| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حامد كعيد الجبوري

 

 

 

الجمعة 5/11/ 2010

 

 أنت تسأل والحزب يجيب

حامد كعيد الجبوري

بعد الانقلاب الأسود عام 1968 م ، أراد البعثيون تغيير صورتهم القاتمة أمام الشعب العراقي ، لذا لجأوا الى استحداث منبر شعبي يقام في الشوارع العامة ، يحضره أحد أعضاء ما يسمى القيادة القطرية ، مع مجموعة ما يسمى أعضاء قيادة الفرع لتلك المحافظة ، للوقوف على احتياجات المواطنون ، وتلبية مطالبهم الملحة ، وأذكر أن المجرم المعدوم طه الجزراوي حضر لمحافظة بابل ، وسط الشارع المكتظ بالمقاهي الشعبية ( للصوب ) الصغير ، كما يطلقون عليه أهالي الحلة المحروسة ، وهناك طرفة يرويها الفكه الحلي ( لطيف إبراهيم بربن ) ساخرا من تلك الندوات فيقول ، نهض أحد البسطاء وأسمه جاسم ليسأل - الرفيق - عضو القيادة القطرية قائلا ، ( رفيق ، أشو كبل الثورة البيض متوفر ، الدهن متوفر ، العمل متوفر ، أشو هسه بده كلشي بالنقصان ) ، أبتسم الرفيق ابتسامة صفراء وأجاب ، ( بإذن الله سيتوفر كل شي العام القادم ، وأنت تعرف حجم المؤامرة التي تقاد ضد حزبنا وتجربته الفريدة ، وما عليكم سوى شد الأحزمة على البطون ، والقادم من الأيام سيأتي بالخير الوفير ) ، في العام القادم أقيمت نفس الندوة الجماهيرية ، وحضر لها نفس عضو القيادة ، وبدأ الحديث المعهود كما يقول الفكه لطيف بربن ، وبعد أن أتم كلامه عضو القيادة ، نهض أحد الحضور وهو كردي الجنسية ، وقال مخاطبا عضو القيادة ، ( رفيق العام الماضي واعدتنه إيصير خير هالسنة ، شو تراجعنا للوره أكثر ، البيض ماكو بالسوك أبد ، الدهن أنفقد ، الناس بلا عمل أكثر ، حتى الرفيق جاسم اللي سألك العام الماضي اليوم ما موجود ) .

أعتقد أن القادم على ظهر الدبابة الأمريكية بدأ يمارس معنا نفس تلك الندوات التي كرسها البعث المجتث ، فبعد سبع سنين من التغيير ساءت أحوال الناس أكثر ، وكل شهر كما يقول المثل الشعبي ( بالنقصان ) ، وبعد هذه السنون السبع فكر أصحاب الكراسي الجدد لتحسين صورهم القاتمة أيضا أمام الشعب العراقي المبتلى ، ففي محافظة بابل تدار جلسات ثقافية ببيوت حلية معروفة ، كل أيام الأسبوع عدا يوم الأحد تعقد جلسات ثقافية سياسية لنخبة من أهالي الحلة ، يحاضر في تلك البيوتات أساتذة جامعيون وغيرهم ، وأكبر تلك المجالس مجلس الحاج مالك عبد الأخوة ، ومالك خريج للقانون ويعمل بمجال التجارة والفندقة ، ويملك من العقارات والأطيان الكثير ، ولكثرة رواد تلك المجالس وصل خبرها للأحزاب الدينية وغيرها بمحافظة بابل فاستغلوا تلك المجالس لنشاطاتهم الحزبية ، مساء يوم الجمعة 2 / 10 / 2010 م حضر الى المجلس الأستاذ كاظم تومان رئيس مجلس المحافظة ، والسيد محافظ بابل وكالة ، قدمهما السيد رحيم الجعفري ، بدأ الجميع حديثهم بتقديم التعازي للأمة الإسلامية برحيل ( المولى المقدس ) - كما أسموه - ، ويعنون بذلك الشهيد محمد صادق الصدر ، تحدثوا عن منجزهم الوظيفي باختصار، لكي يفسحوا المجال للحاضرين بالسؤال ، رفعت يدي لأكون أول المتحدثين ، وسمح لي بذلك ، وأنا أسير صوب المنصة سمعت أحدهم يقول ( مو خوش بدوه ويه حامد كعيد ) ، أخذت المكريفون وقلت مخاطبا الجميع ( أهنئ نفسي ، وأهنئ الحضور جميعا ، وأرفع التهنئة للمراجع العظام ، ولأئمة المسلمين ، وللمهدي المنتظر ، وللمولى المقدس ، بحصول محافظة بابل على جائزة الفساد الإداري الأول بالعراق ، وحسب الاستبيان الذي أجرته منظمة الشفافية ) ، ثارت ثائرة السيد رئيس مجلس المحافظة ليقاطع حديثي قائلا ، ( مو هيجي الحجي إستاذ حامد هذه التقارير مغرضة وباطلة ) ، أجبته بكل هدوء قائلا ( أشو صرت عصبي من أول أحجايه أتمنى تستمع لآخر المطاف ) ، وهنا تدخل رئيس مجلس المحافظة السابق الأستاذ أحمد العميدي ليعلق قائلا لرئيس المجلس الأستاذ كاظم تومان ، ( أستاذ كاظم ، لو نستمر لو ماكو داعي للجلسة ) ،
وثانيا يا أستاذ كاظم هناك جولات مكوكية لأعضاء مجلس المحافظة لدول العالم ، ماهي الغاية من هذه الجولات ؟ ، هل جلبتم شركة إستثمارية لبابل ؟ ، وأنا أقول لك ليس لهذه الجولات إلا غرضا واحدا لا غير ، فعضو المجلس حين يسافر لدول أوربية يمنح كل يوم كمصرف جيب مليون دينار عراقي ، ولدول أخرى 750 ألف دينار ، وللدول المجاورة للعراق 500 الف دينار ، علما أن السفرة لعضو مجلس المحافظة مدفوعة تكاليفها كاملة ، إذن ما الضير من هذه السفرة التجارية المربحة ، زائدا مبلغا لا بأس به من الملايين العراقية ، إضافة للسفرة المجانية ، ونقطة أخرى أضعها للحوار فلو قلنا أنك يا أستاذي الفاضل تملك مائة مليون دينار لبناء دار متواضعة ، فلماذا تلجأ الى البناء درجة أولى ؟ ، والنجار درجه أولى ، في حين تهبون المناقصات لأشباه التجار ؟ ، وأنت صاحب دين وتملك قاعدة حزبية عريضة ؟ ، وهناك تساؤل أجده مهما ، لماذا لا يصرح السادة المسئولون بدءاً من رئيس الجمهورية نزولا لأصغر مسئول حكومي بخصوص البطاقة التموينية ؟ ، أتعلم أننا الفقراء بعهد الطاغية المقبور كنا نبيع الحصة التموينية لزيادتها على حاجتنا ، وكان الطاغية المقبور يعطي كل ثلاثة أشهر وجبات متتالية لعدم استيعاب المخازن الحكومية لها ، أتمنى أن يصرح أحدهم بأن الدولة الجديدة تابع مأمور لنادي باريس والبنك الدولي ، بمعنى أن القادم الجديد مصر على تجويع الشعب العراقي تنفيذا لما يراد منه ، وهناك مسألة ملحة أطرحها للتداول والنقاش وهي ، لماذا تعاملوننا نحن العسكريون المتقاعدون القدامى على أننا جيش صدام حسين ، لأننا نفذنا أوامر عسكرية صدرت إلينا ؟ ، وتعطوننا رواتب تقاعدية لا تصل لراتب منظف للشوارع عقوبة جماعية لنا؟ ، وأنتم لا تحاسبون أنفسكم على ما قدمتموه من خدمات جليلة لنظام صدام حسين ، ومثل لذلك أتساءل مع الجميع ، من منكم لم يذهب لقاطع للجيش الشعبي ؟ ، ومنكم من ذهب لأكثر من ثلاث مرات لينال نوط الشجاعة الذي يمنحه صدام لكم ؟ ، تحاسبوننا نحن العسكريون المحترفون لأننا نفذنا أوامر عسكرية ، ولا تحاسبون أنفسكم أنتم المتطوعون أو الذاهبون قسرا لجبهات القتال ؟ ، وسؤال آخر لماذا تهدمون الوطن لبناء أحزابكم ، وتعلمون جيدا أن سقوف هذه الأحزاب لا تحتمل هذا الثقل مما هدمتموه من أسيجة الوطن المستباح ؟ ، وسؤال أخير والمثل الشعبي يقول ، ( ولد الكرية كلمن يعرف أخيه ) ، وعليه تمنحون الرتب العالية لجهلة لا يعرفون القراءة والكتابة ؟ ، وهم الآن لهم مناصب حساسة وهم غير قادرون على إدارة دفة الدولة ، أو المكان الذي وضع فيه ، ختاما أقول أتقوا الله بأنفسكم وبمن أولاكم ثقته لتصلوا لهذه المناصب .

كل ما تحدثت به أقره السيد رئيس مجلس المحافظة مع تحفظه على النقطة الأولى وهي مسألة الفساد الإداري ، حيث قال أنا أويد ما طرحه الأستاذ حامد كعيد الجبوري وأقول له أن التقارير إياها عارية عن الصحة ، وفعلا عقد جلسة مع الفضائيات المعنية لتفنيد دعواها . أخيرا كاد أن يحدث لي كما حدث للسائل جاسم ، خلال العام 1968 م خلال الندوة المفتوحة ( أنت تسأل والحزب يجيب ) ، مع فارق بسيط ، حيث صدر تعميم من قيادة شرطة بابل بدخول سيارة مفخخة الى بابل بحوزة حامد كعيد الجبوري ، رغم عدم إمتلاكي لسيارة مسجلة بإسمي بدوائر المرور العراقية ، وربما سيطالني قانون 4 إرهاب لاحقا.

 

 

free web counter