|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الخميس 15/3/ 2012                                هادي جلو مرعي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

إنطلاق حملتي الإنتخابية من مطعم!

هادي جلومرعي
hadeejalu@yahoo.com

جرّب سياسيون وقوى وأحزاب طرق مختلفة في إستقطاب المواطنين ليدلوا بأصواتهم في الإنتخابات البرلمانية وإنتخابات مجالس المحافظات السابقة ,وقد ظهرت النتائج متباينة ,فالعديد من المحاولات ذهبت أدراج الرياح ,إذ قدمت بعض القوائم الإنتخابية أشكالا من المساعدات العينية والنقدية ,عدا عن الوعود الطنانة والرنانة والأكاذيب غير المسفطة ,ولم تفلح المحاولات لإقناع الناس بجدوى التصويت لهكذا مرشحين غير موثوقين ,وفضل الناخبون التصويت للمرشح على أساس الطائفة ,فتجد الشيعي يصوت للشيعي, والسني يصوت للسني ,حتى لو كان لا يملك من المعرفة السياسية والتأهيل ما يجعله صالحا للإدارة ولتمثيل العامة في المجلس الذي قصد الترشح إليه.

يذكرني ذلك بإنتخابات حصلت في قرية من قرى بلاد الرافدين قبل ألف عام, وكنت حينها في عالم الذر ,ولم تشأ المشيئة بعد لتسمح بإطلاق سراحي من غياهب ذلك العالم الذري ,حين حصل إستفتاء شعبي عام على منصب زعيم القرية ,شارك فيه المواطنون كلهم وبدون إستثناء بما فيهم العجايز والشبان وكبار السن والمثقفون والأكاديميون والعسكر, بل ووصل الأمر الى مشاركة الحيوانات النادرة في تلك الأيام كالحمير والطليان. ويقال والعهدة ليست على القائل ,إن الحمير خرجوا في مظاهرة عارمة تأييدا للزعيم الأوحد الفذ, الذي لم تنجب مثله ولادة من النساء ,وكان منظموا التظاهرة لم يحصلوا على إذن من السلطات في حينه ,ولم تكن قيادة حزب الحمير تعلم بخروجهم ,لذلك حصل الإرباك والإلباك في صفوف الحمير ,ونسوا ما يهتفون به من هتافات وشعارات لإظهار الولاء والتأييد,فصاح واحد منهم معروف بفطرته وفطاريته وطيبته الزائدة بهوسة تقول : يا فلان (إسمك منا وبينا). وكانوا يقولون للزعيم الأوحد ,إنك واحد من فصيلتنا وجنسنا الحميري, ولم يكونوا يعلمون إنهم إنما كانوا يشتمونه ,فما يدريهم إن الحمار عند البشر مجرد حيوان ( ملطشة بالمصري,مكفخة بالعراقي ) فإذا أراد البشر وصم أحدهم بالغباء قالوا له ,إنك حمار,وإذا إنزعج ضابط في الجيش من جندي أو أستاذ بناء من عامل الإسمنت ناداه : لا يا مطي !

لذلك السبب قمعت التظاهرة بأشد القمع ,وتعرضت الحمير الى الضرب والسحل والتلطيش والإعتقال ,ثم عذب الكثير منها في السجون عدا من تم إعدامه,أما الحمار الذي هتف بتلك الهوسة المشؤومة فقد حول الى محكمة عسكرية أصدرت بحقه حكما بالإعدام, وكان للتو قد تزوج من (إتان) جميلة خلفت له جحشا صغيرا كان يجري خلفه في المزارع والدروب ,ويلاعبه في الليالي المقمرة ,وبقيت الإتانة مرملة من بعد الحمار الفطير المعدوم وظلت حكايتها مثلا يضرب في بلاد الرافدين ,وطالما إشتكت دون ان يسمع شكواها أحد من تحرشات بعض المطايا الذين كانوا يحاولون إغراءها وإقامة علاقة معها من نوع ما وربما إضطرتها ظروف المعيشة وحاجة الجحش الصغير الى الطعام لأن تنزل عند رغبة مطي من المطايا..

وتجنبا لمصير الحمار ,وخشية من تكرار مصيبة المرشحين ,ولأني عازم لازم بإذن الله على الترشح لإنتخابات مجلس النواب ,أو مجلس المحافظة القادمة ( وهو حق دستوري مكفول لي ولأمثالي ) فقد قررت ان أسلك في الدعاية الإنتخابية سلوكا مغايرا للذي إتبعه آلاف المرشحين في المرات السابقة ,وقد إنطلقت حملة الدعاية من أحد المطاعم البغدادية المعروفة بتقديم وجبات طعام صباحية لذيذة جدا, وبأسعار مغرية أيضا جدا,والسبب في إختياري لمطعم بغدادي يعود الى إستهدافي لشريحتين مهمتين في المجتمع, وأعول عليهما كثيرا في التصويت لي بإذنه تعالى,الأولى شريحة النسوان ,وهي شريحة تختلف عن (شريحة اللحم) بإعتبار إن أكثر ما يثير النسوان ويجلب إنتباههن عدا عن مساحيق التجميل والثياب الخارجية والداخلية والشحاطات والأحذية والحقائب اليدوية وقراصات الشعر,هو الطبخ فالمرأة العراقية مثلا تأخذ وقتا طويلا في إعداد الطعام, وهي بحاجة الى طريقة لإستمالتها من خلال تقديم لائحة طعام إنتخابية تتضمن (المخلمة,الشوربة الصباحية,البيض المقلي, لحمة الرأس,فخذ الطلي,الأضلاع,باسطرمة,باقلاء بالدهن,لحم بعجين,كبة,دجاج على اللحم,إالخ إالخ إالخ ) من الأكلات التي تجلب إنتباه الناخب خاصة إذا كان من النسوان.

أما الرجال فقد إتبعت معهم القول المأثور ,أقرب طريق الى قلب الرجل معدته,فإذا بدأت الحملة الإنتخابية ,وقمنا بإيلام الطعام في مختلف نواحي العاصمة وضواحيها ,ودعونا الناس إليها, وقدمنا فيها أطايب الطعام,على أن تكون عاملات الخدمة من ذوات السيقان البرونزية كتلك التي نراها في الفنادق العالمية ,فإن أصوات الرجال لن تذهب بأي إتجاه غير الذي نريد بحول منه وقوة,ولكي نخدم وطننا, ونعيد الكهرباء الى البيوت, ونوقف صراخ المولدات ,وكيد حرامية النفط والغاز والمناصب والعقود الفاسدة والأكاذيب الكاسدة وإستغلال السلطة والمنصب للإثراء على حساب الشعب المظلوم ,وكان الله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه, وأعتذر لعدم ذكر إسم المطعم لكي لا نهجم بيت صاحبه..

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter