| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حاكم كريم عطية

hakem_atia@yahoo.co.uk

 

 

 

الخميس 11/12/ 2008



مؤتمرات لجذب الكفاءات العراقية

حاكم كريم عطية

خلال الأشهر القليلة الباقية من سنة 2008 عقدت وتعقد مؤتمرات لتسهيل عودة الكفاءات العراقية التي أبتعدت عن العراق ؤلأسباب متنوعة وكثيرة وشملت هذه الظاهرة الكثير من الخبرات العراقية في كل المجالات وكذلك توزعت هذه الهجرات أذا صحت تسميتها على فترات زمنية مختلفة .
فالهجرة الأولى كانت عام 1963 وكانت على أثر تولي البعث حملته ضد الحزب الشيوعي وكوادره وسائر القوى الوطنية وقد هاجر على أثرها الكثير من العلماء والأدباء والخبرات العلمية والثقافية من العراق ولم تعد حتى عام 1973 أثر قيام الجبهة الوطنية والقومية التقدمية آنذاك وشهد العراق سنوات من الأنفتاح والتقدم العلمي والأدبي ونوع من الحريات لم تدم ولم تستمر لأرتكاب البعث بقيادة صدام حسين مجزرة أخرى بحق الشيوعيين والمناضلين وعاش العراق حقبة أخرى من هجرة الكوادر العلمية والأدبية والفنية من مختلف المستويات وقد كانت هجرة تركت أثارها السلبية على الوضع في العراق وخصوصا المجالات الأقتصادية والعلمية والأدبية مما أنعكس جليا على تدني مستوى التعليم في العراق والحركة الأدبية والفنية وكذلك النشاط الصناعي والزراعي في البلد وقد أكملت خطوات صدام حسين الجنونية في حربين مدمرتين دورة الأسباب الكامنة وراء هجرة الكفاءات العراقية من بلدها وتوظيفها في بلدان المهجر من الدول الأجنبية والعربية .
وكان لطول هذه الفترة أثره الكبير على العراق وأقتصاده ونشاطه العلمي والأدبي وكذلك تعايش هذه الخبرات مع مختلف المجتمعات مما أدى ألى ارتباط الكثير منهم في هذه البلدان بعقود عمل ومجالات بحوث وبناء عوائل ومسؤوليات أجتماعية وأدبية في هذه البلدان ومجتمعاتها حيث أن الكثير من الخبرات العراقية معروفة بعطائها وما تقدمه للمجتمعات التي تعيش فيها وربما جزء من هذا هو رد بعض الجميل لهذه المجتمعات لما قدمته من مواقف أنسانية أتجاه العراقيين وموجات هجراتهم لبلدان اللجوء .
وبنظرة بسيطة على الخارطة التي تتوزع عليها الخبرات العراقية في العالم نجد الكثير من بلدان العالم قد أستفادت من خبرات جاهزة ومؤهلات لم تكن تحلم بها من غير برامج تصرف عليها موارد أقتصادية هائلة بغرض الحصول على هذه الخبرات وفي نفس الوقت يمكن أدراك الخسارة الفادحة للعراق في ترك هذه الكفاءات العراق والأبتعاد عنه أضافة ألى عدم رغبة الكثير من الكفاءات التي برزت خلال هذه السنين من خلال الجاليات العراقية التي عاشت فترة طويلة في بلدان المهجر وهنا يمكن الحديث عن جيل ترعرع على مدى ثلاثين عاما في هذه البلدان وتعلم وحصل الكثير منهم على خبرات وشهادات عالية تشهد لها بلدان اللجوء ومراكزها العلمية والأدبية والفنية .
لقد سقط نظام صدام حسين وأنتهت حقبة سوداء كانت تخيم على رؤوس العراقيين وأستبشر العراقيين خيرا وتأمل الكثيرين بحصول تغيرات قد تنقل المجتمع العراقي ألى مصاف الدول التي تبني مجتمعات مدنية وتستثمر مواردها المالية وترسم الخطط لأعادة البلد ألى مصاف الدول المتطورة خصوصا أن العراق يمتلك القاعدة المادية والبشرية لهذا التطور لو أحسن أستغلال هذه الموارد ولو تظافرت جهود الخيرين للتوجه لهذا البناء ولكن مع الأسف أتت الرياح بما لا تشتهي السفن ودخل العراق في دوامة من الصراعات المذهبية والعرقية والمصلحية دخل العراق دوامة لم يعرفها تأريخ العراق على المدى القريب فكانت سنوات ما بعد السقوط أبشع السنين التي عاشها المواطن العراقي وما زال يعيش أثار أزماتها وتركتها الثقيلة وأنتهت بلاد الثراء والقدرات ألى بلاد خربة لا تملك الماء النظيف ولا الكهرباء ولا الخدمات التي تتصف بها دولا أقل منا قدرات أقتصادية وبات العراق يوصف بأنه من أكثر الدول خرابا بسبب الفساد الأداري والمالي وأنعكس ذلك بشكل جلي على أوضاع العراقيين فعملت ظروف الأقتتال وغياب الخدمات والبطالة وأنتشار الجريمة المنظمة وغياب الأمن وعدم أحترام حقوق الأنسان وتولي المناصب لأعتبارات بعيدة عن النزاهة والكفاءة وخلق مؤسسات أدارية حكومية تغذي هذا النهج وتسثمر الفرص التي خلقتها سياسة المحاصصة الطائفية وأستحواذ كتل سياسية لا تعرف أن تضع العراق فوق كل شيء بل أغرقت هذا العراق بمشاكل وأزمات مفضلة مصالحها الضيقة على حساب شعب ووطن عانى حقبة صدام حسين ومأسيها لتستكمل دوره وتأتي على البقية الباقية منه .
واليوم وبعد سبع سنوات من التطاحن والأحتراب والأوضاع المتردية والبيئة الصالحة للنهب والسلب وتبؤ المناصب بغير وجه حق لا يزال المخلصين من هذا الوطن يحدوهم الأمل بنهوض هذا العراق وبجهود أبنائه المخلصين وتجري محاولات حثيثة لتقويم العملية السياسية والأستفادة من تحسن الوضع الأمني الذي لا يملك مقومات أستمراره نعم هناك محاولات وجهود وسط هذا الوضع المأساوي تريد أخراج العراق من مأزقه وتريد للعملية السياسية أن تستمر وتجذب مما علق بها من التجربة المرة خلال السنوات الماضية ويتقدمهم الشيوعيون والديمقراطيون والكثير من أبناء هذا الوطن المخلصين صحيح أن الشيوعيين يسبحون في بحر تتلاطمه أمواج الطائفية والمذهبية والعرقية وسراق العهد الجديد ألا أنهم لا زالوا يحدوهم الأمل في تقويم هذه العملية السياسية وحلق مناخ ملائم لعودة الكفاءات العراقية وكل الخيرين لبناء هذا البلد وتخليصه مما علق في عمليته السياسية من أدران و لأهمية الكوادر والكفاءات العراقية شغلت حيزا كبيرا في برامج وبيانات الشيوعيين والديمقراطيين وهو عامل مهم كون العملية السياسية بحاجة لأناس وطنيين ومسؤولين عن بناء هذا الوطن وليس لمجاميع تنهش العراق من أول فرصة سانحة .
لقد شهدت الأشهر الأخيرة نشاطات واسعة لأعادة الكفاءات العراقية ولكنه ليس بجديد أذ أن الكثير من المخلصين عادوا وتركوا كل الأمتيازات في بلدان اللجوء ولكنهم عادوا أدراجهم أو قتلوا جراء ذلك خلال السبع سنوات المنصرمة وهي تجربة أنعكست بشكل سلبي على عودة هذه الكفاءات ولا تكفي مؤتمرات متباعدة أو الغاية منها السبق الأعلامي وتجميل العملية السياسية أن أعادة الكفاءات العراقية يحتاج ألى عمل جاد وتوفير أرضية قناعة لدى الكفاءة العراقية للعودة وللأسف لا توجد هذه الأرضية في الوقت الحاضر رغم أهمية هذه الدعوات والمؤتمرات لهذه الكفاءات فالأعلان عن هذه الدعوات وتسليط الأعلام عليها لا يستند ألى أرضية واقعية تروم التغير وتوفير القناعة لدى الكفاءة العراقية ولكم فيما عاد به موفدي جمعية الكندي للمهندسين الذي عقد قبل أكثر من شهر في العراق وما واجهه الكثير من المهندسين من فساد أداري ومالي أدهشهم ووضعهم في صراع في أتخاذ قرار العودة حيث أن وجود هكذا فساد أداري ومالي لا يعبر عن وجود بيئة مناسبة للعمل بل وجود جيش جديد خلقته تجربة السبع سنوات الماضية سيدافع عن الأمتيازات التي حصل عليها ولن يتخلى عنها بسهولة وهو ما يثير قلق المهندسين وكل الكفاءات العراقية والقصص كثيرة والتجارب كثيرة للكفاءات العراقية تشهد عليها الفضائيات وبرامجها التلفزيونية وكذلك المواقع الألكترونية هذه التجارب مع الأسف كلها لا تطمأن ولا تخلق مناخا لعودة هذه الكفاءات.
هناك مؤتمر قادم سمي"بالمؤتمر العالمي لتسهيل عودة الكفاءات العراقية" وهذا المؤتمر سيعقد في بغداد في الثالث والعشرين من كانون الأول وهو فرصة سانحة للحكومة العراقية في أثبات مصداقيتها في هذه الدعوة وأن لا تنتهي ألى ما أنتهت أليه المؤتمرات والتجمعات السابقة حيث أنتهت بأنتهاء دورها الأعلامي أن لأي مؤتمر هدف وغاية ومهمة أذا لم ترتقي فوق الجانب الأعلامي لتدخل في باب الجد والمواقف الوطنية والمسؤولية التأريخية لجذب هذه الكوادر تكون هي الأخرى مبتغاها الأعلام وليس غيره وهذا الأعلام سيكون لخطب رنانة وتجميل لأوضاع سياسية وربما دعاية أنتخابية أيضا .
لقد كتب الكثيرين أفراد وأحزاب ومنظمات حول مستلزمات عودة هذه الكفاءات وكذلك جرى التطرق ألى ظرف العراق الحالي والموقف من عودة هذه الكفاءات ألى العراق فالتجربة الوليدة خلقت جيشامن المستفيدين لا يروق له عودة هذه الكفاءات تحت مختلف المسميات وغرابة أن نجد ثقافة أهل الخارج والداخل على الساحة العراقية والنظرة السلبية لكل عائد من الخارج لخدمة بلده .
سيتطرق المؤتمر للكثير من المحاور ورغم أن ثلاثة أيام لا تكفي للخروج بآلية ومستلزمات لعودة هذه الكفاءات لذا يجب أن يكون هناك متابعة جادة لما سيتمخض عنه هذا المؤتمر وأن يكون للسفارات العراقية وملحقياتها الثقافية دور أيضا في متابعة مقررات هذا المؤتمر وكذلك يجب خلق أصرة قوية بين كفاءات الداخل والخارج للخروج ببرنامج متكامل يخدم الكفاءات ومصالحها وتوفير المناخ الملائم لعودتها وربما يبدأ ذلك بالنظر لكفاءات الداخل وتحسين ظروفها المعيشية والأمنية وأمكانيات عملها ونشاطها العلمي والأدبي وحمايتها من العصابات الأرهابية وتوفير بيئة آمنة لعمل الكفاءة العراقية لكي تكون حافزا للكفاءة العراقية بالخارج ومصدر جذب لها وأن تناط هذه المهمة بيد الجديرين بها لا للعناصر التي لا تولد قناعات كافية لدى الكفاءات العراقية بأن من يعمل على جذب هذه الكفاءات هو من يملك هذه الكفاءة وننطلق من مبدأ وضع الرجل المناسب في المهمة المناسبة وأن يجري تحسين أماكن الدبلوماسية العراقية وتخليصها من شوائب المحاصصة ووضع عناصر كفوءة تتمكن من جذب الكفاءات العراقية والتواصل معها خدمة لعملية بناء العراق وعمليته السياسية أن دعوة الكفاءات العراقية لا تنفصل عن دعوة العراقيين جميعا للعودة وتوفير الضمانات لذلك فالكل معني ببناء العراق والكل له الحق في المشاركة في هذه العملية وخلال السبع سنوات التي مضت تغرب الكثير من العراقيين وهجر الكثيرين ويجب أن توجه الدعوة لهم أيضا للعودة والمساهمة في بناء العراق وتوفير الشروط الملائمة لهذه العودة وكذلك هناك جيل كامل تغرب وناضل في المعارضة العراقية منذ ثلاثين عاما وساهم مساهمة فعالة في أضعاف النظام الدكتاتوري وهم كفاءة العراق الوطنية والحريصة على بناء هذا الوطن يجب توفير المستلزمات الضرورية لعودتهم أذ بدون عودة العراقيين لدعم عملية البناء في العراق لن تتوفر شروط و مستلزمات عودة الكفاءات العراقية حيث أن عودة الملايين من بلدان اللجوء والمهجر سيساعد في أعادة بناء العراق وعمليته السياسية وكذلك دعم عودة الكفاءات العراقية مع تمنياتي بنجاح المؤتمر القادم والمشاركين فيه للخروج بقرارات ينتظرها العراق وجيله الضائع بين الطائفية والفساد الأداري والمالي وقهر المليشيات ودورها التخريبي في العراق .


لندن في 12/12/2008

 


 

free web counter