| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

هاشم الخالدي

 

 

 

الجمعة 12/ 10 / 2007

 

اعادة تلخيص وثائق سوداء

اعداد : هاشم الخالدي

أسس حزب الدعوه في العراق المفكرالاسلامي المجدد اية الله السيد محمد باقر الصدر عام 1957م، ليكون تيار ديني سياسي موازيا للتيارات العلمانيه الامميه والقوميه وحركاتها الشيوعيه والاشتراكيه التي انتشرت في العراق والمنطقه، وقد وجد اية الله الخميني ضالته بهذا التيار الديني منذ لجوئه إلى العراق في عقد ستينات القرن الماضي، وطرح داخله أفكاره ضمن ادلجه و برنامج ولاية الفقيه ممزوجة في اجترارات طائفية وتاهيل دور لايران بعد اسقاط نظام الشاه لتصدير ما دعاه بالثوره الاسلاميه التي تناغمت مع الطموح الغربي باثارة النعرات المذهبيه لاضعاف الصف العربي الإسلامي، لقد وجد هذا التيار خلال ذلك في العراق مكانه وسط الدعم الغربي له فضلا عن الدعم الإيراني, وبعد وصول الخميني إلى سدة الحكم في طهران بدعم أميركي مباشر تبناه الحزب الجمهوري الأميركي والموساد على حد سواء ليساهم بتحقيق هدف تقويض النظام السوفيتي والحاق الهزيمه الكامله بالشيوعيه فضلا لما يشكله النظام الجديد وتياره الديني الطائفي في تحقيق التقسيم للمنطقه الى دول طوائف متناحره, ومع تحول حزب الدعوة في العراق من تيار ديني سياسي إلى مؤسسة طائفية تخريبية تعمل ضد الدو لة لمصلحة إيران،و رغم حضر الحزب فقد أصبح تنظيما خيطيا يصعب تقفي أثر أعضائه فتم تشريع قانون من قبل السلطه الحاكمه يعاقب من ينتمي إليه أو يحمل أفكاره، وألقي القبض على مؤسسه السيد محمد باقر الصدر الذي فضحت إيران تعامله معها بشكل يثير اكثر من علامة استفهام عن طريق نشر مراسلاته إلى الخميني بالإذاعة الإيرانية لغاية تضمرها لمصيره المحتوم ازاء استبداد قيادة العراق وصدام حسين، لقد اقر السيد الصدر بعد التحقيق بإتصالاته مع إيران و رؤوس التنظيم الذي يقوده مما سهل عملية القبض عليهم ووضعهم تحت طائلة القانون، وطالت إعترافاته ضلوع شقيقته في عمل تنظيمه الخيطي، مما أدى إلى الحكم علية وفق القانون بالإعدام، وقد نفذ الحكم ليلة 13 نيسان 1980م، وليس 9 نيسان كما يحدده البعض,ومن جانب اخرعندما تسلم الخميني مقاليد الحكم في إيران وإعلان الجمهورية الإسلامية، وتبنيه اولوية مبدأ تصدير الثورة الإيرانية للدول المجاورة قبل اي مهمه اخرى وجاهر بطموحاته الامبراطوريه مم يتقاطع مع اولويات الامريكان الذين دعموا وصوله الى السلطه، حيث وضع الخميني خارطة جديدة للسيطرة على ضفتي العالم الإسلامي، بحيث يتألف هذا الحزام من إيران والعراق وسوريا ولبنان،ليهدد البلدان العربيه الخليجيه و المشرقيه كلها, وكانت البداية مع العراق باعتبارها الدولة الأقرب لإيران وذات الأغلبية الشيعية ومركز الحوزة العلمية الذي تقود العالم الشيعي، ومعروف محاولات الإيرانيون على مدى سنوات أن يجعلوا من قم مركزاً للحوزة العلمية ومستقراً للمرجعية الدينية تقود الشيعة من هناك على حساب أضعافها في النجف، من خلال فتح الباب لرجال الدين واحتضانهم وترهيب المخالف واغتياله أن دعت الحاجة، كما حدث للكثير من رجال دين في العراق ولبنان وفي إيران نفسها ممن رفضوا هذاالمشروع،فقد نشبت الحرب باليتها المعروفه والمختلف على من بدئها وكان للامريكان دور مزدوج لايصال الطرفين المتحاربين الى هاوية الفشل والسقوط ليتسنى لهم بعد ذلك من تحقيق برامجهم بالمنطقه بسهوله ويسر, وبعد فشل ايران تحقيق مشروع السيطرة على العراق عسكرياً في حرب اصر عليها اية الله خميني لتستمر ثمان سنوات حتى هزيمة ايران, مما دعى الامريكان للبدء باعادة التخطيط بافتعال وصنع ازمة الكويت في محاولة صراع جديد يستهدف هزيمة العراق ايضا للمباشره بمشروعهم ,كما بدء الإيرانيون استعادة التخطيط لمشروعهم الطائفي الذي يهدف إلى خلق فجوة في المجتمع العراقي مستفيدة من حال الهزيمه المتوقعه للعراق في صدامه مع الامريكان والغرب جراء احتلاله الكويت، مستغلين الخطاب المذهبي لكسب ود المتعاطفين معهم، وكانت أكبر خطواتهم أحداث 2 آذار 1991م التي انطلقت شرارتها الأولى من البصرة التي تحملت الثقل الاكبر من ماسي الدمار في حرب الخليج الاولى، ففي الاول من آذار تجمع مئات الآلاف من الجيش القديم المهزوم بعجلاتهم وسلاحهم ، في ساحة القائد"سعد بن أبي وقاص ، عند مفترق طرق مغادرة البصرة. وعندما أجن ليل البصرة ,تعالى إطلاق النار القريب من ساحة سعد ومن حي الحسين ومن مناطق الجمعيات والبصرة القديمة، وباب الزبير والعالية وشقق الفاو و محلة الجمهوريه،وفق مخطط مدروس فاندفعت القوه المكلفه بتنظيم التمرد مع المتسللين من الحدود في شارع التربية في حي الحسين الساعة 6 صباحا في 2 آذار 1991م وتم توريط واقحام الابرياء من المواطنين المتوجهين الى اماكن رزقهم وعيشهم وزجهم في زخم الفعل الجمعي المخطط ، فسيطروا على محاور البصرة عند منتصف النهار، سيما في مناطق الكثافة السكانية والمركز، فتهاوت ونهبت واحرقت مؤسسات الدولة التي كانت شبه خاليه بتاثير ظرف الحرب والهزيمه فامتدت الى املاك المواطنين ومتاجرهم.
لقد أحدثت أعمال التخريب التي قادتها إيران في العام 1991م منعطفاً في السياسة الطائفية التي تبنتها المخابرات الإيرانية ودعمتها المخابرات الغربية، فالقيادة الإيرانية ومخابراتها وعملائهم كانوا على علم مسبق بحتمية فشل أي تحرك شعبي مدعوم من إيران آنذاك،رغم ذلك فقد مضت بمخططها معولة على دور الامريكان ومستعينة بمجموعة من المرتزقة الذين يحملون الجنسيات الأفغانية والباكستانية مع 50 ألف عنصر من الحرس الثوري الإيراني وعناصر من مخابراتها، لمساندة عملائها (قوات بدر) التي تسللت حدود العراق قبل انسحاب القوات العراقية من الكويت بأيام قليلة كما اعلنت اذاعة ال بي بي سي في حينه ,فتمركزوا داخل المدن للتحضير لنفير عام لإثارة الشغب بنعرة طائفية وزرع بذرة فتنة داخل العراق متكئين على دور الامريكان المعول عليه في احتلال بغداد واسقاط النظام... لقد قاد هذه العملية بشكل مباشر المخابرات الإيرانية مستعينة بأكبر عملائها محمد باقر الحكيم (من أصول فارسية) كواجهة إعلامية، إذ كان يشغل منصب رئيس المجلس الإسلامي الأعلى للثورة(الإسلامية في العراق كتشكيل أسس في إيران عام 1982م)، إتخذ من إيران ملجأ له ، وقد كانت نتائج العمليات التي قادتها إيران في 2 آذار 1991م قتل الالاف المتبقي في المواقع الخلفيه من منظمات الحزب ومؤسسات المدنيين، وأعدام العديد من الجنود والضباط العزل المنسحبين من الكويت ودفنهم في مقابر جماعية، وتدمير وإحراق مؤسسات الدولة والإستيلاء على بعض الوثائق من دوائر المخابرات والأمن العام والتسجيل المدني والعقاري، وبعد أن تحقق هدفهم وأشعلوا النار التي جوبهت من قبل قوات الجيش و الحرس الجمهوري التي بدأت تسيطر على المناطق وتطهرها، إنسحب قادة المؤامرة من ضباط مخابرات وعناصر الحرس الثوري الإيراني بعد أن قتل عدد منهم وقبض على آخرين وبعد ان تيقن قادتهم في ايران بعدم جدوى التعويل على الاحتلال الامريكي المؤمل، وكان أول الهاربين إلى إيران محمد باقر الحكيم تاركاً بعض الزمر تلاقي حتفها على يد الجيش العراقي القديم، حيث كان على مقربة من الحدود العراقية الإيرانية في منطقة شط العرب(التنومة) في البصرة، وقد تركوا خلفهم آلاف الجثث لأتباعهم وللعراقيين الذين قتلتهم البنادق الإيرانية في شوارع المدن العراقية. وقد أفرزت نتائج أحداث 2 آذار 1991م تقييم جديد للوضع، وسياسة جديدة طرحتها المخابرات الإيرانية، بنيت على أساس فشل الإثارة الشعبية، حيث أن عدد الفئات التي شاركت من داخل العراق في أحداث التخريب هي 4 فئات هم: عملاء المخابرات الإيرانية داخل العراق، والمتعاطفين مع ما يسمى بالمعارضة الإسلامية، والمتعاطفين مع الطرح الطائفي الذي جاءت به زمر التخريب، والمستغلين للوضع من(اللصوص والسراق!) وأصحاب الثأر وهم العدد الأكبر بين الفئات، وعلى هذا الأساس فإن هذي الفئات لم تشكل نسبة كبيرة يمكن الركون إليها في إقامة ثورة عارمة تطيح بنظام حكم مدعوم بجيش قوي.
وعليه فمن بين ما أوصت المخابرات الإيرانيه في مراجعتها بزيادة الحملة الأيدلوجية الطائفية والتوسع فيها أكثر، لتترك أثرا واضحا في أكبر شرائح المجتمع العراقي مع ضرورة ايجاد صيغة اتفاق مضمونه مع الامريكان ، ولنفس الحدث قيمت المخابرات الغربية على ضوء النتائج الحاصلة بعدم نجاح أي ثورة داخلية لإسقاط النظام الحاكم ما لم يتم العمل على التحشيد بصورة أكبر.

لقد خضع المشروعين الامريكي و الإيراني الطائفي لتحديثين اولهما قبل احتلال افغانستان والثاني بعد احتلال افغانستان, ففي الاول خضع لدراسة مكثفة وتحضيرات سبقت العاصفة والاحتلال الامريكي للعراق بوقت طويل، تمخضت في ايران بتشكيل إدارة خاصة بهذا المشروع تديرها المخابرات الإيرانية، تعمل على تقييم الوضع في العراق ودراسة المستجدات وتحليل النتائج وإيجاد الثغرات المناسبة وصياغة الحدث وتجهيزه وزرعه، وقد تم الإستعانة بمتخصصين في الأيدلوجيا الدينية ورجال دين لهم القدرة على تحريف وتدليس الحقائق وتشويهها، وقد أنشئت جبهة كبيرة لبث تلك الأفكار الطائفية، ضمت العديد من رجال دين وأحزاب وحركات يتخذون من إيران ملجأ لهم تحت ذريعة معارضتهم لنظام الحكم بالعراق معظمهم من أصول فارسية، ولهم أتباع ونفوذ داخل العراق تبنوا ترويج أفكار هذا المشروع الطائفي الإيراني، من خلال تسريب ونشر الكثير من الكتب والمنشورات والتسجيلات والإشاعات والمحاضرات الدينية المحرضة والمحملة بأفكار ومفاهيم جديدة ذات طابع مذهبي بحت، تناول سيناريوهات مختلفة جديدة وقديمة صيغت بشكل تتناسب مع أهداف الفتنة المنشو دة وتحقق الغاية. وقد ركزت بشكل أساسي على رسم صورة جديدة لإيران تظهرها بشكل منقذ وحامي للشيعة (المظلومين) والمطالبة بحقوقهم بالإضافة إلى أنها الأرض المختارة لظهور المصلحين من خلال سيناريو جديد يحاكي ظهور المهدي المنتظر من إيران، وليس من الحجاز كما صورته المطبوعات القديمة. وقد تزامن مع هذا الطرح الحيوي الجديد صيحات وتحذيرات للشيعة من قبل عملاء إيران من خلال محاضرات دينية مسجلة أو من خلال منشورات تعلن وتنادي بقرب ظهور المهدي المنتظر واقامة الحد على السفياني الذي دنس الكوفة (السفياني شخصية وهمية يحاكون من خلالها عدو المهدي والشيعة على حد سواء!)، ويطالبون أتباع المهدي التهيؤ لملاقاته ومساندته بعد دخوله من الجهة الشرقية للحدود العراقية قادماً من إيران برفقته جيش مسلح يدعمه من القوات الإيرانية، وقد أخذ هذا الطرح مكانه بين العقول الخاوية حتى بدأ بعض المصدقين بتجهيز الرايات السوداء وإخفاءها تحسباً لظهوره المفاجئ، وكذلك تبنى هذا المشروع خلق فجوة بين السنة والشيعة من خلال توسيع الإختلاف الفقهي بين الطائفتين وجعله محور المحاضرات الدينية التي يتبناها عملائهم، ولتعزيز الخلاف الذي حاولوا ايجاده، ثم صياغة أحداث تتبنى هذا الجانب من أهمها أسطورة وهمية تسمى"مؤتمر بغداد"، تحاكي عمق وقدم الخلاف بين السنة والشيعة من خلال تصوير مباهلة وهمية حدثت في بغداد إبان الحكم السلجوقي ليمنحوا طرحهم أفق تاريخي قديم. كذلك تبنى المشروع الإيراني صياغة سيناريوهات هدامة تحاكي فكر الطائفتين بإستخدام مصطلحي الروافض والنواصب لتعميق الخلاف وزرع الفتنة، فضلا عن رسم صورة مغايرة للإختلاف العقائدي بين الطائفتين وجعله خلافا تاريخيا لا يمكن نسيانه أو تجاهله، كونه يدخل في صميم إيمان الفرد وإسلامه، وقد حاولوا بشتى الطرق تعزيز الفكر الجديد مستغلين قضايا تاريخية قديمه وأحيائها وترويجها بشكل يؤدي إلى شق الصف الواحد وزرع النفور بين المسلمين.
بشكل عام يهدف الطرح الإيراني إلى خلق أزمة بين السنة والشيعة من خلال توسيع هوة الإختلاف العقائدي الذي يؤدي في النهاية إلى صدامات محتملة، وزعزعة الأمن القومي للعراق وإغراقه بلغو وبلبلة يؤدي بالنتيجة إلى ضعف تماسكه، وتحميل القيادة العراقية ثقل قد يوهن كاهلها، وبالتالي فهي ممارسة لها الأثر الفاعل في تزايد نفوذهم داخل العراق. كل ذاك يحدث بدعم وموافقة من CIA و M 16 و والموساد بالإضافة إلى تمويل مالي إلى شبكة العملاء العاملين بالمشروع الإيراني(ما يسمى بالمعرضة العراقية في إيران) من قبل حكومة الكويت. حيث كانت للمخابرات الأميركية وجهة نظر بهذا الموضوع تدخل في مشروع الحرب المستقبلية المزمع شنها على العراق وهذا الأمر يثير الكيان الإسرائيلي ويدفع باتجاهه منذ زمن كان العراق يمثل الخطر الحقيقي عليهم. كذلك الكويتيون الذين يرغبون بالتخلص من نظام يرعبهم، بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة دعمت هذا المشروع الطائفي المتبنى من قبل إيران لأسباب سياسية تخص منطقة الخليج العربي، أما المخابرات الإيرانية فأن هذا الشعار يدعم مشروعهم الطائفي ومحاولة لإثارة حماس المواطن العراقي الشيعي لدعمه والتعاطف معه، ورغم محدودية المعلومات الحاصل عليها المواطن العراقي عن هذه المؤتمرات والندوات الداعمة للشعار الطائفي، إلا أن ذلك لم يمنع من تسلل الأخبار إلى داخل العراق بصورة سريعة وكبيرة وفي بعض الأحيان بصورة دقيقة، مما زاد من هول الحملة الطائفية وثقلها على كاهل العراق، خصوصاً وأن الشائعات التي كانت تنتشر في الشارع تتكلم عن قتل جماعي للشيعة وتطهير مذهبي تمارسه
الدولة,اتخذت القيادة العراقية تدابير لمواجهة هذا المشروع، من خلال رد الفتنة وتوعية المواطنين بصورة غير مباشرة وتفويت الفرصة على المؤججين، حيث تبنت القيادة في العراق سياسة جديدة وتكتيك خاطئ أطلق عليها الحملة الإيمانية كانت احدى اسباب تسعير الطرح الطائفي وتسييس الدين، بمسوغ تقويم الأفكار التي جاء بها المشروع الإيراني، من خلال زج موظفي الدولة والكادر البعثي بدورات دينية تثقيفية يديرها رجال دين سنه، وكذلك تبنت سياسة فتح باب نشر بعض المطبوعات التي تحمل الأفكار المناقضة للفكر الإيراني، ودعم المؤلفين والناشرين، مع فسح المجال أمام الشيعة لممارسة طقوسهم الدينية في عاشوراء داخل الحسينيات والمساجد وغض النظر عن بعض التصرفات التي كانت ممنوعة آنذاك، وتأمين الحماية لزو ار العتبات المقدسة وحفظ النظام، حرصاً على عدم حدوث أمر ما تخطط له المخابرات الإيرانية، خصوصا وإن السلطات الأمنية أفشلت الكثير من المخططات الإرهابية التي كانت تستهدف الأبرياء والمخطط لها من قبل المخابرات الإيرانية، كما ألقت القبض على خلية تابعة لحزب الدعوة كانت تخطط لوضع متفجرات بين زوار العتبات في الزيارة الشعبانية عام 1992م، وقد خصصت الدولة مبالغ مالية لإقامة الولائم في عاشوراء، أسوة بما كان يقام في هذه المناسبات، وكذلك طالت هذه الحملة محال بيع الخمور والنوادي الليلية، حيث تم تحديد عملها بقانون جديد يتناسب مع هذا الطرح، ومن جانب آخر ركزت الجامعات والمعاهد الحكومية على تدريس مادة الثقافة القومية لينال الطلبة جزء من حملة التوعية والتثقيف التي مارستها الدولة، وركزت الدولة بشكل كبير على بناء المساجد ودعم القديمة منها بالأثاث وزع على القائمين عليها وشملت هذه العملية الحسينيات والمقامات ومع التوجه الجديد للدولة إلا أن الفتنة كانت تسري بالجسد العراقي كالسرطان، وبدأ حزب الدعوة بتشكيل تنظيم خيطي جديد للشباب داخل العراق ألقي القبض على عدد كبير منهم حتى نهاية عام 1999م, اتخذت المخابرات العراقية التدابير اللازمة لتبني الموضوع والتصدي لهذا المشروع الطائفي منذ البداية، ومن خلال دراسة مكثفة للوضع وتقييم للواقع، فقد توصل جهاز المخابرات القديمة إلى أن خير وسيلة للدفاع هي الهجوم، وقد تم وضع الإمكانيات المتاحة والمطلوبة لتنفيذ خطة الدفاع والتصدي لهذه الحرب الديماغوجية التي باتت تشغل الكيان العراقي أكثر من أي شيء آخر، حيث أنها بدأت تصدع الرابط الإجتماعي داخل العراق وتثير الرأي العام العالمي وتسيره بإتجاه المصالح الإيرانية وعملائها، وكان على رجال المخابرات أن يضعوا نصب أعينهم حجم هذه الحرب العدوانية وأن يحسبوا حساب أدق تفاصيلها، ليتسنى لهم العمل وفق إستراتيجية دقيقة غير قابلة للخطأ في أي جانب من جوانبها، خصوصاً وأن العمل يتشعب بعدة اتجاهات مختلفة، وحسب ما تقتضيه وسيلة الدفاع القومي التي تبناها ووضع قواعدها رجال من المخابرات متمرسين ومحترفين في شؤون الأمن القومي والوطني للبلد.
أن عملية الحصول على المعلومات من مصدرها لم يكن بالأمر الهين، لكن مع جهاز مخابرات محترف كجهاز المخابرات العراقية لدية منازلات عديدة مع الجانب الإيراني وهو الخطر الأكبر لقربه من العراق، فإن الوصول إلى مصدر المعلومات لم يشكل عائق أمام تنفيذ الإستراتيجية الموضوعة من قبل الجهاز، خاصة وأن إيران تتعامل معها العديد من الدوائر في هذا القطاع الهام في الدولة العراقية، كالشعبة الإيرانية والتجسس ...الخ، ورغم أن محمد باقر الحكيم كان يختفي داخل قلعة محصنة في إيران، وتحيط به المخابرات الإيرانية وتحرسه عناصر الحرس الثوري الإيراني وقوات بدر، إلا أن ذلك لم يمنع من اختراق جهاز المخابرات العراقية للحلقة الضيقة التي تحيط به وزرع أحد عملائها الذي زودها بالكثير من المعلومات والبيانات الهامة التي لها صلة مباشرة بإحداث الفتنة داخل العراق ونشاطات عملائهم وتحركاتهم وعملياتهم التخريبية، أن أغلب المعلومات كان على جانب كبير من الأهمية وتصل إلى جهاز المخابرات العراقية حال ورودها إلى محمد باقر الحكيم، ويتم تحليلها ودراستها بعناية ويتخذ ما يلزم بخصوصها بفترة قياسية، ورغم أن بعض المعلوما ت الواردة منقوصة وغير كاملة مما جعل بعض الدراسات تعتمد بشكل أساس على التخمين والإستنتاج.تحتاج الأطراف المعارضة إلى قاعدة شعبية كبيرة كركيزة تدعمها وتمنحها الثقة وتعكس صورتها، وبالنسبة لما يسمى بالمعارضة العراقية الإسلامية في إيران فأنها تستمد قاعدتها الشعبية من مجموعة العراقيين اللاجئين في إيران، والمتعاطفين مع الفكر الإسلامي المتطرف الذي تبنته أفكارهم، مما جعل تفتيت هذه القاعدة وتحجيمها من أولويات المنازلة التي سيعمل عليها جهاز المخابرات العراقية، وعليه فإن أفضل طريقة لتحجيم تلك القاعدة هي تسهيل عملية خروج اللاجئين من إيران، والتي ستمنحهم في نفس الوقت متنفس لفضح حقيقة ما كان يدور داخل إيران وعملائها أمام المخدوعين بأصوات عملاء إيران، أي فضح حقيقة ما يسمى بالمعارضة عن طريق قاعدتها، وعلى هذا الأساس تم تقسيم اللاجئين إلى ثلاث فئات تعتمد على رغبة الفرد بالخروج من إيران، فالفئة الأولى ضمت الجماعات القريبة من الرؤوس الكبيرة والتي تفضل البقاء في إيران، أما الفئة الثانية فهي مجموعة العراقيين الراغبين بالخروج من إيران دون العودة للعراق، والفئة الثالثة هي التي ترغب بالعودة للعراق مع ضمانات بعدم ملاحقتهم من قبل السلطات العراقية، ومع منح عفو عام عن الراغبين بالعودة للعراق مع الضمانات تحفز الكثيرين للعودة، ولضمان عدم تحرك الجانب الإيراني وعملائه باتجاه العائدين ومنعهم من دخول الأراضي العراقية، سربت المخابرات العراقية معلومات إلى الجانب الإيراني مفادها أن السلطات العراقية ستلاحق العائدين وتضعهم تحت طائلة القانون، الأمر الذي تراقص له الإيرانيون وعملائهم كونه يصب بمصلحتهم من عدة جوانب، كالإستفادة من الحدث للتباكي وتحريك الرأي العام، كذلك لزعزعة الثقة بالقيادة العراقية، الأمر بالنهاية سهل تدفق العائدين دون ممانعة من الجانب الإيراني وعملائهم، وقد حصل العائدون على ضمانات عدم ملاحقة السلطات العراقية لهم، أما مجموعة الراغبين بالخروج من إيران دون العودة للعراق فهم الأكثر، وقد عمل جهاز المخابرات العراقية بصورة غير مباشرة على تهيئة الظروف والمستلزمات الممكنة لتسهيل خروجهم من إيران، من خلال دعم لوجستي كامل لا تظهر فيه أي بصمة للمخابرات العراقية، كتسهيل مرور جزء منهم إلى منطقة كردستان العراق وتوفير ودعم المهربين، كذلك دعم وتسهيل عمليات نقل جزء آخر إلى الأراضي التركية أو عن طريق البحر باتجاه الكويت، كما حصل بعض اللاجئين على جوازات سفر مزورة مختلفة الجنسيات عبر وسطاء يعملون مع المخابرات العراقية لتمنحهم حرية التحرك والتنقل عن طريق البوابات الحدودية في إيران، وقد حفزت المخابرات العراقية بصورة غير مباشرة المنظمات الإنسانية كالصليب الأحمر بتسجيل الخارجين من إيران لضمان عدم إعادتهم من قبل سلطات الدول المستضيفة، وقد أوعزت المخابرات الإيرانية لعملائها بالتحرك لوقف هذه العمليات وإعادة الفارين من الدول المجاورة، وهناك أمر آخر كان يدفع العميل محمد باقر الحكيم وأعوانه للتمسك باللاجئين هي المساعدات الضخمة التي تمنح لهم ويقوم بالإستيلاء عليها، وتقلصت مع تقلص عدد اللاجئين,اماالمجموعة العاملة بالمشروع الإيراني الطائفي من العراقيين داخل إيران وخارجها، تم تقسيمهم إلى فئتين متعاطفين، ومتواطئين، فالفئة الأولى تشمل المتطرفون والمؤيدون للفكر الجديد والجادون في تبنيه ونشره، أما المتواطئون فهم غير مستسلمين له أو حتى مقتنعين به، بل أن دافعهم الرئيس هو المردودات المادية التي يحصلون عليها نتيجة تواطئهم والوعود التي تنبئهم بمستقبل زاهر فيما لو تحقق المبتغى، وهذه الفئة أثارت رجال المخابرات العراقية ودرست أمكانية احتوائها، وقد تم التحرك باتجاهها واحتواء عدد منها وتم منحها الأموال التي أودعت في حسابات مصرفية لها في بيروت وعمان وبريطانيا ...الخ، وقد تلقى البعض الآخر القطوعات النفطية كجزء من أتعابه، لا لغرض إسكاته أو لاحتوائه أو الاستفادة من المعلومات التي قدمها كما فهم بل لغرض تكبيلهم بصفة متعاونين مع المخابرات العراقية وفضحهم عند اللزوم لزرع الفرقة بينهم وزعزعة الثقة، ومن أهم اللقاءات التي حدثت كانت في فرنسا، فقد تم التعامل مع أحد الأعضاء البارزين في التيار الإسلامي المعارض في إيران (وهو حاليا من كبار المسئولين في ما يسمى الحكومة العراقية الحالية)، وكذلك تم التعامل مع عدد كان يقيم في بريطانيا والنروج وهولندا والسويد و الدنمارك وسوريا ولبنان وقد حصلوا جميعهم على منح مالية أودعت في حساباتهم، أما المتخذين من إيران مقرا لهم، فقد تم التواصل معهم عبر الوسطاء وحصل اللقاء لأغلبهم خارج إيران ليكونوا بمأمن من أنظار المخابرات الإيرانية، وقد تم احتواء أعضاء بارزين في المجلس الأعلى وحزب الدعوة وحركة الدعوة الإسلامية وحزب الله (يشغلون اليوم مناصب في الحكومة والبرلمان) وأحد أبرز الذين تعامل مع جهاز المخابرات العراقية تم اللقاء معه في إحدى نوادي شارع الحمراء الليلية في بيروت، وأنتقل مع أحد ضباط المخابرات العراقية إلى تركيا بجواز سفر بريطاني وحدث اللقاء في Save haws التابع للمخابرات العراقية في ديار بكر، وقد زود المخابرات العراقية بمعلومات على مدى طويل، وكان لكل واحد من هؤلاء المتعاونين ضابط ارتباط يكون مسؤولا عنه يتم الإتصال بينهم عن طريق قنوات سرية، والمعلومات التي حصل عليها جهاز المخابرات من الذين تعاونوا معه كانت على جانب كبير من الأهمية لكنها لم تكن نقية، كون المصدر كان حذر من نقل أدق التفاصيل خوفاً من كشف أمره، وقد تم تصفية بعض هؤلاء المتعاونين من قبل المخابرات الإيرانية بعد انكشاف أمرهم,كان جهاز المخابرات العراقية يتحين الفرص لإشغال الجهات المعادية بمشاكل داخلية، يستخدمها كوسيلة ضغط في الوقت المحدد، وبالنسبة للكويتيين كان دعمهم ماديا أكثر مما هو مخابراتيا لما يسمى بالمعارضة العراقية المتورطين في المؤامرة الإيرانية، وقد وضعت المخابرات العراقية الكويتيين أمام أزمتين داخليتين، وهي غض النظر عن المهربين وعدم ملاحقتهم، وإثارة مسألة البدون ودعمهم، أما ما يخص إيران فإن توسيع الدعم لمعارضيها في الداخل والخارج شكل أزمة داخلية خصوصاً وأنها شملت جميع الأطراف المعارضة العرب منهم والكورد، بالإضافة إلى فتح الباب على مصراعيه أمام منظمة مجاهدي خلق لمزاولة نشاطها داخل الأراضي الإيرانية، ومن المؤكد أن هذه العمليات لم تحد من نشاط الدول المعادية إلا أنها شكلت ضغطاً على مخابراتها.
كانت المرجعية الدينية في النجف يغلفها التحزب القومي، ومسيطر عليها من قبل المخابرات الإيرانية، ويعتمد صعود رجل الدين إلى منصة القيادة الدينية بشكل أساس على الإختيار والتعيين بغض النظر عن مدى أعلميته، وهذا ما جعل المسألة خاضعة للإحتواء العرقي والسيطرة من قبل قومية واحدة، وهذه المسألة بحد ذاتها مؤشر خطير على إبعاد المراجع من الأصول العربية، وقد كانت للمخابرات الإيرانية خطوة جريئة يقدمون عليها لتصفية المراجع ليضربوا عصفورين بحجر واحد، وهو توجه المقلدين نحو إيران للتقليد الديني بعد إفراغ الساحة منهم، وزرع فتنة قد تحدث تحرك شعبي كبير بإتجاه الدولة بعد أن يوهموا بأن الفاعل هو المخابرات العراقية، لكن الأخيرة اكتشفت هذه المؤامرة وألقت القبض على شبكة كانت تعمل على تنفيذ المخطط واتخذت الدولة العراقية التدابير اللازمة لحماية المراجع الموالين أصلا إلى إيران رغم نوايا الفرس الخبيثة، لتفويت الفرصة على إيران.
كانت المخابرات العراقية تدرس أمكانية احتواء المرجعية الشيعية ووضعها تحت الغطاء الوطني وإيجاد الرجل المناسب الذي يكون ولائه للوطن أكثر مما هو
للمذهب، وينهض بالمدرسة الدينية في النجف ويحررها من السيطرة الإيرانية وجعلها عربية اللغة والمفهوم والرسالة، وقد تبين أن هذه الأمور تحتاج إلى رجل دين عربي عراقي موال للوطن يقرب من المذاهب ويعمل على رد الفكر الطائفي الإيراني إلى نحره ويقلب السحر على الساحر، وقد تجسدت هذه الأفكار بشخصية رجل الدين محمد محمد صادق الصدر الذي تصدر المرجعية الدينية في النجف عن استحقاق كمرجع ديني عربي عراقي يعود تاريخ أسرته إلى بداية تأسيس الدولة العراقية، ولهذا الرجل مقدرة هائلة على سحب البساط من تحت أقدام المراجع الموالين لإيران، ورغم أنه قريب لمؤسس حزب الدعوة في العراق محمد باقر الصدر الذي أعدم بتهمة الخيانة والتعامل مع إيران مع شقيقته في نيسان 1980م، إلا أن ذلك لم يمنع الدولة العراقية من أن تضع ثقتها في قريبه محمد محمد صادق الصدر الذي منح دعم غير محدود من الدولة,إستطاع هذا الرجل شق طريقه بسرعة كبيرة ليتربع على عرش المرجعية الدينية الشيعية ويصنع له شعبية قل نظيرها رغم ما جوبه به من تحزب مناهض من قبل جماعة رجل إيران الكبير علي حسين السيستاني(مرجع ديني إيراني الأصل يحمل الجنسية الإيرانية مقيم في العراق قبل مولد قيادته يرفض الجنسية العراقية التي يستحقها قانونا)، وقد منح محمد محمد صادق الصدر مقلديه فكر جديد جوبه بإنتقادات لاذعة من قبل منافسيه، وحقق لإتباعه ما عجزت عنه باقي المراجع كإقامة صلاة الجمعة التي كانت محرمة على الشيعة وحسب رؤية مراجعهم بعدم إكتمال أركان إقامتها لعدم وجود الحاكم العادل (بالإشارة إلى صدام وحزبه البعث) وهذه إحدى البدع التي يحاولون من خلالها شق الصف وتشويه صورة صدام وحزبه، وكذلك عمل رجل الدين محمد محمد صادق الصدر على التقريب بين السنة والشيعة من خلال حثه على إقامة الصلاة خلف السنة والعمل بالعكس، وكان لهذه المبادرة الجبارة أثر واضح على المشروع الطائفي الإيراني وتفتيت سننه الحادة الممزقة للوحدة العراقية بوجه خاص والإسلامية بوجه عام، بالمقابل منح مقلديه الثقة وأصبح أتباعه لهم ثقلهم في الشارع الشيعي ولهم فكرهم الخاص الجديد الذي أزهق روح المؤامرة الإيرانية وعملائها، ونفسهم هذا لم يتناسب والطرح الطائفي المرسوم من المخابرات الإيرانية والمدعوم غربياً، خصوصاً وأن أفكار رجل الدين الجديد على ساحة المرجعية قد أخذت طريقها نحو الإنتشار بشكل واسع شملت حتى داخل إيران نفسها عن طريق كتبه ومنشوراته وتسجيلاته الصوتية. وعليه فأن هذا الرجل صنع معجزة لم تعجب الكثيرين,ولم يكن من السهل أن يجد رجل الدين محمد محمد صادق الصدر طريقة وسط الكتل المتآمرة على الدولة والمدعومة من إيران، إلا أن السياسة التي أتبعها كانت مجدية إذ سهل مفهوم الدين ونزل إلى مستوى غير المتعلمين لتنويرهم بالفكر الديني المخالف للفكر السياسي الديني الإيراني المطروح في الشارع الشيعي وخاطب أتباعه بخطاب جديد مفهوم لديهم ينبع من قاعدة يشترك فيها مع أتباعه ألا وهي إنتمائهم للقومية العربية والجنسية العراقية. ومن مزايا ما قام به هذا الرجل الروحي هو مخاطبة أتباعه وجها لوجه خلافا للسيستاني دون أن يكون هناك وسيط أو وكيل ينقل أفكاره ويكون حاجزاً بينه وبين مرديه، وهذه الحالة أختلف بها مع باقي المراجع التي لم ير صورتهم الكثير من أتباعهم، وكذلك شملت فلسفته الدينية المرونة في واجبات الدين والتخلي عن التعصب الديني من خلال تبني فكرة لا يكلف الله نفسا إلا وسعها. فقد طرح مفهوم إعمل على قدر ما تستطيع (ومن ذلك جاءت نظرية"إبن عابدين": جواز التدخين أثناء الصوم المطروحة في شهر رمضان 1428هـ)، وكثير من الأفكار الجديدة التي طرحها هذا الرجل الروحي ليعطي مفهوماً واضحا وبسيطاً عن الدين لكل شرائح المجتمع، وبالتالي فإن ما طرحه وجد من يتلقاه. على هذا الأساس إستطاع أن يسحب البساط من تحت أقدام منافسيه المدعومين من إيران، خصوصاً وأن أفكاره وجدت ضالتها بشارع متعطش لمثل هذه الخطوات الجريئة التي أقدم عليها وخالف بها مرجعية سياسية تنفذ الأوامر أكثر مما هي دينية، وقد قرب بين المذاهب التي طالما حرمت من قبل غيره,لقد وجدت المخابرات العراقية ضالتها بهذا الرجل الديني القادر على تحريك الشارع الشيعي بوجه التآمر الإيراني، وكان لابد من دعمه بشتى الطرق ليصل إلى مقدمة ركب المرجعية الشيعية في النجف، وقد عملت الدولة على منحه الحرية الكاملة في التصرف، وتذليل جميع العقبات التي تحول دون تقدمه، بما في ذلك التركيز على إقامة صلاة الجمعة وتسهيل وتنظيم ودعم مراسيم عاشوراء وما يتبعها، وتزويده بالمعلومات التي يحتاجها لمواجهة المتصدين له، وقد نالت أفكاره دعماً كبيراً من الدولة وترويجها من خلال توسيع منافذ النشر والتوزيع لمؤلفاته حتى أحرزت المخابرات العراقية نجاحاً كبيراً في توزيعها داخل إيران نفسها، ودعمت أيضاً المدرسة الدينية(الحوزة العلمية الناطقة) التي يقودها محمد محمد صادق الصدر وإعفاء طلاب ه من الخدمة العسكرية، الأمر الذي زاد من عدد المتقدمين إليها، بالإضافة إلى توجيه شيوخ عشائر العراق الشيعية على منح الخمس إلى هذا المرجع دون غيره، ومع صعود هذا الرجل والدعم الذي بات يشكل خطراً حقيقياً على المشروع الإيراني الذي تدعمه المخابرات الغربية، وقد أفصحت المخابرات العراقية له عن تخوفها من قيام أعداء العراق بالتخلص منه كونه أصبح الشوكة التي تؤرقهم، ولمح هو بدوره لأتباعه بأن موته سيفرح أميركا وإسرائيل .أن الدعم الكبير الذي حصل عليه السيد الصدر من الدولة، وإطلاعه على خفايا مخططات المخابرات الإيرانية والغربية المعادية للعراق، جعله يعمل بإندفاع كبير كان أولها إرسال مبعوث لرجال دين لهم ثقلهم بالنجف كالسيستاني والنجفي والفياض(مقيمين في العراق لا يحملون الجنسية العراقية) يطلب منهم مغادرة العراق بأسرع وقت ممكن، مما جعلهم يستنجدون بالقيادة العراقية لحمايتهم وتمديد إقامتهم بالعراق، وحصل هذا عن طريق تقديم طلبات معنونة إلى صدام، الذي أمن لهم إقامتهم رغم أنهم جزء من المخطط الطائفي الذي توغل في العراق. كانت فكرة الصدر تنحصر بتوليه مهام المرجع الديني الوحيد الموجود في العراق بعد إفراغ الساحة من المتواطئين مع الفكر الطائفي الجديد، لكن كانت للمخابرات العراقية نظرة مخالفة بهذا الشأن.
ترك ظهور المرجع الجديد أثرا واضحاً في الشارع العراقي، فقد تباينت آراء ومواقف العراقيين بين مؤيد له ومقلد لفكره، وبين معارض له ومنافس لتياره ,لم يكن ظهور رجل الدين محمد محمد صادق الصدر في الوسط الشيعي يخدم مصالح أجهزة المخابرات الداعمة للمخطط التآمري خصوصاً المخابرات الإيرانية، وقد بات وجوده يهدد م شروعهم الطائفي ويحجم وجود رجل إيران المتواطئ علي السيستاني، وقد حاولت تلك الأجهزة أن تنال من هذا الرجل من خلال شن هجمات عن طريق أتباعهم للتشكيك في أعلميته وقدرته الدينية، ومن جانب آخر بحثت أجهزة المخابرات المعادية عن ثغرات وردت في مؤلفاته تخالف مفهوم المذهب الجعفري الفقهي لإثبات عدم أهليته كمرجع معتمد، وقد قام أحد رجال الدين المسمى حسن الكوفي (أحد المقربين من السيستاني ومتواطئ مع المخابرات الإيرانية) بمحاولات عديدة لجر الصدر إلى مناظرة علنية يثبت من خلالها عدم كفاءة الأخير، إلا أن كل تلك المحاولات بالتنكيل قد ذهبت أدراج الرياح وواصل الصدر مسيرته بدعم كامل من قبل الدولة العراقية، مما جعل أمر اغتياله من أولويات ما ستفعله المخابرات الإيرانية بمساعدة عملائهم.
بعد مواقف هذا الرجل من الفتنة الطائفية، والعمل على تحجيمها، مؤازراً بذلك وطنه وحكومته بدافع وطني، فقد أرسل رئيس الجمهورية وفداً مؤلفاً من وزير الأوقاف و محافظ النجف ومدير مرور المحافظة ومسؤول تنظيمات الفرات لحزب البعث وأمين سر فرع الحزب في النجف يرافقهم ضابط في المخابرات العراقية ، يحملون رسالة من رئيس الجمهورية يثني بمواقفه الوطنية تجاه الفتنة الطائفية وتعزيز دور الدولة في النهوض بالحوزة العلمية من جديد، وقد طلب السيد الصدر حينها تخصيص مبلغ مالي لتشييد وبناء الحوزة العلمية بكافة تفرعاتها من مساكن للطلاب ومركز صحي ومكتبات ويشمل هذا تطوير المنهاج التدريسي بتخصيص الحاسبات وكافة المستلزمات للقيام بحوزة متقدمة ومتطورة، وقد حضر اللقاء مع السيد محمد محمد صادق الصدر كل من أولاده الثلاث (مصطفى، مؤمل، ومقتدى)، وقد كانت المقابلة في ديوان عربي إنتقل بعدها إلى ديوان آخر فيه مقاعد. فبعد أن تمكنت المخابرات العراقية من إيجاد السلاح الفتاك الذي يردع المشروع الإيراني الطائفي أصبح من الصعب على المخابرات الإيرانية النهوض بمشروعها من جديد خصوصاً بوجود السيد الصدر في ساحة المرجعية وهو يتمتع بشعبية كبيرة ودعم حكومي، ورغم محاولات تحجيم دور السيد الصدر من قبل إيران وعملائها والتشكيك بمكانته العلمية إلا أن ذلك لم يترك أثرا واضحا في نفوس مريديه أو حتى في الشارع الشيعي. لهذا فبقاء الصدر قد يؤدي إلى إنتحار كامل للمشروع الطائفي ، وعلى هذا الأساس تم تشكيل لجنة داخل المخابرات الإيرانية برئاسة ضابط كبير في المخابرات الإيرانية(عمل سنوات عدة في السافاك) لدراسة المستجدات وتقييم الوضع ورفع التوصيات لإتخاذ ما يلزم، وقد رفعت هذه اللجنة توصيات تتلخص باغتيال السيد الصدر وتغيير المخططات الطائفية بشكل يضمن كسب مقلدي الصدر وأتباعه لجانبهم وإدخالهم في أجندتهم الجديدة,
إتخذت المخابرات الإيرانية القرار بالتخلص من السيد الصدر بترحيب ومباركة من المخابرات الغربية، وقد وضعت جميع التدابير اللازمة لتنفيذ المهمة التي أسندت إلى مجموعة من عناصر ينتمون لقوات بدر التي يرأسها محمد باقر الحكيم، تلقوا تدريبهم على يد المخابرات الإيرانية داخل معسكرات الحرس الثوري الإيراني، وقد تم دعمهم لوجستياً حيث عبروا الحدود العراقية عن طريق منافذ الأهوار على شكل مجموعات إستقرت أولا في محافظة ذي قار، ثم توجهت إلى النجف بعد أن وفر لهم حسن الكوفي(رجل دين يعمل لحساب المخابرات الإيرانية) المكان الآمن، وبعد مراقبة دقيقة للوضع ودراسة لكافة الإحتمالات تم تجهيز المجموعة بالأسلحة الرشاشة والمسدسات التي كانت مخفية بإحدى سراديب مقبرة النجف وشراء السيارات اللازمة لتنفيذ المهمة وتوزيع المهام كما مخطط ومدربين عليها و تفرقوا إلى ثلاث مجاميع تقوم مجموعتان منها بالمساندة فيما الثالثة تقوم بالتنفيذ، وقد تم تنفيذ العملية كما خطط لها وذهب ضحيتها رجل الدين محمد محمد صادق الصدر وولديه مؤمل ومصطفى الذين كانا برفقته بسيارتهم الخاصة بطريقهم إلى منزلهم,فتشكلت لجنة للتحقيق بقضية الإغتيال وتوصلت إلى كشف كافة الملابسات التي أدت في النهاية إلى القبض على المنفذين ومعهم حسن الكوفي وأصبحوا تحت طائلة القانون، وقد كانت المؤشرات واضحة منذ البداية بضلوع المخابرات الإيرانية في مؤامرة الإغتيال، وكان من المفروض أن تكون الطريق مفتوحة أمام عودة المشروع الطائفي من جديد إلا أن هذا أصبح مستحيلا، خصوصاً أن إيران أصبحت مكشوفة أمام أتباع الصدر، وهو الأمر الذي حسب له من الجانب الإ يراني وعلى هذا الأساس فإن المخابرات الإيرانية وعملائها أعدوا العدة لما بعد إغتيال الصدر ليضربوا عصفورين بحجر واحد، أولا: توجيه أصابع الإتهام إلى المخابرات العراقية من خلال ردة فعل تصدر من بعض أتباع الصدر تجاه الدولة كانت المخابرات الإيرانية قد جهزت له قبل التنفيذ، وثانيا: إستغلال الحدث ودمجه بالمشروع الطائفي بإعتماد أتباع الصدر وضمهم إلى صفهم، كما أوصت اللجنة المشكلة داخل المخابرات الإيرانية,بالتحرك والتخطيط لأحداث 17 آذار 1998م ,فقبل تنفيذ عملية الإغتيال جندت المخابرات الإيرانية مجموعة من أتباع رجل الدين الصدر والمتواجدين أصلاً في إيران للقيام بعمل لاحق، وكذلك سربت معلومات مفادها أن المخابرات العراقية على وشك وضع مخطط للتخلص من السيد الصدر، وبعد تنفيذ الإغتيال أناطت بثلاث شخصيات دينية في مدينة البصرة كان أحدهم وكيلا سرياً لمديرية أمن البصرة يدعى"عبد الستار البهادلي" والثاني يدعى"صالح الجيزاني" أما الثالث فهو"أحمد المالكي" مهمة التحشيد الشعبي لأخذ ثأر رجل الدين الصدر وذلك من خلال مهاجمة مؤسسات الدولة في مدينة البصرة والتي حددتها لهم المخابرات الإيرانية حسب خطة مرسومة سابقاً، وقد وضعت المخابرات الإيرانية الخطة بشكل لا يؤثر سلباً على الدولة العراقية ويسمح بالنتيجة للسلطات العراقية بإعتقال المهاجمين، وذلك من خلال تسريب معلومات أولية للمخابرات العراقية عن موعد حدوث أعمال شغب حدد موعدها بثلاث أيام قبل ساعة الصفر، إناطة المهمة برجال دين غير مؤتمنين من قبل المخابرات الإيرانية فهم على علم مسبق بإرتباط عبد الستار البهادلي بمديرية الأمن، والذي قام بدوره بنقل كافة المعلومات إلى ضابط إرتباطه (ولمحاولة التمويه سجن لمدة ستة أشهر)، كذلك حددت المخابرات الإيرانية الأهداف للمهاجمين بالإعتماد على ضيق المكان وصعوبة إنسحاب المهاجمين بعد تنفيذ العملية أو عند محاصرتهم، والنتيجة كانت وكما خططت لها المخابرات الإيرانية هي إعتقال معظم المنفذين والمتورطين بأحداث ليلة 17-18 آذار 1998م التي بدأت في الساعة 11 ليلا بتوقيت البصرة وانتهت في الساعة2 فجرا لآخر مهاجم بقي صامداً، وقد حققت إيران بذلك هدفها على حساب الذين جندتهم، فقد استغلت الحدث كثورة عارمة ضد النظام راح ضحيته مئات من العراقيين وبذلك خدمة للماكنة الإعلامية لعملائهم المدعين المعارضة، وتوجيه أصابع الإتهام لمقتل الصدر إلى الدولة من خلال ذوي الضحايا الذين جندتهم المخابرات الإيرانية لأحداث 17 آذار، وبالتالي اتجاه الأنظار نحو المخابرات العراقية كجهة منفذة لإغتيال الصدر,لقد جاءت احداث 11 ايلول واحتلال افغانستن2000لتدخل عوامل جديده لصالح المخططين الامريكي والايراني كانت محصلتها مع ذريعة اسلحة الدمار الشامل ,الحرب الثالثه2003 التي لم تتوقف التمهيدات لها منذ هزيمة العراق في 1991, لقد نجحت ايران بعد الاحتلال على وطئ اقدامها المواقع الحيويه والاستراتيجيه داخل العراق تمهيدا لحرب رابعه قد تنشب الان....ربما يكون بها نهاية مصير هذه المره..ولكن مصير من...؟؟؟

 

Counters

 

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس