|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأربعاء 11/7/ 2012                                هادي جلو مرعي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

زلزال الكاظمية

هادي جلومرعي

الزلازل في العراق من نوع مختلف ،وهي ليست بحاجة الى مقاييس من شاكلة (ريختر) فبمجرد حدوث زلزال منها تطير المقاييس والرؤوس وتهتز الأرض بشدة وتنهار المباني الحديثة وتلك التي مضى عليها عقود من الزمن.
 
تجمعت عوامل مختلفة ليكون الزلزال الناتج عن إجتماعها قوياً جداً الى الدرجة التي لم يكن بالمستطاع تحجيم أو تقليل أضراره ، وفي محيط مدينة الكاظمية المقدسة تكثر الأحياء المتواضعة وتلك التي يقطنها مواطنون هجّروا نتيجة العنف .
 
من تلك الأحياء ما يطلق عليه الأهالي (شاطىء الكاظمية) الذي يضم مباني عدة يسكنها مواطنون من مختلف الشرائح الإجتماعية (موظفون وعمال و فلاحون تركوا أراضيهم خلال السنوات الماضية، وأكاديميون)عدا عن البيوت المشيدة وتعود ملكيتها لأشخاص.
 
كانت الساعة الخامسة صباحاً حين إهتزت الأرض وكأنه يوم القيامة قد أزف كما تصفه السيدة.... الموظفة الحكومية . كانت ثلاث سيارات محملة بالخضار قد أوقفت في أماكن بعينها ،تفصل بين كل واحدة والتي تليها مسافة 200 متر لتغطي كامل المنطقة المستهدفة بالزلزال ، شاهد بعض الأهالي تلك السيارات الزرقاء وشكوا فيها ،وحاولوا فعل شيء ،ولم يفلحوا ،ويقال، إن مسؤولاً أمنياً كان متواجداً في الجوار مع وحدة عسكرية رفض الإستجابة لنداء الشك وأصرّ على أداء صلاة الفجر!!
 
كانت الصواريخ وقناني الغاز ومواد شديدة الإنفجار مكدسة تحت أكوام الخضار، إنفجرت في وقت متزامن وأدت الى تدمير شبه كامل لكل الحي السكني الذي يضم مباني يقطنها المئات من المواطنين ، وبيوتاً متصلة متباعدة ومحالاً تجارية وأفراناً وعشرات السيارات ، وسقط على الفور العشرات من الشهداء والجرحى ، منهم أطفال ونساء وشيوخ وخصص قسم كامل في مستشفى الكاظمية للجرحى أطلق عليه (قاووش شط التاجي).
 
تحدثت الى عدد من الناجين ، كان منهم عبد الكريم ياسر الذي دمرت شقته والشقة التي يملكها أحد أبنائه ، كان يرقد في المستشفى ومعه عدد من أفراد الأسرة ، وهو يعمل صحفياً في القسم الرياضي في إحدى القنوات الفضائية المحلية . تحدث لي بصعوبة بالغة وكان محبطاً للغاية. إحدى السيدات تقول إنها مصدومة بعد سماعها خبراً مؤذياً للمنكوبين الذين قيل لهم من قبل السلطات إن الأرض التي يقيمون عليها مبانيهم المدمرة (طابو زراعي) وبذلك فإنهم لا يملكون حق المطالبة بتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم .
 
كان أحد الشبان قد تزوج حديثاً وكان يقيم وعروسه في إحدى الشقق في المبنى الذي إنهار بالكامل ، قتلت العروس على الفور، وما زال العريس في المستشفى يصارع الموت .
 
عبد الكريم ياسر لم يعد يملك شيئاً ،ولا يعرف أين يولي وجهه شطر أي مصيبة .
 
من يهتم لهؤلاء الناس المنكوبين ؟ لست أعلم .
 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter