| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

هاشم الخالدي

 

 

 

 

الأحد 10/9/ 2006

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 


نهاية عصر وليس التاريخ او الايديولوجيه

 

هاشم حميد الخالدي

كثر الحديث من ايديولوجيي منطقتنا حول فشل المنظومه الاشتراكيه وانهيارها والذي يهمنا في هذا الموضوع هو ان يعزى ذلك الى خطأ الاقدام على البناء الاشتراكي في ظروف لم تنمو بعد فيها الرأسماليه في المجتمع ,ويدعي اصحاب هذا المنطق انه كان من الاجدر الانتظاروعدم تعريض الدوله والمجتمع الى المكابده والتردي والسقوط كما حصل للمعسكر الاشتراكي ثم  يدعون الى تجميد شعار الاشتراكيه,وكثيرا ما تلقى المسؤوليه  في الاخفاق على اللينينيه في النظريه بعد ربطها تعسفيا بالتطبيق الستاليني دون ان يكلفوا انفسهم مشقة البحث عن الاسباب الحقيقيه للاخفاق,ويبدو ان مثل هذا المنطق ذا صله بالصعود الجديد للامبرياليه وما يدعى بالعولمه وانه احد بواعث واسباب ما يسود من دعاوي الدين السياسي , لقد غاب عن هؤلاء دون ان  يلتفتوا لتلك العبقريه اللينينيه التي اكتشفت السياق الجديد بوقت مبكر في الظاهره الجديده للرأسماليه في اعلى مراحلها, والبلاء الاكثر انهم يغلّسون عن حقيقة عدم قيام الاشتراكيه في البلدان التي نضجت فبها الرأسماليه ولم يكلفوا انفسهم السؤال, فأن كانت الاشتراكيه لا تتلائم مع ظروف روسيا او الصين ..الخ , فهل هي لا تتلائم ايضا مع ظروف بريطانيا والمانيا مثلا, لماذا تعذر قيام الاشتراكيه هناك اين المشكله اذن أهي في الاشتراكيه ؟ ام ان متغيرات حصلت في الواقع منذ امد بعيد استوجبت اعادة الصياغه الايديولوجيه لتحقيق الانتقاله المتوقعه ( بالتحليل الملموس, للواقع الملموس) الى الاشتراكيه, لتخرج الناس من تناقض وصراع الطبقات بين المالكين لوسائل الانتاج والثروه وبين المحرومين الى اللاطبقيه والمساواة الحقيقيه و تأمين الحاجات الضروريه للفرد والمجتمع وتقدمه,  وهي نفس المتغيرات  المتسببه  خلل ما في المنظومه الاشتراكيه, ادى الى استياء المجتمع ورفضه ان ينزع اغلال الطبقات لتستبدل بأغلال اخرى جاثمه على النفس والعقل معيقه  للانسان الخليفه وفطرته الى التقدم والانجاز, ما علاقة ذلك مع احتفاليات الغرب عشية سقوط التجربه...و نظريات ظهرت تعبيرا  احتفاليا عن مصالح الرأسماليه في اعلى مراحلها تبشر بنهاية التاريخ والعولمه والقرن الامريكي, الا يبدو ان تطابق في وجهات النظربين هؤلاء, ان الجديد في المتغيرات الواقعيه هو ما شخصته عبقرية لينين في وقت مبكر, و في العجز و قصور التعبير عنها من الاخرين في عقليه ونفسيه متشبثه برؤى وتصور ومنهاج يخص واقع اخر مختلف مشخص قبله بقرن من الزمان, ان التشبث بمقولات وتقديسها والابتعاد عن التحليل الملموس و سوء تقدير  لاهمية المسأله التي شخصها لينين هو وراء ذلك العجز والقصور اي ليس في اللينينيه التي تميزت بالدراسه والتحليل الواقعي اكثر من غيرها,  لو ان خلفاءه استلهموا  اطروحاته حقا لادركوا التطورات اللاحقه حتما,لقد فرض التطور الرأسمالي بصعوده على استثمار جهود البروليتاريا وتحقيق التراكم  والانتقال الى  مرحله اعلى ظهرت فيها معالم  مغادرة القهر الطبقي في مجتمعاته عن طريق الاستعمار والهيمنه الامبرياليه على شعوب وامم العالم المتخلفه ونهب ثرواتها وحرمانها ونمت فروعها الرأسماليه وتضخمت قواعدها بعد حروب وعمليات ابادة للانسان في اكثر مناطق العالم ثروه على نفس القوانين الرأسماليه الاحتوائيه شاركت فيها الدوله السوفيتيه ابتداءا من اقتسام بولونيا مع المانيا الفاشيه بالتواطئ والاشتراك ثم الحرب العالميه الثانيه وتفوق الولايات المتحده الامريكيه احدى الفروع  الرأسماليه على مثيلاتها وعلى امهات الامبرياليات الاوربيه المنهكه بسبب الحروب , واستثمر التطور الحاصل في قوى الانتاج  بمجتمعاتها جميعا في تدعيم الانظمه الرأسماليه والى المزيد من الهيمنه والنهب في دورة الاسلوب الرأسمالي الامبريالي في الانتاج انعكس على ارتفاع الدخل وزيادة الانتاجيه وتحسين النوعيه وتقليل الكلف والدخول الى ميادين استخدامات تقنيه وعلميه جديده اتسعت وتطورت الى ظهورالبروليتاريا الجديده  ,  وتنشيط السوق وتحقيق الرفاهيه بالوفره وارساء شكل من الحريه محروس بدعامات ماليه تحفظ استمرار السلطه الرأسماليه مما ساعد على تجميد الصراع ونقلت الرأسماليه قانونها السوقي من الاطار القومي الى الاقليمي والعالمي الى جانب الهيمنه وكانت محصلته ان الحقت الهزيمه بالمنظومه الاشتراكيه بعد حين على محورين هما هيمنة القوه والتفوق في السوق العالمي واصبح الثاني هدف وغايه لذاته بدعامة الاول ولا زال . ولم يكن ذلك كله بالحسبان في العقل والنفس التشبثي (الديماغوجي) بسبب الانغلاق في قالب ايديولوجية الطبقه العامله وحزب الطبقه العامله ودكتاتورية البروليتاريا وسباق النفوذ والتسلح , كله في اطروحه منغلقه على الداخل التنظيمي لاحزاب الطبقه العامله في البلدان الرأسماليه  وفي البلدان المتخلفه والمنهوبه وتبعيتها لهذا العقل, وفي الداخل المنظومي للدوله الاشتراكيه في اطار التخطيط الشامل والمنهاج الشامل والرؤيا الشامله دون اخذ البعد الاخرللعلاقه الاقتصاديه المتشكله في اطار الهيمنه وقوانين السوق العالمي والتي فرضتها حركة التاريخ المادي بجدليته كأحد اهم قوانين الرأسماليه في عصرها الامبريالي تتوخى الربح والفائده و تتمحور عليها وتدور في فلكها  كل القوانين الاقتصاديه الاخرى في العالم ومناهجها بما فيها قوانين المنظومه الاقتصاديه للاشتراكيه على المستوى العالمي وانعكاسه داخليا,  وما كان يتطلبه ذلك بدلا من الانغلاق الاحتوائي من تفعيل لاسلوب العمل السياسي ولاسلوب الانتاج الاشتراكي ليس ابتغاء الربح والفائده في الاطار الداخلي وانما في اطاره العام العالمي بما يقتضيه من مناهج تقيها وتجنبها اثار النزعات الغريميه الاخرى المكلفه والمرهقه, اذ ان ذلك التفعيل هو الوسيله الوحيده للاحتفاظ بقوة الاشتراكيه و الاقتصاد الاشتراكي عالميا في الصراع, و في سوق السلع والمال, تفعيل لن يتحقق  الا من خلال تحسين النوعيه في الانتاج وزيادة الانتاجيه وتقليل الكلف, وان السبيل الوحيد الى ذلك هو ما يسمى بالمباراة الاشتراكيه بين الدول الاشتراكيه و القطاعات وفروع القطاع الواحد فيها, وحلحلة الرابطه الشموليه في عملية التخطيط الشامل الاقليمي والوطني, اي تفعيل قانون السوق بين المؤسسات الاشتراكيه وخلق قوى عمل في المستويات الدنيا في ورش خاصه صناعيه وزراعيه وتجاريه وماليه تكون سوق للعمل و للسلع  في خدمة المؤسسات الانتاجيه المتنافسه في المباراة الاشتراكيه, مما يحقق زيادة الدخل والرفاه الاقتصادي للفرد والمجتمع ويكون حافزا لتحسين النوعيه وزيادة الانتاجيه وتقليل الكلف واستلهام كل ما هو جديد في تقدم قوى الانتاج وتكوين قاعده اقتصاديه على الاقل قابله للحياة في محيطها العالمي ,اما على المستوى الوطني الداخلي اذ تنتفي الحاجه الى البعد الواحد والشامل للخطط و للرؤى والمناهج للحزب الواحد مع بقائها قائمه  بظل الخيار العام الاشتراكي كحل اوحد في اللاطبقيه والمساواة وتأمين الحاجات الضروريه للفرد والمجتمع بضمان منظمات احزاب اشتراكيه متعدده تتداول السلطه والحكم او تتشارك, تبرره اختلاف الرؤى والسلوك الانساني لاسباب ذاتيه وموضوعيه كثيره في جدلية العمل- المعرفه,ان مقولة الايديولوجيه هي مقولة عصرها للتعبيرالحزبي الشامل عن من يمثل بحق مصلحة الطبقه العامله في مرحلة الصراع الحاد مع الطبقه الرأسماليه الصاعده تحولت فيما بعد في الثيوقراطيه الاشتراكيه والشيوعيه الى تابو في زمان حتّم ان تتسع كما أسلفنا للضروره التاريخيه الى ظهور اكثر من ممثل للطبقه العامله المتطوره في البلدان الرأسماليه انعكاسا للرؤى المختلفه لطلائعها في ظروف وميادين لها خصوصيتها وايضا في المجتمعات المتحوله والمرشحه للتحول بمنظور التحليل الملموس للواقع الملموس وادواته الماديه الجدليه,وليست الشعوب والامم المنهوبه والمحرومه واحزابها خارج هذا التأثير والعلاقات الجدليه الناشئه, اذ انها هي من يقع عليها الاستلاب كله , ولا نريد ان نكرر ما ذهبنا اليه في مقالات سابقه ,فقط اردنا التأكيد من ان الكتله التاريخيه المؤهله تتسع للشعوب والامم الكادحه والبروليتاريا الجديده في المجتمعات الرأسمالية ومنظومة الاشتراكيه في النضال ومناهضة الامبرياليه وقاعدتها الرأسماليه ولم تعد الطروحات الاحاديه وادعاءاتها في تمثيلها الايديولوجيه النهائيه للطبقه العامله واحزابها نهاية الطريق معبرا عن الحقيقه وانما ادخل الاحزاب تلك في مأزق, بالضبط كدخول الامبرياليه في مأزق نهاية التاريخ المزعوم , ان فلسفة النهايات سواء في قطبها السالب ام الموجب ليست ذات جدوى , كما ان هذا العصر هو ليس عصر الايديولوجيات النهائيه وانما لا زال عصر الانسان الخليفه وعصر التاريخ وليس نهاية التاريخ . اليس من المفارقات ان تتطابق دوغما الاطروحتين...؟   في العوده  , بداية ,في القرن المنصرم, انتشرت وسادت الايديولوجيه كصيغه تعبيرشامله عن حركة التاريخ ومسارها وغاياتها كصيغه شبه يقينيه نهائيه في طرق ومسالك بني الانسان وسعيه من اجل حياة مثلى وكانت بحق تجسد الصراع  والتناقض بين مصالح كتلتين تاريخيتين هما البروليتاريا والرأسماليه وترسم عقليا ونفسيا  طموحاتهما الكليه في بداية مرحله او في بداية عصرثم بدت ان تتخذ اشكال متباينه تعكس موازين الكم والكيف للمتغيرات البنيويه الاجتماعيه في الزمان والمكان لكل مجتمع وازدياد تأثير الطابع الخاص بالشكل  في مرحله متقدمه من الصراع مع ظهور الامبرياليه المصدره للاستغلال خارج حدودها القوميه حوصرت في فتره ترافقت ونزوع الامبرياليه الى احكام الهيمنه ونهب وحرمان الشعوب والامم الضعيفه والمتخلفه المقترنه بالرفاهيه المشهوده لمجتمعاتها الرأسماليه ومن ثم دخولها مرحلة السياده المطلقه لاقتصاد السوق بدعامات القوه العسكريه والمقترنه ايضا بالتطور التقني والعلمي حتى اصبح ذلك هاجس فرض فرضا على المنظومه الاشتراكيه, وبتعبير ادق ضروره وحتميه تاريخيه اخذت  وستأخذ مداها في التأثير على التركيبه الاقتصاديه والثقافيه للمجتمعات كافه,لقد ظهرت في اثناء هذا المسارايديولوجيات رأسماليه امبرياليه قوميه بريطانيه والمانيه وفرنسيه وامريكيه كما ظهرت ايديولوجيات شيوعيه واشتراكيه سوفيتيه وصينيه وكوريه وكوبيه...الخ بدت قاصره بطرفها او جانبها الرئيسي (السوفيتي) في التعبير في مرحله متقدمه من صعود الامبرياليه وسياقها العالمي او العولميه في فترة ما يسمى بالحرب البارده, لذلك كله فأن انعكاسات تلك المتغيرات لابد ان تعبر عن نفسها بباقي المنظومه , فلم ولن تكون الصيغ الايديولوجيه في تنهيتها الاحاديه تتسع لما انجزه الانسان على المستوى المادي وعلى المستوى العقلي والنفسي بغض النظر عن طبيعة النظام, لذلك فأن ابوابا فتحت لتنوع الروافد والمصبات سيكون من شأنها تحقيق حلم البشريه واغناءه عبر مسيره طويله لا تنتهي فليس للتاريخ نهايه وليس للايديولوجيات نهايه الا اننا في عصر هو ليس للايديولوجيات  الشموليه حصرا اذ تدخل الحسابات العلميه والتقنيه وابداعات العقل والنفس والتكيف للضرورات العالميه فقد انتهى هذا العصر ومن تداعيات نهايته تبرز مسألتين اساسيتين الاولى ان التناقض هو قانون عام ولانهائي في مفعوله, منطوقه هو ان الانسان خليفه, اي منجز تركات,لاجيال  هي الاخرى تؤدي دورها في جدلية العمل المعرفه بسبب ما يمتلكه من قدرات ادراكيه تميزه عن باقي الكائنات الحيه وان المنجزات لا تعني الحقيقه فأن ما ينفع الناس يمكث في الارض لذلك هو يقترب من الحقيقه بالمحصله وقد شرحنا ذلك في مقالات سابقه في سعي الانسان  وجعله خليفه اما المسأله الثانيه فهي ان الشموليه بشتى مجالات الحياة الحيويه واركانها الماديه والفكريه عمليه معوقه لحركة التاريخ الانساني ولا تلبي متطلبات النمو والتقدم التي هي خاصية يتميز بها الانسان الخليفه كما قلنا ولن يستطع ان يتقبل بأن يكون تحرره من بعض اغلاله حتى وان كانت الطبقيه اذا جاء ذلك على حساب فطرته كخليفه, فالتخطيط الشامل مثلا كأحد قوانبن الاشتراكيه لا يعمل في زيادة الانتاجيه وتقليل الكلف وتحسين النوعيه بأدخال التقنيات والعلوم الجديده الناتحه في اجواء قانون اقتصاديات السوق الرأسمالي العالمي في مرحله متقدمه من الامبرياليه ما لم يكون لهذا القانون بوابة للدخول في  دعم اقتصاديات المحتمع من خلال قطاعاته وفروع قطاعاته وورشها الخاصه في سوق العمل وترويج السلع بالمباراة والمنافسة  الاشتراكيه بينها داخل السوق الوطنيه والاقليميه تمتد وتنعكس على البناء الفكري  والثقافي والاخلاقي لتكون ايضا قاعده فكريه للدخول في السوق العالمي  وما يتطلبه ذلك من حرية التعبير في اطار الخيار العام الهادف  الى غاية المجتمع اللاطبقي  كغايه منشوده ونقطة نهايه لا يمكن تحقيقها ولكن  يمكن الاقتراب منها عن  طريق التعدديه الحزبيه والايديولوجيه  لاحزابها الاشتراكيه  وتلك هي الديموقراطيه الاشتراكيه في صراعها مع الديموقراطيه  الرأسمالية بدعامات او مساند المال الرأسمالي ,لذلك ليست هناك للايديولوجيه نهايه كما ان ليس للتاريخ نهايه كما يزعم منظري الامبرياليه الامريكيه .