| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حيدر قاسم الحجامي
Hah_qas@yahoo.com

 

 

 

                                                                                                      الجمعة 14/10/ 2011

     

"استغاثة "أور نمو"

حيدر قاسم الحجامي 
Hah_qas@yahoo.com 

نشرت إحدى الصحف المحلية تقريراً من خلاله الى واقع الآثار العراقية في مدينة أقل ما توصف على أنها "مدينة يعيش بقربها التاريخ ".

مدينة كانت في يوم ما عاصمة العالم ومفجرة لأولى حضاراته ، لكنها اليوم لا تلقي أي إذن صاغية لاستغاثات ملك الجهات الأربعة وهو يعلو زقورتها ، ليخاطب الإله "سين" بحس عراقي يائس :
أيها الرب العظيم ...سين خلصني من ظلمة ليل الناصرية المخيف ومجنزرات أمريكا الطامحة والطامعة .!!

يمكنني إن اسمع "أور نمو" يستغيث دون إن يجد من ينصره سوى صوت امرأة " عراقية اسمها " السيدة وصال مديرة هيئة الآثار في المدينة تحدثت لمراسل الجريدة بألم وحسرة عن مدينة تتلاشى بعد إن صمدت لآلاف الأعوام .بوجه التغيرات والتقلبات التي عاشتها بلاد "ما بين النهرين " ، أحاديث السيدة وقبلها الخبراء أكدت لنا حكاية ضياع المليارات التي تشبه السيل على عمليات تجميل بائسة واكساء شوارع لا تدوم سوى أشهر معدودة لتدخل في فضاء الخراب من جديد ..!.

"اورنمو" كان ملكاً جباراً عظيماً أسس مملكة سومرية سادت هذه الأرض وأرسى لبنات التكوين الأول لظهور التشريعات القانونية في هذه البلاد قبل حمورابي ومنها انطلقت الى العالم الخارجي حين كانت البشرية تغوص في ظلامها العميق .

"اورنمو " أدعى إن الإلهة فوضته ليحكم باسمها .لكنه يبدو اليوم أكثر عجزاً حتى في الدفاع عن قبره "الملكي" ، فجنود السيد "أوباما "ربما يخططون ألان للبقاء مدة أطول بالقرب من ملك الجهات الأربع .! والصواريخ تترى والمقبرة الملكية في حالة يرثى لها ..

في حديث السيدة العراقية الفاضلة "شكوى " وتبرم من فشل يبدو انه يلاحق الحلم الذي انقلب كابوساً بفعل "ارتجاليتنا" اللا مبررة مرة وبفعل ظاهرة "الأفول" المتنامي لمفهوم الدولة الوطنية ، وشيوع "الانتهازية " لدى الكثير من المسؤولين الذي وصلوا الى مركز القرار السياسي ، وتخلوا عن ابسط أخلاقيات السياسة في تقديم الخدمة العامة على المصلحة الشخصية ، العديد من مسؤولي الدولة ما بعد 2003 م يتعاملون مع العراق كــ"دكان لبيع البترول " ليس إلا . فلا يمكن لشخص إن يقيم في دكانه أكثر من ساعات العمل من ثم يغادر الى مكان أقامته الطبيعي ، وسنوات التغيير شهدت انتهاء الكثير من عقود السياسيين الذين سارعوا الى الرجوع من حيث اتوا فرحين بما حملوه من "ملايين ومليارات " من بلاد مدمرة .

في العودة الى استغاثة السيدة العراقية وهي تحذر من انهيار المقبرة الملكية بفعل عوامل التعرية المستمرة ، تجدها أكثر قناعة منا نحن بأن الحديث سيبقى حبراً على ورق ، فهي تروي لنا قصة محافظة فيها من المسؤولين ما يكفي لإدارة دولة ومع ذلك لم يجرؤ احدهم على الإقدام لزيارة متحفها الذي لا يبعد سوى 300م عن منزل المحافظ ونائبه الأول ، إما النائب الثاني فيضطر يوميا للمرور بالقرب من المتحف ، وإذا وجدنا العذر للمحافظ ونوابه لكثرة الايفادات "المطولة " فكيف سنجد عذراً لــ7معاونين للمحافظ ، مضافاً إليهم 7مستشارين لا يجدون عملاً سوى تفكيك أحاجي الصحف الصباحية "المجانية".

هل يمكنني إن أوجه دعوة الى السيد المحافظ ونوابه ومعاونيه ومستشاريه ومقربيه الى زيارة هذا المتحف والاستماع الى شكاوى موظفيه التي بثوها عبر الجريدة ، ليثبتوا لي بالدليل أنهم حريصون على المدينة وتراثها.

أظن ذلك.


 

free web counter