعاً خفضوا مرتباتهم الكبيرة إلى مرتبات يمكن وصفها بالمقبولة ، ووعدوا العاطلين بفرص عمل ، عزل محافظين محسوبين على رئيس الحكومة ، وعدوا بحصة تموينية للمواطن ، هل هذا كافً لإسكات أصوات المحتجين ، شخصياً اعتقد إنها غير كافية ، فالمشكلة اكبر وأعمق من كل هذا المطلوب ، المشكلة دستورية .!.

نعم فدستور البلاد المستفتى عليه لم يكن كاتبوه يعون ما يفعلون أو يعون ولكنهم أصروا على تفتيت السلطة وتوزيعها بشكل يصعب على أي مفصل في الدولة اتخاذ أي قرار حاسم ، تدفعهم خشية وخوف قديمان من عودة السلطة المركزية القامعة لأطرفها ، ونجح هذا الدستور إلى ألان على الأقل في تفتيت السلطة وتقسيمها بين الرئاسات الثلاث "رئاسة البرلمان والحكومة والجمهورية" مضافاً إليها رئاسات الأقاليم و الحكومات المحلية والمجالس البلدية ومجالس الاقضية والنواحي ومجالس الحكم المحلية ، كل هذه الهيئات والمجالس لا تعي حدود مسؤولياتها ولا تدرك حجم دورها وظلت كل قراراتها المهمة عرضة للتنازع ومثار جدل ، لذا ظلت السنوات الماضية أسيرة بامتياز لتنازع "دستوري" ، فالإقليم الكردي لا يعرف حدود صلاحياته ويستغل حالة الانقسام والتشرذم الحاصل في بغداد لاقتناص واغتنام اكبر قدر من المكاسب على حساب الدستور والشعب العراقي ومصالحه ، وبعض الحكومات المحلية تستغل ضعف الحكومة المركزية وتشتت قرارها لتمارس هي الأخرى عمليات ابتزاز مستمر وتطاول وهلم جرا من هذه الممارسات العجيبة .

لذا أجد لزاماً على كل متظاهر يريد مصلحة العراق إن يدرك إن سبب كل هذا الترهل والفساد المستشري اليوم مرده الى هذا الدستور "المفخخ" والذي لا يمكن من خلاله بناء دولة قوية وقادرة على إدارة بلد مثل العراق بثرواته ومشاكله الموروثة من العهود السابقة ، لان القرار العراقي لا يمكن إن يظل مرتهناً بهذا الشكل ورئيس الوزراء الذي يمثل رأس الهرم الحكومي عاجز عن إقالة محافظ أو رئيس مجلس بلدي أو حتى عزل قائمقام في أي ناحية !.

من المفيد جداً إن يركز العراقيين الذين اجتمعوا في جمعة الغضب على الفساد والمفسدين إن يركزوا على المطالبة الجدية بإيجاد تعديلات دستورية عاجلة لتكون أساس في أي عملية إصلاح سياسي يمكن إن تكون ناجحة ، لان المشكل الحقيقي كما هو واضح دستوري وما نتج هو جراء هذا التداخل والارتباك الذي سببه دستور كتبُ على عجل ومرر من خلال فتاوى دينية موجبة .
 

free web counter