| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حمزة الجواهري

hjawahri@yahoo.com

 

 

 

السبت 23/5/ 2009

 

ليس دفاعا عن الوزير
(1)

حمزة الجواهري

الوزير المعني بالمساءلة هو وزير النقط العراقي الدكتور حسين الشهرستاني، والذي دعا لمثل هذه المساءلة جهات يعرفها أعضاء البرلمان وسنأتي على ذكرها الواحدة تلو الأخرى من خلال السياق في هذا المقال، قد جمعوا 140 توقيعاً وهو عدد كاف لإسقاط الحكومة برمتها وليس الوزير فحسب.

جميل جدا أن نرى الوزير يقف أمام البرلمان للمساءلة فهو مشهد حضاري رائع، هذا إذا نظرنا إليه بشكل مجرد، لكني أرى أن هناك من هو أولى بالمساءلة قبل الوزير، وهذا لا يعني أن الوزارة كانت ناجحة فعلا في معالجة جميع الملفات الكبيرة التي أمامها، ففي الواقع ما نود رؤيته هو أن تكون مساءلة موضوعية وليس مساءلة كيدية تهدف للنيل من الوزير والحكومة عموما وتمرير ما هو مرفوض من قبل الشعب والدستور والمنطق العلمي.

الأطراف الواجب مساءلتها قبل الوزير هي:

أولا:

يجب مساءلة كتلة نواب حزب الفضيلة، فنحن نعرف جيدا أن وزارة النفط كانت من حصة هذا الحزب، لكن بعد الفشل الذريع الذي مُنيت به لم تمنح هذه الحصة مرة أخرى واستبعد مرشح الفضيلة عن المفاضلة يوم تأسيس الوزارة. هؤلاء النواب اليوم يتحدثون عن فساد يسود الوزارة، ربما لأنهم يعتقدون أن ذاكرة العراقي قصيرة جدا، حيث في زمن وزير الفضيلة النفطي كان النفط الخام يسرق علنا ويهرب إلى دول الجوار، والمشتقات هي الأخرى كانت تهرب لتباع في دول الجوار أيضا، وتشتري الحكومة المشتقات بالأسعار العالمية حتى وصلت فاتورة المشتقات في زمنهم إلى أكثر من7 مليارات، أما إذا أضفنا لهذا المبلغ قيمة المشتقات التي تنتج محليا وتذهب عوائدها للمهربين، ربما من جماعتهم، فإن الرقم قد يزيد على11 مليار دولار، لأنها هي الأخرى كانت تسرق من المصفى قبل أن تصل للسوق. هذه المبالغ التي حرموا منها تستحق اتخاذ موقف معادي للوزير، وتستحق أيضا مساءلة البرلمان لهم أولا.

كما يعلم الجميع أن المليشيات والعصابات الخارجة على القانون بقيت تعمل بهذه التجارة حتى عهد قريب جدا حتى وضعت خطة فرض القانون نهاية لها، كلها تأسست في زمن كانت فيه الوزارة من حصة الفضيلة، هذا فضلا عن فضائح المسؤولين الذين ينتمون أو يحسبون على هذا الحزب وأخرها فضيحة المحافظ السابق للبصرة وأخيه الذي ما زال الإنتربول الدولي يبحث عنه كونه مطلوب من القضاء العراقي.

كانت طوابير السيارات تقف على محطات التزود بالوقود ثلاثة أيام متواصلة حتى تستطيع الحصول على كمية بسيطة منه، وبقي العراقي لمدة تزيد على أربع سنوات يرتجف من البرد في برد الشتاء القارص لغياب النفط الأبيض من الأسواق، فلم يعمل وزير الفضيلة على معالجة هذه المعضلة بل اعتبروا النفط ملكا لهم ويريد الشعب أن يشاركهم به.

الذي عالج هذا الموضوع ومواضيع أخرى هو حكومة المالكي ووزير النفط الحالي، فالعراقي اليوم ينعم بالحصول على الوقود المنزلي بأسعار رخيصة جدا والسيارات تزود الآن بالوقود مباشرة عند وصولها للمحطة، وليس هناك وفق معلوماتي تهريب للنفط ولا المشتقات.

في زمن الفضيلة عندما كانت الوزارة من حصتها تدهور الإنتاج بنسب مخيفة، بحيث فاقت نسبة العشرة بالمائة سنويا، ولم يتم بناء مصفى أو إعادة بناء المتهدم منها، ولم يحفر بئرا واحدة لتدعيم الإنتاج ولم تقام منشآة جديدة لتطوير حقول جديدة.

أما اليوم فإن ما تحقق بهذا المجال يعتبر كثير بعمر الوزارة القصير والذي لم يتجاوز3 سنوات، فهناك زيادة بإنتاج النفط الخام قد غطت احتياجات المصافي الجديدة التي تم بناءها كما وغطت الزيادة بالطاقة الإنتاجية للمصافي القديمة، حيث تم إعادة تأهيل مصفى بيجي ووحدات كثيرة في المصافي العراقية الأخرى التي تقادم عليها الزمن، حتى أن العراق قد حقق الاكتفاء الذاتي من المشتقات، وهناك العديد من المشاريع النفطية على وشك اكتمالها سوف تساهم بزيادة إنتاج النفط، بعضها في طور التجريب وأخرى على وشك الاكتمال، وخطط كبيرة لزيادة الإنتاج النفطي لبلوغ مستوى خمسة ملايين برميل يوميا وخطط أخرى لإنتاج الغاز من حقلين عملاقين للبيع الخارجي ولسد الاحتياجات المحلية، كل هذه الإنجازات تمت خلال أقل من3 سنوات من عمر الوزارة فقط.

لذا يجب مساءلة نواب الفضيلة أولا على موقفهم الكيدي من الوزير الحالي تحديدا ومن ثم مساءلة الوزير.

ثانيا:

يجب مساءلة الحليف القديم للوزير وهو كتلة الإئتلاف، وأستثني منهم حزب الدعوة والتيار الصدري وبعض المستقلين، حيث أن هؤلاء الحلفاء لهم دور كبير بإدارة ملف إسقاط الوزير بعد أن خيّب أملهم برفضه، هو والحكومة، مبدأ المشاركة بالإنتاج بالتعاقد مع الشركات العالمية، هذه العقود سيئة الصيت تعتبر سرقة مقوننة للنفط العراقي وتجعل منه نهبا لكل من هب ودب، كانت هذه العقود هي الحلم العظيم للعديد من أقطاب الائتلاف العراقي الموحد الذين مازالت شركاتهم التي اتفقوا معها تقف خلف الحدود بانتظار المصادقة على قانون النفط لكي يأخذوا حصتهم منه.

الغريب أن النائب الأول لرئيس الجمهورية في مؤتمر البحر الميت، منتدى دافوس العالمي، وأمام العالم أجمع يعلن عن فشل الوزير بإدارة الملف النفطي رغم كل ما تحقق لحد الآن من نجاحات بعد استتباب الأمن في البلد، بهذا التصريح، كأني به يقول للشركات العالمية يجب أن لا تذهبوا للعراق، الغريب أنه يصرح بأمر كهذا وهو الاقتصادي الذي يعرف تماما تأثير هكذا تصريحات حين تأتي من مسؤول بهذا الحجم!

في الواقع أن المراقب العادي لا يعرف الدافع لمثل هذا السلوك الشاذ، لذا يجب معرفة الدوافع الحقيقية لهذا المسؤول الكبير لكي يطلق تصريحه الديماغوجي هذا في أكبر منتدى اقتصادي عالمي. ألا يمكن اعتبار مثل هذا التصريح محاولة لإفشال الوزير؟ ولماذا يريد إفشال الوزير؟ وهل هناك دوافع شخصية؟ وهل أن اللغط حول علاقته بالشركات العالمية التي تبحث عن فرصة للحصول على عقود مشاركة بالإنتاج صحيح؟؟؟؟؟؟؟؟؟

ألا يجب مساءلة هذا المسؤول قبل الوزير؟

ملاحظة: سنأتي على تبيان العلاقة بين الفساد ومحاولة إسقاط الوزير في آخر المقال.

قبله وزير المالية يحمّل وزارة النفط مسؤولية العجز الذي سوف يكون في الميزانية متناسيا أن الميزانية التي وضعت كان هو نفسه من ساهم بوضعها! ومتناسيا أيضا أن سعر النفط يوم خط قلمه الخطوط العريضة للميزانية كان بحدود140 دولار للبرميل وبعدها بأشهر هبط إلى ما دون ال35 دولار، مع ذلك، حمّل هذا الحليف القديم وزير النفط مسؤولية العجز المتوقع! والأغرب من هذا وذاك، نسي وزير المالية أن جهود وزارة النفط قد رفعت عن كاهل الميزانية مبلغ يزيد على سبعة مليارات دولار بعد أن وفرت المشتقات في السوق العراقي!!!! ويعرف أيضا أن سعر النفط حاليا في تصاعد مستمر بحيث سيغطي العجز المتوقع، وربما يزيد، فيكون لدينا فائض في العوائد نهاية العام، حيث أن سعر النفط قد أصبح اليوم أكثر من ستين دولار للبرميل.

فهل تصريحات وزير المالية بريئة يا ترى؟ أليست هذه التصريحات كيدية؟ وهل السيد الوزير لديه شركات يسعى لإدخالها العراق بعقود مشاركة بالإنتاج؟ فهناك أيضا لغط حول هذا الموضوع سمعته من مصادر كثيرة.

وهل يعفى مثل هذا الوزير من المساءلة بسبب تصريحاته الكيدية التي يمكن أن تساهم بسحب الثقة عن وزير النفط؟

ثالثا:

الحرب مع الإقليم كانت ومازالت هي المحرك الأساس لهذه الهجمة المنظمة ضد وزارة النفط، فالذي يجب أن يستدعيه البرلمان هو رئيس الإقليم لمساءلته حول مواضيع كثيرة كانت ومازالت من أهم الأسباب بضعف أداء الوزارة:

·   مساءلته حول عقود كوردستان ومدى مشروعيتها، فلا دستور يدعم هذا التوجه ولا منطق علمي، فالدستور يبيح فقط للحكومة المركزية حق التعاقد مع الشركات الأجنبية بما يتعلق بالنفط تحديدا كونه ملكية عامة للشعب ولا يحق لإقليم أو محافظة التعاقد نيابة عن الشعب.

·   الحكومة المركزية وحدها تمتلك الحق بالتخطيط لتطوير حقول جديدة وهي التي تضع الأولويات على مستوى الوطن. ألا ينبغي مساءلة رئيس الإقليم بسبب سطوه المسلح على اختصاصات وزارة النفط وشل حركتها؟

·   أليست الشفافية من سمات الدولة الديمقراطية، فأين الشفافية بعقود كوردستان ما دامت غير معلنة؟ وأين يقف رئيس الإقليم من مبدأ الديمقراطية هذا ، هو والجوقة التي تردد ليل نهار من خلفه أن عقودهم شرعية، في حين نحن، كشعب عراقي، يملك النفط المعني بهذه العقود لم نقرأ لحد الآن ولو بندا واحدا منها؟ وإذا لم يساءله البرلمان الاتحادي حول هذه الأمور فإننا لا نتوقع من إقليم كوردستان أن يفعل هذا الشيء، فهل يعقل أن تكون هذه العقود سرية حتى على الصف الأول من الحكومة الاتحادية وعلى البرلمان العراقي وهو الجهة التي تمثل جميع العراقيين وتضمن حقهم بملكية هذه الثروة؟ فهل أن رئيس الإقليم فوق القانون والدستور ومساءلة الشعب؟

·   مساءلته عن سبب تصلب موقفه بما يتعلق بمسودة قانون النفط الذي بقي معلقا في البرلمان لحد الآن، فلولا موقف الإقليم المتصلب بعدم مس الصيغة الرثة الذي كتبت بها المسودة لكان البرلمان قد أقر هذا القانون من زمن بعيد، وهذا الأمر بحد ذاته كان أهم أسباب ضعف الأداء لوزارة النفط والقطاع النفطي عموما.

·   مساءلته عن سبب إطلاقه التصريحات التي تهدد وحدة العراق وربما إشعال حرب أهلية! ألم يطلق رئيس الإقليم تهديده الشهير بالعودة للاعتصام بالجبل واللجوء للسلاح في حال منع الإقليم من شرعنة عقود النفط التي أبرمها وحل قضية كركوك وهي المحافظة النفطية كما يعلم الجميع؟

·   مساءلة رئيس الإقليم أيضا حول توقيعهم عقود لتصدير الغاز عبر تركيا بعيدا عن الحكومة المركزية، لأن الغاز لا يختلف عن النفط في أحكامه الدستورية والقانونية بما يتعلق الأمر بالتصدير؟ حيث أن الوزارة قبلت بتصدير النفط من حقول إقليم كوردستان على أساس أن المستقبل سيكون كفيلا بحل ومعالجة موضوع العقود السابقة موضوعيا، لكن يبدو أن الإقليم قد فهم الأمر على أنه نصرا على الوزارة، وأنه قد استطاع لي ذراع الحكومة بقبولها مبدأ التصدير المركزي للنفط لذا تمادوا أكثر فوقعوا عقد تصدير الغاز أيضا بعيدا عن الوزارة.

·   كما ويجب مساءلة السيد رئيس لجنة النفط في البرلمان، الذي يعلن بمناسبة ودون مناسبة أن عقود كوردستان شرعية وهو لم يقرأ سطرا واحدا من هذه العقود!! وهو الذي يقف اليوم في مواجهة الوزارة ليحاكمها على ضعف الأداء والفساد!!!

أليست هذه مفارقة مضحكة لم تحدث حتى في برلمان قرقوش؟؟

محاور الهجوم للإطباق على الوزير:

على القارئ ملاحظة أن الإقليم قد استطاع فعلا لي ذراع الحكومة لكي تقبل بتصدير النفط من خلال إتباعه سياسة تم تنفيذها على عدة محاور، وهي أيضا مفيدة لإسقاط الوزير:

1.     تهديد وحدة البلد واستقراره أمنيا، وهذا أمر مرفوض من جهة تدّعي حرصها على وحدة العراق.

2.  إطلاق سياسة إعلامية ديماغوجية ضد الوزارة مفرداتها ""أن الوزارة فاشلة""، و""الوزير فاشل""، و""أن عقود كوردستان شرعية"" من دون الدخول بالتفاصيل، ليست بحاجة إلى دليل.

3.  تأسيس مراكز بحثية هدفها الترويج لعقود المشاركة بالإنتاج تمولها الشركات الطامعة بحصة من النفط العراقي، لدينا الدليل.

4.  كتابة دراسات ذات طابع ديماغوجي مدفوعة الثمن ونشرها على أنها آراء لاقتصاديين عالميين، فالقضية تستحق التضحية بشيء من المال، ولدينا الدليل.

5.  إشراك بعض من كتلة الوزير البرلمانية بهذه السياسة الإعلامية الديماغوجية، خصوصا من أولائك المتضررين بشكل شخصي من سياسة الوزارة، وذلك لكسب هذه السياسة مصداقية على المستوى الشعبي والعالمي، ليست بحاجة إلى دليل.

6.     حشد جميع أعداء الوزير من ذوي الأغراض السياسية كأعضاء حزب الفضيلة، ليست بحاجة إلى دليل.

7.  زج جميع المغفلين من أعضاء البرلمان بهذه الهجمة، والكثير منهم كما يعرف الجميع لا يملك رأيا خاصا به، وأن ولائهم مطلق لقادتهم الطامعين بالحصول على حصة من النفط العراقي، بالتأكيد أن هذه المسألة ليست بحاجة إلى دليل.

8.     ومن ثم إطلاق قطعانهم في البرلمان ليطالبوا بمساءلة وزير النفط، وهذا ما نراه اليوم على مسرح الأحداث.

التوقيت مهم جدا:

قبل إنهاء الجزء الأول من المقالة علينا أن لا ننسى أن توقيت هذه الهجمة له أهمية خاصة، وهذا ما نبهني له أحد الأساتذة الأفاضل في رسالة خاصة موجهة لبعض التكنوقراط النفطي العراقي، حيث أن الشهر القادم سيشهد توقيع ستة عقود مع كبريات الشركات العالمية لتطوير حقول عراقية مهمة للغاية، فقد جاءت هذه العقود بعد جهود تفاوضية مضنية مع الشركات وتمخضت عن صيغ منصفة تعتبر أفضل بكثير من عقود المشاركة بالإنتاج سيئة الصيت، حيث سنخصص جزء كامل من هذه المقالة للحديث عنها. ففي حال تم توقيع هذه الجولة من العقود سوف يتم إجهاض حلم أولائك الذين تحدثنا عنهم إضافة إلى بعض زعماء الطوائف بالحصول على حصة من النفط من خلال إقرار مسودة قانون النفط التي رفضها البرلمان، وما يمكن اعتباره أيضا ضربة قاسية لعقود كوردستان حيث ستضع نهاية لها وتفضحها أمام الشعب الكوردي والعراقي عموما.

أما حال حزب الفضيلة فإنه مختلف تماما حيث أنه كان من أكبر المعارضين لهذه المسودة كونها تبيح عقود المشاركة بالإنتاج لأن الوزير كان يتبناها آنذاك، لكن الآن وبعد أن طورت الوزارة من موقفها وتوصلت إلى عقود أكثر إنصافا مع الشركات العالمية نجد أعضاء الفضيلة قد انظموا إلى جوقة الطامعين! الواضح من هذه القراءة، أن موقفهم لم يكن مبني على أساس مبدئي وطني، وإنما كيدي وبني فقط للنيل من الذي يعتبروه قد اغتصب الوزارة منهم.
 

2009-05-23
 


 

free web counter