| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حامد كعيد الجبوري

 

 

 

الأربعاء 5/5/ 2010

 

كي لا ننسى
(3)

حامد كعيد الجبوري

في العدد الأول والثاني من موضوعة ( كي لا ننسى) تحدثت بهما عن الحرب العراقية الإيرانية وما خلفته من دمار شامل بكل الحياة العراقية ، واهم من ذلك كله هو تمزيق النسيج العراقي – إن وجد - ، ناهيك عن ما خلفته من قيم لا يزال الشعب العراقي يئن من تلك الكوارث ، كنت أوصل أولادي لمدرستهم الابتدائية النموذجية فترة الحرب العراقية الإيرانية وما بعدها ، وكنت أستمع لأصوات الرصاص تطلق من أفواه بنادق المعلمون الرفاق ومن منا كان يستطيع أن يعترض على ذلك إلا بالخفاء وبالهمس حتى بين الزوجين ، أحد الليالي وعبد الله المؤمن يتحدث من خلال نشرة الأخبار ،وبالمناسبة أقول كان تلفزيون العراق يبدأ بنشرة أخباره وهي مكرسة للقائد الضرورة ، وكنا نتمنى أن ينهي حديثه الذي ابتدأه الساعة التاسعة ، بعد الساعة الحادية عشر موعد الأخبار الجزء الثاني ، لكي نتمتع بشئ نشاهده ، بل يحدث العكس فالقائد الهمام ينهي حديثه قبيل الحادية عشر بدقائق قليلة ، ليعود لنا مرة ثانية ونستمع لحديثه القومي المهم ، في أحد تلك الخطابات السمجة تحدث قائلا ، ( هناك من يعترض ويقول لماذا نطلق الرصاص في المدارس وحتى الابتدائية يوم الخميس ، يوم الاصطفاف المدرسي المهيب ورفعة العلم ، أقول لهم ولكم ، علينا أن نربي أطفالنا على الرجولة مبكرا لكي ( يكاونوا زين) ، و أضيف وأقول لا يكفي يوم الخميس فقط بل في كل يوم حتى (إنجبشهم – كبش -) ولكي لا يخافوا إن سمعوا أصوات الرصاص ) ، تصوروا حالة الطفل وهو بالصف الأول إبتدائي ويسمع ويرى هكذا فعل وأقسم أن أحد المعلمون نقل خبرا لي مفاده أن طفلاً أحدث –البول والغائط – بملابسه يوم رفعة العلم و إطلاق الرصاص ، في حين أتذكر أن معلمنا في الابتدائية في الحلة الفيحاء المرحوم ( هادي الجباوي) يعلمنا كيفية زراعة الورد ومواسمه المفضلة وكيفية العناية بالنبتة ، وفي الصف الرابع ابتدائي وبدرس القراءة أذكر أن موضوعا يخص تربية الطيور ولا أذكر بالضبط أسم الموضوعة وفحواها يقول ، أن مربي تلك الطيور يمرض ويموت فكانت طيوره تزور قبره وتقف عليه ، ولا أدري لماذا كنت أبكي كلما قرأت ذلك النص ، ومن ذلك الحين والى يومنا هذا أمتلك في بيتي طيورا جميلة لست بسجانها ، ولكنها طليقة تسمع صوت سيارتي وتنزل من أعشاشها لأرمي لها حبوبها المفضلة ، شتان ما تربينا عليه وشتان ما تربى عليه أولادنا .
عندما نشر لي ( كي لاننسى) بجزئيه أتاني أكثر من رد ومن أكثر من صديق يقول فيه ، أن إيران تستحق هذه الفعلة من صدام ، وأنا أرد له وللجميع وأقول ، لا أن الشعب الإيراني المغلوب على أمره منذ التغيير وليومنا هذا لا يستحق أن يصار به ، كما صار بنا نحن الشعب العراقي المغلوب على أمره سابقا ولا حقاً ، ومن المجحف أن نحمل الشعوب أخطاء حكامها وبخاصة الشعب الإيراني الذي يقف اليوم مقدما الدماء السخية من أجل حرياته المباحة ، وكم كنت أتمنى أن يصل الوعي العراقي لما وصل له الإيرانيون ، وكم تمنيت أن نرى قيادة عراقية يلتف حولها شعبها ، تصور أن الأحزاب العلمانية العراقية تخلت عن شعبها وجمهورها والتفتت لمصالح فئوية ضيقة .
أثناء الحرب العراقية الإيرانية جزع حتى الدفانيين من دفن الضحايا ، كنا حينها نذهب للمقبرة في اليوم الواحد أكثر من مرة كواجب للعزاء لأقاربنا أو أصدقائنا أو أبناء مدينتنا ، ولكثرة القتلى لم تكن الجنائز تغطى بعلم العراق كما في أيام الحرب الأولى ، وللعلم أيضا أقول كانت المخابرات العراقية والأمن والأمن الوطني والمستبعثون يرافقون تلك الجنائز خوفا من القيل والقال ولإيصال المعلومات لدوائرهم ، مرة ونحن نشيع أبن صديق سألت امرأة مستطرقة لإحدنا ، ( يمه موت الله هذا) ، سمعها صاحبنا ولم يجبها ، أعادت عليه سؤالها ولم يجبها كذلك ، وسمعها والد المقتول للمرة الثالثة فصرخ عاليا بأعلى صوته ( لا عمي هذا موت صدام مو موت الله) ، أوخذ الرجل والد المقتول الى حيث لا نعلم وليومنا هذا .

يتبع رجاءاً

 

free web counter