| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حامد كعيد الجبوري

 

 

 

الخميس 11/11/ 2010

 

 ( كاوه محمود ) وزير ثقافة وشباب كردستان
والتربية الشيوعية

حامد كعيد الجبوري

لم أستطع زيارة الشمال العراقي منذ وقت طويل ، وآخر سفرة سياحية لإقليم كردستان كانت عام 1985 م ، فترة الحرب العراقية الإيرانية الهوجاء ، وهيأت السفرة نقابة معلمي بابل ، بمعنى أنها مدعومة من حيث السكن والضيافة ، لذا رافقتهم للسفرة مع زوجتي لأنها من سلكهم – التعليم - لنخفف عن كاهلنا مصاريف تلك السفرة التي لا نطيق تكاليفها ، بعد التحرير عام 2003 م أستمع لأصدقاء كثر حديثهم ، عن إقليم كردستان ، وما وصل له من عمران وخدمات تقدم للمواطن الكردي ، لا يمكن مقارنتها بما يقدم للمواطن العربي في المحافظات العراقية الأخرى ، وحين أستمع لما يقال تأخذني غبطة كبيرة للإخوة الكرد ، وأتمنى زيارة ذلك الإقليم ، ولكن ضيق ذات اليد تمنعني من الزيارة ، سيما وأني سمعت عن غلاء الفنادق هناك ، وأخيرا هيأت وزارة الثقافة الاتحادية لمهرجان أقيم في إقليم كردستان ، بعاصمة الإقليم أربيل ( هولير ) دعيت لحضوره كشاعر شعبي ممثلا عن البيت الثقافي لمحافظة بابل ، ولست هنا بصدد إي شئ ، فلست معنيا بالحديث عن المهرجان ونجاحه ، ولا بالرفقة الجميلة الحميمة بين الوفود ، ولا حتى بنوعية الخدمة التي تقدم ، ولا بالحضور وعدد الحضور ، ولا بجمالية أربيل وعمرانها ، ولا بالأسلوب الأمني المتبع ، ولا بعدد النوادي الليلية وما إليها ، ولا بنظافة الإقليم ، ولا بعدد الشرطة التي لم نشاهد منهم إلا القليل القليل ، ولكني سأتحدث عن عنوان موضوعتي فقط ، علها تصل لآذان ملئت بالقطن ، لأنها لا تريد أن تستمع لأصوات الحق العالية .

لمرة واحدة التقيت الصديق ( آشتي ) ، تعرفت عليه خلال احتفالية افتتاح مقر محلية بابل للحزب الشيوعي العراقي ، أعجب بقصيدتي وطلب مني إرسالها لجريدة طريق الشعب ، بعد أن أكتب عليها (تسلم الى الرفيق آشتي) لمتابعة نشرها ، وفعلا نشرها الرجل مشكورا ، وحينها تصورت أنه شيوعي كردي جاء برفقة سكرتير الحزب ( حميد مجيد موسى ) لحضور الافتتاح ، ولاحقا عرفت أن الصديق ( آشتي ) رفيق شيوعي عمل بشمال العراق مع رفاقه الأنصار بعد هروبه من مدينة الناصرية ليلتحق بالثوار بشمال العراق ، وأعترف أن الصديق ( آشتي ) أذكى مني حيث صافحني بحرارة بقاعة افتتاح فعاليات مهرجان البيوت الثقافية العراقية بأربيل متذكرا لي ولاحتفالية محلية بابل ، ولم أتذكره إلا بعد هنيئة استرجعت بها الذاكرة للوراء ، عدت اليه وهو بصحبة شابة وقورة ، ولم يحاول إحراجي بعدم تذكري له ، وقدم لي مرافقته ليقول لي سلم على الرفيقة زوجة الرفيق الراحل الشهيد سعدون ، نظرت لها وأنا ألحظ حزنا دفينا رغم تصنعها ابتسامة اللقاء ، وأجزم أن وجودها وسط التجمعات الفنية والثقافية لتبرهن لنفسها وللآخرين أن الراحل لا يزال حاضرا بوجودها ، ووجود رفاقه بصدارة هذه التجمعات ، تكرم الصديق ( آشتي ) لدعوة وفد الحلة لضيافته وكرمه ولم أكن محظوظا لأحضر معهم بسبب طارئ يعرفه الصديق آشتي ، في نهاية اختتام فعاليات البيوت الثقافية بأربيل حضر السيد وزير الثقافة والشباب لإقليم كردستان الأستاذ (كاوه محمود) ، والسيد طاهر ناصر الحمود وكيل وزارة الثقافة الإتحادية ، والسيد معاون مدير عام دائرة العلاقات الثقافية السيد مظفر الربيعي ، والسادة مدير البيوت الثقافية العراقية ونائبه ، ووفود البيوت المشاركة ، مع جمع من مثقفي كردستان ،وبمقدمتهم الأستاذ حسين الجاف عضو المكتب التنفيذي للإتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين ، ونائب الأمين العام للإتحاد ، ونائب رئيس إتحاد إقليم كردستان ، بدأت فعالية الاختتام بتقديم وصلات غنائية لمطرب من ذي قار ، أعقبها قراءة شعرية شعبية لي ( حامد كعيد الجبوري ) ، وأخيرا الفرقة البصرية للفنون الشعبية حيث أعادتنا لرقصات ( الهيوة ) البصرية والأغاني الفلكلورية .

همس بأذني الصديق ( آشتي ) ليقول لي أنك وأصدقائك وفد بابل مدعوون بضيافة السيد وزير الثقافة الكردستاني ، ولاحظت اعتذار الوزير من وكيل الوزارة الاتحادية ، ليقول له معتذرا لا أستطيع الحضور معكم ، لوجود ارتباط مسبق مع مجموعة أصدقاء ، خرجنا للشارع العام لنستأجر مركبة توصلنا حيث دعونا ،ونحن ننتظر مرور سيارة أجرة ، خرجت سيارة يقودها لوحده دون حماية وسائق وزير الثقافة الكردستاني ، جلسنا لساعة متأخرة من تلك الليلة لنتعرف من خلالها على الخلق والتربية الشيوعية ، بدأ حديثه معنا قائلا ، أرفعوا الكلفة بيننا ولا تتحرجوا بطرح أي شئ ، ولا تأخذكم فيّ لومة لائم ، وتحدثوا بأي شئ يستهويكم ، غنوا ، وارقصوا ، وتبادلوا الطرف ، وها أنا أحدثكم أول طرفة ، سألته متعمدا ، كم شرطي يحرس دارك ؟ ، أجاب مبتسما ، لا أملك حارسا لداري ، ولست بحاجة لهذا الحارس ، قلت له لو أني مثقف أو رياضي كردي ، كم يتطلب مني وقتا للقائك ؟، أجاب ، بمجرد خروج الزائر الذي سبقك ، وأن لم يكن بمكتبي زائرا تدخل مباشرة ، قلت ، هل تمدون يد العون لمنظمات المجتمع المدني الثقافية والرياضية ؟ ، قال ، أقل دعم شهري لمنظمات المجتمع المدني والتي تربو على المئتين ، مليون دينار عراقي شهري ، وأكثر مبلغ تدفعه الوزارة ثمانية مليون دينار عراقي شهريا ، غير المنح الفصلية لمثقفي كردستان ، وعلمت من الأستاذ حسين الجاف أن حكومة الإقليم وزعت لمثقفي كردستان عام 2010 م ، 300 قطعة سكنية ، مع خمسين مليون دينار كمنحة من الإقليم ، سألته عن إمكانية فتح بيوت ثقافية كردية في المحافظات العراقية لنري من خلالها الآخرون عمل وزارتكم ؟ ، أجاب ذلك غير ممكن لأننا لا ننوي أخذ دور وزارة الثقافة الاتحادية ، وأستمر الحديث والإجابة حتى أيقنا أن هذا الرجل قد وضع بمكانه الطبيعي وهو وزارة الثقافة ، والرجل حاصل على شهادة – ليست من سوق مريدي الشهير للتزوير – عليا بدرجة دكتوراه في الفكر الإسلامي ، تحدث بطرفة جميلة لها أكثر من مغزى شيوعي أصيل ، قال استوقفتني السيطرة العسكرية ليستأذنوا مني إيصال مواطن كردي بسيارتي ، صعد الرجل وسألني من تكون ، أجبته وزير الثقافة ، لم يصدق الرجل ذلك ، حيث لا حماية و لا سيارة نجدة أو ما شابه ، وحين وصوله لمنطقة سكناه – المواطن الكردي - أخرج ديناران ليعطيها كأجرة سيارة لي ، وتحدث عن عمل الوزارة وكأنه يتحدث عن بناء بيت له ، وأفاض بالحديث عن منجزات وزارة الثقافة والرياضة ، وآخر تلك المنجزات الثقافية دعوة الشاعرة العراقية الكبيرة لميعة عباس عمارة ، وافتتاح مراكز ثقافية ورياضية بعموم كردستان ، الحديث يطول عن أخلاق هذا الرجل الشيوعي ، أعاد مبلغ إيفاده لحضور مؤتمر دفعت نفقاته منظمة ( اليونسكو ) ، وهناك خلال المؤتمر طالب بما لم يطالب به غيره ، طلب إعادة عودة مدينة بابل الآثارية ، وجعلها معلما عالميا ، بعد أن أعاث بها المقبور صدام حسين فسادا ، لتخرج عن نطاق تراثيتها العالمية ، وشاركنا جلستنا التأريخية الرفيق محسن سكرتير رابطة الأنصار الشيوعيون ، والرفيق علي مهدي عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ، والصديق الرفيق حسن أبو زينة ، والشاعر ناهض الخياط ، الشاعر جبار الكواز ، الفنان فاضل شاكر ، الفنان سعد العواد ، الدكتور سلام حربه ، الباحث والمترجم صلاح السعيد ، لقد حظينا بلقاء هذا الرجل الذي يمثل الثقافة الكردية الأصيلة ، وليكرس الخلق والتربية الشيوعية الصادقة ، أتمنى أن تتاح لنا فرصة وفد آخر لنطلع عن كثب لكردستاننا الحبيبة ، ولنقرأ أشعارنا الوطنية بحضرة مثقفي كردستان الأصلاء ، ولنعزز أخوتنا العربية الكردية ، وأن لم يحصل ذلك سأهيئ أنا شخصيا وفدا من الإتحاد الذي أقوده وعلى نفقتنا الخاصة لنغني لعراقنا الذي يستحق الغناء ، طالما أن هناك وطنيون أحبوا ترابهم وتراثهم الإنساني الكبير .

 

 

free web counter