| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حاكم كريم عطية

hakem_atia@yahoo.co.uk

 

 

 

السبت 19/1/ 2008



صورة حضارية عن واقعة أستشهاد الحسين

حاكم كريم عطية

يتذكر المسلمون الشيعة واقعة أستشهاد الحسين وصحبه كل عام فيما يعرف بعاشورا وهي العشرة أيام الأولى من شهر محرم حيث تقام مجالس العزاء في العشرة الأولى من هذا الشهر لألقاء الضؤ على هذه الواقعة الأليمة التي أنتهت باستشهاد الحسين وصحبه وآل بيته على يد جيش معاوية وهو ما يعرف بواقعة الطف في كربلاء وما أريد أن أطرحه هنا هو الطريقة المتبعة والفعاليات التي تقام في هذه الأيام وما يصاحبها من مظاهر اصبحت تضر بقيمة هذه الواقعة وتبعدها عن القيمة التأريخية والأهداف التي قامت من أجلها فمن العلماء المسلمين من يسميها ثورة ومن يسميها حركة تصحيح ومن يسميها حركة تقويم الدين وأعادة البيعة لذرية رسول الله بعد أن أستولى عليها الأمويين ولا أريد أن أخوض في تفاصيل هذه الواقعة والأسباب والدوافع ورائها بل ما يهمني هو طريقة التعبير عن الحزن في القرن الواحد والعشرين وهل يمكن أن نعبر عن حزننا بطريقة حضارية يمكن أن تعطي قيمة حقيقية لهذه الواقعة وتعطي صورة ذات قيمة أمام العالم المتحضر ليفهم هذا الحزن الذي دام أكثر من 1400سنة أعتقد أن هناك أمكانية أذا ما سمح للباحثين والعلماء والأختصاصيين للعمل على بلورة مشاريع ثقافية وخدمية من خلال الأنشطة خلال شهر محرم وكذلك في جميع الأنشطة التي تصاحب ذكر هذه الواقعة أذ لا يمكن أن نستمر بضرب الصدور وفج الرؤوس كطريقة لجلد الذات بطريقة مؤلمة ومؤذية للتعبير عن الأسف والندامة لخذلان الحسين الثائر والسكوت عن الظلم . و تقام هذه الشعائر كل عام للتعبير عن الحزن وفي بعض الأحيان نظهر طفل لم يتجاوز بضع سنوات من العمر على القنوات الفضائية لنطبق عليه الشعائر الحسينية ومشاعر الحزن وجعله يرتدي ما يسمى بالكفن أية صورة هذه وأية رسالة نوجهها للعالم في زمن يتطلع العالم فيه الى بلدنا العراق وما يجري فيه نعم أعتقد أن الوقت قد حان على الأقل لنبدأ التفكير بأعطاء صورة حضارية تحافظ على القيمة الفعلية لهذه الواقعة وأن لا تستغل فقط للدعاية للمذهب وتوسيع رقعة النشاط السياسي لبعض أحزاب الأسلام السياسي أنا أفهم بعض هذه الممارسات أيام الأنظمة المتعاقبة على حكم العراق والتي كان فيها الشيعة محرومين من هذه الممارسات وكانت في أحيان كثيرة يمتزج فيها التعبير عن الحزن على سيد الشهداء و حالة من التعبير عن الظلم الذي تعاني منه طائفة الشيعة ولكن ما يهمني هو وضع الشيعة الآن حيث تحكم الأغلبية في العراق و نحن على أعتاب بناء دولة القانون والحريات الشخصية ونمتلك حريتنا بيدنا وهذ ما يعطينا الفرصة للتفكير بالكثير من الممارسات والنشاطات وأعادة هيكلتها بالشكل الذي يعطي وجها حضاريا وذو قيمة تأريخية حقيقة ويمكن أن أعطي بعض الأمثلة على بعض المظاهر للتعبير عن الحزن فالبشرية تملك أرثا كبيرا من التجارب للتعبير عن الحزن وأستذكار الوقائع التأريخية وقد تمت معالجة الكثير من المظاهر عبر التأريخ مشابهة لما نقوم به نحن حاليا وتحولت ألى مظاهر أيجابية أعطت صورة أكثر تأثيرا على تقبل الناس وتقبل التأثيرات على مجتمعاتهم فلقد كان أتباع الكنيسة يعبرون عن جلد الذات للعبير عن مأساة المسيح وصلبه وكذلك الأعلان عن التوبة وذلك بدق المسامير في أيديهم و بجلد أنفسهم بنوع من النباتات التي تدمي ظهورهم تعبيرا عن الحزن وكذلك هناك الكثير من الممارسات للتعبير عن جلد الذات في شعوب وأديان مختلفة ولكن هذه الممارسات تغيرت عبر عصور التأريخ وأستبدلت بممارسات يساهم فيها الفرد بالقيام ببعض الواجبات لخدمة المجتمع تعبيرا عن ذلك الفعل وتعبيرا عن توبة الفاعل وأعطائي هذا المثل ليس من باب التقليل من أهمية واقعة الطف ولكن للبحث عن وسائل أخرى لنحكي قصة سيد الشهداء للعالم والقيم والرسالة الأنسانية التي كان يحملها أنذاك ولآ أعتقد أننا يمكن أن نعطي هذه الصورة بممارساتنا للشعائر بالطريقة الحالية التي تنتهي بفج رؤوسنا هذا ما يجري داخل العراق وبعض البلدان المجاورة وهي شعائر ترتبط بالطائفة الشيعية الأثنى عشرية في الوقت الذي يعاني منه الشعب العراقي وفقرائه وأطفاله ونسائه وشيوخه ظروفا صعبة في العراق من الأمراض والفاقة والعوز تتجه الأنظار ألى طرق البذخ في المدن الأوربية لأقامة مثل هذه الشعائر وما يصاحبها من مظاهر بذخ تسيء لهذه الذكرى الجليلة وتبعد الناس عن مضامينها الحضارية وفي الوقت التي تستغيث فيه منظمات أنسانية وخيرية داخل العراق للدعم المالي وحالة الأهمال التي يعاني منها مرضى الأورام الخبيثة من الأطفال والكبار وكذلك أقساما كبيرة من مرضى لا يمكن علاجهم داخل العراق وهم يطلقون نفس نداءات الأستغاثة التي أطلقها الحسين الثائر وصحبه لأغاثتهم من الظلم الذي وقع عليهم وفي الوقت الذي تنادي المستشفيات للتبرع بالدم يراق هذا الدم سخيا في العاشر من محرم الحرام على أرض العراق وفي مدنه المختلفة وكنت أتمنى أن أرى بدل ذلك مراكز تتوزع على المواكب الحسينية للتبرع بالدم لواقعة سيد الشهداء تسلط عليها الأضواء وليسمع العالم ويرى قيمة هذا العمل ولمن نهديه ونتذكره هي ملاحظات أرجو أن يتقبلها الأخوة الشيعة خدمة لما كان يحمله سيد الشهداء من قيم .

لندن في11/1/2008

 

Counters