| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حامد كعيد الجبوري

 

 

 

الأثنين 19/7/ 2010

 

عبد الكريم قاسم ، ذاكرة لا تنساه
(1)

حامد كعيد الجبوري

لا أدري لماذا نسيت أن أدون هذه المشاهدة العينية عن الزعيم الخالد الشهيد عبد الكريم قاسم ، عام 1959 م كنت في الصف الثاني ابتدائي وكنت من المتفوقين الأوائل دراسيا بصفي ، أصبت حينذاك بالتهاب رئوي حاد ، خاف والدي كثيرا علي سيما وان لعابي تخرج معه قطرات دم ناصعة ، رفضت والدتي حينها الذهاب الى أطباء الحلة مقترحة الذهاب الى العاصمة بغداد ، استجاب والدي رحمه الله لطلبها وصحبنا أنا وأمي الى بغداد الى محلة الشواكة حيث سكن خالتي فيها ، بعد أن علموا حالتي نصحوه بأخذي الى الدكتور فرحان باقر أو باقر فرحان أخصائي الباطنية ، والدكتور فرحان باقر تقع عيادته بداية شارع الرشيد من مدخل ساحة التحرير ، وصلنا لعيادة الدكتور الساعة الثالثة بعد الظهر ووجدنا العيادة مكتظة بالمراجعين المرضى ، نصح سكرتير الطبيب أن يأخذ لي أشعة للصدر في عيادة أخرى قريبة لهم ، ونفذ والدي المطلوب ، ونحن خارجان من عيادة الأشعة وجدنا الكثير من الناس واقفون على جانبي شارع الرشيد منتظرون لمقدم الزعيم عبد الكريم قاسم حيث يذهب لدوامه المسائي بوزارة الدفاع ، طلبت من والدي أن ننتظر مقدمه مع الناس ، أجابني بأننا على موعد مع الدكتور وعلينا أن ننهي تلك الزيارة لكي نعود لمدينتنا مبكرا ، استجبت مرغما لما أراد والدي وما هي إلا لحظات وإذا بي أفلت يدي من يد والدي وأنطلق مسرعا صوب شارع الرشيد لأن سيارة الزعيم قد أصبحت على مرمى خطوات مني ، اخترقت لا إراديا صفوف الناس المتجمهرة على جانبي الطريق ملوحا بيدي لسيارة الزعيم رحمه الله والسيارة تسير بسرعة متأنية جدا ، وقفت سيارة الزعيم – ببريك مسموع - التي وقفت قبالتها وترجل الرمز العراقي الأبي وتحرك نحوي ، وتحركت بلا شعور نحوه ووالدتي تطلق عنان صوتها خائفة علي من شرفة عيادة الدكتور فرحان باقر ، احتضنني الزعيم – ومن ذلك اليوم أصابني الرجل بعدوى حب العراق وأهله - دون أن يلومني عن فعل صبيانيي قد يؤدي بحياتي دون قصد من سائقه ، قلت له أني أحبك ، أجابني وأنا أحبك كذلك ، وأقسم بكل مقدس لدي أن عيناي الآن تغرورقان بالدموع لذلك الأب الذي خسرناه وخسره العراق بمسلميه ومسيحييه وصابئته وبكافة أديانه وأعراقه وقومياته ، قلت له أني مع أبي وأمي جلبانني من الحلة الى الدكتور لأني مريض ، قال لي بعد أن أحاطت بنا الناس من كل الجهات وبدون حماية إلا من انضباط عسكري معه ، كادت سيارتي أن تدهسك ؟ ، لم أعي سؤاله وقلت له أن والدي مع الناس ، حدق بعينيه صوب المتجمهرين وإذا بوالدي يتقدم ليلومني على فعلتي التي أربكت الشارع برمته ، قاطعه الزعيم الراحل وقال له أنه صديقي الحلي وأنا أحبه كحبه لي ، فما كان من أبي إلا أن يأخذ الزعيم بأحضانه ويقبله قبلات الحب الحقيقي على كل مسامات وجهه ، غادرت سيارة الزعيم الشهيد البطل متوجهة لمقر عمله ، وصعدنا صوب العيادة التي وقفت على ساقيها لأجد المرضى يصفقون لي ولفعلتي مع الزعيم الخالد ، دخلنا لعيادة الدكتور الذي عرف بمجريات الأمور وشاهد الأشعة التي أخذوها لصدري ليعلن لوالدي أن صدري نظيف وأن ما شاهده من دماء ما هي إلا إلتهاب بسيط في القصبات الهوائية ، أو التهاب حاد في البلعوم .



 


 

free web counter